تشكل إيران تحديا شاملا لمصالح الولاياتالمتحدة وحلفائها وشركائها في الشرق الأوسط، فعلى مدى العقود الأربعة الماضية، تمكنت من إنشاء "قوس من نفوذ" يمتد من لبنان وسورية في بلاد الشام، إلى العراقوالبحرين على الخليج، إلى اليمن فى البحر الأحمر. ونشر موقع "بروكينجز" الأمريكي للأبحاث- مقالًا- أشار خلاله إلى أن ما تحتاجه الولاياتالمتحدة الآن هو استراتيجية شاملة ومتكاملة ومستدامة "للدفاع" عن مصالحها. وأوضح أن اختيار اى استراتيجية أمريكية للقضاء على النفوذ الايرانية؛ يجب أن يأخذ في الحسبان العواقب التي ستتبعها في الشرق الأوسط، فالعودة إلى إيران في اليمن، قد تؤدي إلى إثارة الشيعة في البحرين، والعودة إلى إيران في سورية؛ قد تؤدى الى استخدام ايران الميليشيات الشيعية في العراق لعرقلة الجهود للقضاء على "داعش" هناك، أو تشجيع حماس على شن هجمات صاروخية على إسرائيل من غزة- وفقًا للموقع-. ونوه الموقع الأمريكي، إلى ضرورة أن تتضمن الاستراتيجية الشاملة، ستة عناصر على الأقل وهى :- 1- التنفيذ الصارم لاتفاقية الملف النووى الايرانى اشار "بروكينجز" الى انه ليس هناك شيء سهل في مواجهة إيران بالشرق الأوسط الذي مزقته الصراعات، ولكن كل شيء يصبح أسهل؛ إذا لم يكن لدينا تهديد نووي إيراني لمواجهته في نفس الوقت، وما دام الإيرانيون يلتزمون بالاتفاق على نحو صارم؛ فإن الولاياتالمتحدة وحلفائها الإقليميين يكونوا اكتسبوا وقتا حيويا لتطوير العناصر الأخرى لاستراتيجية العودة. 2- دعم حيدر العبادى والقوات العراقية اوضح مركز الابحاث ان دعم الحكومة العراقية والقوات المسلحة في حملتها لهزيمة داعش واستعادة السيطرة على الموصل والمناطق السنية في العراق، يقضى على نفوذ إيران في العراق، بالرغم من العلاقات التاريخية والدينية بين الشيعة المجاورين فى العراق وسوريا. وفي حين أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية لم ترغب منذ زمن طويل في الانخراط بشكل هادف مع الحكومة العراقية، فإن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية السعودي لبغداد، والجهود السعودية للتعامل مع القبائل السنية في العراق، تتبنى نهجا جديدا يحتاج تشجيعا لاستدامة هذا التعامل. فالقضاء على داعش سيولد تحديا كبيرا لإعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع في الموصل والمدن والبلدات السنية الأخرى المحررة ، وسيكون من المهم بصفة خاصة الحصول على دعم الدولة السنية، فمن الضروري ألا يسمح للميليشيات الشيعية الموجهة، لإيران بملء الفراغ الذى تشعر به المدن المحررة من قبضة داعش. 3- تعزيز الحل السياسي للحرب الأهلية في اليمن تدرس إدارة ترامب حاليا تكثيف الدعم العسكري للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في حملتهما العسكرية الطويلة التي استمرت عامين في اليمن، وتسببت بالفعل في سقوط آلاف الضحايا المدنيين والمعاناة الإنسانية الشديدة. ويرى موقع بروكينجز للابحاث ان تعزيز الحل السياسى للحرب الاهلية فى اليمن بمشاركة السعودية، سيقلل من النفوذ الايرانية داخل اليمن ولن تستطيع ان تستغل طهران الحوثيين فى بسط نفوذهم مرة اخرى داخل اليمن بحجة القتلى الحوثيين الذين يسقطون جراء القصف السعودى المدعوم من الولاياتالمتحدة. 4-محاولة تراجع النفوذ الايرانية داخل سورية اشار موقع الابحاث ان روسياوالولاياتالمتحدة لا تستطيع دفع ايران الى خارج الدولة السورية، فايران طورت تواجدها داخل الاراضى السورية وتوغلت داخل المؤسسات المتبقية لنظام الرئيس السورى بشار الاسد، وضموا نحو 30 الف جندي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في غرب سورية؛ ولذلك ينبغي على الولاياتالمتحدة ان تضع أهدافا أكثر استراتيجية لعرقلة التدخل الايراني فى سورية فعلى سبيل المثال، أن تضغط واشنطن على روسيا لحرمان إيران من الاستفادة من مرافق الموانئ في سورية. 5- الاستفادة من حلفاء الولاياتالمتحدة فى الشرق الاوسط لفت الموقع الى ان الولاياتالمتحدة محظوظة لأن لديها شركاء استراتيجيين إقليميين مثل إسرائيل وتركيا والمملكة العربية السعودية والدول العربية السنية التي تتشاطر مصلحة مشتركة في مواجهة طموحات إيران التهديدية.. فبالرغم من ان لكل دولة منظور استراتيجي خاص بها، فإن هناك استعدادا جديدا في جميع أنحاء المنطقة للعمل معا، مع تركيا ودول الخليج ومصر على تحسين التعاون مع إسرائيل للوقوف فى وجه التمدد الشيعي الايرانى. 6- وضع الأسس للمفاوضات مع إيران حول طموحاتها وسلوكها في المنطقة. أوضح الموقع ان المفاوضات لا تعتبر تنازلا لإيران، ولا علامة ضعف، طالما أنها مدعومة بالعقوبات والعناصر الأخرى للاستراتيجية، وطالما أنها منسقة تماما مع حلفاء الولاياتالمتحدة الإقليميين، لكنها تمثل وسيلة لإشارة إيران إلى أن الولاياتالمتحدة وحلفائها الإقليميين على استعداد لإقامة علاقة بناءة وتطبيعية معها، "حتى الاعتراف بوضعها كقوة إقليمية"، إذا كانت ترغب في تغيير سلوكها المضطرب فى المنطقة العربية. واشار "بروكينجز" فى نهاية المقال إلى "أن مواجهة طموحات إيران عمل خطير.. ولتحقيق هذا الهدف، ينبغي أن نكون حذرين بشأن التهديدات التى نواجهها، وقبل كل شيء، ينبغي أن نضع في اعتبارنا العواقب المنطقية لإستراتيجيتنا".