قال المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، إنه لأول مرة فى التاريخ القضائي سيذهب القضاة إلى الجمعية العمومية لاختيار 3 رؤساء وليس رئيساً واحداً بنصوص غير دستورية -بحسب قوله. وأشار بمناسبة انعقاد الجمعية العمومية لمجلس الدولة، السبت المقبل، إلى أن اختيار الجمعية ظل منذ إنشاء القضاء الإدارى فى مصر حراً طليقاً دون قيود، أما بنصوص القانون رقم 13 لسنة 2017 الذى جار على إرادة الجمعية العمومية فقد أصبح الأمر مقيداً لها باختيار 3 قضاة وليس قاضياً واحداً كما كان. وأضاف "خفاجي"، في تصريح له اليوم، أنه يثور التساؤل حول ما إذا كان اختيار الجمعية العمومية لأقدم 3 بترتيبهم خير أم اختيارهم من بين ال7 دون ترتيب. وأضاف: قبل الإجابة على هذا التساؤل ينبغى أن نعرض لمفهوم الأقدمية فى طريقة الاختيار وفقاً لمدلول المادة (83) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قبل تعديلها فإنه يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رئيس المجلس بعد أخذ رأى جمعية عمومية خاصة تشكل من رئيس مجلس الدولة ونوابه ووكلائه والمستشارين الذين شغلوا وظيفة مستشار لمدة سنتين ويعتبر تاريخ التعيين من وقت موافقة الجمعية العمومية، وجرى العرف القضائي الراسخ منذ نشأة القضاء على اختيار الأقدم، رغم أن هذا النص تحديداً لم يتحدث مطلقاً عن الأقدمية. ويشرح "خفاجى"، أن الأقدمية راسخة في قانون مجلس الدولة – على عكس ما يتصوره مجلس النواب - الذى تعد نصوصه نسيجاً مترابطاً وكلاً لا يتجزأ وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة لا منفصلة عن بعضها، عبرت عنه المواد (85) و(86) و(86 مكرر) من القانون، ويدل ذلك على أن مفهوم الأقدمية له أصل ثابت في جميع درجات الترقى بمجلس الدولة وفى تشكيل الجمعية العمومية للمجلس وفى تشكيل المجلس الخاص كأعلى سلطة إدارية بالمجلس، فلماذا تهدر تلك الأقدمية في قمة الهرم فينفرط عقدها وتحل الفوضى الخلاقة الذى يريدها من سن هذا النص المعدل محل القيم القضائية الأصيلة. ولفت "خفاجى"، إلى أن النص المعدل للمادة (83) بالقانون رقم 13 لسنة 2017 جرى على أن يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين 3 من نوابه ترشحهم الجمعية العمومية من بين أقدم 7 من نواب رئيس المجلس فهذا النص ظاهره رحمة توسيع الاختيار وباطنه عذاب الفرقة بين الزملاء، ذلك أن هذا التخصيص من بين أقدم 7 لا يعنى إهدار ترتيب الأقدمية، ولم يضعه المشرع لتنظيم طريقة اختيار الرؤساء بل سنة للفتنة بين الرفقاء، ذلك أنه طبقاً للمنطق القانوني السديد إذا كان النص قبل التعديل قد جعل اختيار رئيس المجلس حراً من بين نوابه دون قيد الأقدمية. وأكد "خفاجى"، أن القول باختيار قاض وحيد هو الأقدم أو الامتناع عن اختيار أى قاض من بين أقدم 7 كوسيلة لتعبير الجمعية العمومية للاعتراض على القانون ليست الوسيلة الصحيحة لهذا التعبير لأنها ستعطى للرئيس الفرصة للاختيار من بين أقدم 7، فالقضاة لا يمتنعون عن تطبيق نص قانوني أصبح قائماً بحجة تعارضه مع أحكام الدستور، لأن وظيفة القضاة المحددة دستورياً هى تطبيق القانون على أى وجه لا تعطيله على أى وجه أيضاً، والسبيل الوحيد للامتناع عن تطبيق القانون رقم 13 لسنة 2017 (قانون ما يستجد من أعمال) يكون فحسب للمحكمة المختصة تملكه بأدواتها الفنية والتى من بينها إحالته للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريته فتماسكوا وترابطوا فى هذا الامتحان الأصعب فى تاريخ مجلسنا وواجبنا الحفاظ على استقلاله لا المشاركة فى إهداره.