تسبب في إجهاضها، طالب يعتدي علي معلمة بالإسكندرية وقرار عاجل من مديرية التعليم    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    100 ألف جنيه جدية حجز، تفاصيل التقديم على أراضى الإسكان المتميز    السكة الحديد ترفع قيمة غرامات الركوب بدون تذكرة على القطارات فى هذه الحالات    مقتل طفلين وإصابة آخرين في حادث إطلاق نار بولاية تكساس الأمريكية    روسيا: إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران "خطأ فادح"    حصاد ساكا في 200 مباراة بالدوري الإنجليزي    عصام الفيومي يسجل هدف كهرباء الإسماعيلية الثاني في شباك الأهلي    ضابط يلقى القبض على سائق متهور أثار الرعب بين مواطنى القليوبية    هاني رمزي يحتفل بزفاف نجله شادي (فيديو)    استعادت بريقها بعد 20 عامًا من الترميم |افتتاح مقبرة «فرعون الشمس» بالأقصر    اللواء أيمن عبد المحسن ل"الحياة اليوم": موافقة حماس تعكس الرؤية المصرية وتحطم طموحات نتنياهو    الحلو وثروت وهانى ب«الأوبرا»    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    نائب وزير الصحة يوفر سيارة إسعاف لنقل مريض للمستشفى ويتوعد المتغيبين عن العمل    هيئة الدواء لإكسترا نيوز: صدّرنا أدوية بأكثر من مليار دولار خلال 2024    مصطفى محمد على رأس تشكيل نانت أمام بريست في الدوري الفرنسي    بطلة مصر للسباحة بالزعانف: أحلم بحصد أكبر عدد من الميداليات ببطولة العالم    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد القومسيون الطبي العام استعدادا لانتخابات مجلس الشعب    شبورة وسقوط أمطار.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الأحد    مات والدها فحاولت الانتحار حزنا عليه بالشرقية    افتتاح فرع جديد للخط الساخن لمكافحة الإدمان لأول مرة بالسويس لعلاج المرضى مجانا    لهذا المشروع.. الإسكندرية تفوز بجائزة سيول للمدن الذكية    نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بدولة فلسطين رغم دعم دول كبرى لها    أمل الحناوي: ترحيب عربي ودولي واسع بموافقة حماس على خطة ترامب    مركز الزرقا يروي المسطحات الخضراء ويُنعش وجه المدينة الحضاري    اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء: «أرض الفيروز 2030» مركز لوجيستى وتجارى عالمى    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب فرانكفورت في الدوري الألماني    «النهر الجديد».. شريان أمل تشقه مصر في زمن المشهد المائي المربك    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي بين طلائع الجيش والجونة    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    طوفان بشري.. مئات الآلاف يتظاهرون في برشلونة ضد الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي    أضرار الزيت المعاد استخدامه أكثر من مرة.. سموم خفية    غدا احتفالية نقابة الصحفيين بذكرى نصر أكتوبر المجيد    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    طرح النهر يغرق ومصر تُجيد إدارة الفيضان.. خطة استباقية تُثبت كفاءة الدولة في موازنة الأمن المائي وسلامة المواطنين    الرعاية الصحية ببورسعيد بعد إجراء جراحة دقيقة: التكنولوجيا الصحية لم تعد حكرا على أحد    ننشر أسماء المرشحين للفردى والقائمة للتحالف الوطني ببنى سويف للانتخابات البرلمانية 2025 (خاص)    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    مصرع سيدتين وإصابة 7 في حادث تصادم مروّع بالفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب رئيس مجلس الدولة : سيادة الرئيس.. لا تتخطي الأقدم بالأحدث في القضاء
نشر في الوفد يوم 10 - 05 - 2017

رسالتي لزملائى: تمسكوا بترتيب الأقدمية الذي نفخر به
«السبت».. اجتماع عمومية مجلس الدولة لاختيار 3 مرشحين لمنصب الرئيس
يا يحيي يا دكروري: خذ الميزان بقوة فأنت كالطود الراسخ المتين
