أحيانا يكون الموت أهون من فراق احباء على قيد الحياة للابد، فراق لا أمل بعده فى أى لقاء ابدا، لأنك فى كل لحظة ستموت الف مرة وانت تتساءل عن حال الحبيب، هل هو حى ام رحل عن الحياة، هل سعيد ام يتعذب فيما هو فيه، هذا هو مضمون ما قالته السيدة الشابة البريطانية «جويا تشودرى» ذات الاصول البنغالية الهندية، وهى تعيش الحرمان من زوجها ووالد اطفالها الأمريكى «جون جورجالاس» الذى فضل تنظيم داعش عليها وعلى اطفالهما الاربعة، وانخرط بالتنظيم الإرهابى ليصبح من قادته، وبهذا اتخذ قرار فراق أبدى لأسرته منتقلا من كنف الحضارة الغربية إلى عالم الحركات الجهادية، وليتشرد اطفاله بعد ان صاروا بلا عائل. البداية كانت قصة حب رائعة نشأت بين جويا التى عاشت فترة مراهقة متفتحة فى بريطانيا مع اسرتها، وجون الأمريكى، العلاقة بدأت عبر الشات لمواقع التواصل، ولم تكن جويا فى ذلك الحين تبدى أى اهتمام بالعقيدة الإسلامية، إلا ان اوضاعها تبدلت بشكل درامى مع التحاقها بمدرسة عليا فى شرق لندن وتعرفها بمجموعة من الطالبات من أصول شمال إفريقية اقنعنها بارتداء الحجاب وتبنيها أفكارًا راديكالية وهو ما تزامن مع توتر العلاقة بينها وبين أسرتها، وازدادت علاقتها توترا مع تعرفها عبر الإنترنت على الامريكى جون، الذى تباعدت علاقته هو ايضا بدوره مع اسرته، بسبب تبنيه أفكارًا إسلامية متشددة، وهو ابن أسرة من ولاية تكساس التحق العديد من أفرادها بالجيش الأمريكى، لكنه اعتنق الإسلام بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001، وعندما ربط الحب قلبه بقلب جويا، ترك أمريكا وسافر إلى بريطانيا ليتزوجها عام 2004. وازداد تشدد الزوجين فى رحلة مرت بعدة محطات من بينها التردد على الأئمة المتشددين فى لندن، ثم السفر إلى مصر عدة اشهر، حيث انتابتهما سعادة شديدة مع وصول مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى إلى سدة الحكم، وبعدها قرر جون مباشرة الانخراط فى صفوف تنظيم داعش وسافر بها وبأطفالهما الثلاثة إلى تركيا ومنها إلى سوريا للتدريب فى صفوفهم بينما كانت جويا حاملًا فى الطفل الرابع، وفى سوريا عايشت جويا العنف والارهاب وتدريبات القتل والتعذيب البشعة، فاختلفت افكارها المتطرفة وعادت للاعتدال رافضة سيل الدماء باسم الاسلام، واتخذت من حملها لطفلها الرابع ذريعة اقنعت بها زوجها لتسافر إلى امريكا بحجة ان تلد الطفل بين أفراد أسرته، ووافق، لكنها كانت تفر بأطفالها من الدم بحثا عن الأمان وفقا لها، وما ان وصلت لأمريكا حتى أقامت دعوى طلاق، وأعلنت عوتها إلى حياتها الغربية كسيدة متحررة، ورفعت شعارات تحرر المرأة، وغيرت اسمها من جويا إلى «تانيا»، فيما بقى جون فى سوريا ليصبح احد اخطر قادة تنظيم داعش من ذوى الأصول الغربية، وطلبت جويا حق الإقامة فى امريكا بوصفها كانت زوجة لأمريكى، عسى أن تتمكن من الانفاق على اطفالها الأربعة بعد ان اختار عائلهم طريق اللاعودة للابد، جون مطلوب الآن من قبل امريكا كإرهابى، جويا تحتمى بأمريكا لانقاذها، لانها لاتزال مصنفة تصنفيًا متطرفًا فى بريطانيا، هكذا قضى التطرف وتنظيم داعش على قصة حب رائعة، وعلى أسرة غربية مسلمة، والضحية أربعة أطفال مسلمين يتأرجحون بين التطرف والإفراط والتحرر.