الكف بدل اللافتة.. ناخبو النجاحيّة يعبّرون عن مرشحيهم بإشارات اليد بقنا    قبل تسلم الشريحتين…حكومة الانقلاب تسدد 4.5 مليار دولار ديون مستحقة لصندوق النقد    رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بالزراعة: لا توجد دواجن مريضة في الأسواق.. واتهامات السردة إشاعات    سكرتير عام المنوفية يشهد افتتاح معرض «ابتكار مستدام»    هيئة الأسرى: التجويع والإهمال الطبي مستمران في سجون الاحتلال    المفوضية الأوروبية تتقدم باقتراح بشأن قرض لتمويل تعويضات لكييف    الاحتلال يكثف اعتداءاته في نوفمبر.. أكثر من 2100 انتهاك و19 محاولة لإقامة بؤر استيطانية جديدة    من واقع مذكراته وتجربته بالعراق.. كيف ينظر وزير الحرب الأمريكي لقواعد الاشتباك في الميدان؟    كأس العرب - تشكيل البحرين.. ثلاثي هجومي أمام العراق ولطف الله في حراسة المرمى    أمن الجيزة يضبط المتهم بابتزاز أميرة الذهب بفيديوهات مفبركة في أكتوبر    دراما الأعلى للإعلام: نرفض أكاذيب قوائم الممنوعات.. وإجراءات قانونية ضد مروجي الأخبار غير الصحيحة    صحة الإسماعيلية تجري الكشف على 916 مواطنًا في قافل طبية بقرية أم حبيب بالقصاصين    عاجل- الحكومة: 6.3 مليون مواطن استفادوا من خدمات هيئة الرعاية الصحية خلال 6 أشهر    مدرب منتخب فلسطين: فخورون بإسعاد شعبنا وبالأخص في غزة    "القاهرة الإخبارية": إسرائيل ترسل وفدا سياسيا إلى لبنان لأول مرة وسط ضغوط أمريكية    الداخلية تضبط طالبًا طمس لوحات سيارته فى البحيرة    محافظ الجيزة يتفقد أعمال تطوير حديقتي الحيوان والأورمان (صور)    الداخلية تضبط 3 أشخاص يوزعون أموال بمحيط لجان بأخميم    6 قرارات جديدة للحكومة.. تعرف عليها    زينة: "ماشوفتش رجالة في حياتي وبقرف منهم"    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    بالدي: نجحنا في الرد بشكل مميز بعدما تلقينا هدفا أمام أتلتيكو    ماركو سيلفا: كنا نستحق التعادل أمام مانشستر سيتي    فحص أكثر من 6.1 مليون طالب للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس الابتدائية    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    في عيد الكاريكاتير المصري الخامس.. معرض دولي يحتفي بالمتحف المصري الكبير    7 ديسمبر.. الإدارية العليا تنظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    الصليب والهلال الأحمر الدولي: فيضانات جنوب شرق آسيا كارثة إنسانية تتطلب دعما عاجلا    تحذير من انتشار «التسويق القذر»| أمين الفتوى يوضح مخاطره وأثره على الأخلاق والمجتمع    مدرب تونس: طوينا صفحة الخسارة أمام سوريا وجاهزون لفلسطين    محافظة الجيزة ترفع 500 حالة إشغال خلال حملة بشارع عثمان محرم.. صور    عاجل- رئيس الوزراء يهنئ منتخب مصر للكاراتيه على الإنجاز العالمي التاريخي    مراسل إكسترا نيوز: 18 مرشحا يعودون للمنافسة فى الفيوم بعد قرار الإلغاء    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    مصر تنضم رسمياً لمجموعة أصدقاء «عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي»    بداية شهر رجب 1447 هجريًا... الحسابات الفلكية تكشف موعد ظهور الهلال    ضبط سيدتين بحوزتهما كروت دعاية انتخابية بمحيط لجنة في دمنهور قبل توزيعها على الناخبين    مصر السلام.. إيديكس 2025.. رسائل القوة بقلم    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    تفاصيل جريمة غسل أموال بقيمة 30 مليون جنيه    على رأسها رونالدو.. صراع مشتعل على جائزة مميزة ب جلوب سوكر    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«البيزنس» ينسف مجانية التعليم

تحدثنا فى الحلقة السابقة عن واقع التعليم فى مصر، وكيف أنه أصبح قضية أمن قومى ترتبط بأهم صناعة وهى صناعة الأجيال، واليوم نستمع إلى تفاصيل أكبر ورؤية أوضح لخطط الخروج من أزمة التعليم «العام والعالى» والوصول إلى منظومة تعليمية ترتبط بسوق العمل وتمده باحتياجاته الأساسية بدلاً من جلوس 90٪ من حملة المؤهلات الجامعية على المقاهى دون عمل.
