الزواج من المرضى الأثرياء وخطف الأطفال أبرز وسائل الاصطياد «الجنس» أحدث سلاح لسرقة أعضاء المهاجرين الأفارقة عادت قضية نقل وزراعة الأعضاء البشرية للظهور على السطح مرة أخرى، بعد سقوط أكبر شبكة للاتجار فى الأعضاء مستغلة حاجة وفقر بعض المواطنين. ألقت الرقابة الإدارية القبض على الشبكة وكشفت تواطؤ عدد من الأطباء وأساتذة الجامعات فى قضايا الاتجار بالأعضاء داخل المستشفيات. فتجارة الأعضاء البشرية أصبحت تدر ربحاً يتجاوز تجارة المخدرات، وكانت وراء تسمية مصر ب«برازيل الشرق الأوسط»، إذ تكتسب دولة البرازيل شهرة فى الفقر وتجارة الأعضاء. وقد صنفت منظمة الصحة العالمية مصر ضمن أعلى دول على مستوى العالم فى تصدير الأعضاء البشرية واعتبارها مركزاً إقليمياً للاتجار بالأعضاء البشرية، واختارتها الأممالمتحدة فى اليوم العالمى لمكافحة الفساد فى المرتبة الثالثة، وفى المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط، كل ذلك رغم صدور القانون رقم 5 لسنة 2010 الذى ينظم عمليات زرع الأعضاء والذى لم يمنع المخالفات والسرقات التى تزايدت وما زالت مستمرة بطرق مختلفة وداخل مستشفيات غير معدة طبياً وتجهيزياً فيما يعرف بعمليات «بير السلم». وتحولت مصر إلى مصدر رخيص لتجارة الأعضاء البشرية وتحول معها المواطن المصرى إلى سلعة رخيصة، على يد منعدمى الضمير الذين استغلوا فقره للاتجار بأعضائه بوسطاء من السماسرة والأطباء وسهل لهم الطريق تدنى الأحوال المعيشية والاقتصادية للمصريين، وضعف الرقابة بل وضعف القوانين المنظمة للتبرع، والسماح لعصابات منظمة محلية ودولية فى استغلال ثغرات كثيرة فى القوانين وإظهار تلك التجارة القذرة وكأنها تبرع دون مقابل مادى أو بوسائل متنوعة من الخداع والتحايل والتدليس كزواج المصريات من أثرياء مرضى عرب، أو التأكد من صحتهم قبل السفر للخارج، وكأن مسئولى «الصحة» فى مصر ما بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو لم يكتفوا بتدنى مستوى الرعاية الصحية وانعدام العلاج والدواء وتحول المستشفيات العامة والحكومية وكذلك الخاصة إلى مقابر جماعية الداخل إليها مفقود. مآسٍ وقصص كثيرة تشير إليها عناوين الصحف وتعج بها محاضر أقسام الشرطة. والقضايا المتداولة فى المحاكم.. تؤكد جميعها أن سماسرة بيع الأعضاء فى مصر نجحوا فى تكوين شبكات وتشكيل عصابات للإيقاع بضحاياهم من الفقراء أو الحالمين حتى بالسفر للخارج، مستغلين أجساد الغلابة التى نال منها الفقر والجوع الذى لا يرحم.. فلم يجدوا إلا أجسادهم يبيعونها.. فابتكروا أساليب وطرقاً مختلفة لانتزاع الأعضاء من الأحياء «الموتى» وبيعها والترويج لتجارتهم القذرة. فى تلك الأساليب سرقة أعضاء بعض الأشخاص الراغبين فى السفر للعمل بالخارج أثناء قيامهم بإجراء بعض الفحوصات الطبية اللازمة للوظيفة وتوقيع شيكات وإيصالات أمانة لضمان عدم إخلالهم بالاتفاق أو إبلاغ الشرطة. وبمجرد التوقيع يكتشف الضحايا أنهم وقعوا على موافقة على البيع أو التبرع بأعضاء من أجسادهم لمرضى من الأثرياء العرب والمصريين، وعلى إجراء العمليات الجراحية بمستشفيات كبرى عامة وخاصة، عندئذ لا يجد الضحايا أى فائدة من إبلاغ الشرطة فيتم التفاوض على المقابل المادى، وهناك آخرون يكون الاتفاق معلناً ومحدداً، إذ البيع من أجل أحوال معيشية صعبة وضيق ذات اليد والمحاصرة بالديون. ومن أساليب مافيا تجار الأعضاء البشرية المستحدثة بل والشيطانية وفقاً لبعض التأكيدات والمشاهدات، يتم تزويج فتيات وسيدات فقيدات يردن بيع كلاويهن من أثرياء عرب أو أجانب بشكل قانونى ظاهرياً ثم يتم الطلاق عقب إجراء عملية الزرع. ومن الطرق الأخرى والأكثر قذارة التى اتبعها