«استجواب.. يعنى اتهام.. يعنى محاكمة وأنا معنديش أى إشكالية فى مناقشته ولكن يكون وفق القانون والضوابط البرلمانية»، هكذا الموقف المعلن والصريح من د. على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، تجاه أى استجواب يتم تقديمه من قبل أى عضو من أعضاء البرلمان منذ انطلاق الدورة البرلمانية فى العاشر من يناير 2016 وحتى تاريخه، أى بمرور فصل ونصف تشريعى. وقبل الخوض فى التفاصيل تستعرض «الوفد» نصوص لائحة البرلمان بشأن الاستجواب فى الباب السابع بفصله الثالث الخاص بالأدوات الرقابية، حيث نصت المادة 216 على أن لكل عضو أن يوجه استجوابًا إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، لمحاسبتهم فى أى شأن من الشئون التى تدخل فى اختصاصاتهم، فيما نصت المادة 217 على أن يقدم طلب توجيه الاستجواب كتابةً إلى رئيس المجلس مبيناً به بصفة عامة موضوع الاستجواب، ومرفقاً به مذكرة شارحة تتضمن بياناً بالأمور المستجوب عنها، والوقائع والنقاط الرئيسية التى يتناولها الاستجواب، والأسباب التى يستند إليها مقدم الاستجواب، ووجه المخالفة التى ينسبها إلى من وجه إليه الاستجواب، وما يراه المستجوب من أسانيد تؤيد ما ذهب إليه، ولا يجوز أن يتضمن الاستجواب أموراً مخالفة للدستور أو القانون أو عبارات غير لائقة، أو أن يكون متعلقاً بأمور لا تدخل فى اختصاص الحكومة، أو أن تكون فى تقديمه مصلحة خاصة أو شخصية للمستجوِب. كما لا يجوز تقديم استجواب فى موضوع سبق للمجلس أن فصل فيه فى ذات دور الانعقاد ما لم تطرأ وقائع جديدة تبرر ذلك. وتسرى على الاستجواب أحكام المادة 203 من هذه اللائحة. المادة 219 حددت أن يدرج الاستجواب فى جدول أعمال أول جلسة تالية لتقديمه مستوفياً لتحديد موعد لمناقشته بعد سماع أقوال الحكومة. ولا يجوز للمجلس مناقشة الاستجواب قبل مضى سبعة أيام على الأقل من تاريخ تقديمه، إلا فى حالات الاستعجال التى يراها وبعد موافقة الحكومة. وتكون مناقشة الاستجواب خلال ستين يوماً على الأكثر من تاريخ تقديمه مستوفياً، وتضم الاستجوابات المقدمة فى موضوع واحد، أو فى عدة موضوعات مرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقاً، وتدرج فى جدول الأعمال لتجرى مناقشتها فى وقت واحد، وتكون الأولوية فى الكلام بين مقدمى الاستجوابات لمقدم الاستجواب الأصلى، ثم لمقدم الاستجواب الأسبق فى القيد بسجل الاستجوابات، ويعتبر مقدم الاستجواب متنازلاً عن أية أسئلة، أو طلبات إحاطة، يكون قد سبق له أن تقدم بها فى ذات موضوع الاستجواب. اللائحة واضحة فى نصوصها، فى ضرورة أن يكون الاستجواب المقدم من أى نائب مستوفي الشروط الكاملة لكى يتم إدراجه فى جدول الأعمال وتحديد موعد لمناقشته واستدعاء الوزير أو الحكومة بأكملها، ومن ثم قالت مصادر برلمانية ل«الوفد» إن قرابة 50 استجواباً تم التقدم بها من قبل الأعضاء طوال دور الانعقاد الأول وحتى الآن من دور الانعقاد الثانى الذى انطلق فى أواخر أكتوبر الماضى، ولم يتم وضع سوى استجواب واحد بجدول الأعمال فى دور الانعقاد الأول خاص بوزير التموين د. خالد حنفى، بشأن فساد القمح، وهو الذى زال باستقالة الوزير، ولم تتم مناقشته. وأكدت المصادر أن رئيس المجلس بعد ضغط الأعضاء عليه بشأن الاستجوابات قام بإدراج استجواب جديد لأول مرة بدور الانعقاد الثانى، يوم أمس الأربعاء لتحديد موعد مناقشته، مقدم من النائب محمد بدراوى عوض، بشأن خطورة الوضع الاقتصادى وما ترتب على ذلك من آثار متمثلة فى زيادة معدلات التضخم وأسعار السلع الأساسية والأدوية. وأكد بدراوى أن التخبط نتيجة لسياسات مالية غير مدروسة رغم تحذير البرلمان أكثر من مرة، فضلاً عن عدم الاستماع لآراء الخبراء والمتخصصين ولا إلى المواطنين، ولم تعبأ الحكومة بالفقراء ومحدودى الدخل. بهذه الرؤية يكون مجلس النواب قد وضع استجوابين فقط فى جدول أعماله الأول منهم فى دور الانعقاد الأول بشأن القمح، والثانى بالدور الحالى بشأن الوضع الاقتصادى وخطورته على محدودى الدخل، فى الوقت الذى رفض 48 استجواباً من قبل الأعضاء لعدم توافقهم مع القانون والدستور والأعراف والضوابط البرلمانية، مع مراعاة أن الاستجواب يتكرر من أكثر من نائب فى نفس الموضوع. وفى هذا الصدد يقول النائب هيثم الحريرى، إن الحديث عن أن الاستجوابات غير متطابقة مع الدستور والقانون، أمر يسيء للمجلس وأعضائه وخاصة شيوخ الأعضاء، مؤكداً أن البرلمان به قيادات برلمانية وأصحاب خبرات كبيرة، ومن ثم لا يجوز أن يتم توجيه اتهامات لهم بالتقصير فى أداء عملهم النيابى. وأكد الحريرى فى تصريحات ل«الوفد»، أن المجلس لم يناقش أى استجواب منذ بدء الدورة البرلمانية، وهذا إن كان متعمداً فيكون تعطيلاً لاستخدام الأدوات الرقابية التى يمتلكها المجلس لمحاسبة الحكومة، قائلاً: «بالرغم من أن الأمر به إساءة إلا أنه إذا كان متعمداً عدم مناقشة الاستجوابات سيكون تعطيلاً للأدوات الرقابية وإن كان عكس ذلك يكون تقصيراً من الأعضاء ولابد من تطوير الأداء». واتفق معه النائب عبدالمنعم العليمى، عضو مجلس النواب المخضرم، مؤكداً أن عدم إدراج الاستجوابات فى جدول الأعمال مثير لعلامات استفهام كبيرة، خاصة أننا كنا فى الماضى نناقش كثيراً من الاستجوابات وبشكل سريع قائلاً: «مثير للتساؤل أمور عدم مناقشة استجوابات من قبل رئيس المجلس». وأكد العليمى أن رئيس المجلس وهيئة المكتب لابد أن يوضحوا الأمور بكل شفافية أمام الرأى العام، خاصة أن العديد من الأعضاء تقدموا باستجوابات للحكومة وأعضائها، ولكن لا يتم إدراجها، مؤكداً أن الجميع لديه ثقة فى رئيس المجلس فى أنه حريص على المصلحة العليا وتطبيق القانون والدستور، ولكن الأمر أصبح كبيراً جداً فى أنه منذ انعقاد الدورة البرلمانية لم يدرج سوى استجواب واحد بدور الانعقاد الأول.