«الوفد» تعرض هنا رؤية الخبراء أمام الحكومة المرتقبة بغض النظر عن مسميات الوزراء المختصين.
يعانى التعليم من أزمة تتفاقم كل يوم، فمصر على مدار الأعوام العشرة الماضية تراجع ترتيبها 7 مراكز، وهو ما يعنى أننا نسير فى الطريق الخاطئ ونحتاج إلى خبراء يفكرون فى حلول ويرسمون خططاً خارج الصندوق وقابلة للتطبيق.
بداية أجمع الخبراء على أن الطريق إلى تعليم ناجح يخدم النهضة التنموية يبدأ بتخصيص ميزانية كبيرة تكفى للنهوض بالمنظومة التعليمية إلى الأفضل.
قال الخبير التربوى محمد النجار سباق: إن بداية التقدم لأى دولة فى العالم هو التعليم، ولذلك ترعى أى دولة متقدمة التعليم فى برامجها وسياستها.
وأوضح «النجار» أن مشاكل التعليم فى مصر سببها أن نظام التعليم مركزى وضعيف، بالإضافة إلى تكدس الفصول بالطلاب وعدم إعطاء المعلم حقه معنوياً ومادياً، مؤكداً أن زيادة النمو السكانى من أهم العوامل التى تساعد على انحلال وتدهور التعليم فى مصر، وتدريس المناهج التعليمية يعد حشواً زائداً.. والاعتماد على الحفظ والتلقين فقط حتى فى المواد العلمية والرياضيات التى تعتمد على الفهم أولاً.. أيضاً اعتماد المناهج على الجانب النظرى فقط وليس العملى.
وأشار «النجار» إلى وجود فجوة كبيرة واضحة فى محتوى المناهج ومتطلبات سوق العمل.. مضيفاً أن من أهم مشاكل المنظومة التعليمية عدم تفعيل المشاركة المجتمعية للدروس الخصوصية، وأصبحت الدراسة فى المساجد والكنائس و«السناتر» بدلاً من المدرسة.
ولفت إلى أن أسباب تدهور التعليم أيضاً تتمثل فى عدم الاستفادة من مستجدات العصر التكنولوجية، وعدم مشاركة المجتمع فى تمويل مؤسسات التعليم، وعدم مشاركة التعليم الخاص وتوفير إمكانياته لمصلحة التعليم الحكومى.
وأوضح «النجار» أن المدارس الخاصة و«السناتر» التعليمية من أكبر مشاكل التعليم، حيث أصبحت الدراسة الفعلية فى «السنتر» وليس المدرسة.
وأشار إلى الفساد الأخلاقى داخل المدارس.. كما أن المناهج التعليمية العقيمة دون تطوير، بجانب غياب الضمير من بعض المدرسين بالمدارس.. وإهمال إصلاحات وترميم المدارس وسرقتها من بعض مديرى المدارس، وعدم كفاءة بعض المعلمين.
