لم يكن طريقه مفروشا بالورود، وواجهه من الصعاب الكثير، فكلما كانت تخطو قدمه نحو النجاح درجه يظهر أمامه عدو النجاح الذي كان يقهره بإصراره وموهبته، هو الفنان "عادل إمام" الذي كان يدير ظهره لشائعات الإعلام وسخرية النقاد والمنتجين، ليصبح بعد سنوات عجاف مليئة بالشقاء "الزعيم" الذي يصطف وراءه الملايين من نجوم الصف الأول والمنتجين والمخرجين الكبار الذي ينتظرون فرصة للعمل معه على أحر من الجمر. من قلبه وروحه مصري.. عندما تتمعن في وجهه ترى ضحكة مصر البهية وأوجاعها المثقلة بهموم الشعب محفورة على ملامح وجهه، فهو مصري الهوى والهوية ورث عن بلدته المنصورة الاخلاص وحب الوطن فعشق تراب أرضها ويظهر هذا جليا في أعماله التي تحكي عن مصر. لأنه كان مؤمن بأن الفن قوة ناعمة قادرة على أحداث تغير في الوطن، سخر أعماله السينمائية والدرامية التي كانت مرآة للواقع عن الفساد الذي ينهش في مؤسسات مصر يوما بعد يوم، فأول من تنبأت أفلامه بالمشهد السياسي الحالي، كما تنبأت بنهاية رموز النظام والمعارضة التي انتهى صيتهم كنزلاء في سجن واحد. إفيهاته حكاية ورواية.. لم يحمل "إمام" الشعب فوق طاقته، فكان مقدرا بحجم المعاناة التي يعيشها المواطنين من الطبقة المُعدمة ومحدودي الدخل من الغلاء والفساد والبطالة، إذ كانت تخيم على أفلامه روح الفكاهة التي يتمتع بها ليرسم البهجة والسعادة على وجوههم المثقلة بالهموم، بأفيهاته التي عُلقت في أذهان المشاهدين رغم مرور سنوات عليها، منها "بلد بتاعت شهادات" الأفيه الذي اطلقه في فيلم "أنا وهو هي"، "أنا شربت حشيش يا سعاد" وهو الأفيه الذي أطلقه في فيلم "كراركون في الشارع" الذي تطرق فيه لأزمة السكن. ومن الأفيهات التي اطلقها الزعيم وعلقت في أذهان المشاهدين حتى باتوا يرددونها في الشارع " "اللي فوق مش مضمونين يا حسن.. البلد دي عشان تعيش فيها لازم تظبط من فوق ومن تحت.. عشان لو اللي فوق سابوك اللي تحت يلقفوك، ولو اللي تحت سابوك اللي فوق يحموك"، في إشارة منه إلى الفساد والرشوة والمحسوبية التي تُعاني منها مصر. ومن شرفة أحد الفنادق الكبيرة المطلة على ميدان التحرير، قال الإفيه الشهير الذي يحمل معانِ كثيرة من فيلم طيور الظلام "البلد دى اللى يشوفها من فوق، غير اللى يشوفها من تحت". "إحنا في زمن المسخ" هو الأفيه الذي أطلقه في فيلم "عمارة يعقوبيان" الذي اعتبره الكثيرون من المشاهدين "حكمة" جاءت في ميعادها، فعندما نتمعن في قلب العاصمة وبين أروقة مؤسسات الدولة نجد بالفعل أننا في زمن المسخ. من رجل غلبان لزعيم مصر.. "ده أنا غلبااااااااااااااااان" إفيه ردده "سرحان عبد البصير" الموظف الكحيان" الذي لا يملك سوى قوت يومه وهي تلك الشخصية التي جسدها عادل امام في مسرحية "شاهد ما شافش حاجة" للتحايل على الحكومة لتبرأته من التهم التي نسبتها له، حتى صار "زينهم" الزعيم الديكتاتور الذي ينهب ويسلب دون أدنى رحمة أو إنسانية في مسرحية "الزعيم". هو نفسه "حنفى الأبهة" اللص، والضابط "وحيد" الذي يحارب الفساد ويقضى على المرتشين في "النمر والأنثي"، و"مرزوق" الجدع الذي قرر أن يأخذ بثأر صاحبه بطريقة غير مشروعة في "سلام يا صاحبي"، والجن جلال العاشق الولهان الذي وقع في حب أنسيه في "الإنس والجن"، وسيد كباكا المسجل الخطر، والموظف البسيط الذي اصطدم بعقبات الروتين عندما توجه إلى مجمع التحرير لنقل طفليه من مدرسة لأخرى في "الارهاب والكباب"، وهو نفسه المهندس شريف المصري في كراكون في الشارع الذي يعاني من أزمة السكن والنصب والاحتيال ليقرر أن ينشأ سكنا خاصا به ولكن لن ترحمه الحكومة، وهو الحمال عرفة الذي يُعاني من الحرمان الجنسي في "الهلفوت"، وهو أيضا العميد مجدي نور رئيس مباحث القاهرة الذي يسعى جاهدا في اكتشاف الوباء الذي تسبب في العجز الجنسي للرجال بما فيهم نفسه في "النوم في العسل"، وغيرها من الشخصيات التي تجسد جميع فئات الوطن بمختلف أطيافها وطبقاتها. 160 في واحد.. ببراعة شديدة وتكنيك عالي في الإداء، نجح الزعيم أن يغير جلده الفني في كل عمل يقوم به، حتى تربع على عرش النجومية سواء في المسرح أو السينما أو التلفزيون، حيث أثرى الفن بما يزيد عن 160 عمل هام صاغ بهم اسمه فنيا ليصنف واحدًا من أكثر نجوم مصر والوطن العربى شهرة على مرّ التاريخ. يحتفل الزعيم اليوم بعيد ميلاده ال77 في بلاتوه التصوير بصحبه طاقم عمله الدرامي الجديد "عفاريت عدلي علام" الذي ينافس به ماراثون دراما رمضان المُقبل.