المتأمل فى وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلم بأخيه المسلم يجدها تفوق مشاعر الحب والمودة، وتتخطاها إلى أعلى درجات الرقة والسمو فى المعاملة. وأى ترغيب أجمل من أن يقول صلى الله عليه وسلم (إنَّ الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالى. اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلي). ويقول أبو هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم»أنَّ رجلا زار أخا له فى قرية أخرى. فأرصد الله له على مدرجته ملكا. فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لى فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا. غير أنى أحببته فى الله عزَّ وجل. قال: فإنى رسول الله إليك، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه». فأعلى الدرجات تنال بحب المسلم لأخيه المسلم.. هكذا أخبرنا نبى الرحمة. ويصور لنا نبى الرحمة مشهدا عصيبا وهو مشهد الحساب، حيث يستمع المسلم الحق لنداء الرب جل وعلا أين المتحابون بجلالى، لينتشله مما هو فيه من كرب وشدة ويقول له الرب تعالى أظلك بظلى بكرامة حبك لأخيك المسلم، بينما يعانى الباقون ويلات المشهد العظيم وحر اقتراب الشمس من رؤوس الخلائق. وهذا آخر ليس بنبى يرسل الله له ملكا فى الدنيا ليخبره أنَّه جل فى علاه يحبه لا لشئ إلا لحبه لأخيه، فهل فهم الحاسدون والحاقدون أين هم، وهل أدرك أرباب الكراهية والمكائد والبطش مقدار خسارتهم؟. ويؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد التأكيد على المحبة بين المسلمين حتى يجعل حب المسلم لأخيه شرطا للإيمان فيقول (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وبالتالى فإنَّ الحرمان من الجنة هو جزاء من لم يحافظ على ذلك الرباط النورانى الذى يجمع المسلمين على قلب رجل واحد. ويؤكد نبى الإسلام أنَّ العلاقة بين المسلين ليست بين أطراف مختلفة تجتمع وتتنافر، بل هى علاقة الإنسان بنفسه، وعلاقة الجسد الواحد بأعضائه فيقول صلى الله عليه وسلم(ترى المؤمنين فى تراحمهم، وتوادهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى). ويقول أيضا (المؤمن للمؤمن كالبنيان. يشد بعضه بعضا). ولأن المحبة بين المؤمنين صادقة خالصة لوجه الله لا يعتريها تزلف أو نفاق يقول صلى الله عليه وسلم (من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكل به: أمين. ولك بمثل).