ويرى النجار أن الحل لإصلاح التعليم هو رفع راتب المعلم لكى يعيش حياة كريمة لأنه المحور المهم للعملية التعليمية.. وبناء مدارس للتغلب على تكدس مشكلة الفصول.. وجعل التعليم قضية أمن قومى.. ورفع ميزانية التعليم من قبل الدولة.. وصدور القرارات التربوية والتعليمية من القاعدة إلى القمة وليس العكس ليكون قراراً سليماً نابعاً من المدرسة.. والاهتمام بتدريب المعلمين فنياً بكثرة لخلق معلم جيد متسع الثقافات ليتعامل مع تكنولوجيا العصر ومستحدثاتها.. والاهتمام بالأنشطة داخل المدارس.
وشدد «النجار» على ضرورة اتباع الطرق الحديثة فى التدريس لتساعد الطالب على الفهم ولا تعتمد على الحفظ والتلقين فقط، ومنع الدروس الخصوصية، ومراقبة المدارس بشكل جيد وليس على الورق فقط.. ولابد أن يكون المعلم قدوة للطلاب فى كل سلوكياته داخل المدرسة.. لذا يجب الاهتمام بالمثلث التعليمى وهو الطالب والمعلم والمدرسة من جميع الجوانب.
ويرى الخبير التربوى محمد عبدالصبور أن سياسة التعليم فى مصر خاطئة لعدم وجود الإمكانات.
وأضاف: «نحن نبذل مزيداً من التعليم لتخريج دفعات كليات حقوق وآداب ولسنا فى احتياج إليهم».. مشيراً إلى أن مصر دولة فقيرة وليس من المفروض أن تكون لدينا رفاهية تعليم ليس لها أصول.
وأكد «عبدالصبور» إلى أن مصر غير قادرة على التعليم.. موضحاً أن المدرس يعتمد على الدروس الخصوصية ليعلم الطالب كيفية الإجابة عن أسئلة الامتحانات والحصول على الدرجات النهائية فقط، دون أن يعلمه كيف يفكر ويفهم.. والوزارة تضع امتحاناً سياسياً للطالب.
وأضاف أن أهم بند لإصلاح التعليم فى مصر أن يكون التعليم فى المرحلة الابتدائية فقط لكل الناس، وبعد ذلك يعقد امتحان قبول للمرحلتين الإعدادية والثانوية، موضحاً أن منظومة التعليم تحتاج لعدم رفاهية، بجانب وضع صعاب لتخريج الطالب المتميز الذى يحتاجه سوق العمل.
وأكد «عبدالصبور» أن 90٪ من طلاب المرحلة الثانوية لا يجيدون القراءة والكتابة.. لذا نحتاج إلى خريج مؤهل يستفيد منه البلد.. مشيراً إلى أنه لا أحد يعمل فى تخصصه وهناك كثير من الطاقات المهدرة.
ويطالب الخبير التربوى بتقليل عدد الطلبة واعتبارهم آدميين وتوفير جميع الإمكانات المناسبة من أماكن ذات جودة عالية، وتكون جيدة التهوية ووسائل حماية من البرد.
وأكد أن 99٪ من خريجى كليات التربية لا يصلحون للتدريس.. ومستواهم ضعيف جداً، ويجب أن يخضعوا للتدريب والتأهيل.. وللأسف لا يوجد من يخاف على التعليم.
وأوضح «عبدالصبور» أنه لإصلاح المنظومة التعليمية يجب ألا تتحمل الدولة طالباً فاشلاً.. والدولة محتاجة لعمال وصنايعية وعدد محدود من خريجى الكليات.
ولفت الخبير التربوى إلى أنه شاهد بنفسه طلاب مدارس «كفر العلو» يخلعون البلاط للجلوس على الرمل الذى تحته خوفاً من برد الشتاء.
ويرى الخبير الدكتور عوض الغبارى، أستاذ اللغة العربية بجامعة القاهرة، أن تدهور التعليم ناتج عن تدهور منظومة الحياة وضعف إمكانات الدولة، موضحاً أن التعليم صناعة للمستقبل، وهو علم يؤدى عند نجاحه إلى الرقى والازدهار والتحضر، و«إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع».