أعد الفقيه المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة بمناسبة انعقاد الجمعية العمومية لمجلس الدولة بعد غد السبت بعنوان: «لحظات تاريخية والثوابت القضائية قبل انعقاد الجمعية العمومية»، لاختيار ثلاثة مرشحين لتولى منصب رئيس مجلس الدولة واستعرض فيه كافة الرؤى وأسانيدها, ذاكراً أنه لأول مرة فى التاريخ القضائى سيذهب قضاة المشروعية إلى الجمعية العمومية لاختيار ثلاثة رؤساء وليس رئيساً واحداً بنصوص غير دستورية وما أثقلها على نفس القاضى, فاختيار الجمعية العمومية ظل منذ انشاء القضاء الإدارى فى مصر حراً طليقاً دون قيود, كأول دولة رائدة فى منطقة الشرق الأوسط تأخذ بذلك النظام فى ظل القضاء المزدوج وليس القضاء الموحد, أما بنصوص القانون رقم 13 لسنة 2017 الذى جار على إرادة الجمعية العمومية فقد أصبح الأمر مقيداً لها باختيار ثلاثة قضاة وليس قاضياً واحداً كما كان. ويمكن تلخيص هذه اللحظات التاريخية والثوابت القضائية قبل انعقاد الجمعية العمومية فيما يلى:
أولاً: الاختيار من بين أقدم ثلاثة بالترتيب خير أم الاختيار من بين اقدم سبعة دون ترتيب:
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى إنه يثور التساؤل حول ما إذا كان اختيار الجمعية العمومية لأقدم ثلاثة بترتيبهم خيرا، إن اختيارهم من بين السبعة دون ترتيب, نوضح فى البداية أن تفسير النصوص التشريعية فى الفكر القانونى الحديث لم يعد مقصوراً على المدرسة التقليدية (التزام النص والشرح على المتون) وهى التى تقوم على تقديس النصوص بالبحث عن الإرادة الحقيقية للمشرع فإن لم يمكن الوصول إليها تعين البحث عن إرادته المفترضة وهى المدرسة التى تعتمد على التشريع وحده كمصدر وحيد للقانون، كما أن الفكر الحديث لم يعد يعتمد فى تفسير النصوص على المدرسة التاريخية والتى قوامها أن النصوص ليست وليدة لإرادة المشرع، بل هو وليد البيئة الاجتماعية ينشأ مع المجتمع ويتطور بتطوره ويعتبرون العرف هو المصدر الأمثل للقانون ويعيب عليها أنها لا تتفق مع مبدأ الفصل بين السلطات بالنظر إلى الدور التشريعى الذى يقوم به القاضى، لذا يسود فى الفكر الحديث ما يسمى بمدرسة البحث العلمى الحر وهى تقوم على استجلاء الإرادة الحقيقية للمشرع دون الإرادة المفترضة بالرجوع إلى العوامل المختلفة التى تساهم فى خلق القانون وتتشكل من الحقائق العقلية والمثالية والتاريخية والطبيعية مع التقيد بأصول علمية وفنية.
ويضيف المستشار الدكتور محمد خفاجى قبل الإجابة عن هذا التساؤل: ينبغى أن نعرض لمفهوم الأقدمية فى طريقة الاختيار وفقاً لمدلول المادة (83) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قبل تعديلها فإنه يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رئيس المجلس بعد أخذ رأى جمعية عمومية خاصة تشكل من رئيس مجلس الدولة ونوابه ووكلائه والمستشارين الذين شغلوا وظيفة مستشار لمدة سنتين ويعتبر تاريخ التعيين من وقت موافقة الجمعية العمومية, وجرى العرف القضائى الراسخ منذ نشأة القضاء على اختيار الأقدم, رغم أن هذا النص تحديداً لم يتحدث مطلقاً عن الأقدمية.
ويشرح المستشار الدكتور محمد خفاجى إن الأقدمية راسخة في قانون مجلس الدولة –على عكس ما يتصوره مجلس النواب - الذى تعد نصوصه نسيجاً مترابطاً وكلاً لا يتجزأ وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة لا منفصلة عن بعضها, عبرت عنه المادة (85) من ذلك القانون التى تقضى بأن تعين الأقدمية وفقاً لتاريخ القرار الصادر بالتعيين أو الترقية وإذا عين اثنان أو أكثر فى وقت واحد وفى الدرجة عينها أو رقوا إليها حسبت أقدميته وفقاً لترتيب تعيينهم أو ترقيتهم, كما عبرت عنه كذلك المادة (86) من القانون المذكور التى نصت على أن تشكل الجمعية العمومية لمجلس الدولة من جميع المستشارين ويتولى رياستها رئيس المجلس وعند غيابه يحل محله أقدم الحاضرين من نواب الرئيس ثم من المستشارين. وجاءت قمة التعبير عن مفهوم الاقدمية بالمادة (86 مكرراً) من القانون السالف بقولها: ينشأ بمجلس الدولة مجلس خاص للشئون الإدارية برئاسة رئيس مجلس الدولة وعضوية أقدم ستة من نواب رئيس المجلس وعند غياب أحدهم أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدم فالأقدم من نواب رئيس المجلس. ألا يدل ذلك على أن مفهوم الأقدمية له أصل ثابت في جميع درجات الترقى بمجلس الدولة وفى تشكيل الجمعية العمومية للمجلس وفى تشكيل المجلس الخاص كأعلى سلطة إدارية بالمجلس, فلماذا تهدر تلك الأقدمية في قمة الهرم فينفرط عقدها وتحل الفوضى الخلاقة التى يريدها من سن هذا النص المعدل محل القيم القضائية الأصيلة.
