يبدأ الرئيس عبد الفتاح السيسى زيارة رسمية للكويت غدا الأحد تستمر يومين يلتقى خلالها مع امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وولى العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح وعدد من المسئولين الكويتيين. أشارت مصادر كويتية خاصة الى ان زيارة الرئيس السيسى للكويت فى هذا التوقيت تعتبر زيارة بالغة الأهمية، لما تشهده المنطقة من تطورات وأحداث متلاحقة تتطلب مزيدا من التعاون والتلاحم والتنسيق حول مختلف القضايا . وأضافت المصادر أن قضية الإرهاب ستكون محورا رئيسيا فى القمة المصرية الكويتية، والتى ستتطرق أيضا الى قضية الشرق الأوسط والتحديات التى تشهدها المنطقة. وتأتى زيارة الرئيس السيسى للكويت بعد زيارتين ناجحتين لكل من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة تم خلالهما التأكيد على أهمية الدور المصرى فى المنطقة وأهمية مساندة مصر فى مواجهتها للحرب مع الإرهاب وضرورة دعمها ومساندتها اقتصاديا . وأكدت المصادر ان ملف الإرهاب اصبح ملفا رئيسيا فى لقاءات القمة العربية، لما يمثله من تهديد لأمن واستقرار المنطقة ككل. وأشار مراقبون الى ان الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسى لدولة الكويت، تأتى فى ظروف بالغة الدقة والحساسية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، وما تعيشه المنطقة من أحداث وتطورات. ويرى المراقبون ان الزيارة الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسى لكل من الولاياتالمتحدة الحليف الأقوى لدولة الكويت والمملكة العربية السعودية قائدة التكتل الخليجى ودولة الامارات العربية وما نتج عن هذه الزيارات من نتائج إيجابية وتصريحات المسئولين فى تلك الدول عن الدور المصرى، وضرورة دعم مصر سياسيا وامنيا واقتصاديا سيكون له اكبر الأثر فى مزيد من التعاون، ومد يد العون من الجانب الكويتى، والعمل على إنجاح الزيارة بالشكل المطلوب.. ومن المتوقع ان تسفر هذه الزيارة عن دعم كويتى سياسى واقتصادى لمصر لا يقل بأى حال من الأحوال عن الدعم الأمريكى والسعودى والإماراتي. ومن المتوقع ان تشهد هذه الزيارة ارتياحا كبيرا لدى الجالية المصرية فى الكويت لما تمثله من أهمية لديهم، وحاجتهم الملحة لوجود الرئيس بينهم والعمل على حل ولو جزء بسيط من المشاكل التى يعانون منها، والمفترض ان تكون وزيرة الهجرة قد قامت بنقلها الى القيادة السياسية. وشكلت العلاقات الكويتية - المصرية طوال العقود العشرة الماضية نموذجا متميزا ورائدا للعلاقات التى يجب ان تجمع بين الدول العربية فى جميع الظروف باعتبارها ضمانة الأمن والاستقرار فى تلك الدول وصمام الأمان لشعوبها. وتأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للكويت فى وقت تشهد العلاقات بين البلدين تناميا ملحوظا فى مختلف المجالات، وهو ما أكده امير البلاد الشيخ صباح الاحمد، ويؤكد عليه كافة المسئولين الكويتيين . وقد شهدت العلاقات الكويتية - المصرية محطات مهمة ستبقى محفورة فى سجل التاريخ وذاكرة الشعبين لعل أسماها مكانة وأغلاها ذكرى اختلاط دماء الشهداء من الشعبين الشقيقين فى عدد من الحروب التى شهدها البلدان، وبصورة خاصة حربا عامى 1967 و1973 وحرب تحرير الكويت عام 1991. والمستطلع لتلك المحطات التاريخية سيجد ان دولة الكويت قيادة وحكومة وشعبا لطالما أعلنت حرصها على تعزيز علاقاتها مع مصر، وتدعيم تلك العلاقات حفاظا على الأخوة التى تربط البلدين الشقيقين والمصالح المشتركة التى تجمعهما. كما تأتى زيارة الرئيس السيسى الكويت ولقاؤه الشيخ صباح الأحمد تأكيدا لهذه الحقيقة وتقديرا من مصر للمواقف المشرفة والمساندة من دولة الكويت مع ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو وتأييدها تطلعاته نحو الاستقرار والتنمية ونبذ من حاولوا تغيير هويته الثقافية والاجتماعية. ويذكر التاريخ ان العلاقات بين مصر والكويت بدأت مع منتصف القرن التاسع عشر على المستوى الشعبى قبل أن تبدأ على المستوى الرسمى، حينما سافر طلاب العلم الكويتيون للدراسة فى الازهر الشريف والجامعات الأخرى، وانخرطوا فى الحياة المصرية ثم عادوا لنشر العلم فى الكويت ومنهم الشيخ محمد الفارسى والشيخ مساعد العازمى. وفى عام 1924 كان نادى الأدب الكويتى يطالع الصحف المصرية، ويستضيف كتابها ويناقش الحياة السياسية فى مصر ويتفاعل بشكل كبير مع المشهد السياسى المصرى. وبدأت العلاقات السياسية الأولية بين الدولتين بالتواكب مع الحراك السياسى والشعبى فى مصر بعد الحرب العالمية الاولى، حين زار القاهرة الشيخ الراحل احمد الجابر الصباح كما زار الشيخ الراحل عبدالله الجابر الصباح القاهرة فى عام 1953 واستقبله فى المطار كل من اللواء محمد نجيب والبكباشى جمال عبدالناصر. وفى عام 1942 بدأت العلاقات الثقافية بين البلدين بشكل رسمى متمثلة بالبعثة التعليمية الكويتية لمصر بالاتفاق بين وزير المعارف المصرى حينذاك الدكتور طه حسين ورئيس مجلس المعارف الكويتى الشيخ عبدالله الجابر الصباح، وكانت أول بعثة للطالبات الكويتيات عام 1956 فيما شهد عام 1959 افتتاح بيت الكويتبالقاهرة بحضور الرئيس جمال عبدالناصر. وعلى الصعيد العسكرى، عارضت دولة الكويت العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956 واهتمت القيادة الكويتية بدفع تبرعات الى القيادة المصرية. وحين استقلت الكويت فى عام 1961 أرسل الرئيس المصرى جمال عبدالناصر برقية الى أمير دولة الكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح قال فيها «فى هذا اليوم الأغر الذى انبثق فيه فجر جديد فى تاريخ الوطن العربى باستقلال الكويت وسيادتها ليسرنى أن أبادر بالإعلان عن ابتهاج شعب الجمهورية العربية المتحدة وعظيم اغتباطهم بهذا الحدث التاريخى المجيد الذى اعتزت به نفوس العرب جميعا». ويرى خبراء مصريون فى العلوم السياسية ان هذه البرقية حددت مسار العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين طوال الحقبة التى تلتها وبناء عليه عارضت مصر حينها تهديدات الرئيس العراقى عبدالكريم قاسم لضم الكويت، وأصدر الرئيس جمال عبدالناصر بيانا قال فيه «ان الوحدة لا تتم الا بالإرادة الشعبية فى كل من البلدين وبناء على طلبهما معا» وقال كلمته الشهيرة «مصر ترفض منطق الضم». وأيدت مصر استدعاء الكويت حينها لقوات بريطانية فى جامعة الدول العربية، بل وشاركت فى القوات العربية التى تجمعت وقتها للدفاع عن الكويت، وهو الموقف الذى قدرته دولة الكويت وجاء عرفانها وتقديرها لمصر سريعا بمشاركتها فى حربى 67 و73. موقف مشرف وفى عام 1990 كانت العلاقات الكويتية - المصرية على موعد جديد حين أعلنت مصر رفضها غزو صدام حسين للكويت، ووقوفها الى جانب الحق الكويتى بل ودفاعها كشريك فى حرب تحرير الكويت. وعلى الصعيد السياسى كانت الكويت فى مقدمة الدول العربية التى سارعت الى تأييد التطورات السياسية فى مصر فى اعقاب ثورة 30 يونيو، ودعمت الخطوات الايجابية لإرادة الشعب المصرى حين اصدرت الحكومة الكويتية بيانا اكدت فيه ذلك فضلا عن دعمها الحكومة المصرية من أجل ترسيخ دعائم الديمقراطية والاستمرار فى خريطة الطريق التى رسمتها وفقا لبرنامج زمنى يكفل الاستقرار ويحفظ لمصر أمنها. وجاء تأسيس اللجنة العليا المشتركة المصرية - الكويتية عام 1998 لتحقيق أكبر قدر من التنسيق والتعاون المشترك فى مجالات التعاون المختلفة، اضافة الى ارتباط البلدين بالعديد من بروتوكولات التعاون القديمة والجديدة بين مؤسسات كلا البلدين منها على سبيل المثال العسكرية والإعلامية. اتفاقيات وعلى الصعيد الاقتصادى شهد عام 1964 توقيع اول اتفاقية تجارية بين مصر والكويت تلاه عدة اتفاقات أخرى منها الاتفاق الموقع بين غرفتى التجارة فى يونيو 1977 واتفاق النقل البرى للركاب عام 1998 والبروتوكول التنفيذى للاتفاقية عام 2000. وشهد عام 1998 اتفاق التعاون العلمى والفنى فى مجالات المواصفات والمقاييس ومراقبة الجودة ومنح شهادات المطابقة، كما تم توقيع اتفاق للتعاون الزراعى عام 2000 واتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات فى أبريل 2001 واتفاق التعاون بين الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية وغرفة تجارة وصناعة الكويت فى 2001 واتفاقية تجنب الازدواج الضريبى فى عام 2004. كما شهد البلدان زيارات متبادلة لعدد كبير من المسئولين لدعم القضايا العربية وتوطيد اواصر العلاقات الثنائية بين البلدين، ولعل أهمها تلك الزيارة التى قام بها الرئيس المصرى السابق المستشار عدلى منصور الى الكويت فى شهر مارس 2014 للمشاركة فى اجتماعات القمة العربية ال25 التى استضافتها دولة الكويت، والتقى على هامشها بأمير البلاد الشيخ صباح الاحمد حيث استعرضا مجمل القضايا العربية، واتفقا على أهمية توحيد الصف العربى فى مواجهة المخاطر والتحديات التى تواجه الأمة. وثمن المستشار منصور حينذاك الموقف الكويتى الداعم لمصر، مؤكدا ان مصر دولة وشعبا لا تنسى من يقف معها فى المحن لا سيما ان سمو الشيخ صباح الاحمد أكد للمستشار منصور ان الكويت ستقدم دعما كاملا لمصر على الصعيدين السياسى والاقتصادى، وذكر سموه أن «مصر عزيزة على الكويت ولن تتأخر عنها أبدا» وشدد مخاطبا الرئيس منصور: «أشقاؤكم معكم وسند لكم».