وأوضح «الغبارى» أن المطلوب فى إصلاح التعليم كافٍ جداً، لكن المطلوب أكبر بكثير جداً من المتاح.. موضحاً أن الدول الغنية بالتأكيد هى غنية لجودة استثمارها فى التعليم.. وبالتالى لا تبخل على التعليم.. بل تفتح الميزانية بلا حدود له.. ولذلك نجد الكتب والمكتبات متاحة والمعامل وأدوات العلم متوافرة.. وكل هذه الأدوات والوسائل التى جعلت الغرب غنياً متحضراً بفضل الاهتمام بالتعليم.
وأشار إلى أنه منذ أكثر من 50 عاماً راهن طه حسين على التعليم وسيلة وغاية لوصول مصر إلى مصافى الدول المتقدمة فى العالم.
وأوضح «الغبارى» أن كتاب طه حسين «مستقبل الثقافة فى مصر» هو وثيقة مهمة جداً للنهوض بالتعليم، مؤكداً أن التعليم هو الأساس لنهضة مصر.
وأشار إلى أن التدهور جاء من عدم كفاية عناصر جودة التعليم، خصوصاً ما يتعلق بالإنفاق على التعليم من جانب المعامل، وتشجيع الأبحاث وتوفير المدارس المتقدمة والأساتذة المؤهلين.
وأكد أن توافر الإمكانيات وحده ليس كافياً إنما ضرورة المحاسبة والمراقبة لاستخدام الأجهزة والاستفادة منها فى المعامل، ومن الأموال الخاصة عبر الصرف على الحاجات الحقيقية المطلوبة للتعليم.. مثل بناء المدارس الحديثة، وتنمية قدرات المعلمين المهرة، والاهتمام بكل ما يحيط بالمنظومة التعليمية من متطلبات.
وأوضح «الغبارى» أن الشيخ محمد عبده نادى من قديم الزمن بإصلاح التعليم، وكذلك طه حسين وغيرهم الكثير.. وإذا اتبعنا ما قدمه هؤلاء الرواد من تصور لإصلاح التعليم لما وصلنا لما نحن فيه الآن من تخلف وتدهور فى التعليم.
وطالب بالاستفادة من التراث المستمر الداعى إلى إصلاح التعليم فى مصر، وإلا ستكون هناك فجوة كبيرة جداً بين الآمال المرجوة لتحقيق إصلاح التعليم وبين الحقيقة والواقعية.
وحذر من أنه إذا لم يتم ذلك، لن نتحرك إلى الأمام لأننا لم نستفد من السابق.. مشيراً إلى أن اليابان فى مطلع القرن العشرين أرسلت إلى مصر الوفود لتعلم فلسفة ونظام التعليم فى مصر.. والآن نرى الفارق الكبير بين تقدم اليابان وتأخر مصر.. إذاً لا بد من مراجعة الموقف من إصلاح التعليم بشكل أكثر جدية.
ولفت «الغبارى» إلى أننا إذا اتبعنا ما يطرح من نظريات ونصائح ومؤتمرات وتوصيات وأبحاث وكتب فى إصلاح التعليم لتقدم التعليم.
وأشار إلى أن العناية بالصحة والثقافة والفكر تؤدى إلى جودة التعليم، والعناية بتوفير حياة كريمة من اقتصاد قوى ودولة غنية يؤدى إلى جودة التعليم، موضحاً أننا نعانى من العناية بالأخلاق والسلوك المتحضر عن بناء منظومة أخلاقية تقوم على الأسس الإنسانية التى دعا إليها إسلامنا وتؤدى إلى جودة التعليم.
وإلى أن يصحو ضمير المعلم، فيؤدى واجبه دون أن نجد هذا الانصراف فى الإنفاق على التعليم خارج المدرسة فى «الدروس الخصوصية».
