قبل يومين خرج إلى النور أول برلمان مصري منتخب انتخاباً حراً نزيهاً منذ أكثر من نصف قرن من الزمان.. وظهر على الساحة مجلس للشعب يمثل كافة التيارات السياسية، فيه الاسلاميون و فيه اليسار وفيه الليبراليون والناصريون وممثلو الثورة.. وظهر أيضاً أن هذا المجلس سينحاز انحيازاً واضحاً للشعب الذى انتخبه . وأكثر ما أعجبنى ذلك الحماس الذى أظهرته كلمات المتحدثين فى أولى جلسات المجلس, ومعظمها أكد على تبنى مطالب الشعب فى الحرية والعدالة ومحاربة الفساد.. ولعل كلمة النائب الوفدي محمد عبد العليم داود وكيل مجلس الشعب قد أبرزت هذا التوجه والانحياز للشعب بمطالبه العادلة. وأعجبنى قوله إنه سيظل - كما كان - معارضاً لأى حكومة لا تعمل لصالح الشعب، ولكل حكومة ستأتي ولا تقر العلاج للمريض، ومعارضاً لكل حكومة لا توفر العيش الكريم للمواطن الفقير، ومعارضاً لكل حكومة لا تراعي آدمية وحقوق المواطن، ولكل حكومة لا توفر المسكن والتعليم المناسب، ولكل حكومة لا توفر فرص العمل للعاطلين، ولكل حكومة لا تحارب الفساد، ولكل حكومة تفصل القوانين، ولأي حكومة ستظل تصدر الغاز لإسرائيل، ولكل حكومة لا تحاسب العدو الصهيوني على قتل جنودنا واستباحة حدودنا. وترك كلامه أثراً جيداً فى نفوس كل المصريين الشرفاء وهو يؤكد أنه سيتم فتح ملف قتل الصهاينة لقتل أكثر من 50 ألف شهيد في مذبحة عامي 56 و67، والمطالبة بتعويضات البترول والثروات التعدينية التي نهبتها إسرائيل، ونبهنا «عبد العليم» إلى ما نسيناه عندما قال سأظل معارضاً حتى تعود قرية أم الرشراش المصرية التي أخذتها إسرائيل، وحتى يعود القدس الشريف، وكل أراضينا المحتلة في فلسطين والجولان ولبنان. وأعجبنى قوله الحاسم إنه سيعمل فى المجلس على تطبيق تشريعات دولة العدل وإنقاذ أموال وحقوق الشعب من مافيا الفساد. واستبشرت خيراً وهو يؤكد أن قضيتنا ستركز علي استرداد أموال وحقوق الشعب المصري من مغتصبيها ومن مافيا الاحتكار والفساد، وأحسست الصدق فى قل ما يقول وهو يكاد يبكى ويقول إننا نسمع أنين المتعطلين عن العمل وأنين المرضي وأصحاب المعاشات والأرامل واليتامى والجوعي ، لذلك لابد من ترجمة ما كنا نطالب به في الماضي إلي واقع حتى يحترمنا الشعب الذي منحنا أغلي ما ويملك هي شهادة حق جئنا بها إلي برلمان مصر العظيم. وأول أمس أعلن المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن إلغاء حالة الطوارئ بعد 30 عاماً من المطالبات بإلغائها, وحقق بذلك مطلباً كبيراً للشعب بكل فئاته التى نادت وبح صوتها بالمطالبة بإلغاء حالة الطوارئ التى أساءت إلى مصر كثيراً وأضرت بمصالحها واقتصادها أضراراً بالغة. وهاتان الخطوتان – مجلس الشعب وإلغاء الطوارئ – تؤكدان لكل المشككين أن الاتجاه العام يسير نحو تسليم الجيش للسلطة المدنية. فمن الأمس تخلى المجلس العسكرى عن التشريع بمراسيم للقوانين بعد أن جاء مجلس الشعب. وإلغاء حالة الطوارئ سيبث حالة من الطمأنينة فى نفوس السياسيين, وتعطى مساحة حرية أوسع للأحزاب السياسية لممارسة أعمالها وأنشطتها دون تضييق.. والمجلس العسكرى بدأ يتخلى عن سلطاته بداية من تفويض رئيس الوزراء فى سلطات رئيس الدولة. إذن نهاية وجود «العسكر» فى الحكم ستكون وفقاً لما هو محدد سلفاً - فى يونيو القادم. والذين يشككون فى ذلك أو يستعجلون، لا حق لهم فى التشكيك أو الاستعجال. فلم يبق الكثير. شهور قليلة و سيكون لمصر رئيس مدنى منذ العهد الملكى.. وإن غداً لناظره قريب.