في تأكيد جديد على أن السياسات الطائفية لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لن تقف عند حدود مذكرة توقيف نائب الرئيس طارق الهاشمي, حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 21 يناير من وجود مخطط لاستهداف المزيد من الرموز السنية في بلاد الرافدين. وأضافت الصحيفة أن حملة المداهمات التي نفذتها قوات الأمن العراقية ضد سياسيين عراقيين ينتمون للطائفة السنية في 19 يناير تأتي في إطار المخطط الطائفي الذي أعده المالكي منذ فترة وبدأ تنفيذه مباشرة بعد إتمام الانسحاب الأمريكي في 18 ديسمبر الماضي. وتابعت "القوات الأمنية العراقية استهدفت في 19 يناير منزلي طلال الجبوري وغضبان الخزرجي وهما نائبان لمحافظ ديالي, كما قامت باعتقال نائب رئيس مجلس محافظة بغداد رياض العياض أثناء طريقه للعمل". ورغم أن حكومة المالكي زعمت أن حملة المداهمات والاعتقالات السابقة جاءت في إطار التحقيقات في قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي والتي تتعلق معظمها بتهم "الإرهاب", إلا أن الصحيفة الأمريكية شككت في صحة هذا الأمر وأشارت في هذا الصدد إلى تساؤل طرحه سالم الجبوري رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان العراقي جاء فيه "لماذا لم نسمع عن أية عمليات اعتقال أو توجيه تهم ضد أفراد من الجماعات الشيعية المسلحة؟". وأضاف الجبوري, المحسوب على الطائفة السنية, في تصريحات للصحيفة " التهم المنسوبة لأكثر من 20 عضوا في الحزب الإسلامي العراقي بزعامة الهاشمي والتي تتعلق بارتكاب جرائم إرهاب على مدار الشهرين المنصرمين عارية عن الصحة", موضحا أن بعض المعتقلين تعرضوا لعمليات تعذيب خلال فترة احتجازهم لانتزاع اعترافات منهم تدين الهاشمي في إطار مخطط تهميش السنة في العراق. وفي السياق ذاته, شن زعيم القائمة العراقية إياد علاوي هجوما حادا على حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي على خلفية مذكرة توقيف الهاشمي, كاشفا عن مظاهر التردي الذي تعانيه البلاد حاليا من توجهات التفرد بالحكم، واستشراء الفساد، وسوء الإدارة، وتهميش المحافظات لحساب هيمنة المركزية المدمرة، وغياب العدالة عن قطاع من القضاء، بالإضافة إلى تردي الخدمات العامة والأوضاع الأمنية التي قال إنها أصبحت الهاجس الأول للجميع. واقترح علاوي في مؤتمر صحفي عقده ببغداد في 19 يناير ثلاثة خيارات للخروج من الأزمة السياسية المتصاعدة في العراق على خلفية مذكرة توقيف الهاشمي تشترك جميعها في المطالبة بخروج المالكي من السلطة, وهي: الدعوة لانتخابات مبكرة وتشكيل حكومة جديدة, أو يقوم التحالف الوطني الذي ينتمي إليه المالكي بتسمية رئيس وزراء جديد يكون كفؤا للمنصب ويقوم بمهامه بعيدا عن المحاصصة. ويتمثل الخيار الثالث, الذي طرحه علاوي, في العمل على تشكيل حكومة شراكة استراتيجية وطنية, استنادا إلى اتفاقية أربيل تتولى وضع مشاريع استراتيجية لعراق مزدهر. وكانت قائمة العراقية -التي لها تسعة وزراء بالحكومة- علقت مشاركة نوابها ووزرائها في جلسات البرلمان واجتماعات مجلس الوزراء منذ منتصف ديسمبر الماضي بسبب ما اعتبرته "سياسة التهميش والإقصاء التي تتبعها الحكومة" بحقها على خلفية مذكرة توقيف الهاشمي الذي ينتمي إليها. وبالنظر إلى أن هذه تعتبر أسوأ أزمة سياسية في العراق منذ الانتخابات غير الحاسمة التي جرت عام 2010 وما أعقبها من التوصل لصيغة توافقية لتقسيم المناصب بالحكومة والرئاسة بين السنة والشيعة والأكراد, فقد حذر كثيرون من أن سياسات المالكي الطائفية تدفع بلاد الرافدين نحو الحرب الأهلية أو التقسيم. بل وهناك من رجح تورط حكومة المالكي في الهجوم الصاروخي على السفارة التركية في منطقة "الوزيرية" في بغداد في 19 يناير للانتقام من أنقرة بعد انتقادها لمذكرة توقيف الهاشمي, الأمر الذي يهدد أيضا بتحويل الأزمة الحالية في العراق لصراع مذهبي إقليمي.