تجار الأعضاء البشرية للإيقاع بضحاياهم، مثلما كان يحدث منذ 10 سنوات مضت، إذ تقوم سيارة بصدم أحد المارة فى الشارع ثم تسرع بحمله وتنقله إلى عيادة أحد الأطباء أو المستشفيات التابعة لهم، ثم يجرون جراحة استئصال لما يريدونه سواء فص كبد أو كلى ودون أن يكتشف المصاب أنهم سرقوه أو قتلوه إلا بالصدفة وبعد خروجه من المستشفى. ومن أساليب مافيا الأعضاء البشرية القذرة جداً ما كان يتم من إغراءات للأفارقة المهاجرين بمصر بالجنس والمال لبيع أجسامهم كقطع غيار بشرية وفى روايات أخرى يتم بيعهم أو استرقاقهم من جانب بعض القبائل البدوية فى سيناء لحصد أعضائهم مقابل 15 ألف دولار، بحسب ما سبق ونشر فى صحيفة «التايمز» البريطانية، والتى أكدت سعى السماسرة فى تلك الصفات للحصول على توقيع اللاجئين على استمارة قبول لإضفاء الشرعية على العملية، وبالنسبة للأطباء يأخذون المال فقط دون أى أسئلة. ومن الأساليب الأخرى لمافيا وأباطرة الأعضاء البشرية تخفى سماسرة بيع الأطفال على وجه الخصوص وراء ستار تبنى الأطفال.. وهناك من يرى انتشار ظاهرة خطف الأطفال نسبياً فى مصر، إنما لقتلهم وسرقة أعضائهم البشرية خصوصاً مع تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى بشكل يومى أخباراً من خطف الأطفال وبيعهم لعصابات الاتجار فى الأعضاء البشرية، إذ يتم نزع أعضائهم وبيعها للمرضى فى الداخل والخارج بحسب مزاعم مواقع التواصل مستدلين على ذلك بتقرير صدر عن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة نهاية عام 2015. وأكد التقرير تزايد ظاهرة خطف الأطفال، حيث رصد 43 حالة خلال أربعة أشهر خاصة من المناطق الريفية الفقيرة، كما رصد المجلس القومى للأمومة والطفولة ل125 حالة خطف واتجار بالأطفال خلال الربع الأول من 2015.. ويضاف لما سبق من أساليب يمارسها تجار الأعضاء البشرية، حالات أخرى إذ يتم انتزاع الأعضاء من الفقراء بالإكراه أو من طريق الخطف والقتل وهو ما سبق ونوهنا عنه، خاصة للضحايا الذين لا مأوى لهم ولا أهل يسألون عنهم وهم دائماً من المتسولين والباعة الجائلين وأطفال الشوارع والمشردين. بورصة وبؤر ومع الوقت ورغم وجود قانون ينظم عمليات زرع الأعضاء، تحولت ظاهرة بيع الأعضاء البشرية إلى بورصة، الكلية فيها الأكثر مبيعاً. وتعتبر قرنية العين من أفضل الأعضاء التى يمكن تهريبها ولكونها من العمليات السهلة غير المعقدة ولا تحتاج لأدوات كثيرة، حيث تحفظ فى ثلاجات معينة ويتم استخدامها خلال 24 ساعة من يوم استخراجها. وبشكل عام تتفاوت الأسعار حسب العرض والطلب، ويتحكم عدد من السماسرة والمنتفعين فى هذه البورصة، وهو ما أدى إلى ظهور سوق سوداء يحصل فيها الفقراء على مبالغ زهيدة لأعضاء تباع بآلاف الدولارات للأثرياء. وأماكن انعقاد بورصة الأعضاء البشرية كثيرة ومتنوعة غالبيتها تكون وتنطلق من العشوائيات وهى أماكن تواجد المتبرعين أو البائعين لأجسادهم لفقرهم المدقع.. وفيها تكمن بؤر تلك التجارة اللا إنسانية، ومن أشهرها بؤرة السيدة زينب من على أحد المقاهى الشعبية بها. وعليه يتواجد وينتشر كل من المتبرعين والسماسرة وكذلك المشترين، حيث ينقسم فيه السماسرة إلى نوعين، الأول تابعون لمكاتب توريد أعضاء بشرية والثانى تابعون للأطباء القائمين بنقل الأعضاء، ويقوم السماسرة باصطياد المتبرعين وبعد الاتفاق يتم تغيير بطاقاتهم الشخصية لأن القانون المصرى يحظر التبرع سوى للأقارب من الدرجة الأولى حتى الثالثة فقط.. كأولى خطوات مخالفة القانون والضمير وصولاً للخطوة الثانية وترتبط بالاتفاق على إعطاء المتبرع مبلغاً معيناً ثم يفاجأ بخلاف ما اتفق عليه ويذهب معظم المبلغ للسمسار! وهكذا تحولت مصر إلى بؤرة وبورصة