المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات، مازال لديه إصرار شديد على أن العملية الانتخابية فى جولاتها الثلاثة سليمة مائة فى المائة، وأن كل المخالفات والتجاوزات التى تم ارتكابها خلال هذه الانتخابات، لم يسمع عنها شيئاً، وكأن رئيس العليا يعيش فى عالم آخر غير واقعنا المرير، فلم نسمع عن قيام المستشار عبدالمعز بإحالة واقعة للتحقيق عن وقائع التجاوزات الكثيرة التى شابت العملية الانتخابية... هذه التجاوزات التى بلغت ذروتها الشديدة خلال الجولة الثالثة من الانتخابات لدرجة أننا شعرنا بأنه لا فرق بين هذه الانتخابات وسابقاتها فى الزمن البائد لحكومات الحزب الوطنى المنحل.. فى الجولة الثالثة رأينا موتى يدلون بأصواتهم، ومواطنين يسودون البطاقات لآخرين، ودعايات دينية بحتة إسلامية ومسيحية على أبواب لجان التصويت.. كل هذه التجاوزات لم تسترع انتباه سيادة المستشار، ولم يحقق فى واحدة منها. رغم أنها مخالفات قانونية تستوجب شطب المرشح الذى ينفذها.. فلقد زاد الكيل وطفح من كثرة التجاوزات، ولايزال المستشار «عبدالمعز» يلتزم الصمت.. ويبقى السؤال لمصلحة مَن هذا الصمت ولمصلحة من التغاضى عن كل هذه المخالفات؟!.. ثم لماذا يريد المستشار عبدالمعز أن يظهر هذه الانتخابات بأنها جرت بدون وقوع تجاوزات؟!.. لن يضير رئيس العليا قيامه بالإعلان عن المخالفات وإجراء التحقيق فيها،وإحالة مرتكبيها الى جهات التحقيق المختصة.. ولن يضير «عبدالمعز» إعلانه عن وقوع عمليات فوضى واسعة وخلل صريح فى العملية الانتخابية.. ولن يضير «عبدالمعز» الإعلان عن سوء اختيار معاونى القضاة من المنتمين للأحزاب الدينية.. ولن يضيره القول بأن هناك سوءاً فى إدارة واختيار مواقع اللجان العامة للفرز.. وكما وصفها فؤاد بدراوى سكرتير عام حزب الوفد بأنها أشبه بسوق عكاظ الذي شهدته عصور الجاهلية الأولى. فى عمليات الفرز اختلط الحابل بالنابل وسادت الفوضى العارمة فى جميع اللجان بالمحافظات التسعة التى شهدت انتخابات الجولة الثالثة والأخيرة وعلى رأسها لجان محافظة الدقهلية.. وهذا فى العرف الانتخابى يخل بعملية الفرز ويبطل الانتخابات، ويستوجب الأمر إحالة مرتكبى هذه المخالفات الى جهات التحقيق وبطلان الانتخابات. كل هذه المصائب ورئيس العليا للانتخابات لا يعير اهتماماً بما حدث ووقع، ويصر على أن الانتخابات مرت بسلام وأمان، وهما مفقودان تماماً..وكانت النتيجة الطبيعية لهذه الكارثة الانتخابية، اندلعت أعمال عنف شديدة بعدد من المحافظات احتجاجاً على نتائج الانتخابات، ووجدنا مسلحين يحاصرون محكمة جنوبسيناء وقسم شرطة الطور وميناء نويبع، كما تم فرض حظر التجول فى الطريق المؤدى إلى سيناء.. وهتف الجميع بتزوير الانتخابات لصالح التيار الدينى على حساب باقى المرشحين كما وقعت اشتباكات وتراشق بالحجارة فى محافظة الغربية وتم رصدها من المراكز الحقوقية التى راقبت الانتخابات، إضافة إلى قيام موظف بالتزوير فى تسجيل الأصوات لصالح الحرية والعدالة فى المنصورة لعدد مائة صندوق.. وكذلك الأمر حدث فى لجان الفرز فى بنها.. أليست هذه كلها مهازل انتخابية، ألم يسمع بها المستشار عبدالمعز؟! أم أنه يتغاضى عنها؟ ولماذا هذا التغاضى؟ ولمصلحة من؟..وماذا يضيره لو أعلن عن هذه المخالفات وطلب التحقيق فيها.. موقف المستشار «عبدالمعز» من هذه الكارثة يثير علامات استفهام كثيرة، ويؤكد فكرة أنه لم يسمع أو يرى هذه المخالفات، لكونه يعيش فى غرفة معزولة عن الواقع الانتخابى، ويكتفى فقط بالبيانات الوردية المرسلة إليه، والتى دائماً ما يتحدث عنها فى مؤتمراته الصحفية.. ولذلك أضم صوتى الى صوت فؤاد بدراوى الذى طالب فيه بضرورة نزول «عبدالمعز» الى أرض الواقع ليشاهد بنفسه ما يحدث من مهازل انتخابية بدلاً من عقد المؤتمرات الصحفية داخل مكتبه.. لو أنه فعل ذلك أعتقد سيكون له رأى آخر فى هذه ا لانتخابات. باختصار المستشار عبدالمعز شاهد «ماشفش حاجة»!!