أثارت دفوع هيئة الدفاع عن المتهم محمد حسنى مبارك رئيس الجمهورية المخلوع, جدلاً قانونياً وسياسياً, في اليومين الماضيين؛ لما طرحه فريد الديب المحامى عن المتهم الرئيسي فى محاكمة القرن, من معلومات لا تشكل إلا افتراءات ومزايدات إعلامية لا قانونية. فزعم الديب, أن موكله ما يزال برتبة فريق بالقوات المسلحة, وبالتالى لا يجوز محاكمته إلا أمام القضاء العسكري, كما أكد أن الجيش المصري الذي انتشرت وحداته المسلحة في سائر أنحاء البلاد اعتبارا من يوم 28 فبراير, المسئول عن إطلاق الرصاص الحي, وقتل شهداء الثورة. وتلك الافتراءات التي صدمت المصريين, لا تعدو إلا أن تكون محاولات بائسة ويائسة, يستحيل أن تجدي في هذه الظروف, التي تابعها القاصي والداني, ليس في مصرنا حسب،بل في العالم أجمع. أما الحقائق القانونية, التي لا يغفل عنها إلا حاقد أو جاحد, فتتمثل في أن المتهم الماثل أمام محكمة جنايات شمال القاهرة, منذ أغسطس الماضي, كان رئيسا للجمهورية, و من ثم فإنه يتحمل المسئولية القيادية الجنائية عن كافة الجرائم "الجنائية" التي يزعم أنه لم يساهم في ارتكابها بأي شكل من أشكال المساهمة, سواء بالأمر, أو التحريض, أو التآمر أي المشاركة في الخطة الإجرامية مع آخرين, وينطبق ذلك علي كافة الجرائم الجنائية المدعي ارتكابها من المتهم محمد حسني مبارك, سواء القتل أو التربح أو إهدار المال العام . و لا تقتصر المسئولية القيادية للرئيس, بموجب دستور سبتمبر 1971 الملغي علي ارتكاب الجرائم الجنائية, لكن تمتد المسئولية إلي ارتكاب جريمة الخيانة العظمي للبلاد, التي لا تشمل التعامل مع دولة أجنبية عدو لمصر فحسب, بل تتسع إلي تعطيل المؤسسات الدستورية و العمل الدستوري بالبلاد. وليس هناك صعوبة لإثبات ارتكاب تلك الجريمة, من قبل المحكمة. لقد عطل مبارك كافة أوجه العمل الدستوري المؤسسي بالبلاد, فزورت الإرادة السياسية للناخبين, كما عمد ومعه عدد من المسئولين غير المسئولين , إلي إقصاء مباشرة الحقوق السياسية والمدنية عن عدد من المصريين الأمناء, الذين سعوا إلي الترشح للرئاسة منافسين للديكتاتور . فضلا عن تشويه القوانين, وتزييف التشريعات, وإجهاض القضاء أحد أهم المؤسسات الدستورية, فصارت أحكامه القضائية المغايرة لإرادة و مشيئة الطاغية, وتلك جريمة خيانة عظمى بموجب دستور سبتمبر 1971 الملغي بعد تنحيه، ولهذا يجب أن يحاكم عليها، وليس فقط الأمر المباشر بقتل المتظاهرين.