لشهر رمضان طابعه الخاص لدى الأمة الإسلامية، فقد خصه الله جل وعلا بعدة فضائل جعلت المسلمون ينتظرونه من العام إلى الآخر، ليعايشوا تلك الأجواء المليئة بالمحبة، وينغمسوا فى الروحانيات التى تعم جميع البيوت والشوارع المصرية، ويتشاركوا فى كافة العادات وتقاليد شهر الصوم. ولم يكن ذلك الشعور الملئ بالمحبة لهذا الشهر الكريم مقتصرا على المسلمين فقط، بل أن الألفة الوطنية التى تجمع بين عنصرى الأمه المصرية، جعلت الأقباط يتشاركون مع المسلمين فى جميع العادات الرمضانية، ويتقاسمون موروثاتة الإجتماعية، ويشعرون بكافة الروحانيات التى يشعر بها المسلمون. فقد بين هذا الشهر الكريم أن عبارة "مسلم.. مسيحى.. أيد واحدة" لم تكن مجرد شعار يرفعة المصريون ليعجب بهم العالم، بل أن ذلك لسان الحال فى مصر، فالمسلمون والمسيحيون على قلب رجل واحد، يتشاركون فى كافة المناسبات الدينية، ويحترم كل منهم الآخر. "الوفد" التقت مع بعض الأقباط للتعرف على عاداتهم اليومية في شهر رمضان المبارك، وقد أكد الجميع مدى التلاحم والتمازج الذى يجمع بين المسلمين والمسيحيون فى مصر، حيث تبين أن لشهر رمضان المبارك عاداته وتقاليده وطابعه الخاص لدى أقباط مصر أيضا وليس المسلمون فقط، ليكون ذلك إثباتا على أن المسيحيين يحرصون على مراعاة مشاعر المسلمون، فهم جميعهم يد واحدة مهما سعى بعض الأبالسة إلي تخريب هذه الألفة. يقول جرجس حنا، محاسب، إنه يحرص دائما فى شهر رمضان على مراعاة شعور الصائمين فلا يتناول الطعام أو الشراب امامهم، حتى لا يرهق نفوسهم أو يضعفها، مشيرا إلى أنه يشعر بالفرحة خلال هذا الشهر ويعايش الأجواء الرمضانية بكل تفاصيلها خاصة تلك التي تعم قبيل وقت الإفطار. وتابع: أنه هو وزملاءه المسلمين يحاولون بقدر المستطاع تغيير فترات العمل مع بعض أصدقائهم المسلمون الغير قادرين على تحمل ضغوط العمل ومتاعبه أثناء الصيام، فهم يرون أن هذا أبسط مايمكن أن يقدموه لزملائهم فى هذا الشهر. وقالت ميار رومانى، "طالبة"، "هناك بعض الأيام التى أذهب فيها إلى الجامعة بصحبة زملائى المسلمين، ولا أستطيع أن أتناول الطعام أمامهم، لذلك أشاركهم الصيام فى هذه الأيام مراعاة لشعورهم" وأضافت: أنها تقوم أيضا هى وأسرتها بتبادل العزومات مع جيرانهم المسلمون، وهو أمر اعتادوا عليه فى شهر رمضان من كل عام، كما أنها تصنع لهم أيضا الحلوى الرمضانية وتتفنن فى عمل الكنافة والقطايف، حتى تشعرهم بأنهم أسره واحدة. وأكد جورج طنوس، أن شهر رمضان يجمع بين المسلم والمسيحى ويجعلهم يندمجون فى الحياة اليومية، ويخلق إنسجاما بين الطرفين، فهو دعوة لنشر التسامح واحترام الأخر، ورسالة للتأكيد على الوحدة الوطنية التى تجمع بين عنصري الأمة. وأشار الي أن معايشة المسيحيين للعادات والتقاليد الرمضانية أكبر دليل على أن المسلم والمسيحى يد واحد قادران على تحمل الصعاب والتصدى لجميع الفتن الطائفية التى يسعى إليها بعض المخربين. كما أوضحت مارينا ناجى، مرشدة سياحية، أنها تنتظر شهر رمضان من العام إلى الأخر، مثلها كالمسلمون، فهى تشعر بالفرح والسعادة بمجرد حلول هذا الشهر، نظرا للروحانيات الجميلة التى تعم على جميع الشوارع المصرية، مضيفة أنها تحترم جميع عادات المسلمين ومشاعرهم أثناء الصيام. ولفتت: إلى أن هذا الاحترام المتبادل بين المسلمون والمسيحيون فى مصر، نابع من قدماء المصريين فهم أول من دعوا لنشر التسامح واحترام الاخر فى التاريخ، كما أنهم كانوا يعرفون جيدا معنى الوحدة الوطنية وحافظوا عليها وتصدوا للفتن الطائفية قبل خمسة آلاف عام. وعلى الصعيد الآخر، عبرت داليا على، إخصائية إجتماعية، عن سعادتها من هذا التمازج والتلاحم الذى يجمع بين عنصري الأمة فى جميع المناسبات الدينية، موضحة أن زملاءها الأقباط يعايشون معها جميع الأجواء والروحانيات الرمضانية. وأضافت: أن إحدى صديقاتها تساعدها كل عام فى تنظيف المنزل معها قبل حلول عيد الفطر المبارك، كما أنها تشاركها فى صناعة حلوى العيد من كعك وبسكويت، لتخفيف أعباء الصيام عنها. وأيدتها فى الرأى دينا عبد الحميد، طالبة جامعية، قائلة " نحن كزملاء فى الجامعة لا نشعر باختلاف الديانات خلال شهر رمضان الكريم، فدائما مانجد أصدقاءنا الأقباط حريصون كل الحرص على مساعدتنا ومساندتنا فى جميع الأعمال الجامعية، كمحاولة منهم لتخفيف أعباء الصيام عنا". وأشارت: إلى أنها تشعر بالسعادة من هذه المحبة التى تسود بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، موضحة أنها تقف بجانبهم أيضا فى أعيادهم وجميع مناسباتهم الدينية. ومن جانبه أكد الأب رفيق جريش، المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر، أن الكنائس المصرية تصدر تعليماتها كل عام للأقباط، بمراعاة مشاعر الصائمين فى رمضان، وتشدد على ضرورة عدم تناول المشروبات والمأكولات أمامهم طوال يوم الصيام، مؤكدا أن الأقباط يراعون ذلك من تلقاء أنفسهم ولكن الكنيسة تصدر هذا البيان للتذكرة. وأشار جريش، فى تصريحات خاصة ل "جريدة الوفد" أن الكنائس تقدم أيضا قبل حلول شهر الصوم على توزيع شنط رمضانية على الفقراء والمساكيين والمحتاجين، وذلك نظرا لحرصهم على مشاركة المسلمين العادات والتقاليد فى مثل هذا الشهر. كما عبر المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، عن سعادته بتقاسم هذه العادات مع المسلمين، نظرا لأن هذا الوضع يشعره بأن المسلم والمسيحى فى مصر يد واحدة، لافتا إلى أن الكنيسة تنظم أيضا بعض موائد الرحمن للبسطاء خلال هذا الشهر.