وأشار «الغبارى» إلى أن جودة التعليم مرهونة بعناصر كثيرة، إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله.
وذكر «الغبارى» أنه قديماً قالوا فى المثل العربى «إنك لا تجنى من الشوك العنب».. فليس من المعقول أن نعانى مشاكل كثيرة جداً اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية، ثم نطلب بعد ذلك أن ينهض التعليم.. فلابد أن تكون النتيجة الطبيعية للتردى فى سائر جوانب الحياة هى التردى فى منظومة التعليم.
ولفت إلى أنه رغم هذا التدهور والتردى فى التعليم، فإن هناك تجارب مضيئة فى بعض المدارس، وهناك تجارب مفيدة فى بعض المناهج.. وهناك تقدم فى بعض جوانب التعليم، ويوجد بعض المعلمين الممتازين.. لكن نريد أن تنتقل هذه الإيجابيات من خانة القليل إلى خانة الكثير، بدلاً من أن تكون حالات فردية قليلة مستثناة.. نريد منها أن تكون القاعدة الأصل الموجودة فى كل ما يتصل بالتعليم.. لذا شدد «الغبارى» على ضرورة الاهتمام بالمدرسة لأنها هى المصنع الذى يصنع العقول ويبشر بسعادة الحاضر والمستقبل.
وأوضح «الغبارى» إلى أنه بالنسبة لتدهور التعليم الجامعى فهو قائم بسبب سلبيات كثيرة جداً منها قلة الجامعات وعدم كفاية الميزانيات للإنفاق على البحث العلمى فى الجامعة، وتردى الدخل الخاص بأعضاء هيئة التدريس، ونقص الكتب الحديثة والمعامل والأجهزة الحديثة.
وأرجع «الغبارى» ذلك إلى نقص التمويل الخاص بها، وإقامة بعض الجامعات لمجرد شغل الفراغ فى بعض الأقاليم دون أن يكون لهذه الجامعات الأثر المرجو من إنشائها فى الأقاليم لتنوير أقاليم مصر، وتسخير العالم فى حل مشاكل أقاليم مصر.. يضاف إلى ذلك التعقيد الإدارى فى نظم التعليم العقيمة، وعدم الاهتمام بمراجعة البحث العلمى.
وأوضح أن بعض الجامعات تدرس مناهج قديمة لن تتغير منذ 50 عاماً.. نظراً لوجود إهمال فى متابعة الجديد فى العلم والتطوير فى البحث.
وأشار الغبارى إلى أنه رغم كل هذا الإهمال والتردى فى المنظومة التعليمية، إلا أن هناك جامعات مصرية متميزة مثل جامعة القاهرة العريقة، أيضاً هناك أساتذة مصريون مستواهم العلمى مشرف على الصعيد العالمى، ويقدمون أبحاثاً متميزة، مشيراً إلى وجود مساع لتوفير المناخ العلمى المساعد على تقديم التعليم.. وهذا الكلام ليس قاعدة وإنما هو استثناء.
ويتمنى «الغبارى» تطوير التعليم الجامعى بأن تتوافر به كل الإمكانيات التى تساعد على تطور التعليم الجامعى، وأن تكون هى الأساس وليست استثناءات متفرقة هنا وهناك.
وأكد «الغبارى» أن المنظومة التعليمية فى أمس الحاجة إلى نظام يعمل به الجميع فى إطار منظم، فى كل مراحل التعليم ما قبل الجامعى والجامعى.. على أن يكون لهذا الإطار أسس ومعايير لا تتغير بتغير الأشخاص، لكن تتغير بتغير منظومة العلم العالمى.
وأشار إلى أن العلم العربى قامت عليه الحضارة الغربية الحديثة، بعد أن عانت من عصور «الجهل والتخلف والظلام» وفى وقت كان العرب يقدمون الإسهامات العلمية الحضارية الكبرى للعالم كله.