ويشير المستشار الدكتور محمد خفاجى إلى إن النص المعدل للمادة (83) بالقانون رقم 13 لسنة 2017 جرى على أن يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه ترشحهم الجمعية العمومية من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس فهذا النص ظاهره رحمة توسيع الاختيار وباطنه عذاب الفرقة بين الزملاء الأخيار, ذلك أن هذا التخصيص من بين أقدم سبعة لا يعنى اهدار ترتيب الأقدمية بحال, ولم يضعه المشرع لتنظيم طريقة اختيار الرؤساء، بل سنه للفتنة بين الرفقاء, ذلك أنه طبقاً للمنطق القانونى السديد إذا كان النص قبل التعديل قد جعل اختيار رئيس المجلس حراً من بين نوابه دون قيد الأقدمية وقد طبقه رجال مجلس الدولة جيلاً بعد جيل بمعيار الأقدمية فلا يمكن قبول اهدار هذا التراث القضائى حينما يعدل المشرع طريقة الاختيار ويحصره من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس وإلا نكون قد شاركنا المشرع في عدوانه على مبدأ الأقدمية, والفرض أن ذلك النص المعدل يعلم جميع قضاة القانون العام في مصر أنه مشوب بعدم الدستورية على الأقل لأن المشرع ميز بين قضاة القانون العام بشقيه الدستورى والإدارى في طريقة اختيار رئيس كل منهما، إذ حصن طريقة اختيار رئيس الدستورية بإرادة الجمعية العمومية لتختار هى من بين أقدم ثلاثة وتعرضه على رئيس الجمهورية ليصدر قراراً بتعيينه, أهدر ذلك الاختيار لنظيره بمجلس الدولة بأن نقل سلطة الاختيار من القضاة إلى السلطة التنفيذية وهى التى تقوم في الأصل على تتويج إرادة الجمعية العمومية بإصدار قرار بالتعيين وفقاً لإرادة الجمعية في اختيار رئيس وحيد الدستورية لا التخيير بين اختيار ثلاثة رؤساء كمثل ذلك النص الذى ولد موؤداً.
ويؤكد المستشار الدكتور محمد خفاجى صفوة القول قائلا: إن استجلاء مراد المشرع ومعانيه ومراميه يكون وفقاً للأصول الهادية بالقانون ككل ومن اشاراته ودلالاته والمبادئ الحاكمة والأسس الواردة بالدستور في ظل التنظيم المتكامل والمتماسك الذى صاغته أحكامه نصاً وروحاً وفى جميع الأحوال فإن حسن تطبيق النص من المنظور القضائى وفقاً لمفهوم الأقدمية الوارد بالمواد (85و86و86 مكرراً) وكما استقر عليه العرف القاضى الراسخ المتوج بالنصوص المشار إليها، فإنه يجب اختيار أقدم ثلاثة بترتيب الأقدمية والقول بغير ذلك فيه انهدام للبنيان الذى قام عليه مجلس الدولة منذ انشائه.
ثانياً: الأقدمية ليست مجرد ترتيب قضائى لكنها ولاية, هى الهرم المعنوى الذى نفخر به جميعا قبل أن يكون الهرم المادى:
ويقول المستشار الدكتور محمد خفاجى فى واقع الأمر فقد ظللت متحيراً بين الذهاب للجمعية العمومية وعدم الذهاب إليها , فلو ذهبت واخترت مع زملائى ثلاثة فسوف انتهك مبدأ الاقدمية واُهدر هذا العرف القضائى الذى صار ثابتاً فى جذور التربة القضائية متوجاً بنصوص قانونية وردت بقانون مجلس الدولة ذاته, وسوف أخرج على تلك العقيدة التى تربينا عليها عدة عقود، ما اثقلها على نفس القاضى.
