قبل أن تقرأ: إذا كان الساسة والعسكر لم ينتصروا للشعب وثورته فالأمل الآن معقود علي القضاء العظيم. صدمني الادعاء العام عندما تطرق في ادعائه علي الرئيس السابق وولديه إلي الحديث عن جهات, وجب أن تكون معاونة في تحقيقات النيابة لكنها لم تفعل, وهي الداخلية والمخابرات العامة وجهاز الأمن القومي واتهمها صراحة بالتقصير في تزويد النيابة العامة بالمعلومات أو القرائن أو الدلائل التي تحتاج إليها.. ولا أكتمكم أنني كنت استشعر من المناخ العام للدولة أن ذلك سيحدث, فرجال الساقط مبارك في كل مكان.. وإذا كان فلول نظامه السابق أشاعوا الفساد في البلاد ومارسوا البلطجة والضرب والقتل والسلب وإرهاب الناس والتعدي علي المنشآت العامة والخاصة, فإنه كان يتعين علينا أن ندرك أن إجراء محاكمة عادلة وعاجلة, في ظل وجود كل هؤلاء في مواقعهم بالدولة, واستمرار هذه القيادات والشخصيات التي لها نفس الولاءات.. علي رأس هذه الجهات, إنما هو امر مستحيل التحقيق, بدليل ما نراه من المعاملة الملكية للساقط مبارك وولداه, التي لم يغير منها وزراء الداخلية الذين تعاقبوا علي الوزارة من «وجدي» إلي «محمد إبراهيم».. مروراً بعيسوي, فجميعهم لم يضعوا أي اعتبار لمشاعر الشعب المصري (ولماذا والعسكري نفسه لم يحرص علي ذلك أبداً).. وأتاحوا لهؤلاء كل هذا النعيم, فقد تركوا لحراسهم حرية ان يتصرفوا معهم كما يحلو لهم خلال المحاكمات, فمنهم من كان ينحني لعلاء وجمال, ومنهم من كان يبدي الاهتمام الشديد بالمخلوع فيحول بينه وبين ان تقترب منه الكاميرات, ومنهم وهذا هو الأنكي والأدهي من يؤدي التحية للعادلي ويحرص علي توقيره ومعاملته كأنه لايزال وزيراً الداخلية.. ويوهمنا الوزير يوسف - في توضيح بعث به لزميلنا الكبير محمود سعد - بأن هذه تحية لضباط يؤدونها لبعضهم, وهذا ما تدحضه اللقطات المصورة, ولم يحرك «يوسف» ساكناً ليوقف المهزلة.. لكن في النهاية هذه هي مؤسسات الدولة!!. الآن انكشف كل شيء.. فالوزارة لم تتعاون مع التحقيقات التي أجريت، ووزير الداخلية الذي يؤتمر بأمر المجلس الأعلي كان عليه أن يبرئه من تهمة التقصير بحق العدالة وبحق الشعب - الحالم بالقصاص من مبارك - والذي يتوجس خيفة من كل ممارسات العسكري إزاء تلك المحاكمات - فخرج علينا اللواء يوسف - قائلاً: إن الوزارة منهارة ولذلك فهي لا تستطيع تقديم معلومات وبيانات.. إذن كيف واجهت المتظاهرين وأسقطت الشهداء في اعتصامات التحرير ومحمد محمود ومجلس الوزراء ومن قبل في ماسبيرو؟.. وكيف سمح «عيسوي» لنفسه - إذن - أن يدلي بمعلومات عن وزارة منهارة يدعي فيها أنها لا تملك قناصة؟.. وكيف يتهم المتظاهرين بالتخريب وإشعال الحرائق وهي وزارة منهارة لا تستطيع التفريق بين الثوار والبلطجيه؟.. إما الأجهزة السيادية الأخري فإن من الواجب عليها إذا كانت الداخلية قد انهارت أن تقوم – ما استطاعت - بدور بديل في الداخل من أجل مصر وثورتها الوليدة!! صرخت مصر طويلاً طويلاً لكي يسمع من في آذانهم صمم, بأنه لا يجوز ترك قيادات الداخلية المتهمين بقتل ودهس المتظاهريين في مواقعهم أثناء محاكمتهم ولكن لم يسمع أحد صراخها فكان أن حدث كل ما نراه من مهازل واعتداءات بحق الثوار وأسر الشهداء والمصابين.. ولم نصل إلي شيء حتي الآن.. بل إن بعض قتلة المتظاهرين حصلوا علي أحكام بالبراءة مؤخراً.. وهذا كله يفسر لنا لماذا صرخت النيابة العامة في وجه الجميع بالحقيقة المرة.. وبهذه الاتهامات الكاشفة التي يجب علي الجميع أن يخجل منها ويخشي عواقبها!! بعد أن قرأت: سوف تتخوف معي من أن نصحو يوماً علي واقع أكثر مرارة في محاكمة مبارك, والأمل معقود علي حكمة المستشار القدير أحمد رفعت الذي لا أظنه إلا منتدباً لقاض للتحقيق في أسباب قصور هذه الأجهزة.. وإنصاف الشعب المصري ممن يتلاعبون بمصيره.