أكدت سهر الدماطى نائب العضو المنتدب وعضو مجلس إدارة أحد البنوك الأجنبية فى مصر، أن الاقتصاد المصرى يعانى عدداً من المشاكل منها التضخم، والذى يرجع إلى تعويم الجنيه، وانخفاض الدعم على المحروقات، والديون وغيرها. وأوضحت أن ما يتم اتخاذه من إجراءات وسياسات نقدية ومالية قد تكون صعبة، ولكنها من الناحية العملية هى ضرورة من أجل مستقبل اقتصاد واعد خلال الفترة القادمة، فتخفيض دعم الطاقة كان ضرورياً فى ظل تفاقم عجز الموازنة للدولة وتجاوزه 300 مليار جنيه سنوياً، والدعم يستحوذ على أكثر من 30% من الموازنة، لهذا سيتم رفع الدعم على الطاقة بشكل نهائى خلال الثلاث سنوات القادمة، مع التركيز على وصول الدعم إلى مستحقيه. ونوهت «الدماطى» إلى أن قيمة الجنيه الحالية لا تعكس القيمة الحقيقية، مؤكدة أن سعره أقل بكثير مما هو متداول فى السوق حالياً، رافضة إعطاء تقييم محدد لسعر الجنيه، موضحة أنه أقل من القيمة العادلة التى ذكرها صندوق النقد الدولى، كان صندوق النقد قد أشار إلى أن القيمة العادلة 14 جنيهاً. وتأتى الديون من ضمن المشاكل التى يعاني منها الاقتصاد المصرى - كما تقول الدماطى - موضحة أنه وصل إلى 90% من الناتج المحلى الإجمالى، مما يشكل خطورة ويتطلب تقليله، بالإضافة إلى البطالة التى تشهد ارتفاعاً مستمراً. العملة الأجنبية وعن أزمة العملة الخانقة قالت سهر الدماطى: إن العملة تخضع الآن بعد قرار المركزى «3 نوفمبر 2016 تعويم الجنيه» إلى آلية العرض والطلب، وهناك إجراءات للحد من الطلب على العملات الأجنبية، منها ترشيد الاستيراد من الخارج، والتى منها الاتفاق مع وزارة التجارة والصناعة لتقليل الاستيراد وكانت النتيجة انخفاض الواردات بنحو 8 مليارات دولار، وهذا يتطلب الاستمرار والعمل من أجل الحد من الاستيراد من الخارج، خاصة أن اقتصاديات المشاريع لا تستطيع تحمل تكاليف المادة الخام بسعر العملة المغالى فيه، كما أنه على الجانب الآخر يقلل من مقدرة المشترى على شراء المنتجات والسلع مما يحدث انكماش فى العملية الإنتاجية، ومن المفروض أن آليات العرض والطلب تؤثر على الواردات. وقالت سهر الدماطى: إن استراتيجية الدولة تركز على التحول من الاستهلاك إلى الإنتاج، والتقليل من الطلب على السلع الاستهلاكية، وإحلال للمنتجات المستوردة بمنتجات محلية عالية الجودة، مما يؤدى إلى تقليل الضغط على العملة الأجنبية، بالإضافة إلى اتفاقية تبادل العملة مع الصين بقيمة 2.6 مليار دولار بما يتيح الاستيراد بالعملة المصرية يمكن تطبيق هذه الاتفاقات مع دول أخرى، خاصة فى المشروعات الكبرى مثل «الضبعة» مع روسيا، إلى جانب تعويم الجنيه وما أحدثه من عودة الاستثمار الأجنبى فى أدوات الدين وبعد أن كانت صفراً أصبحت 3.5 مليار دولار، خاصة فى ظل العائد المرتفع، وبدأت المؤسسات المالية والصناديق تدخل عن طريق البنك المركزى أو بنكى الأهلى ومصر بالدولار فى أدوات الدين مما