20 ألف جنيه لجلد الحمار الواحد.. والسماسرة يشعلون الأسعار 4 شركات تطلب تصدير «الحية» والهيئة البيطرية تنتظر دار الإفتاء محافظات الصعيد الأكثر ذبحاً تليها الجيزة والعياط والوراق حمير حديقة الحيوان المصدر الشرعى الوحيد.. وجلودها ممنوعة من التصدير لقرون وسنوات ظل الحمار رمزاً للصبر والتحمل، وبطلاً لحكاوى السخرية والاستهزاء، وعلامة مميزة فى السباب المهين. الآن دخلت الحمير على خط الثراء السريع.. وصارت باباً سحرياً للثروة يعادل تجارة المخدرات والدعارة!.. والسبب تهافت دول كثيرة على استيراد الحمار المصرى حياً أو مذبوحاً! والآن فتحت الصين وكوريا وفيتنام واليابان ومعها إسرائيل أبواب موانئهم ومطاراتهم أمام الحمار المصرى، ويعرضون أسعاراً خيالية لاستيراده، لدرجة أن جلد الحمار الواحد وصل سعره فى تلك الدول إلى ما يعادل 20 ألف جنيه مصرى! تهافت كثير من الدول على استيراد الحمير جعل بعض المصدرين يغيرون نشاطهم من تصدير واستيراد المواد الغذائية والأجهزة الكهربية إلى تصدير جلود الحمير، وتمادى البعض فقرر أن يتخصص فى تصدير الحمير الحية للخارج.. وهذا ما فعلته 4 شركات تصدير، التى راحت تعقد صفقات تصديرية مع شركات آسيوية لتصدير الحمير الحية إليها. ولكن الشركات الأربع فوجئت برفض هيئة الخدمات البيطرية الترخيص لها بالتصدير، وقررت الهيئة إرجاء منح تراخيص تصدير الحمير لحين معرفة رأى الدين فيها! ولهذا أحالت هيئة الخدمات البيطرية القضية إلى دار الإفتاء بالأزهر الشريف طالبة الإجابة عن سؤال يقول: هل تصدير الحمير الحية للخارج حلال أم حرام؟ ومنذ مطلع العام الجارى تدرس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف هذه القضية، لكنها لم تصدر فتوى بشأنها حتى كتابة هذه السطور، وأدى تأخر صدورها إلى قصر التصدير على جلود الحمير فقط، فيما لا تزال الشركات الأربع فى انتظار الفتوى! مع الارتفاع الكبير فى أسعار جلود الحمير التى يتم تصديرها للخارج، تحولت تلك الجلود إلى ما يشبه جلود الذهب. والمصدر الرسمى الوحيد لجلود الحمير هو مزاد حديقة حيوانات الجيزة، وهى المكان الوحيد المسموح فيه بذبح الحمير فى مصر كلها.. خاصة أن دار الإفتاء المصرية رفضت إنشاء مجازر تذبح فيها الحمير، وقالت فى نص الفتوى الصادرة فى 7 مارس الماضى إنه لا يجوز إقامة مجزر للحمير، ولا يجوز ذبح الحمير فى دولة إسلامية. وبسبب تلك الفتوى اقتصر ذبح الحمير على مذبح حديقة حيوانات الجيزة، حيث يتم ذبح الحمير التى تقدم كطعام لأسود حدائق الحيوان الأربع الموجودة فى مصر، وهى حديقة حيوان الجيزة وحديقة حيوان الإسكندرية وحديقة حيوان بنى سويف، وحديقة حيوان الفيوم، إضافة إلى اللحوم التى تستخدم فى إطعام أسود السيرك القومى. وإجمالى ما تحتاجه هذه الجهات الخمس يبلغ 50 حماراً يومياً، وهذا العدد من الحمير يتم ذبحه كل يوم داخل حديقة حيوان الجيزة، وتتواصل عملية الذبح هذه لمدة 5 أيام كل أسبوع حيث تقضى الأسود يومين أسبوعياً دون تناول لحوم الحمير. وهكذا يصل إجمالى ما يتم ذبحه أسبوعياً من الحمير نحو 250 حماراً، وهذه الحمير يتم توريدها لحديقة الحيوان من خلال موردين تتعاقد معهم حدائق الحيوان والسيرك القومى لمدة عام، ويتعهد كل مورد بتسليم عدد محدد من الحمير يومياً، وأغلب هؤلاء الموردين من