وأكد الدكتور إسماعيل إبراهيم، أستاذ الإعلام بجامعة أكتوبر، أن التعليم مرآة المجتمع، وهو أساس التقدم والنهضة.. لكن إذا نظرنا إلى حال التعليم فى مصر حالياً نجد التدنى والاهتراء، وعدم الاستقرار.
وأوضح أن حقل التجارب الذى نعيش فيه يرسم صورة للتعليم المصرى.. وهذا التدنى والتدهور لحال التعليم فى مصر ليس وليد الفترة الحالية فقط، إنما هو نتائج تراكم سياسات تعليمية خاطئة طوال سنوات كثيرة لا تقل عن 60 عاماً ماضية.. ونحن طوال هذه السنوات نعيش فى حقل تجارب تعليمى.
وأشار إسماعيل إلى أن حالات التجريب كثيرة تؤدى إلى التطور والتحسن فى دول أخرى.. بينما نحن للأسف نسير فى الاتجاه العاكس، فلن نستفيد من أى تجربة، لأنه ليست لدينا خطة أو استراتيجية تعليمية سابقة بعيدة أو طويلة المدى، وإنما تتبدل وتتعدل الخطط التعليمية حسب كل وزير يأتى أو وزارة تتغير.
وأشار إسماعيل إلى أننا نعانى من سوء اختيار الوزراء الذين يتولون الحقبة الوزارية التعليمية فى مصر سواء فى التعليم ما قبل الجامعى (ابتدائى، إعدادى، ثانوى) والتعليم الجامعى.. وبالتالى كما نبدأ تجربة جديدة ننسف التجربة التى كانت قبلها.
ولفت إلى أنه فى سنة من السنوات جاء من يبرر إلغاء السنة السادسة الابتدائى، ويؤكد أهمية اقتصار المرحلة الابتدائية على خمس سنوات، ثم عندما تغيرت الوزارة جاء من يلغى هذه النظرية تماماً.
وكشف إسماعيل أنه لا يوجد ثبات فى المناهج ولا ثبات فى السياسة التعليمية، فضلاً عن سوء حال المدرس المصرى، مؤكداً أن حاله لا ينفصل عن سوء حال الموظف المصرى بشكل عام.. من حيث عدم الكفاءة فى الإعداد مع عدم وجود دورات تدريبية للمدرس، والاعتماد فقط على الدراسة الجامعية وهى قاصرة فى حد ذاتها.. ثم يأتى الخريج للتعيين دون دورات تحسن من خبراته التعليمية، بالإضافة إلى تدنى راتب المدرس، وانتشار الدروس الخصوصية.. وهو عامل من عوامل انهيار التعليم فى مصر.
وأشار إسماعيل إلى أن مصر تعيش أزمة أهل الثقة وأهل الخبر.. موضحاً أن أهل الثقة فى واد وأهل الخبرة فى وادٍ آخر.. والنهاية تكون لأهل الثقة.. وما دامت الكلمة لأهل الثقة فلن نجد تعليماً جيداً ولا مردوداً جيداً فى العملية التعليمية.
إذا ما أردنا حل هذه المعضلة لابد أن يأتى وزير التعليم من وزارة التربية والتعليم ويكون وزيراً ارتقى ومر بالمراحل المختلفة، ومارس التعليم ويدرك مشاكل التعليم، ثم يأتى ليطور ويبحث عن أسباب الفشل، ويضع خطة للنجاح.. وليس وزيرا يهبط على وزارة التعليم «بالبراشوت».. لكننا للأسف نعتمد سياسة «البراشوت» فى معظم مناهج حياتنا.. ولذلك نحن لن نتقدم خطوة للأمام.
وأوضح أنه إذا صلح اختيار الوزير سيصلح باقى جسم الوزارة، وإذا كان الاختيار غير سليم سيأتى الوزير لا يعلم شيئاً عن الوزارة، وسيعتمد على من يتحركون ويشيرون عليه ويحركونه.. ويصبح الوزير عبارة عن «دمية» فى أيدى بعض الموجودين.
