"الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء".. هكذا قال النص القرآنى عما يفعله الأبالسة بأبناء آدم.. وهذا بالضبط ما تفعله قطر مع الشعوب العربية، من شاطئ دجلة للهرم ومغانى الأَرز إلى الحرم.. قطر التى تزعم أنها حامية للديمقراطية والمدافعة عن الحرية، تقول ما لا تفعل.. تدعى نهارا أنها تدافع عن العروبة، وعندما يأتى المساء يرتمى قادتها فى أحضان الحكومة الإسرائيلية، ويشربون معا نخب الدم العربى المراق فى مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن.. الدوحة تزعم أنها أمينة على الأمة العربية، بينما هى فى الحقيقة مستعمرة أمريكية، تضع واشنطن فى أحشائها أكبر قواعدها العسكرية، وتستخدمها كمخلب قط فى تفجير البلدان العربية وتفخيخ الوطن العربى، وهى بحسب دراسات عربية وغربية الراعى الأكبر للإرهاب، فى الشرق الأوسط. لن نتوقف طويلًا حول أصول العائلة الحاكمة فى قطر، وهى الأصول التى كشفها الباحث السورى الدكتور حسام الدين خلاصى فى بحث تاريخى أجراه مؤخرا أن نسب عائلة«آل ثاني» حكام قطر يعود فى الأصل لجارية بولندية يهودية وفق وثيقة تاريخية تعود إلى زمن السلطان محمد الفاتح تتحدث عن زوجات السلطان محمد الفاتح وجواريه وبها ملحقٌ بأسماء النساء السبايا من فتوحاته التى امتدت إلى النمسا، ومن ضمن تلك الأسماء كانت فتاة يهودية من بولندا تُدعى «هيلينا مكارت» وكان عمرها يوم أسرتها قوات السلطان تسعة عشر عامًا، وتكشف الوثيقة أنها كانت من بين الجوارى المقربات من السلطان، ومن هذه الجارية– كما يقول الباحث السوري- جاءت أسرة آل ثانى التى تجلس على إمارة قطر منذ 1850 وحتى الآن. وأغلب سنوات العمر لم تكن شيئًا مذكورًا.. فحتى عام 1850 لم يكن هناك شيء اسمه قطر أساسا، وبعد هذا التاريخ أعلن محمد بن ثانى آل ثانى أنه أمير إمارة اسمها قطر. ولم تكن الإمارة سوى قبائل رعوية متفرقة تجوب الصحارى بحثًا عن عشب تأكله أغنامها التى كانت هى كل ثروتهم ومصدر رزقهم الوحيد، فإذا منعت السماء عنها المطر، أكلوا أغنامهم، وفروا إلى مياه الخليج أملًا فى أن يجود عليهم الماء المالح ببعض سمكات تحول بينهم وبين الموت جوعًا. والغريب أن قطر التى تطلق قناة الجزيرة للهجوم على نظام الحكم فى مصر بزعم أنه نظام انقلابى، تعتبر هى نفسها أكبر دولة انقلابية فى التاريخ.. تعاقب على حكمها 8 أمراء من أبناء آل ثاني، اثنان منهم تم خلعهما من الإمارة، و3 تنازلوا عن منصبهم بضغوط من الأسرة الحاكمة، والباقى أميران توفيا وهما فى الحكم وهما الأمير الأول والثانى فى حكم الإمارة، أما الأمير الأخير فهو الأمير تميم الذى تولى الحكم بعدما تنازل له أبوه حمد بن خليفة، عن الإمارة، بضغوط من زوجته « موزة» التى أرادت أن يستأثر ابنها بالإمارة دونًا عن إخوته غير الأشقاء! أما الأمير المتنازل عن إمارته «حمد» قد تولى الإمارة بعد أن خلع والده خليفة، والأمير خليفة نفسه تولى الإمارة بعد أن خلع ابن عمه الأمير أحمد بن على آل ثانى! وطوال تاريخها، لم يكن لقطر دور مؤثر أو حتى شبه مؤثر فى أحداث المسرح العربى، ولهذا لم تكن مطمعًا لأحد، ولكن الغزاة الذين أرادوا السيطرة على الخليج العربى، استولوا على المنطقة من أجل بسط النفوذ على طول ساحل الخليج العربى وليس من أجل أى شىء