ثم يضيف: ولو لم اذهب اكون قد تنازلت عن واجبى تجاه المجلس الذى توارثناه عظيماً من أسلافنا العظماء, و قررت أن اقطع هذه الحيرة باليقين وأن أذهب إلى الجمعية العمومية لأطبق نصوصا سوداء ظالمة قاهرة وليست قانوناً ولو صدرت فى جريدة رسمية, لأنها نصوص تتصادم مع الضمير العام وضميرى كقاض وتتعارض مع الاقدمية وتتصادم مع مفهومها ومدلولها ومغزاها وعمق مرماها, إن الاقدمية ليست مجرد ترتيب قضائى لكنها ولاية هى الهرم المعنوى الذى نفخر به جميعا قبل أن يكون الهرم المادى, لذا فإنه من الواجب اختيار ثلاثة وليس واحداً حتى يكون الاختيار طبقاً للقانون, وإلا جاز لرئيس الجمهورية أن يختار من يراه من بين أقدم سبعة.
ثالثاً: القول باختيار قاض وحيد هو الأقدم أو الامتناع عن اختيار أى قاض للتعبير عن رفض القانون ليست الوسيلة الصحيحة وتعطى للرئيس الفرصة للاختيار من بين أقدم سبعة :
يؤكد المستشار الدكتور محمد خفاجى أن القول باختيار قاض وحيد هو الأقدم أو الامتناع عن اختيار أى قاض من بين أقدم سبعة كوسيلة لتعبير الجمعية العمومية للاعتراض على القانون ليست الوسيلة الصحيحة لهذا التعبير، لأنها ستعطى للرئيس الفرصة للاختيار من بين أقدم سبعة , فالقضاة لا يمتنعون عن تطبيق نص قانونى أصبح قائماً بحجة تعارضه مع أحكام الدستور، لأن هذا الامتناع يشكل فى ذاته تعرضاً لمدى دستورية النص أياً كانت الصورة التى يتم بها هذا التعرض مادام النص التشريعى سارياً ولم يعدل وواجب القضاة إعمال حكمه ومقتضاه دون إهمال أو إغفال, ذلك أن انتقادنا لتشريع نص ما، لأن المشرع لم يأخذ بأحسن منه أو لأنه لم يستخدم رخصة التشريع فى أحسن بدائلها لا يجيز الامتناع عن تطبيقه تحت أية ذريعة أو أى سند, لأن وظيفة القضاة المحددة دستورياً هى تطبيق القانون على أى وجه لا تعطيله على أى وجه أيضاً, والسبيل الوحيد للامتناع عن تطبيق القانون رقم 13 لسنة 2017 (قانون ما يستجد من أعمال) يكون فحسب للمحكمة المختصة تملكه بأدواتها الفنية والتى من بينها احالته للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريته فتماسكوا وترابطوا فى هذا الامتحان الأصعب فى تاريخ مجلسنا التليد وواجبنا الحفاظ على استقلاله لا المشاركة فى اهداره.
ثم يضيف المستشار الدكتور محمد خفاجى: أقول لشباب قضاة مجلس الدولة أقول للظلال الممدودة أقول للطاقات المحشودة أقول للآمال المنشودة، أقول لكم ما في القضاء من شفعة للأحدثين وإن جار القانون على حقوق الأقدمين فأهون علينا إذا قضينا برسوخ قاعدة العدول الأولِين رغم أنف قانون ما يستجد من أعمال المعتدين, وسنختار فيمن نرى الثلاثة الأقدمِين مستهدين بنظائر صار عليها عظيم القضاة الأقومِين, حتى يأذن من مسه ضر بإسقاطه من التحصين, فليس له من عمدٍ يرفعه متين, ولا استواءِ به يستعين, بعد عدوانه المشين وبالعدالة يستهين.
رابعاً: تذكرت -وقارنت- وكان شريط الذكريات ماثلا أمام عينى والقضاة لا يخشون فى الحق لومة لائم, والقانون متغير بينما الحق ثابت لا يتغير:
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى: تذكرت وأنا أذهب إلى الجمعية لأدلى برأيى فى تطبيق تشريع مبتسر لكنه واجب التنفيذ تذكرت الوشاح الذى اُرصع به صدرى فهو الحصانة الحقيقية لى وزملائى ولأفراد الأسرة القضائية، تذكرت أن المبادئ ليست قابلة للقسمة أو الطرح أو الضرب لكنها حاصل جمع لتراث وتقاليد واعراف فى صفحة مضيئة لا تتصادم مع الضمير العام للشعب تذكرت أن القضاء هو المدافع الأول عن حقوق المواطنين وحرياتهم بمن فيهم أعضاء مجلس النواب أنفسهم قبل اكتسابهم تلك الصفة وبعد انتهائها تذكرت العدالة بصيرة حتى ولو كانت معصومة العينين بضميرها واستيعابها لروح التشريع، تذكرت القمم الذين جلسوا على منصة القضاء ورئاسة التشريع وكانوا رموزاً للحرية, تذكرت اسماء سجلها التاريخ، أحمد زيوار باشا الذى عمل محامياً عاماً 1895 ومن قبله نوبار باشا رغم أنه كان أرمنيا الذى كان وزيراً للحقانية فى المحاكم المختلطة وعبدالخالق باشا ثروت تذكرت سعد زغلول وهو يقول إن النيل من القضاء مثل محاولة الصيد بالصائد وهو ليس بالصيد السهل.
