«ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر».. هكذا فلسفة المغامرة، وللمغامرين قوة فولاذية لتحقيق الهدف، مشواره مطبات وحفر، الاختبار الأصعب تعرض له عندما فقد والده فى سن مبكرة، لم تكن لديه رفاهية الاختيار فى مسيرته، تخلى عن حلمه، ليحدد له القدر مساراً يرسم سعادته وقد كان. إحساس بالارتياح فى ملامح الرجل لما حققه فى محطات حياته، رغم قسوتها، قناعته تقوم على مبدأ بقدر الإخلاص يكون التوفيق.. محمد عبدالمطلب عضو مجلس إدارة شركة الصخور العربية للصناعات البلاستيكية، لديه مقدرة على التحليل الجيد، ربما لدراسته للعلوم الرياضية، لا تستهويه التفاصيل إلا فى حدود. الابتسامة والعمل والرضا.. مفردات لا تغيب عن واقعه.. وللصناعة استراتيجية تقوم على الارتقاء بالإنتاج المحلى.. من هنا بدأ الحوار.. فى مكتبه البسيط، ووسط مجموعة أوراق وملفات يجلس يراقب ويحلل المشهد، وقبل الوصول لمقعدى بادرنى قائلاً: «على الدولة أن تتبنى سياسة الاهتمام بالقطاع الصناعى، لأنه فرس الرهان وبدونه لن تتحقق التنمية». الرجل لديه قناعة بأن الرهان على دخول الحكومة ملعب المناقصات والمزايدات، بما يتيح الإشراف الكامل عن استيراد المواد الخام بأقل الأسعار من الخارج لشركات السوق المحلى، وبهذا فى رأيه تتحقق المعادلة الصعبة واستقرار السوق فى الأسعار. وجهة نظره تقوم على تمكن الدولة من الإشراف الكامل على الاستيراد من الخامات، وبالتالى يضمن وصول السلع إلى المستهلك بأقل الأسعار، ويمنح للشركات قدرة على المنافسة، وتحقيق المساواة والعدالة بين الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، حيث يكون الخام بسعر واحد، وبذلك تتحكم الدولة فى الأسعار، ولن تصل الأسعار للمبالغ الخيالية. الرجل الأربعينى حدد لنفسه طريقاً بعيداً عن مجال البيزنس فى وقت مبكر، وقرر دراسة الهندسة، لكن أراد له القدر اتجاهاً آخر أفضل حالاً، لذا فإن درجة تفاؤله إلى أبعد الحدود بمستقبل الاقتصاد، خاصة بعد تعويم الجنيه. أسأله قائلاً: لكن لا يزال عدد من الخبراء يعتبرون أن هناك أزمات بعد التعويم؟ يجيب: لا توجد أى مشكلة فى سعر الدولار، وإنما فى مقدرة الدولة على توفيره، وحتى يتمكن المستثمر الأجنبى الدخول والتخارج بسهولة، وهى آليات السوق يستطيع المستثمر أن يبنى عليها الاقتصاد والاستثمار، والقدرة على اجتذاب رؤوس الأموال الخارجية. لا تزال السياسة النقدية مثار جدل بين مؤيدين ومعارضين، لكن «عبدالمطلب» له وجهة نظر خاصة فى هذا الصدد، حيث يراها تتسم بالتعافى، وإذا استطاعت الدولة توفير العملة الصعبة من الموارد الأساسية، وتحقق ذلك فى تحويلات المصريين مؤخراً، وكذلك تقديم إعفاءات ضريبية للمستثمرين، والترويج الجيد للاستثمارات سوف يتغير الحال للأفضل. «عبدالمطلب» منطقى وموضوعى حتى فى مقترحاته لدعم الاستثمار، يبنى هذه المقترحات على 4 محاور يتصدرها التوسع فى المناطق الصناعية، دون تحجيمها أمام المستثمرين، وكذلك العمل على توفير الخامات لكافة الصناعات من خلال المناقصات والمزايدات، وبإشراف حكومى، ودعم توفير الأراضى بإعفاءات ضريبية 5 سنوات، وتحويل التاجر إلى مصنع فى كافة المجالات. فى جعبة «عبدالمطلب» الكثير فى هذا الصدد، فهو يعتبر أن العديد من صناعات الأسمنت، والحديد، والمشروعات الصغيرة فى كافة القطاعات «فرس رهان» قادر على تحقيق التنمية ودعم الاقتصاد، نتيجة توافر كافة الإمكانيات والمقومات فى الاقتصاد. لا يزال الملف الاستثمارى مثار جدل بين الخبراء، وفى هذا الاتجاه لدى «عبدالمطلب» وجهة نظر خاصة، إذ يعتبر أن البورصة لا تكون معبرة عن الاقتصاد بصورة متكاملة، إذ إن شركاتها تعبر عن ثلث الاقتصاد فقط، والباقى مشروعات صغيرة ومتوسطة تمثل كافة الاقتصاد، وبوجود بورصة النيل سوف تعبر البورصة عن المشهد وتكون مرآة الاقتصاد. الخبراء يرون أن الوقت أصبح مناسباً لبدء الطروحات فى البورصة، لكن «عبدالمطلب» يعتبر أن الوقت ما زال مبكراً على هذه الخطوة، فسوق المال يتطلب تقوية، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال التسويق والترويج الجيد، والعمل على استقطاب الأموال الأجنبية، حيث إنه غير معقول أن تكون فى بعض الشركات أرباح محتجزة أعلى من سعر السهم على شاشة التداول، ولو تحقق ذلك سوف تشهد الطروحات نجاحاً كبيراً. الإدارة لها مفهوم خاص لدى «عبدالمطلب»، فالكلمة ترتبط بالرضا مع الرؤساء والمرؤوسين والعملاء، ومن هذا المنطلق ساهم مع إدارة الشركة فى الصعود إلى سلم النجاح، والنمو خلال فترة قصيرة، إذ بدأت استراتيجية الشركة منذ عام 2013 بزيادة رأس المال من 13 مليون جنيه إلى 20 مليوناً فى 2014، وتم التوسع الرأسى فى مجال البولى بروبلين، وبناء ثلاث صالات إنتاج وإضافة آلات ومعدات جديدة وإضافة بعض الأنشطة الجديدة. الصدفة وحدها حددت مسار «عبدالمطلب»، فقد قرر دراسة هندسة الإنتاج، ولكن القدر منحه الفرصة فى مجال «البيزنس»، ليشارك فى استكمال خريطة الشركة الاستثمارية واستراتيجيتها التى تستمر حتى 2022 بالتوسع الرأسى من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية عبر ثلاث صالات إنتاج أو الأفقية فى مجالات أخرى، منها مجال البلاستيك والأدوات المنزلية. تظل محطة الصراع التى قطعت من حياته قرابة العامين الأكثر تأثيراً فى مشواره، إلى أن حسم أمره وحدد مصيره فى مجال «البيزنس»، يظل حريصاً على المساهمة فى تحقيق مستهدفات الشركة بتحقيق مبيعات تصل إلى 19 مليون جنيه العام الحالى، بهدف تحقيق أرباح 3.5 مليون جنيه. «عبدالمطلب» عاشق للرياضة والألوان التى تضيف النشاط والراحة، محب للقراءة يسعى مع إدارة الشركة إلى التوسع من خلال خطة مستقبلية فى محافظات مصر.. فهل ينجح فى ذلك؟