يدخل الإعلام المصرى مرحلة جديدة فى 2017، بتطبيق تشريعات القوانين التى تنظم العمل الإعلامى، ويعيش الوسط الإعلامى حالة من الترقب، بعد الإعلان وإقرار قانون الإعلام والهيئات والمجلس الوطنى للإعلام، واختيار مجلس إدارته. أهم ما جاء فى القانون وحددت المادة 3 من مشروع القانون أهداف للمجلس، منها حماية حق المواطن فى التمتع بإعلام وصحافة حرة نزيهة وأن يكون على قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة الدولية، وبما يتوافق مع الهوية الثقافية المصرية، وضمان استقلال المؤسسات الصحفية والإعلامية وحيادتها وتعددها وتنوعها، وكذلك معايير وأصول المهن وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومى، واحترامها لحقوق الملكية الفكرية والأدبية. كما يختص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بإبداء الرأى فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عمله، وتلقى الإخطارات بإنشاء الصحف ومنح التراخيص اللازمة لإنشاء وسائل الإعلام المسموع والمرئى والرقمى وتشغيلها، وضع وتطبيق الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية بأصول المهنة وأخلاقياتها، ووضع وتطبيق القواعد والمعايير المهنية الضابطة للأداء الصحفى والإعلامى والإعلانى بالتنسيق مع النقابة المعنية. ويتمتع المجلس بالاستقلال الفنى والمالى والإدارى فى ممارسة اختصاصاته ولا يجوز التدخل فى شئونه، لكن هل الجماعة الإعلامية راضية كل الرضا على القانون والتشريعات. أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أكد أن قانون الإعلام استجاب للعديد من الملاحظات الواردة من المؤسسات الإعلامية والصحفية، وبحضور ممثلين عن نقابة الصحفيين، وممثلين عن التليفزيون والقنوات الفضائية، وبمشاركة ممثلين عن أساتذة الصحافة والإعلام، ويختص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئى والرقمى والصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها، ويهدف إلى ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام فى إطار من المنافسة الحرة. كما يتولى المجلس وضع وتطبيق القواعد والمعايير المهنية الضابطة للأداء الصحفى والإعلامى والإعلانى بالتنسيق مع النقابات المعنية. ويتولى المجلس أيضاً تلقى وفحص شكاوى ذوى الشأن عما ينشر بالصحف أو يبث بوسائل الإعلام ويكون منطوياً على مساس بسمعة الأفراد أو تعريض لحياتهم الخاصة، وله اتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية فى حال مخالفتها للقانون أو مخالفتها لمواثيق الشرف. وأضاف «هيكل»: وفقا للقانون ستقوم جهات محددة بالترشيح وستكون ملتزمة خلال فترة لا تتجاوز الشهر من عقد أول اجتماع للهيئات لإبداء آرائها فى القانون الحالى. وأشار إلى أن الهيئة الوطنية للإعلام عليها اختيار شخصيات فاعلة تتعامل اقتصاديا مع الأزمة التى يمر بها ماسبيرو، كما أن الهيئة الوطنية للصحافة فى احتياج لخبرات تتميز بخبرة سياسية وإعلامية، وعلى الهيئتين أن تضع فى اعتبارهما أن الدقة فى الاختيار تعود على الجميع بالنفع، إنما لو دخلت المجاملات فيها، ووقع الاختيار على شخصيات ليست قادرة على الإدارة ستكون القوانين عديمة القيمة، وقال هيكل ان التشريعات اختيرت بدقه متناهية ستواجه بعدم الفاعلية فى حالة وجود شخصيات ليسوا على مستوى المسئولية. الدكتور حسن عماد رئيس لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة قال: هذا العام ظهرت ملامح، بعد إقرار التشريعات الإعلامية، وكتابة عصر جديد للإعلام، خاصة ونحن فى أحوج ما يكون لقوانين تنظم الإعلام من أجل نشر الديمقراطية والتمتع بحرية الرأى، فالإعلام