تذكرت قضاة شهداء منذ خازندار إلى هشام بركات تذكرت د. صوفى ابو طالب أحد قمم الفقه والتشريع فى مصر والذى حقق الانتقال الهادئ للسلطة فى مصر بعد اغتيال الرئيس الراحل انور السادات فى وقت عصيب, تذكرت جمال العطيفى وقولته الشهيرة على قانون المحاماة "سنطبقه ولو كان سيئ السمعة", تذكرت امجاد البرلمانيين وفكرى باشا اباظة شيخ الصحفيين، تذكرت وتذكرت وقارنت بين مجالس عظيمة للتشريع حرصت على استقلال القضاء, ومجالس أخرى أهدرت هذا الاستقلال, بين من يحارب من الخنادق ومن يحارب من الفنادق, وكان شريط الذكريات ماثلا أمام عينى ووجدت أن القضاة على امتداد تاريخهم لا يخشون فى الحق لومة لائم, وأقول الحق لا القانون, لأن القانون يتغير بينما الحق لن يتغير فهو ثابت فى الحياة والممات وإلى أبد الآبدين.
خامساً: المقعد الذى جلس عليه عظماء مثل كامل باشا مرسى وعبدالرزاق باشا السنهورى هو مقعد لقاضٍ وليس لثلاثة فما يريدون بالكرسى إلا فتنة, ويا يحيى خذ الميزان بقوة فأنت كالطود الراسخ المتين.
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى إن هذا المقعد الذى جلس عليه عظماء مثل كامل باشا مرسى وعبدالرزاق باشا السنهورى هو مقعد لقاضٍ وليس لثلاثة, وما هى الحكمة المبتغاة من تلك الثلاثية التى ليس لها سند ولا عمد ولا سوابق , فهى طالما أهدرت جزءاً من تلك العقيدة فقد اهدرت العقيدة كلها, وطالما اعتدت على أحد الاعراف القضائية المستقرة فقد اعتدت على الاعراف كلها وهدمت التقاليد كلها, فما يريدون بالكرسى إلا فتنة وغدراً وأقول للمقصود به، يا يحيى خذ الميزان بقوة فأنت كالطود الراسخ المتين يا يحيى لن يفلحوا معنا فلن نكون الجائزة الكبرى للصيد الثمين يا يحيى كعهدنا بك لا تتحرك من مكانك الركين ولو انتقل القلب من اليسار إلى اليمين يا يحيى أقول لك ولكل من لا يعرف معنى اليقين سترتفع بك هاماتنا وفى يدنا الميزان والحق المبين وويل للمطففين من المشرعين.
يا يحيى كن كعهدنا بك شامخاً صلباً ثابتاً من النصراء , يا ابن راغب أنت للاستقامة تعد رمزاً لا يعرف سوى الأحقاء, فجاءوا على قميص تشريعهم بدم الافتراء والاستهواء, قل بل سولت لهم أنفسهم أمراً فصبر جميل على الاقصاء, والله المستعان على ما وضعتموه من الغدراء, وما حملتموه من الاجتراء, دون دراسة حالات الاستقراء, وبه من العيوب الدستورية والأخطاء, بعد أن مايزتم بين قضاة السلطة القضائية وقضاة الدستورية وهم النظراء, فنشرتم به بين الاسرة الواحدة شيئاً فى النفس والبغضاء, ولم تسمعوا لصوت العلم بواجب الإصغاء, فلا تحزن إن الله مع الجهراء, وكل شىء بقضاء من فعل الطرقاء, ولسوف يعطيك ربك من عطفه والاستبقاء, وسترى من الاحتواء والارتواء والإرضاء .