آخر. وعلى مدى تاريخها لم تقاوم قطر محتلًا، ولم ترد لامسًا ولا هامسًا ولا غازيًا، وعندما سقطت فى يد الاحتلال الإنجليزى، لم يفكر أهلها فى الاستقلال حتى أعلنت بريطانيا رسميًا عام 1968 عن نيتها فى الانسحاب من الخليج العربى، وساعتها تاهت قطر ولم يدر القطريون ماذا يفعلون! ولأنهم كانوا على يقين بأنهم عاجزون عن إقامة دولة بالمعنى الحقيقى، استنجدوا فى ذات العام بالجارتين، الإمارات والبحرين، لتشكيل اتحاد بينهم، وبعد 3 أعوام من الاتحاد تجرأت قطر على إعلان استقلالها فى سبتمبر 1971 لتصبح لأول مرة فى التاريخ دولة ذات سيادة. فى سنواتها الأولى كانت واحدة من أفقر دول العالم، ولكن حدثًا هائلًا شهدته مصر كان سببًا مباشرًا فى نقل قطر من أوحال الفقر وذل الحاجة إلى عالم الثراء الخيالى، ولم يكن هذا الحدث سوى انتصار أكتوبر 1973، وهو النصر الذى قفز بأسعار البترول إلى مستويات غير مسبوقة ومن هنا عرفت قطر طريق الثراء. والآن صارت قطر على قمة الثراء العالمى بفضل ما تمتلكه من بترول وغاز طبيعى، فلديها احتياطى يبلغ 25 مليار برميل ولديها أكبر احتياطيات غاز طبيعى.. وبفضل البترول والغاز الطبيعى حققت قطر نموًا اقتصاديًا متميزًا، ووصل ناتجها المحلى 248 مليارا و302 مليون دولار فى العام الجارى. هذه الثروات الخيالية يتمتع بها مليون و700 ألف يعيشون فى قطر على مساحة 11 ألفًا و521 كيلومترًا مربعًا فقط، وهى مساحة تقل عن نصف مساحة محافظة أسيوط فى مصر فى حين أن محافظة مطروح تعادل مساحة قطر 20 مرة، أما الوداى الجديد فتعادل مساحة قطر 35 مرة. أغرب ما فى السيرة القطرية، إذا جاز التعبير، هو تقاربها الغريب مع أمريكا وعلاقتها الحميمية المريبة مع إسرائيل، فحسب الكاتب الأمريكى «وليم أركن» تستضيف قطر أهم بنية تحتية عسكرية أمريكية فى الشرق الأوسط، وفيها المقر الميدانى للقيادة العسكرية المركزية للمنطقة الوسطى من العالم الممتدة من آسيا الوسطى وحتى القرن الأفريقى. وانتقلت القيادة الجوية للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية من السعودية إلى قطر ما بين عامى 2002/2003، ومقرها قاعدة العديد وأنفقت قطر ما يزيد على 400 مليون دولار لتحديث القاعدة الأمريكية مقابل الحماية العسكرية الأمريكية. وفى قطر أيضًا، مجمع يضم 27 مبنى لتخزين الآليات والمعدات والأسلحة الأمريكية. وفى السيلية بقطر، يوجد المقر الميدانى للقوات الخاصة التابعة للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية، وهناك أيضًا نقطة تخزين ذخيرة أمريكية فى قاعدة فالكون بمنطقة «صلبة» القطرية، ومحطة أمريكية للدعم اللوجيستى فى منطقة أم سعيد القطرية، فضلًا عن وجود عسكرى أمريكى ضخم فى مطار الدوحة الدولى. ولم تكتف قطر بأن تتحول إلى أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، بل ألقت بنفسها فى أحضان إسرائيل، ففى عام 1996 أنشأت علاقات تجارية مع تل أبيب واستقبل قادتها مسئولين إسرائيليين كبار فى مقدمتهم شيمون بيريز، رئيس إسرائيل الذى رحل قبل أيام قليلة، وتسيبى ليفنى، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة. فعلت قطر كل هذا مع إسرائيل رغم أنه لا يوجد حدود جوار معها، ولا توجد حروب سابقة بينهما!.. ووصل الأمر لدرجة أن قطر عرضت على