يزيد المعروض من الدولار، وساعد فى تدفق هذه الاستثمارات اتفاقية صندوق النقد الدولى شهادة على أن مصر فى طريقها نحو الإصلاح الاقتصادى، كما أن هناك عملاً جاداً وقوياً يحدث فى مشروع تنمية قناة السويس يقوم به الدكتور أحمد درويش لجذب الاستثمارات الأجنبية وبالفعل تم جذب استثمارات من الصين وإيطاليا وغيرهما من الدول وهى تعمل الآن، وهذا من شأنه زيادة المعروض من الدولار. القيادة السياسية وأضافت أن هناك تحركاً قوياً وإيجابياً من القيادة السياسية نحو الإصلاح الاقتصادى، ومشاكله التاريخية، فلا يمكن إصلاح 50 سنة فى شهور أو عدد قليل من السنوات، وإنما هذا يتطلب الصبر، فالشعب يريد المردود فى نفس الوقت، وهذا لا يحدث فى الدول التى تقوم بإصلاحات اقتصادية، وإنما العائد يأتى بعد سنوات من اتباع الاستراتيجية السليمة نحو الإصلاح الاقتصادى، وما نشهده أن القيادة السياسية تريد دولة قوية محترمة لها مكانتها العالمية والأفريقية وفى مصاف الاقتصاديات الكبرى، وهذا يتطلب مجهوداً غير عادى، وأن يعمل الجميع من أجل مصر القوية إقليمياً وعالمياً وفى كافة المجالات. وأوضحت أن هناك جهداً كبيراً من أجل زيادة المعروض من العملة الأجنبية، فهناك مصادر معروفة للدولار مثل الصادرات وتحويلات العاملين، وقناة السويس، والسياحة، والاستثمار الأجنبى، وتعمل الدولة على دعم الصادرات وارتفع الدعم من 1.5 مليار دولار إلى 4.5 مليار دولار، ويتوقع أن يصل إلى 6 مليارات دولار، والسياحة بدأت تنمو، وتحويلات العاملين بالخارج فى تزايد والواردات تقل، ونمو فى الاستثمار الأجنبى. وعن سبب الارتفاع الحالى فى الدولار؟.. قالت سهر الدماطى: إن الموارد الدولارية «قناة السويس وتحويلات العاملين والسياحة والاستثمار الأجنبى والصادرات» تصب حصيلتها طوال العام، فى الوقت الذى يوجد طلب كبير على الدولار متواجد منذ سنوات، وبعد تعويم الجنيه 3 نوفمبر 2016 كان على البنوك أن تلبى هذه الطلبات، لهذا كان من المنطقى أن يرتفع السعر الذى تحول إلى آلية للعرض والطلب بسبب الطلب المتزايد، فحجم ما قامت البنوك بتغطيته من التجارة الخارجية خلال أربعة شهور فقط بعد التعويم بلغ 21 مليار دولار. المشروعات القومية وعن جدوى المشروعات الكبرى فى التوقيت الحالى وفى ظل أزمة العملة، قالت الدماطى: إن هذه المشروعات ضرورية وحيوية، فزراعة 1.5 مليون فدان منها 350 ألف فدان لزراعة القمح فقط، وإنشاء الصوامع لحفظ القمح، فهذا من شأنه تقليل الضغط على الدولار، وتشغيل العمالة، وتأمين الأمن الغذائى لمصر، إلى جانب تشغيل العديد من الصناعات المرتبطة بالزراعة، يزيد من الرقعة الجغرافية إلى جانب الاهتمام بالبنية التحتية وشبكة الطرق والمدن الجديدة «العاصمة الإدارية وجبل الجلالة، والكبارى والموانئ، ومشروع الإسكان لمحدودى الدخل والمتوسط» فقد تم تسليم 70 ألف وحدة بمتوسط 5 أفراد بنحو 3.5 مليون نسمة، والبنوك ضخت 7 مليارات