يا يحيى كلمة الحق رسالتك راسخة ثابتة الأركان يا قنديل زيت يُضىء ساعات الظلام يبدد الظلم عن الضعيف والطغيان يا رمز مدرسة عريقة فى القانون بإعلاء كلمة الحق فالعدل هدفك وكلمتك تنبض بالصواب والضمير, سيسجل التاريخ اسمك رمزاً لقاض مصرى وللعدالة عنوان, يا بستان أمل, يا شجرة عالية تعجز رياح التشريع الجائر عن اقتلاع جذورها والاغصان, يا سماء بلادى تاريخُها فى دمائنا فلكل عصر رواد وفرسان, سر خطاك أقوى من الصخر قاضياً وأستاذاً وأنشودة عطرها يفوح فى كل زمان, ولك يا يحيى فى كل قلب مصرى مكانة ومكان.
سادساً: رسالة للسيد الرئيس --- وشهادة قاض ---
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى فى رسالته للسيد رئيس الجمهورية ما نصه: (إنها فرصة نخاطب فيها مقام الرئاسة الرفيع الذى نعتز بقيادته الوطنية مدركين قبل أى شىء أن هدفه الوحيد المصلحة القومية العليا للبلاد ودفعها إلى الأمام بما تستحقه من اهتمام ودور تاريخى باَليات حديثة وفكر اشعاعى مستنير.
يا سيادة الرئيس لعلك تدرك سيادتكم أن شهادة القاضى منزهة عن الهوى متجردة من الغرض، خالصة لوجه الله تعالى ولوجه الوطن أقول بكل راحة الضمير والوجدان نحن شهود على سنوات قيادتك للبلاد التى تخوض فيها وتقودها فى معركة الجهاد الأكبر بعد أن حققت نصراً فى الجهاد الأصغر.
نحن شهود على شجاعتك وجسارتك لإنقاذ أمتك من التشتت والانقسام والضياع, فلك فى قلوب المصريين المخلصين كل التقدير, فقد أنقذت مصر من الأطماع وطهرتها من الأتباع وحررتها من الإخضاع وجعلت العلم كله لك من الأسماع بعد أن كشفت لهم الأوضاع رغم ما بمصر من الأوجاع.
نحن شهود على شجاعتك فى مواجهة القضية الاقتصادية بجسارة ودفع ثورى بكل الحكمة لكى تصيغ الهياكل الاقتصادية ليشع بآثاره إلى كل الميادين ورغم مرارة الحلول التف الشعب حولك ثقة منه فى اخلاصك لتحقيق الخلاص لهم من اَثار تأجيل الحلول المؤقتة والمسكنات المهدئة وسعيك إلى بناء استراتيجية متكاملة بتخطيط مستقبلى لهذا الوطن العزيز.
نحن شهود على مبادرتك التى أعادت لمصر دورها الطليع التاريخى على الساحة الدولية ولا تزال كلماتك من على منبر الأمم المتحدة ولقاءاتك مع زعماء العالم تنبض بالمصداقية فبادلوك كل الاحترام الذى تستحقه كرئيس لدولة عظيمة.
نحن شهود على عصرك فأنت ادركت مبكراً الدور العصرى لأهمية الجيوش فى صناعة منظومة الأمن وحراسة الوطن من عبث الارهابيين مع رجال الشرطة وتزامن هذا الواجب الوطنى فى تحقيق نتائج جادة مخلصة فى اجتثاث جذور الارهاب لكى يتم تقديمهم إلى العدالة لتقول فيهم كلمة القصاص العادل.
نحن شهود على عصرك فأنت أضفت واجباً جديداً لقواتنا المسلحة، مدركاً بكل أمانة المسئولية أن الجيش فى هذا العصر ليس إلا انعكاساً لأحوال الشعب، مؤكداً ضرورة تحقيق اسباب القوة اللازمة واستنهاض همتها وتنقية مسيرتها فهو تعزيز لقوات الجيش.
نحن شهود على عصرك فقد ادركت أن كلمة القاضى تعادل طلقة المدفع فى حماية أمن الأمة وصياغة حقوق ابنائها وكان هناك خط التواصل قائماً من خلال زيارتكم لمؤسسات القضاء فى دار القضاء العالى ومجلس الدولة.
نحن شهود على عصرك ونعلنها صيحة عالية مدوية أمام الله وأمام الضمير أنك لم تتدخل اطلاقاً فى أعمال القضاء، بل إنك لم تتدخل حينما تقوم مؤسسة القضاء بتصحيح وتطهير صفوفها وكان دورك هو فقط اصدار القرار التنفيذى لقرارات المجالس القضائية المنفذة طبقاً للقانون.
