كنا نعرف أننا نوسع خيارات الرئيس باختيار الأقدم والخروج من المأزق لم نخالف القانون.. وأسقطنا حقنا فى الاختيار من بين ثلاثة حتى لا نهين شيوخنا أكد الفقيه المستشار الدكتور محمد خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، صاحب ال3 أبحاث، أن أعمال الجمعية العمومية لمجلس الدولة لم تكن سريعة ووليدة اللحظة, ولم يكن أحد يعرف نتائجها فى مصر وليس فى مقدور أى جهاز فى الدولة توقعها, ولا حتى المستشار يحيى دكرورى ذاته, لأنها ظلت حبيسة فى صدر كل قاض يحدث بها نفسه فقط دون توجيه حتى لحظة الإعلان عنها, وجاء ترشيح دكرورى بعد مناقشة مستفيضة دامت 3 ساعات بما يحفظ للمجلس استقلاله. وأكد أن ترشيح الأقدم ليس تحدياً لرئيس الجمهورية, وليس له علاقة برمز الدولة ومجلس النواب وضع مجلس الدولة فى مأزق كبير إما أن يحترم قواعد الأقدمية التى تعد بمثابة الروح من الجسد وإما أن يهدرها, واختيار الجمعية العمومية جاء لعدم مشاركتها فى إهدار مبدأ الأقدمية ولو بنص. وأضاف: الجمعية العمومية تعلم علم اليقين انها توسع من سلطات رئيس الجمهورية فى الاختيار من بين السبعة الأقدم وتخول له الصلاحيات كاملة فى اختيار من يشاء منهم, فكيف يتحدى من بيده اختصاص الترشيح للسلطة المنوط بها تتويج هذا الترشيح؟ وأكد أن الجمعية العمومية لم تخالف القانون وإنما اسقطت بإرادتها حقاً لها باختيار ثلاثة واستخدمت حقها فى إحدى صور البدائل الثلاثة التى ذكرها هذا القانون , لأنها لا تريد أن تكون شريكة لمجلس النواب فى إهدار مبدأ استقلال القضاء, و لتترك الأمر على رقعة واسعة من الاختيار للسيد الرئيس من بين السبعة الأقدم كما يشاء ووفقاً لتقديراته. وأضاف: الجمعية العمومية كانت أكثر ذكاء ووعياً بعلم القانون من مجلس النواب وأدركت مغزى القانون واَثرت اختيار أقل البدائل المطروحة عليها لحين الطعن عليه. وفلسفة انتخاب (3) من أقدم (7) لا تستقيم مع السلطة القضائية، لأن تولى رئاسة القضاء ولاية وليست وظيفة, وتطبيق نظام الانتخاب لمجلس النواب على تولى رئاسة القضاء يؤدى إلى انقسام القضاء وتفرقه. أتوقع الطعن على هذا القانون وأتوقع أن يكون طلب التعويض ضد رئاسة الجمهورية لصيقاً بطلب الإلغاء لنقطة غاية فى الفن القانونى هى تقييد المحكمة الدستورية العليا فى الفصل فيه مهما طال الزمان فلا تنظر لزوال مصلحته. وأكد خفاجى أن الرأى الأول الذى يتمثل فى اختيار ثلاثة مرشحين دون ترتيب من بين أقدم سبعة ليتبارى جميع أعضاء الجمعية فى اختيارهم وكان رأى الجمعية بأغلبية اعضائها رفض هذا الاقتراح وكان خلاصة سندهم فى ذلك أنه لا يصح بعد أن وصل شيوخ وعلماء مجلس الدولة إلى تلك الخبرة وهذه السن ثم تأتى الجمعية العمومية المشكلة من أعضاء احدث منهم يقومون بتقييمهم والحكم عليهم بمن يصلح ومن لا يصلح لتولى مهمة رئاسة مجلس الدولة فليس من التقاليد القضائية أن تفاضل الجمعية بين شيوخ القضاة لتختار من بينهم فمثل هذا الاختيار بين السبعة من شأنه أن يجرح كبرياء القاضى ويمتهن كرامته وقد رأت الجمعية أن اختيار ثلاثة من بين السبعة دون ترتيب أمر لا يمكن السكوت عليه واعلنت رفض الرأى الأول حفاظاً على مشاعر خيرة رجال مجلس الدولة وفى تلك اللحظة بكيت وأنا أتخيل هؤلاء الصفوة جالسين على المنصة وقد علمونا العلم النافع المفيد بخبرتهم الطويلة التى تساوى عند الدول المتقدمة ذخيرة التقدم والارتقاء. ثم عُرض الرأى الثانى الذى يتمثل فى اختيار ثلاثة مرشحين من بين أقدم سبعة بترتيب أقدميتهم, وقد رفضت الجمعية هذا الرأى وكان خلاصة سندها أن ارسال ثلاثة اسماء بترتيب أقدميتهم يجعل الأقدم فى مصاف الأحدث منه يصل إلى حد انتزاع ولايته فى تولى رئاسة المحكمة الإدارية العليا وهى التى تستوى على القمة فى محاكم مجلس الدولة ويخل اخلالاً جسيماً بالثوابت القضائية ويمثل عدواناً على حق الأقدم فى تولى رئاسة مجلس الدولة. ثم عُرض الرأى الثالث الذى يتمثل فى اختيار شخص وحيد هو الأقدم دون منازع وكان سندها فى ذلك هو التصون للتقاليد القضائية الأصيلة وحفظ هيبة القضاء واستقلاله, واتساقاً لمفهوم الاقدمية الذى