حينما يقوم شاب متعلم بنشر عبارة على صفحته فى "الفيسبوك" تقول "لهذا لا نحب النصارى"!! ثم يشرع فى تبرير قولته المخزية باجتزاء مقاطع من حديث الشيخ الشعراوى فى تفسير بعض آيات القرآن، وكل ذلك بالتزامن مع احتفالات إخواننا المسيحيين بأعيادهم، فهذا عين الجهل والغباء معاً. أولئك الذين باعوا عقولهم بالريالات السعودية، وباعوا ضمائرهم بمكاتب ضباط أمن الدولة، لا يجوز التوسّط فى خصومتهم، فهم العدو الألد لنهضة البلاد، وهم الوقود الذى تستعر به نيران الفتنة بين أهل مصر. كنت فيما مضى أهادنهم مفترضاً فيهم حسن النية وسذاجة الفطرة، أحاول عبثاً تأليف قلوبهم بأسانيد من القرآن والسنة، أغالبهم بالحجة فيمتنعون وكأن فى آذانهم وقراً أو على قلوب أقفالها، ثم ساءلت نفسى مراراً: أين كان هؤلاء قبل الثورة؟ لماذا لم يدفعوا ضريبة الجهاد فى سبيل الحق كما دفعها أسلافهم من جماعة الإخوان فى معتقلات عبد الناصر وخليفتيه؟ كيف كانت فتاواهم تنضح بمداهنة الحاكم الظالم الباطش وتلتمس له الأعذار، بينما هم أشداء على مواطنيهم من الشعب المطحون؟ فى يد من كان لجامهم ومن الذى أطلق أعنّتهم؟ أهو نفس السيد الذى سخّرهم للزود عن حق أختهم "كاميليا شحاته" وأخرسهم حينما قُتل أخوهم "سيد بلال" غيلة من أثر التعذيب؟! وعلمت أن جلّ هؤلاء لا يجيدون فن الجدل وأدب الحوار، لأنهم ببساطة لم يعتادوا إلا تقبيل الأحذية واللواذ بالأقبية ونشر الثقافة البدوية نظير أموال مشبوهة، هى أخطر على البلاد من أى مصدر لتمويل الجمعيات الأهلية وإن كانت سرية وخفية. حارب المصريون مسلمون ومسيحيون فى جيش واحد، التحم فيه الجميع، ودفع الواحد منهم روحه ثمناً زهيداً ليفدى أخاه وليتلقى عنه الرصاص، فأى محبة ترتجى أكبر من هذه؟ وأى قياس فاسد حدا بهؤلاء إلى نشر العداوة والبغضاء باسم الدين؟ وهل وفّق المسلمون فى نشر الألفة فيما بينهم حتى ينظروا أهى حق لغير المسلم أم لا؟! وهل من بصيرة وتعاليم السلف الصالح وكياسة المؤمن الفطن أن يثير هذه القضايا الجدلية فى زمن متخم بالفتن؟ وهل من المعقول أو المقبول أن دين الإسلام الذى جاء به الله ليظهره على الدين كله خلا من الحكم والمواعظ والتعاليم إلا أن يفتش فى قلب المسلم لينهاه عن محبة جاره المسيحى الذى يؤمن أن الله محبة؟! ما كل هذا الجهل والحقد والغل الذى يملأ صدور هؤلاء؟ لم يكن صاحب التعقيب المستفز على "الفيسبوك" ليظفر بشئ إلا بغضى له لا للمسيحيين، وشقاقى له لا لأهل الكتاب وأصحاب حق الجوار. أيها المسيئون للإسلام بزعمكم أنكم أنصاره ومنصفوه، يا حملة المباخر الخليجية والدراهم والريالات، ليس لكم عندى بعد اليوم إلا ما كان يردعكم فى عهد رئيسكم المخلوع، فلا كلمة طيبة ولا عهد ولا ميثاق.