إسرائيل عام 2010 إعادة البعثة الإسرائيلية فى الدوحة مقابل أن تصدر إسرائيل بيانًا تعبر فيه عن تقديرها لدور قطر والاعتراف بمكانتها فى الشرق الأوسط، والمفاجأة أن إسرائيل رفضت. والغريب أن يحدث التقارب القطرى الإسرائيلى، رغم أن قطر سبق أن أدانت مصر وأوقفت التعامل معها بعد أن وقع السادات على معاهدة السلام! ولهذا لم يكن عجيبًا ولا مدهشًا أنه فى ذات الوقت الذى هاجمت قناة قطر «الجزيرة» الجيش المصرى قبل أيام، فضحها موقع «اسرائيل ديفينس» العبرى، الذى كشف أن تميم قطر وقع مؤخرًا اتفاقًا مع الجيش الإسرائيلى تستورد قطر بمقتضاه من إسرائيل، خوذات لطياريها كجزء من صفقة شراء قطر لطائرات «إف 15» التى وافقت عليها الإدارة الأمريكية. وأشاد الموقع الإسرائيلى بهذه الخطوة التى أقدمت عليها قطر، مشيرًا إلى أنها ستعزز العلاقات بين قطر والجيش الإسرائيلى..وأوضح الموقع :» إن الهدف من هذه الصفقة تزويد الطيارين القطريين بالتكنولوجيا المتقدمة فى إسرائيل.. أما موقع «واللا» الإسرائيلى فكشف أن قطر قدمت دعمًا غير مسبوق لإسرائيل على الرغم من تقديمها دعمًا فى نفس الوقت لحركة حماس فى قطاع غزة.. وقال الموقع إن قطر قدمت دعمًا للجيش الإسرائيلى يتمثل فى دفع 2.5 مليون يورو لصالح صندوق رعاية الجنود المعاقين والمتضررين من الحروب. ويُعد الشاعر القطرى محمد راشد حسن العجمى الملقب ب«ابن الذيب» كاشفًا لحقيقة إيمان قطر بحرية الرأى، فرغم أنها ترتدى عباءة الديمقراطية.. وتعتبر نفسها واحة الحرية وحامى حمى النضال ونصير الضعفاء وقبلة الثوار وصوت الأحرار.. وصوت قطر قناة «الجزيرة» تردد هذه العبارات صباح مساء، وجاء « ابن الذيب» ليسقط قناع قادة الإمارة، ويقدم دليلاً عمليًا على أن قطر لا تعرف من الديمقراطية ولا حقوق الإنسان شيئا.. وأنها تنهى عن منكر وتأتى بأبشع منه.. وتأمر الناس بالبر وتنسى نفسها.. وترتكب مقتا حذرنا الله منه لأنهم ببساطة يقولون ما لا يفعلون. والحكاية أن الشاعر القطرى محمد راشد حسن العجمى الملقب ب«ابن الذيب»، هزته ثورة تونس وراح يشد على أيدى الثوار ويساندهم بأعز وأقوى ما يملك.. وأقوى ما يملكه هذا الشاعر هو الكلمة وأبيات الشعر. كتب «ابن الذيب» عام 2011 قصيدة طويلة جعل عنوانها «قصيدة الياسمين» وهو الاسم الذى أطلقه السياسيون على الثورة التونسية.. وفيها تساءل: إمتى وأنتم عبيد النزعة الذاتية.. ولا متى والشعب ما يدرى بقيمة نفس.. هذا ينصب ذا وراءه كلها منسية.. ليه ما يختار حاكم بالبلد يحكم لهيت». والواضح أن هذه الكلمات الغارقة فى اللهجة الخليجية لا تحمل أى إهانات لشخص محدد أو لدولة معينة ولكنها تنتقد الديكتاتورية والارتماء فى حضن أمريكا وقمع الشعوب الحرة وهى اتهامات عامة تشمل أغلب حكام العرب. وبدلًا من أن تستضيف «الجزيرة» الشاعر «ابن الذيب» ليتحدث عن قصيدته وما يبغيه من ورائها مثلما تفعل مع غيره إلا أن «الجزيرة» تجاهلت الأمر تمامًا وتتوالى المفاجآت وإذا بأمير قطر يسوق الشاعر إلى المحاكمة بقائمة طويلة من التهم تضم التطاول على رموز البلد والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم والعيب فى ذات أمير البلاد – آنذاك – حمد بن خليفة. وبسرعة تم القبض على الشاعر وإحالته إلى المحاكمة.. وفى فبراير 2012 قضت المحكمة