جزء مهم فى العملية التربوية والثقافية، والتشريعات ضمت خبراء وإعلاميين وناقشت مشروع الإعلام المتعلق بالحقوق والواجبات وأن إقرار جزء من القانون الموحد الذى أعدته اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية، واللجنة الوطنية مكون من 227 مادة، وتم عرضه على الحكومة والتوافق معها، وتمت إحالته للبرلمان المصرى بعد أن تم تقسيمه لجزءين، الأول تم اقراره والذى يقر بإنشاء الهيئات الإعلامية، أما الجزء الأخر ربما يكون الأهم وهو يتعلق بتنظيم الصحافة والإعلام لم يناقش بعد إلى الآن. وقال «عماد»: إن المادة 84 من مشروع القانون: «تحل الهيئة الوطنية للإعلام محل اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتؤول ما له من حقوق وما عليه من التزامات وينقل العاملون بالاتحاد إلى الهيئة بذات درجاتهم وأقدمياتهم، ويحتفظ لهم بالمرتبات والبدلات والمكافآت وسائر الحقوق المالية المقررة لهم بصفة شخصية، ويستمر العمل بالنظم واللوائح السارية فى الاتحاد إلى أن يصدر القانون المنظم لشؤون العاملين بالهيئة». الإعلامى جمال الشاعر رئيس معهد الإذاعة والتليفزيون السابق، قال إن الدستور المصرى كفل الاستقلالية للإعلام وفصل القانون معناه أننا أمام مفاجأة أن المادة 88 من مواد نقابة الإعلاميين تقضى حق الحبس. وأكد «الشاعر» ضرورة أن يكون هناك التوازن بين الدولة والمجتمع والمشاهدين فى الحصول على المعلومة، وحق المجتمع فى إيصال وجهات النظر من المواطن إلى الحكومة، ولكن المادة تمنع ذلك. كما أن أى شخص أنشأ قناة أو إذاعة على النت معرض للحبس، وهذا خلط فى الرأى نحن أمام فضاء إعلامى متسع ومرن ومختلف، ومعظم الشباب لديهم قنوات وإذاعات «أون لاين»، ولا يجوز معاقبتهم عليها. وقال «الشاعر»: إن من يعارض القانون يطلق عليه خائن وغير وطنى، فى حين أننا نعمل من أجل إيجاد ميزان التعادل والحكمة لصالح الشعب والدولة والإعلام، فنحن مع الوطن بكل ما يحمله من معنى، ولكننا نناقش مشاكلنا بصوت عال حتى نصل لصيغة ترضى الجميع، واعترض الشاعر على عدم تمثيل الإعلاميين بشكل كبير ضمن مجلس الهيئة الوطنية للإعلام مما يحدث عدم توازن، وان ماسبيرو لم يذكر صراحة مصطلح الخدمة العامة فى القانون. وقال: أدعم صناعة الإعلام الخاص ولكنى ضد بعض التصريحات، التى تطالب بعرض ماسبيرو للبيع،ودخول للقطاع الخاص شريك معه، والقضاء على إعلام الشعب الذى يعبر عن 90 مليونا، ومحالة قطع يده ورجله، يرجع لصالح رأس المال الخاص وهذا هدم لتراث إعلامى كبير، وأشار إلى أن الحكومة لديها هاجس فى تسديد ديون ماسبيرو وكان الحل هو بيع أملاك ماسبيرو من اراضى وغيرها مشددا إلى أن إعلام الخدمة العامة لا يجب النظر اليه على أساس المكسب لانه ليس إعلاما تجاريا لافتا الى تجربة ال«بى بى سى»، التى تتلقى ميزانيتها من الدولة البريطانية ويحاسبها مجلس العموم البريطانى. نادية مبروك رئيس الإذاعة، قالت: التشريعات الإعلامية أمر مهم فى ظل الفوضى الإعلامية التى نشاهدها، وبعض بنود قانون الإعلام جيدة، والبعض الآخر يحتاج مراجعة، فنحن نعمل فى ظروف مختلفة عما سبق، ولا يجوز تحملنا أخطاء الحكومات السابقة، واعترضت «مبروك» على إنشاء «راديو النيل» لأنه يأخذ تخصصات الإذاعة المصرية التى حققت نجاحا على مدار تاريخها، ولها اهتمام كبير لدى المستمعين المصريين والعرب، وبدل تقويتها وزيادة موازنتها أطلق إذاعة موازية، وقالت: إننى أمام مشكلة كبيرة مع العاملين الذين يطالبون بمساواتهم ب«راديو النيل» ماديا، فالعاملون فيه يحصلون على مبالغ كبيرة، وقالت: أنا مع هيكلة ماسبيرو وليس ذبحه فهو المدرسة التى خرجت أجيالا صنعت الإعلام