وأشار إسماعيل إلى أن الحل لإصلاح المنظومة التعليمية أن «يعطى العيش لخبازه».. لافتاً إلى أن هناك مراكز لتطوير التعليم كثيرة جداً، ومنها مركز فى الوزارة.. لكنها «ورق فى ورق».. وللأسف دراسات ومؤتمرات وأبحاث ونتائج توضع على «الأرفف».
وأكد إسماعيل أن الحل هو «نسف الوزارة» واللجوء إلى أهل الخبرة والتعليم والابتعاد عن تجار التعليم.. مشيراً إلى أن التعليم فى مصر أصبح تجارة رابحة «بيزنس».. وللأسف تاجر «الخيش» أصبح يفتح مدارس خاصة، ويأتى بأحد مديرى المناطق التعليمية ويعينه لديه مستشاراً.. وغير ذلك الكثير.
وشدد إسماعيل على ضرورة تفعيل القوانين، موضحاً أن مصر دولة بلا قانون.. والقانون على الورق فقط.. ولن يطبق كما يجب أن ينبغى.
كما أن العديد من مديري منطقة تعليمية ومدرسين ارتكبوا جرائم، ولن يحدث لهم شىء.. مشيراً إلى أن كل وزير يأتى يقول إنه سيمنع الدروس الخصوصية، ولا يفعل شيئاً.. وللأسف تضخمت الدروس الخصوصية.. وأصبحت المدارس خاوية تحصل المصاريف الدراسية فقط، ولا تدرس شيئاً للطلاب.. وللأسف أصبحت المدارس تحجز كما تحجز البضائع.
وأضاف: «إذا أردنا أن يكون هناك تعليم فلابد أن يكون حقيقياً وليس تجارة تعليم».
ويرى د. شريف الجيار أستاذ النقد والأدب المقارن أن منظومة التعليم المصرى فى حاجة إلى ميزانيات ضخمة جداً.. أيضاً نحن فى احتياج إلى عدد أكبر من المدارس حتى يقل عدد الطلاب فى الفصول.
وشدد على ضرورة الاهتمام بالكليات خصوصاً بكليات التربية والآداب بالخريجين الذين يعملون بعد ذلك مدرسين للطلبة والطالبات.. لأنه كلما كان الأستاذ فى المدرسة أو الجامعة لديه مقومات التواصل، ولديه المعلومات بشكل واضح سيسهم بشكل أو بآخر فى تطوير العملية التعليمية.
وأكد أهمية الاهتمام بتطوير المناهج التعليمية، خصوصاً فى مراحل التعليم ما قبل الجامعة، مضيفاً أن هذه المناهج مكدسة جداً بشكل لا يمكن لطالب فى مرحلة ابتدائية وإعدادية وثانوية أن يتحصل على المعلومات.. خصوصاً أن الطريقة التى تدرس بها الكتب تحتاج إلى طريقة صياغة أخرى.
وأوضح «الجيار» أنه ممن الممكن خلال 5 سنوات إذا توافرت الميزانية المادية لإنشاء العديد من المدارس بشكل كبير وتخفيض عدد الطلاب، فيمكن إعداد خريج صالح لسوق العمل.. فكل هذا من الممكن أن يؤدى إلى إعادة صياغة العملية التعليمية وتحويل هذا الضعف إلى مصدر قوة للدولة المصرية.
ولفت «الجيار» إلى أننا أهملنا لفترات طويلة جداً «التعليم الفنى» الذى يعد ركيزة للتنمية والتطور فى أى دولة فى العالم.. وقال: «أعتقد أن الدولة المصرية فى العامين الماضيين اهتمت مع القيادة السياسية بالتنبيه على إعادة تطوير التعليم الفنى».
وشدد على ضرورة الاهتمام بالتعليم الفنى وربطه بالمصانع المنتجة حتى نجد خريجاً مستوعباً لكل جديد خاصة فى التكنولوجيا.