جنيه، وسيصل نهاية العام إلى 10 مليارات جنيه، ومخطط وصول الوحدات السكنية إلى 250 ألف وحدة سكنية خلال عامين، غيرها من المشروعات الكبرى، مما يحرك قطاع المقاولات الذى مات 2012، وهذا القطاع مرتبط به أكثر من 70 صناعة، ويمتص نسبة كبيرة من العمالة، كما ينعكس على بيئة الاستثمار وتصبح جاذبة للمستثمر الأجنبى، إلى جانب مشروعات الطاقة واستخدام الفحم ودول العالم تعتمد بنسبة 20% من الطاقة على الفحم، وكلنا نتخيل الظلام الذى كان منذ سنوات، وانقطاع الكهرباء بصورة مستمرة، واليوم كيف الحال بعد هذه المشروعات. وحثت الدماطى الشباب والشعب المصرى على العمل والإنتاج بدلاً من الحديث الذى ليس له معنى غير الإحباط، فللأسف نجد اليوم من يعمل وينتج ويموت ينتقد، فمصر فى حاجة إلى العمل والإنتاج حتى ينطلق الاقتصاد، فلابد من التوحد نحو هدف واحد وسلوكيات واحدة هى النهوض بهذا الوطن، خاصة أنه رغم الأزمة التى تمر بها مصر، ومحاولة فتح مشروعات كبرى لتحريك الاقتصاد، تقوم الدولة بمجهودات رائعة فى مجال العدالة الاجتماعية، فقد تمت زيادة المعاشات، ومشروعات عملاقة فى مجال العشوائيات، وبناء 10 آلاف مدرسة للحد من كثافة الفصول، بالإضافة إلى الأمان الذى أصبحنا نشعر به، ومن العوامل الجاذبة للاستثمار، وغيرها من الإيجابيات التى يجب أن نتحدث عنها. الجهاز المصرفى وأوضحت أن الجهاز المصرفى يلعب دوراً مهماً فى الاقتصاد ودفع عجلة النمو الاقتصادى، فودائع العملاء تزيد على 2.3 تريليون جنيه، والقطاع الخاص يستحوذ على 81% من القروض والتسهيلات الائتمانية، والبنوك تدخل بقوة فى القروض المشتركة، وبلغ أحد القروض 10 مليارات جنيه، وتمول البنوك أكثر من 22 قطاعاً منها هيئة البترول والاتصالات والعقارات والأدوية والزراعة والحديد وغيرها من القطاعات الحيوية، كما تم توجيه البنوك نحو الاهتمام والتركيز على الإنتاج وتقليل قروض الأفراد الاستهلاكية، والاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بفائدة منخفضة، وقام البنك المركزى بإلزام البنوك بنسبة 20% من محفظة القروض لهذا القطاع خلال 4 سنوات. عن الفترة القادمة أوضحت الدماطى أنها تتطلب إنشاء مدن جديدة مثل جبل الجلالة وتسويقها بالعملة الأجنبية مثل دبى، وتوقيع العديد من اتفاقيات تبادل العملات، وترشيد الاستهلاك بصورة أكثر، فالبنوك وفرت 700 مليون ريال من أجل عمرة رجب، هذا يعنى أن موسم الحج والعمرة سيحتاج إلى توفير عملات أجنبية بنحو 3.5 مليار دولار، هذا بخلاف عملية الاستهلاك المصاحبة لهذا الموسم من شراء الهدايا عن طريق النقدى أو بطاقات الائتمان وكلاهما يحتاج إلى عملات أجنبية. وقالت الدماطى: إنها متفائلة بالرؤية المستقبلية، وبالخطوات التى تتخذها مصر نحو الإصلاح الاقتصادى، وما نحتاجه هو فترة زمنية، متوقعة وصول الاحتياطى الأجنبى إلى 32 مليار دولار نهاية العام الحالى مقارنة بنحو 26.5 مليار دولار حالياً.