اتهامات كثيرة طالت مؤسسة الأزهر الشريف مؤخرًا عقب تفجيرات كنسيتي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية تمثل أبرزها فى فشل الأزهر فى تجديد الخطاب الدينى وعدم قدرته على الوصول إلى عقول المتطرفين والإرهابيين إضافة إلى الادعاء بتدريس مناهج تحض على قتل غير المسلمين واستحلال أموالهم ونساءهم وأطفالهم فضلا عن إعلان أحد الإعلاميين وفاة الأزهر الشريف. معظم تلك الاتهامات خرجت من وسائل الإعلام حيث أعلن أحد الإعلاميين وفاة الأزهر الشريف بعد تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، وحمل آخر الأزهر مسئولية الفشل فى تجديد الخطاب الدينى وعدم قدرته على الوصول للإرهابيين فكريا، إضافة إلى مهاجمة بعض المفكرين والباحثين الإسلاميين للأزهر بسبب عدم تكفيره تنظيم داعش حتى الآن والادعاء بوجود مناهج داخل جامعة الأزهر ومعاهده تحض على قتل غير المسلمين واستحلال أموالهم. ولاقت هذه الاتهامات ردود فعل غاضبة من البعض الذى رأى أن الإرهاب والتطرف ليس مسئولية الأزهر وحده وإنما تشترك معه مؤسسات الدولة الأخرى سواء التعليمية أو الإعلامية أو السياسية، ما دعا البعض إلى الدفاع عن الأزهر ودوره التاريخى فى خدمة الدين الإسلامى .. ومع هذا التباين والاختلاف هل الأزهر أصبح جانى أم مجنى عليه؟ يجيب على ذلك الدكتور أحمد حسنى رئيس جامعة الأزهر، الذى قال إن الاتهامات التى توجه للأزهر الشريف بجامعته وشيخه بالتقصير فى تجديد الخطاب الديني وأنه من أسباب التطرف والإرهاب كاذبة وتأتى ضمن حملة ممنهجة ضد الأزهر. وأضاف حسنى فى تصريحات ل"بوابة الوفد"، أن هذه الحملة الممنهجة جاءت من أشخاص لا يعرفون قيمة الأزهر سواء الذى يقول إن الأزهر مات أو الذين يريدون فصل الكليات العلمية عن الشرعية فى الجامعة. وأوضح رئيس جامعة الأزهر، أن ذلك غير صحيح لأن الأزهر يجمع بين الكليات العلمية الحديثة والكليات الشرعية القديمة، وقد أبدع فى الكليات العلمية الحديثة قبل أن يبدع فى الكليات الشرعية وعلماؤه طوال التاريخ خير دليل على ذلك. وشدد حسنى، على أن طلاب الأزهر يدرسون الفكر الوسطى المعتدل الذى يستوعب الرأى والرأى الآخر ولم يكونوا يوما متطرفين أو إرهابيين قائلا "فهل بين عشية وضحاها أصبحت هذه المناهج تلقن وتعلم الدارس التطرف والإرهاب" مستشهدا بقول الله تعالى "كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا". وأشار رئيس جامعة الأزهر، إلى أن الأزهر سيظل شامخًا وله قيمته العلمية الكبيرة ليس فى داخل مصر فقط وإنما خارجها، لافتا إلى أن هذه الإدعاءات الكاذبة تدل على أن للأزهر قيمة كبيرة خارج مصر ولكن للأسف فى الداخل لا يقدرون دور الأزهر وقيمته. وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، إن مصر قلعة الإسلام وحامية هذا الدين منذ الفتح الإسلامى لها، مؤكدًا أنه من لم يذهب إلى مصر ما عرف مجد الإسلام لأن فيها الأزهر. وأضاف هاشم، أن الهجمة الحالية على الأزهر بهتان عظيم وكاذبة، وعدوان ظالم وصارخ على الأزهر، يستوجب من أبنائه أن يستمروا فى مسيرتهم موثقين الصلة بالله قائمين بالحق داعين لله بالحكمة والموعظة الحسنة. وأوضح عضو هيئة كبار العلماء، أنه فخر لمصر أن تكون وطن الأزهر وعليها أن تحميه لأنه الذى حمى تراث الأمة الإسلامية كلها من هجمات التتار منذ القدم وحتى الآن وهو من قام بالوقوف ضد الإرهابيين فى الثمانينيات حين اغتالوا الرئيس الراحل السادات، مضيفا "ما كان الأزهر داعى للعنف أو الفتنة الطائفية ولو ضاع الأزهر لضاعت مصر والعالم الإسلامي بأسره". وتابع قائلًا: "إنه من رابع المستحيلات أن ينال أحد من الأزهر، فهو محفوظ رغم أنف الحاقدين، لأن الله هو الحافظ له، مشيرا إلى أن مناهج الأزهر التى يتحدث عنها البعض الآن بأنها سبب التطرف هى من أخرجت للبشرية كلها علماء عظام وأجلاء عبر التاريخ لأكثر من ألف عام، متسائلا "لماذا لم يظهر المتطرفون إلا هذه الأيام رغم مرور 1000 عام على إنشاء الأزهر؟". واستنكر الدكتور عبدالفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، الهجوم على الأزهر، مؤكدا أن مناهج الأزهر التى يلقون عليها اللوم الآن تربى عليها الملوك والوزراء والزعماء الوطنيين الذين حرروا البلاد من الاستعمار أمثال أحمد عرابى، سعد زغلول، عمر مكرم، محمد كريم، رفاعة الطهطاوى ومحمد عبده وغيرهم كثير. وأوضح عميد كلية أصول الدين، أن كل هؤلاء تربوا على منهج الأزهر الصافى العزب المورود، بل إن عددا من قادة الفكر المسيحيين تربوا على هذا المنهج فقد كان يقول بعضهم "أنا مسلم ثقافة مسيحي العقيدة" مثل المفكر الكبير مكرم عبيد وغيره من المسيحيين. ولفت العوارى، إلى هناك حملة ممنهجة على الأزهر وخصوم مصر يرتبون لها ويربون هؤلاء الرويبضة الذين يهاجمونه ويتحدثون بألسنتهم ويرددون الكلام بدون وعى ولا يعرفون قيمة الأزهر والثقافة الوسطية وقيمة مصر كوطن ولو كان عندهم ذرة من الوطنية ما فعلوا هذا. وأشار إلى أن ثقافة الأزهر الوسطية المعتدلة يشهد بها الغرب قبل الشرق، مؤكدا أن هؤلاء الغوغائيين المغرضين الحاقدين لن يستطيعوا أن يعكروا ماء البحار الهادئة بمثل هذه الكلمات الخبيثة التى تدل على خبث نوايا صاحبها ومن ورائه من قوى الشر، لأنهم يعلمون أن الأزهر هو الصخرة الصلبة والعقبة التى لا يمكن أن تسمح لأحد أن يطء هذه الأرض الطاهرة مضيفا "فمصر الأزهر والأزهر مصر والله حفظها وشاء أن يكون الأزهر حصن الفكر الوسطى فيها".