وأشار «الجيار» إلى أننا فى احتياج إلى تنشيط كلية الزراعة التى أهملناها لفترات طويلة.. وفى احتياج أيضاً لتطوير كلية الهندسة قسم التعدين.. موضحاً أن كل هذا سيفيد فى التنمية الشاملة التى تهتم بها مصر فى هذه الفترات والتى سوف تنطلق من خلالها نحو مستقبل أفضل.
ويطالب «الجيار» بأن تأخذنا المناهج التعليمية نحو ديمقراطية الثقافة.. بمعنى أننا نحتاج إلى خريج يفكر بآليات علمية إلى جانب أن يصبح مثقفا يعرف جزءاً من الثقافة العالمية حتى يشابه الطالب فى ذات المرحلة فى الجامعات العالمية.
وقال الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة.. إنه لا أحد يذهب إلى المدارس الثانوية منذ 25 يناير.. وعندما كان رئيساً لمجلس إدارة مدرسة خاصة.. كان يفاجأ أن طلبة الثانوية العامة يتركون المدرسة من الساعة الواحدة ظهراً، وكان يحزن لذلك جداً.. والآن نجد الطلبة لا يذهبون للمدارس نهائياً!!
وأضاف العالم أن المدرسين يحصلون على رواتبهم كاملة، والطلبة يدفعون المصروفات الدراسية، ولا أحد يذهب للمدارس.. موضحاً الاعتماد فقط على السناتر التعليمية التى يدفع أولياء الأمور فيها «دم قلبهم».
وأكد العالم أن هذا يعد فساد تعلم وليس «بيزنس» تعليم فقط..
وأشار العالم إلى أنه منذ أيام أقام المسئولون منتدى فكرياً لمناقشة مشاكل التعليم.. كيف هذا والمشاكل موجودة ومعروفة منذ 60 عاماً.. مؤكدا أنه لا يوجد تعليم ولا مدارس ولا إدارة مدرسية، وهذا يعد خطراً على الأجيال الصغيرة.
وأوضح العالم أن هذا الفساد موجود أيضاً فى المدارس الإعدادية إذ يكاد الطلبة لا يذهبون إلى المدارس بشكل منتظم.
ومصر تعتمد للأسف على التعليم الشكلى فقط.. موضحاً أن المدرس يحصل على راتبه كاملاً وكل مستحقاته سواء ذهب إلى المدرسة وأعطى الحصص أو لم يذهب، بالإضافة على اعتماده الأكبر على المبالغ التى يتقاضاها من عدد ساعات الدروس الخصوصية يوميا من الطلاب وذلك حسب كل منطقة.. بالإضافة إلى «السناتر» التعليمية التى لا تخضع لأى رقابة وتقع فى الأحياء الشعبية والراقية.. للأسف الموجهون ومفتشو ومديرو التعليم للأسف مسميات على الورق فقط ليس لهم دور فاعل.. نحن اليوم نساهم فى ثراء عدد محدود من المدرسين.. وأولياء الأمور يتكبدون.
ووصف العالم التعليم الجامعى (الحكومى والخاص) بأنه «زبالة» على حد تعبيره، مشيراً إلى أن الأساليب التى تتبع فى تنسيق دخول الجامعات الخاصة وراءها قصص وحكايات معروفة!
ويرى الدكتور فؤاد أبوالمكارم أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة.. أن منظومة التعليم تحتاج إلى الاهتمام بثلاثة جوانب.. أولاً الاهتمام بصحة الطالب ويجب أن يكون اهتماماً عاماً وليس فقط من جانب الأسرة بل من جانب الدولة فى الأكل والشرب والرياضة وأسلوب الحياة الشخصية.
وثانياً القائمون على العملية التعليمية، والجانب الثالث هو ما يتعلق بفرص التدريب والتعلم المختلفة، سواء كانت للطلاب أو للقائمين على العملية التعليمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.