القطرية بالعدل.. قضت بسجنه لمدة 25 عاما! وبعدها تم تخفيضها ل 10 سنوات، ثم أطلق سراحه مؤخرًا بعد أن قضى 5 سنوات فى السجن بسبب كلمة! حدث كل هذا فى قطر التى تدعى الديمقراطية وتنصب من نفسها حامى حمى حقوق الإنسان والمدافع الأول عن حرية التعبير فى الوطن العربى.. قطر هذه رأت فى عبارة «عقبال البلاد اللى جهل حاكمها ويحسب أن العزّ بالقوات الامريكية» عيبا فى ذات أمير قطر.. والغريب أن حكام قطر لا يرون عيبًا فى الشتائم التى لا تتوقف فى برامج قناة «الجزير لكل القيادات فى مصر وسوريا والعراق وغيرها وغيرها من البلدان العربية. وحسب الوثائق التى نشرها موقع ويكيليكس فإن رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطرى السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى أبلغ «إسرائيل» عام 2009 أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف والأمر كذلك يشمل لعبًا بمشاعر المصريين لإحداث الفوضى عن طريق قناة الجزيرة باعتبارها عنصرا محوريا فى الخطة، وفى لقاء سرى جمع بين بن جاسم ومسئول إسرائيلى نافذ فى السلطة أبلغه فيه نيته تلك، ووصف مصر ب«الطبيب الذى لديه مريض واحد» ويفضل أن يستمر مرضه لفائدته الخاصة. المثير أن ذات الوثائق تؤكد أن بن جاسم، بعدما التقى عددا من المسئولين الإسرائيليين والأمريكان – فى عام 2010 أصدر أوامره للجزيرة ببث كل ما يذكى الفتنة فى الشارع، وليس الأهم هو ما بين الشعب والنظام، لكن بين المصريين أنفسهم كشعب، ولتكتمل الصورة البارزة ذكرت الوثيقة أن توتر العلاقات مع الدوحة لأى نظام عربى سيجر عواصم هذا النظام أو ذاك لأزمة مخيفة، باعتبار أن النظام القطرى يستخدم دائمًا قناة «الجزيرة» كعصا تصفية الحسابات مع خصومه، وهذه الوصفة نجحت أكثر من مرة فى إشعال الجو العام فى عدد كبير من البلدان العربية، مرورًا بسوريًا ووصولًا إلى دول مجلس التعاون الخليجى التى انتفضت مؤخرا ضد نظام الدوحة واتهمته بدعم قوى الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار فى المنطقة. وحسب دراسات البروفيسور انتونى جليس، الخبير بمركز دراسات الأمن والاستخبارات فى جامعة بكنجهام: قدمت ثورات الربيع العربى هدية لآل ثانى فى صعودهم الغريب على الساحة العربية، حيث استغل قاداتها ضعف الكبار فى العالم العربى فحاول ملء المكان الفارغ، خصوصًا أنَّ مصر مشغولة بمشاكلها السياسية والاجتماعية، وبوضعها الاقتصادى الصعب، وسوريا غارقة فى شبه حرب أهلية يساهم أكثر من نصف العالم، والعراق لا يزال يعانى ما يعانيه، والمغرب بعيد، ولديه وضعه الخاص، والجزائر غارقة فى مشاكلها التى لا تنتهى. إذن، هناك فراغ ملأته قطر مكان الكبار، شبهته صحيفة لوموند بحالة إفلاس قد تصيب ألمانيا وفرنسا ما يجعل سلوفينيا تقود الاتحاد الأوروبى. ويؤكد «جليس» فى إحدى دراساته أن قطر هى الراعى الأكبر للإرهاب فى الشرق الأوسط، قائلًا: «لكى تعرف من يقف وراء الإرهاب فما عليك إلا أن تتبع الأموال التى تموله، وحاليا يبدو أن قطر هى الجهة الممولة للإرهاب». وفى ذات الاتجاه كشفت التليجراف أن أحد مراكز الأبحاث الأمريكية، رصد أسماء 20 شخصية قطرية تقوم بتمويل وتسهيل العمليات الإرهابية فى المنطقة.. وهكذا تحولت قطر إلى الراعى الأكبر للإرهاب فى الشرق الأوسط.