الحياة التي نعيشها مليئة بقصص الكادحين الذين خاضوا غمار الحياة بنفوس راضية مطمئنة، فالظروف التي يحياها الكثيرون، والظلم الذي يقع عليهم، يمكن أن يحولهم إلى فاسدين، لكنهم قاوموا تلك الظروف هذا ما رأيناه في أحد شوارع بني محمد بمنطقة بشتيل. إشارات وكلمات للمارة وسط الصخب والضجيج المحيط به للحصول على قوت يومة، الجميع يعرفه من ابتسامته التي لا تفارق وجهه، هو رمضان حسن توفيق، الذي خلق بظروف خاصة ليفقد قدمية وتتلاصق أصابع يديه. استطاع "حسن"، مقاومة الحياة لكي يعيش، فتزوج وأنجب 4 أولاد نجح في تربيتهم حتى يكونوا السند والعون على المعيشة بعد وصوله مرحلة الشيخوخة ولكن القدر كان عائقًا بينة وبين تحقيق مسيرته التي بدأها منذ طفولته وحتى بلغ 56 عامًا، ليعود به العمر وكأنه لم ينجب بل ازدادت همومه واسودت الحياة في وجهه. في وسط الطريق والسيارات المارة من حوله يجلس "توفيق" على كارتون وبيده اليمني سبحه لذكر "الله سبحانه وتعالى"، ويضع أمامة المناديل لبيعها حتى يتمكن من العيش هو وابنته وزوجة أخيه وأولادها الخمسة. يتحدث بطريقة تشعرك بأنه يمتلك ما لا يملكة أحد من المال، ولا يتسطيع إطلاق جملة قبل أن يحمد الله على ما يعيشه، فيقول عم رمضان حسن، ربنا خلقني بدون أطراف وتلاصق في أصابع اليد، كنت ببيع قمح وأرز في المنوفية، وأمي كانت مسؤولة عن تربية أولادي لمدة 20 سنة حتى أستطيع الحصول على المال لتربيتهم وأقدر أعيش. واستكمل، ربنا كرمني وقدرت أحقق وأجمع فلوس حتى تمكنت من الحصول على قطعة أرض بنيت عليها بيت صغير وفتحت فيه محل في "شبرا الخيمة"، وبعدها اشتريت سيارة أجرة، وأولادي كبروا واشتغلوا وبدأوا يكملوا الحياة، هذا ملخص لبداية حياة الرجل منذ الطفولة. "قوته وإرادته وإيمانه بالله سلاح يقاوم به الظروف، يقاوم الدموع بالذكر أثناء الحديث، فيقول "كان لي أخ شغال أمين شرطة في روض الفرج كان ساكن في شبرا الخيمة، وحصلت مشكلة مع البيت اللي قدامه واتجمعوا عليه وضربوه ودخلوا ولادي يفكوا الاشتباك، لكن لسوء الحظ مات أحد المتشاجرين، وحكموا على أولادي بالسجن 10سنوات وأخويا 25 سنة وهم ملهمش أي ذنب ولا قتلوا ولا يعرفوا حاجة. واستطرد بوجه شاحب وعين لامعة من أثر الحزن، "سابولي مرات أخويا وخمس عيال وبنتي بصرف عليهم وأنا معاق، والشرطة عملتلي استبعاد من المنطقة علشان أهل الولد اللي مات، وحرقوا بيتي وعربيتي، جيت عشت في بني محمد والأهالي ساعدوني ووقفوا جنبي. الأطفال بيدوني فلوس وبيساعدوني وبيشتروا المناديل منى والأهالى بيساعدونى، اللي بيدينى خمسة واللي بيدينى جنيه، تلك الكلمات التي اعتاد "توفيق" على الشعور بها وليس التلفظ بها فقط. وطالب توفيق، الحكومة بتوفير كرسي مجهز حتي يتمكن من ممارسة العمل وممارسة الحياة، متابعًا نفسي يخرجوا ولادي اللي ملهمش ذنب، بتلك الكلمات المتطايرة من فم الرجل الخمسيني اختتم حديثه الذي عبر عن حياة مأساوية شهدها رجل. شاهد الفيديو كاملاً...