الثورة عندما قامت كانت تلقائية ولا يدعى احداً ان له الفضل او السبق فى حدوثها او قيادتها ومعظم الشعب شارك فيها حتى الذين لم ينزلوا الميادين ،ساندوها بالدعاء وبما يمتلكون على قدر استطاعتهم ،بل ان شيوخاً فى اواخر العمر كانوا يبكون من اجل ان تتم الثورة ولا تتراجع ،والجميع يدرك ان اهم اسبابها هو الفقر والمرض الذى اصاب غالبية الشعب،والظلم والاستبداد الذى عانى منه الجميع الا الفئة القليلة المقربة من النظام كانت تستفيد من كل ذلك على الرغم من ادراكها ان ما ينتفعون به هو اجرام فى حق هذا الشعب ،وبعد عام كامل من الثورة واحداثها ومئات المليونيان التى تساند تحقيق مطالبها ،تم تغيير رئيس الوزراء مرتين ،وتغيير عدة وزراء من اجل احداث نوعاً من التغيير واحساس الشعب ان المجلس العسكرى المسؤل عن ادارة البلد يتفهم مطالب المواطنيين ،لكن تغيير الوزراء لا يؤدى الى التغيير بالضرورة او بالكيفية المرجوة طالما ان القيادات العليا فى الهيئات والمؤسسات التابعة للوزارات مازالت تعمل فى أماكنها وتجلس على كراسيها ،فان عقلية هولاء لا يمكن تغييرها ، او تهيئتها وفقاً لمتطلبات التغيير الذى يجب ان يظهر نتائجه او اثاره على ارض الواقع وليس مجرد احاديث وتناغم مع التيار . تغيير القيادات العليا فى المؤسسات الحكومية اساس للتغيير واهم من تغيير الوزراء انفسهم ، لانهم هم المسؤلين عن تنفيذ القرارات الوزارية ويتحكمون فى تحقيق النتائج ،ويكونون مجموعات مستفيدة من الاحداث ،فكيف ينفذ القرار اشخاص عاشوا حتى روؤسهم فى الفساد وشاركوا فيه ؟ ، واستفادوا منه ،بل وكونوا الثروات ،وقاموا بتعيين اقاربهم ومعارفهم فى الاماكن التى يعملون بها !! ليكونوا لهم سنداً فى نظام كان كله فساد ورشوة ومحسوبية، فتلك العقليات ليس لها مكان الان الا ان يكونوا فى بيوتهم ، فالافضل لجميع الوزراء القاء نظرة على هولاء وتحويلهم الى المعاش وليس الى مستشارين ،والاستعانة باشخاص جدد ذات عقلية متطورة تؤمن بالشفافية والامانة ،وتؤمن بالعلم والاساليب الحديثة فى تطوير اى منظومة وفن الادارة الحديث وليس الاسلوب العشوائى القائم على المنافع الشخصية لعدة اشخاص . وسوف اضرب مثلا بوزارة الزراعة التى عانت اكثر من غيرها من الفساد وانعكس ذلك على ما نأكل وما نشرب،واصابت الشعب بالامراض والفيروسات وجميع ما يهلك الزرع والارض والانسان ،وبقدوم وزير الزراعة الجديد تفائل الكثيرين فى اصلاح تدريجى لهياكل الوزارة !! لكن لم يتم تغيير القيادات المسؤلة عن ما يمكن تنفيذه ،فهل يمكن ان يحدث اصلاح وتغيير بهولاء المفسدين الذين شاركوا فى هذا الفساد الاجرامى ؟، الذىن اذا تناولتهم العدالة ما تركت منه شخصاً ،وهناك موضوع واضح تماما حتى لا يكون كلامنا مرسلا ،حصلت وزراة الزراعة على عددا من الدرجات البحثية لتعيين بعض المؤقتين وفقا لخطط رئيس الوزراء فى تثبيت المؤقتين بالدولة ،فقام رئيس مركز البحوث الزراعية بارسال ذلك الى المعاهد المتخصصة التابعة للمركز ، وكانت المفاجاءة للشباب الحاصلين على درجات علمية ماجستير ودكتوراة الذين استبشروا بالثورة وانهم سوف يجدون مكانا فى بلدهم بعد قضائهم لفترات اكثر من خمس سنوات مؤقتين يعانون بالنظرة الدنيا من زملائهم ورؤسائهم فى العمل ،كانت المفاجاءة ان رؤساء المعاهد وضعوا شروطا تتفق على بعض الاشخاص دون الاخرين ،كما كان الوضع قبل الثورة تماما ، مما اصطدم الشباب ، واصابهم اليأس والاحباط وقاموا بالتوسل لوزير الزراعة ،فكم عانى الشباب من الشروط التفصيلية ، ونريد الغاء هذا النظام تماما فى جميع مؤسسات الدولة ويكون الاساس فى التعيين وفقا للدرجة العلمية واقدمية الحصول عليها ،دون وضع اى شروط اخرى تعتبر تعجيزية بل اعتبرها عنصرية يشوبها الفساد وربما الرشوة ،هذه العقول لابد من تغييرها ،لانها عقيمة ولا يمكن تغييرها للتتوافق مع ما يأمل به الشعب فى الشفافية والامانة والعدالة الاجتماعية . فقد تم تغيير رأس النظام ،لكن جسد النظام مازال موجودا فى كل مؤسسات الدولة ،فاذا كان لا محالة ،فيطبق القانون على هولاء وتجريدهم من صلاحياتهم والاستعانة بغيرهم وهذا ليس امرا معقدا او مستحيلا ،يستطيع كل وزير ان يقوم باصدار ما يتلائم مع وزارته فى تغيير اسلوب ادارة الوزارة لتتوافق مع المنهج الذى يتوافق فى تحقيق اهداف الثورة والمرحلة القادمة ،لن يحدث تغيير حقيقى وملموس الا بتغيير القيادات فى المؤسسات والهيئات التابعة لجميع الوزارات ، الوزير لا يتعامل معه الا هولاء القيادات فى الغالب،بينما تلك القيادات هى التى تسير العمل وتتعامل مع الجماهير او الموظفين او تنفيذ القرارات . ننتظر خطوات جريئة من الوزراء فى تغيير تلك القيادات وسوف يساند قراراتهم كافة الشعب المصرى والمخلصين لهذا الوطن والراغبين فى احداث تغيير حقيقى وليس مجرد احاديث اعلامية وصحفية لا يخرج نتائجها الى الواقع او الى الشعب الفقير الذى لن يستطيع الانتظار وتحمل نتائج الثورة اكثر من ذلك .