محافظات الصعيد. وعملية الذبح تتم بالقتل الرحيم بواسطة حقنة بنج يتم حقن الحمار بها، فيخلد فى النوم ثم يتوقف قلبه فيموت، وأحياناً يتم حقن الحمار بحقنة هواء فيموت خلال ثوان، وعلى الفور يتم سلخ جلده وتقطيع لحمه لتقديمها للأسود. أما جلود الحمير، فيتم تمليحها حتى لا تصاب بالعفن وتتآكل، وبعد التمليح يتم جمعها حتى يصل عددها إلى ما بين 1500 إلى 2000 قطعة جلد، وعندها يتم تنظيم مزاد لبيع تلك الجلود. وفى آخر مزاد تم بيع جلد الحمار الواحد بسعر 2500 جنيه، فيما يتم تصديرها وبيعها فى دول شرق آسيا مقابل أسعار تتراوح بين 500 إلى 1000 دولار حسب حالة الجلد وحجمه، وهى مبالغ تتراوح بين 10 آلاف و20 ألف جنيه. تصريح تصدير من يفز بمزاد جلود حديقة الحيوان يتقدم لهيئة الخدمات البيطرية طالباً ترخيص بتصدير جلود الحمير، وعلى الفور تمنحه الهيئة ترخيصاً بالتصدير لمدة 6 شهور. والمفاجأة أن هذه الجلود غير صالحة للتصدير، يشترط الدول المستوردة أن يكون الجلد طازجاً وغير مملح، لأن الملح يأكل المادة الجيلاتينية الملتصقة بالجلد وهى المادة التى يتم من أجلها استيراد جلود الحمير، فمن تلك المادة تصنع إسرائيل دواء لعلاج السرطان، أما الصين وفيتنام واليابان وكوريا، وباقى دول شرق آسيا فتصنع من ذات المادة خلطة طبية تستخدم لعلاج عدم انتظام الدورة الشهرية للسيدات وخلطة أخرى لعلاج الأرق والسل، ويتردد أن الصينيين تمكنوا من تصنيع مقويات جنسية من جلد الحمير. وبحسب المجلس التصديرى للجلود، فإن كميات جلود الحمير التى يتم تصديرها سنوياً تبلغ 15 ألف جلد فى العام، ولكن الواقع يقول إن كميات الجلود التى تخرج من مصر تفوق أضعاف هذا الرقم، بدليل أنه تم ضبط 7 ملايين طن جلود حمير قبل تهريبها مطلع يناير الجارى، وبعد أيام من تلك الواقعة تم ضبط 4 آلاف طن أخرى من جلود الحمير قبل أن يسربها المهربون للخارج! عمليات التهريب تتم فى الغالب من خلال إخفاء جلود الحمير وسط جلود البقر والجاموس والجمال المصدرة للخارج، وأحياناً يتم إخفاؤها وسط جلود الحمير المملحة المرخص تصديرها. وحسب مصادر متخصصة فى تصدير الحمير فإن مهربى جلود الحمير يستعينون بسماسرة ينتشرون فى كل محافظات الصعيد، ويشترون أكبر عدد ممكن من الحمير، ثم يسلمونها لجزارين يتولون ذبحها، وسلخها، وتسليم الجلود للمهربين الذين يقومون بدورهم بتهريبها للخارج.. وقالت المصادر: «عمليات ذبح الحمير حالياً تجتاح كل محافظات الصعيد، ووصل الأمر لدرجة أن أعداد الحمير فى الأقصر مثلاً قلت بشكل كبير بسبب ذبح أعداد كبيرة منها». وأضافت المصادر: «انتشار عمليات ذبح الحمير أدى إلى مضاعفة أسعارها فى كل محافظات الصعيد، فبعد أن كان سعر الحمار يتراوح بين 800 جنيه و2000 جنيه، تجاوزت الأسعار حاليا 3 آلاف جنيه للحمار الواحد». وواصلت المصادر: «إذا كان الصعيد هو أكثر ما يشهد ذبح الحمير فإن محافظة الجيزة هى أكبر محافظات الدلتا ذبحاً للحمير، لتهريب جلودها وفى نفس الوقت بيع لحومها، حيث ينتشر بيع لحوم الحمير فى مراكز الجيزة والوراق والعياط والبراجيل». وأشارت المصادر أن كل شخص يمكنه معرفة لحوم الحمير قبل أكلها، فلون لحوم الحمير أكثر احمراراً من غيرها، ولونها يتحول إلى السواد عند طبخها، كما أن طعمها «مسكر» بشكل يفوق كل أنواع اللحوم الأخرى!