المصرى والعربى، ومازال به أسماء لها مكانتها ونماذج مشرفة، ولكنهم يحتاجون للتشجيع، وتنظيم قدراته البشرية، وعلى الدولة مناصرته، واختيار شخصيات للهيئة الوطنية للإعلام تعى أهمية ماسبيرو وما يحمله من تراث إعلامى وتاريخى، والإعلام محل اهتمام الشعب المصرى كله، باعتباره ملكا له وليس للعاملين فيه فقط. على عبد الرحمن مستشار رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، مجهودات تنظيم الإعلام الذاتى بدأت منذ 15 عاما من أيام الوزير صفوت الشريف. مرورا بدراسة الدكتور حسين أمين، الذى قدمها للوزير أنس الفقى، وكانت فى حيز التنفيذ إلي أن اندلعت الثورتان، وجاء الوقت لإظهار قانون تنظيم الإعلام، بعض المواد امتدت اليها الايادى ولكن فى مجملة جيد. ويرى عبدالرحمن أن الهيئة الوطنية للإعلام إذا انطلقت دون حل لديون ماسبيرو، فلا قيمة لها، فعلى الدولة إسقاط الديون، ويوجد أيضا تعثر فى إعداد اللوائح للهيئة، وتداخل القوانين. وأضاف: المادة 84 من مشروع القانون: «تحل الهيئة الوطنية للإعلام محل اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتؤول ما له من حقوق وما عليه من التزامات وينقل العاملون بالاتحاد إلى الهيئة بذات درجاتهم وأقدميتهم، ويحتفظ لهم بالمرتبات والبدلات والمكافآت وسائر الحقوق المالية المقررة لهم بصفة شخصية، ويستمر العمل بالنظم واللوائح السارية فى الاتحاد إلى أن يصدر القانون المنظم لشؤون العاملين بالهيئة».ولم يذكر هنا كيفية التصرف فى مديونيات ماسبيرو. ويطالب عبدالرحمن بضمان حق العاملين فى القنوات الخاصة الذى يتحكم فيهم صاحب الرأس المال، لأنه صانع القرار، ومن حقه الاستغناء عن العمالة فى أى وقت يريد، مما يهدد مستقبلهم، ويشرد أسرهم، ويؤكد «عبدالرحمن» أن التكتلات الإعلامية مدمرة، وتحتكر رأس المال، وتدير الإعلام كما تشاء، رغم أن القانون ضد سياسة الاحتكار. ودعم الدولة لنقابة الإعلاميين التى تعمل بلا موارد. د. عزة هيكل عميد إعلام الأكاديمية البحرية.. تؤيد جميع بنود القانون والتشريعات الإعلامية لما له من اهمية فى الوقت الحالى لوقف الفوضى التى نشاهدها على الفضائيات، التى لم تراع الإنسان، بل تعمل على شحنه ضد وطنه على طول الخط، فالقانون يحدد عمل الإعلامى وعدم خلطه بالسياسة، ويعطى الحق للمواطنين بالمطالبة بحقوقهم من الإعلام، فإذاعة فيديو ذبح رجل لرجل بالإسكندرية هز المشاعر وأدخل الرعب فى النفوس، فالإعلام ليس دوره اختراق خصوصية الناس، فكيف تسمح قناة بعرض فيديو الذبح؟ ونشر ثقافة العنف والمفروض أن يكون هناك احترام الإنسانيات، وترى هيكل ان الدراما جزء من الإعلام، ومحتواها من الممكن ان يهدم مجتمع أو يبنيه، لذلك لابد من وضع عقوبات على من يقدم دراما العنف والعرى والدم، ووقف برامج الفتاوى التى تخرب العقول. ياسر عبدالعزيز الخبير الإعلامى، قال: قانون الإعلام يعتبر نقلة حضارية للدولة، لأنه يضع ضوابط ملزمة لصناعة الإعلام فى مصر، بكل ما فيه مرئى ومسموع ومكتوب وإلكترونى، ونجاح الهيئات جزء كبير منها متوقف على حسن اختيار أعضاء هذه الهيئات، وأيضًا استكمال منظومة الإصلاح عن طريق صدور القوانين المكملة لقانون الهيئات الإعلامية. وأكد «عبدالعزيز» أن القانون يحتوى على بعض السلبيات، وهى عدم اشتماله على مواد تعريف الصحفى والإعلامى مسئولياتهم وحقوقهم والحريات وتنظيم العمل داخل المؤسسات سواء عامة أو خاصة، وإنه لم يفتح الباب أمام إصلاح حقيقى وجوهرى لوسائل الإعلام الموجودة حاليا، حيث أبقى وضعها قائمة كما كانت، بينما التغيير فقط فى الهيئة.. وأتمنى مراعاة هذا فى مناقشة القوانين المكملة للإعلام من قبل مجلس الشعب.