لتجارة الأعضاء البشرية الرخيصة.. والمزدهرة من جديد. وقد كشفت مؤخراً منظمة التحالف الدولى لمكافحة تجارة الأعضاء «كوفس» أن مصر تحتل المركز الثالث عالمياً فى تجارة وزراعة الأعضاء البشرية غير الشرعية، وفى المركز الرئيس فى منطقة الشرق الأوسط لتجارة أعضاء اللاجئين الأفارقة. وفى تقرير صادم من تجارة الأعضاء البشرية فى مصر أصدرته المجلة البريطانية لعلم الإجرام.. جاء فيه مصر تعتبر من أكبر الأسواق فى تجارة الأعضاء البشرية فى العالم، وأن هذه التجارة بمصر آخذة فى النمو، وأن المستشفيات والمراكز التى تجرى فيها تلك العمليات بتجاهل عمداً مصدر الأعضاء التى تتم زراعتها فى إشارة إلى أنه بينما تحظر مصر شراء الأعضاء البشرية فإن بعضاً من قاموا بزراعة أعضاء بشرية دفعوا مبالغ تصل إلى 100 ألف دولار فى حين لا يحصل صاحب الكلية المباعة سوى على 40 ألف جنيه مصرى بما يعادل ألفى دولار. ووفقاً للتقرير البريطانى المشارك فى إعداده شين كولمب، الباحث فى جامعة ليفربول البريطانية، الذى تقابل مع سماسرة وبائعى أعضائهم على مدار عدة أسابيع قضاها فى القاهرة، ووفقاً لتقارير دولية فإن 10 آلاف شخص يعبرون إلى أوروبا عبر البحر المتوسط من السواحل المصرية، إلا أن حالات التبليغ للسلطات المصرية عن بيع الأعضاء البشرية نادرة وضحايا تلك العمليات لا يخضعون لأى ضوابط تحكم عملهم وكذلك يغضون الطرف عن حقيقة أن الكثير من المهاجرين تؤخذ أعضاؤهم رغماً عنهم وتحت التهديد.. وأكد الباحث أن الأطباء يحصلون على مقابل عملهم دون أن يسألوا عن شرعيته. كذلك أكدت صحيفتا «الميل» و«الجارديان» البريطانيتان منذ فترة فى تقرير نشر على شبكة المعلومات الدولية على وجود مافيا مصرية لتجارة الأعضاء البشرية، وعلى وجود تسعيرة تحدد أسعار كل عضو بشرى، وأن الكلى فى الأكثر بيعاً فى مصر وأن الفقر الذى يعانيه معظم المصريين هو السبب الرئيس لانتشار تجارة الأعضاء سعياً لسداد ديونهم وتحسين أوضاعهم المتدهورة، وأن قصور اللوائح والقوانين الخاصة بالتبرع أو الاتجار فى الأعضاء البشرية شجع على انتشار هذه العمليات، وفى النهاية وصف التقرير مصر بأنها أصبحت تنافس البرازيل فى عمليات تجارة الأعضاء البشرية، وأكد أن سكان الأحياء الفقيرة لا تكاد تخلو أجساد معظمهم من أثر نقل كلية أو على الأقل ببيع دمه شهرياً ثمناً لقوت يومه، وأشار أيضاً إلى وجود فريق قانونى ماهر احترف تخليص المتهمين من قضايا الاتجار بالأعضاء البشرية أو سرقتها والحصول على البراءة للجميع. وفى السياق نفسه، ووفقاً للتقرير السنوى لوزارة الخارجية الأمريكية جاءت مصر فى مقدمة الدول العربية التى تراجعت جهودها فى محاربة ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية واصفاً مصر بأنها الأسوأ عالمياً فى محاربة هذه الجرائم.. ومن التقارير والشهادات الدولية إلى المحلية أكدت دراسة بجامعة الإسكندرية عام 2013 أن الفقر الشديد الذى يعانى منه الشعب المصرى وراء انتشار وتشجيع مافيا الاتجار فى الأعضاء البشرية والتى وجد الأطباء فيها فرصة لتحقيق مكاسب مالية سهلة رغم تدهور 78٪ من المانحين لحالتهم الصحية بعد العملية ومعاناة 73٪ منهم فى ضعف قدراتهم على أداء وظائفهم ومهامهم الصحية، وكذلك وفى بحث ميدانى أجراه المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان صور الاتجار بالبشر فى المجتمع المصرى، رصد بيع الأطفال أعضاءهم، ومن خلال عينة مكونة من 400 طفل وبالتحديد للكلى فقط وجد طفلان باعا كليتهما مقابل 15 ألف جنيه لأحدهما و25 ألف جنيه للآخر، وكلاهما من الذكور فى الفئة العمرية من 15 إلى 18 عاماً، والاثنان من الذين تسربوا من مرحلة التعليم الابتدائى.