غفل عنه مجلس النواب والوارد فى المواد (85و 86 و 86 مكرراً ) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وهذه النصوص تمثل نسيجاً مترابطاً وكلاً لا يتجزأ وتتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متماسكة لا منفصلة عن بعضها, وهو البنيان الذى يقوم عليه كيان مجلس الدولة, لذا انتهت الجمعية العمومية إلى اختيار وترشيح الأقدم وهو المستشار يحيى راغب دكرورى النائب الأول لرئيس مجلس الدولة. وأضاف المستشار الدكتور محمد خفاجى, ان المشرع نص على قاعدة تمثل حقاً خالصاً للجمعية العمومية بترشيح ثلاثة من بين أقدم سبعة, ولكن القانون بعد أن اوجد هذا الحق للجمعية العمومية منح القانون ذاته ثلاثة بدائل للجمعية العمومية حال عدم استخدام حقها بترشيح ثلاثة, وتلك البدائل كما وردت بالقانون تتمثل فى عدم تسميتها المرشحين أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة, فهنا تكون الجمعية العمومية قد اسقطت بإرادتها حقاً لها باختيار ثلاثة واستخدمت حقها فى إحدى صور البدائل الثلاثة التى ذكرها هذا القانون. وأكد المستشار الدكتور محمد خفاجى أنه يترتب على اسقاط الجمعية لحقها فى اختيار ثلاثة واستخدامها بأحد البدائل الثلاثة نشوء حق رئيس الجمهورية فى عدم التقيد بترشيح الجمعية العمومية واستخدام صلاحياته فى تعيين رئيس المجلس من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس وبالطبع يظل من بينهم المرشح الأول, وبهذه المثابة وفى اطار علم تفسير القانون – والقضاة هم مُلاك تفسير القوانين وفقاً لأصوله العلمية التى استنتها أحكامه وشاركها الفقه فى ذلك - لا يمكن القول بأن الجمعية العمومية قد خالفت القانون بل الصحيح أن الجمعية قد اسقطت حقها فى اختيار الثلاثة لأنها لم تكن تريد أن تكون شريكة لمجلس النواب فى اهدار مبدأ استقلال القضاء, واستخدمت أحد البدائل الثلاثة التى وضعها المشرع ذاته لتترك الأمر على رقعة واسعة من الاختيار للسيد الرئيس من بين السبعة الاقدم كما يشاء ووفقاً لتقديراته كصاحب قرار وفقاً لهذا القانون لا غيره. وأكد المستشار الدكتور محمد خفاجى انه نادى كثيراً فى ابحاثه الثلاثة السابقة بشبهة عدم دستورية هذا القانون وانه يتوقع حال اختيار السيد الرئيس لتعيين رئيس مجلس الدولة لغير الأقدم أن يطعن من له المصلحة فى تخطى اقدميته على قرار رئيس الجمهورية بتعيين غيره واتوقع أن يكون طلب التعويض ضد رئاسة الجمهورية لصيقاً بطلب الالغاء لنقطة غاية فى الفن القانونى هى أن يكون الطعن مقيداً للمحكمة الدستورية العليا فى الفصل فيه مهما طال الزمان, لان المحكمة الدستورية العليا قد استقرت فيها أحكامها على المصلحة فى الدعوى الدستورية فإن طال نظرها لأمد هذا الطعن وبلغ الطاعن سن السبعين عاما للإحالة للمعاش فإنها تقضى بعدم القبول لزوال مصلحته, أما لو اقترن طلب الالغاء بطلب التعويض اصبحت المحكمة الدستورية ملزمة دستورياً فى التعرض لمدى دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 13 لسنة 2017 حتى يمكن لمحكمة الموضوع التى احالت للدستورية أن تقدر طلب التعويض. وأكد المستشار الدكتور محمد خفاجى أن فلسفة النظام الانتخابى تقوم على اختيار ممثل الأمة من بين أصلح المترشحين للسلطة التشريعية وفقاً لبرنامجه الانتخابى ودعايته الانتخابية للفوز بمقعد فى مجلس النواب, بينما تلك الفلسفة لا تستقيم مع السلطة القضائية لأن تولى رئاسة القضاء ولاية وليست وظيفة ولن يكون الاختيار ممكناً لاختيار ثلاثة من بين السبعة الأقدم إلا على النحو الذى اراده مجلس النواب, وهو ما يؤدى إلى انقسام القضاء وتفرقه ونحن نعلم أن الانتخاب له مزاياه وعيوبه فمن مزاياه أن يختار الناخب مرشحه ومن عيوبه التربيطات الانتخابية التى ألف المترشحون لمجلس النواب عليها ولم يألفها رجال القضاء فيما بينهم عند تولى رئاسة منصة القضاء. هذا هو السهم الفلسفى القاتل لأغراض هذا القانون. ويرى أن الجمعية العمومية كانت أكثر ذكاءً ووعياً بعلم القانون من مجلس النواب وادركت مغزى القانون واَثرت اختيار أقل البدائل المطروحة عليها لحين الطعن عليه.