لذلك، فإننا يا سيادة الرئيس نعلم أنه من مبادئ علم السياسة «ألا تقترب من سلطة صاحب القرار» لكننا نرى بكل الاحترام لمقامك الرفيع وحبنا لك, أن نوضح لسيادتكم أن تخطى الأقدم بالأحدث فى مؤسسة القضاء أمر صعب للغاية فى نفوس القضاة، خاصة فى قمة الهرم القضائى, فتخطى الأقدم يكون فحسب على سبيل العقاب لمن يخالف أسس وتقاليد وهيبة القضاء ويخرج على قواعده وعن طريق مجالسه المختصة بالتأديب, ولاريب أن صدور مثل ذلك التشريع يفتقر إلى أهم أركانه من التجرد والعمومية ويخرج من دائرة تنظيم تولى ولاية رأس القضاء إلى دائرة الانتقاص من تلك الولاية, ويقول المولى عز وجل: « ِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا» وهو يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان ومنها تسليم امانة المسئولية إلى المؤهلين لها طبقاً للمعايير والقواعد الراسخة والتى أصبحت من ثوابت القضاء على مر الأجيال منذ الغاء المحاكم المختلطة.
هذه الكلمات يا سيادة الرئيس ليست مجرد عواطف اللحظة وليست انفعالات الكبرياء ولكن لا يوجد أعظم من أننى أقول لسيادتكم وسيادتكم تدرك معنى ما أقول وتدرك بفراستك ويقظتك وفطنتك أنك تعرف معنى ما بين السطور وفوق السطور وتحت السطور فنقول ندعو الله أن يلهمك الصواب باختيار الأقدم ولا نملك إلا أن نقول يا سيادة الرئيس إن مصر أمانة في اعناقكم وأنت خير من تحمل الأمانة).
سابعاً: القاضى يشخص القلم بالإنسان الذى ينطق, ويستعير عن سواد الكلمات بالليل والإشراق ويصور بياض الصفحات الذى يخالط سواد المداد بالشيب الذى يخالط سواد الشعر وفى ذلك اعتراف بالزمن وحكمة السنين:
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى إن القاضى يشخص القلم بالإنسان الذى ينطق, كما يستعير عن سواد الكلمات بالليل والاشراق ويصور بياض الصفحات الذى يخالط سواد المداد بالشيب الذى يخالط سواد الشعر وفى ذلك اعتراف بالزمن الذى تتشكل منه خبرة الأقدم وحكمة السنين والقلم ذو صلة بالقاضى يمثل لسان العلم والمعرفة وهذا هو سلاح القاضى ومدفعه فى الميدان.
ولا ريب أن ما كتبناه في ابحاثنا دليل لا مشاحَّة فيه على استقلالية القضاء وحريته منذ فترة مبكرة في تاريخ الحضارة البشرية على ظهر الأرض ويقصد باستقلال القضاء تحرر سلطته من أي تدخل من جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية وعدم خضوع القضاء لغير القانون، ويعتبر استقلال القضاء عنصراً مهماً في شرف القضاء واعتباره، بدونه يفقد القضاء قيمته وجدواه في حماية الحريات ولأن الدولة القانونية هي التي يتوافر لكل مواطن في كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته ولتنظيم السلطة وممارستها في إطار من المشروعية وهي ضمانة يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محوراً لكل تنظيم، وحداً لكل سلطة، وردعاً ضد العدوان.
ثامناً: أربعة أسباب للطعن
يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى إنه يمكن تحديد أوجه أسباب الطعن فيما يلى:
السبب الأول: مخالفة هذا القانون النص للمادة (53) من الدستور الخاص بمبدأ المساواة، لأنه مايز بين قضاة السلطة القضائية من ناحية وبين قضاة المحكمة الدستورية من ناحية أخرى وأوجد بينهم تفرقة غير مبررة وبغير ضرورة تقتضيها رغم تماثلهم فى المراكز القانونية وهم أقران.
السبب الثانى: مخالفة هذا القانون لنص المادة (193) من الدستور لعدوانه على إرادة الجمعية العمومية للسلطة القضائية والتغول على اختصاصاتها واكراهها على ترشيح ثلاثة يفاضل من بينهم رئيس السلطة التنفيذية على غير ما قرر لنظرائها بالنسبة للجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا وبالمخالفة للحكم الذى استنته المادة (193) المذكورة التى ناطت بالجمعية العامة للمحكمة الدستورية سلطة اختيار رئيس المحكمة من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة والذى يتوج اصداره بقرار من رئيس الجمهورية بالتعيين دون مفاضلة منه فالمفاضلة محجوزة دستورياً للجمعية العمومية.
وقد كان وضع نص المادة (193) يرجع إلى تنقية النظام القضائى بهذه المحكمة في اختيار رئيسها مما علق به من رواسب الماضى لسببين، كلاهما يعزى إلى ثورتى الشعب: الأول يرجع إلى عهد مبارك أى ما قبل ثورة 25 يناير من سد الطريق على رئيس الجمهورية في اختيار رئيس لها من خارج قضاتها كما كان يفعل الرئيس مبارك, والثانى يرجع إلى عهد محمد مرسى أى ما قبل ثورة 30 يونيه 2013 مما تعرضت له تلك المحكمة من تهديد وعدوان غاشم من الفاشية الدينية إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسى, فأراد المشرع الدستورى أن يضمن طريقة اختيار رئيسها دون تدخل من رئيس الجمهورية أى رئيس, ولا يتصور في رحى الفكر الدستورى أن يكون مقصود المشرع الدستورى ذاته من تحديد طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، متضماً تمييزاً لها عن جهات القضاء وهيئاته, وإذ جاز القول بذلك التمييز المنهى عنه دستورياً بإجماع دساتير العالم لتناقض المشرع الدستورى مع نفسه وخالف هو ما يسنه للمشرع العادى من إعمال مبدأ المساواة للأقران, وذوى المراكز المتماثلة وهو أمر يتنزه عنه المشرع الدستورى ولا يتصور أن يمايز الدستور المحكمة الدستورية عن السلطة القضائية وهى من نسيجها القضائى .
ولا محاجة من مجلس النواب من أن طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية منصوص عليها في الدستور وغيرهم من القضاة غير منصوص عليه, لأن من شأن هذا القول مخالفة نص المادة (227) من الدستور التى تنص على أن يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجاً مترابطاً وكلاً لا يتجزأ وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة، كما أنه يخالف أيضاً ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية ذاتها من أن مناط دستورية أى تنظيم تشريعى ألا تنفصل نصوصه أو تتخلف عن أهدافها، ومن ثم فإذا قام التماثل في المراكز القانونية التى تنتظم البعض، وتساووا بالتالى في العناصر التى تكونها، استوجب ذلك وحدة القاعدة القانونية التى ينبغى أن تنتظمهم جميعاً.
السبب الثالث: مخالفة هذا القانون لمبدأ استقلال القضاء الذى حرص المشرع الدستورى على توكيده لكافة الجهات والهيئات القضائية والمحكمة الدستورية العليا والتصون له من خلال عشرة نصوص دستورية تتعلق باستقلال القضاء هى المواد (197,196,194,193,191,190,186,185,184,94)، فلا يجوز بفعل مجلس النواب أن تكون ولاية القضاء متقطعة الأوصال متفرقة الأحكام متمايزة الأركان.
السبب الرابع: مخالفة هذا القانون لنص (5) من الدستور التى جعلت من بين أركان النظام السياسى للدولة الفصل بين السلطات الثلاث والتوزان بينها, لا ثنائية السلطة وتدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية فى اختيار منصب رؤساء السلطة القضائية لأنه منصب قضائى وليس منصبا إداريا.
وتفصيل ذلك كله وتلك الأسباب وغيرها يُرجع فيها إلى الأبحاث الثلاثة التى كتبناها قبيل نبت فكرة القانون وقبيل مناقشته وعقب اصداره. ونشير إلى أن الرئيس يملك فرصة تفويت الطعن على القرار الجمهورى إذا اختار الأقدم دون تخطيه بالأحدث منه.
تاسعاً : فى علم النفس القضائى يمكن أن نسامح طفلاً يخاف من الظلام لكن لا يسامح مشرعاً يخاف من الضوء! والقضاة على منصتهم جالسون وفى رسالتهم ماضون ولراية العدل رافعون ولكلمة الحق قائلون.
ويختتم المستشار الدكتور محمد خفاجى هذا الموضوع أنه فى علم النفس القضائى يمكن أن نسامح طفلاً يخاف من الظلام لكننا نحن القضاة لا نسامح مشرعاً يخاف من الضوء! والضوء هنا هو مبدأ استقلال القضاء, كما لا نسامح مشرعاً لا يرى ضوء الحقيقة إلا فى نهاية النفق المظلم وحينما يرى بصيصا من الضوء يخرج مسرعا متجاهلاً باحثاً عن العديد من الأنفاق الأخرى من العدوان, إن هذا التشريع باستبعاد الأقدم للقضاة الأبية وسوف ينتهى بشبهة الدستورية ليسترد الأقدم عزته وكرامته وحريته والقضاة على منصتهم جالسون وفى رسالتهم هم ماضون وراية العدل لها رافعون وكلمة الحق هم قائلون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.