جامعة المنصورة تتقدم 21 مركزا عالميا في تصنيف "ليدن" الهولندي البحثي    بدء حفر بئر استكشافية جديدة قبالة سواحل بورسعيد    بعد قصف جميع محافظات القطاع    السفير الفرنسي بالقاهرة يزور مصابي غزة بالعريش    وزيرة الخارجية الفلسطينية: نحاول توجيه البوصلة الدولية حول ما دار في مؤتمر نيويورك    وزير خارجية إستونيا: بوتين يختبر الناتو ولا نتوقع اجتياح ليتوانيا    عمر القماطي يهدي مصر لقب البطولة الأفريقية للتجديف الشاطئي بعد حصده الذهبية الثامنة    4 عمال.. أسماء ضحايا الصعق الكهربائي داخل مزرعة في قنا    حالة الطقس غدًا الخميس 30-10-2025 على البلاد والأيام المقبلة    الفرق العالمية تُبحر فى قناة السويس    تأجيل حفل افتتاح مهرجان الفضاءات غير التقليدية بأكاديمية الفنون    مصطفى قمر يطرح أولى أغاني ألبومه الجديد بعنوان "اللي كبرناه"| فيديو    ب«جرة مياه».. نجل مكتشف مقبرة توت عنخ آمون يكشف أسرار اللحظة التاريخية    هل للزوج أن يمنع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    الصحة: خفض نسبة الوفيات بين حديثي الولادة إلى 16 طفلا لكل ألف مولود    قبيل انطلاق «PHDC'25».. الصحة تكشف إنجازات تحققت في تمكين المرأة صحيًا واقتصاديًا    لصحتك.. روشتة للوقاية من السكتة الدماغية    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    ختام دورة النهج المستدام لإدارة المياه بمركز بحوث الصحراء    أيمن يونس يهاجم ثروت سويلم بسبب تصريحاته عن حلمي طولان    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    جامعة القاهرة تُهنئ أساتذتها الذين شملهم قرار رئيس الوزراء ب«المسؤولية الطبية»    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    سفير الصين: نعمل مع أكثر من 150 دولة على بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    رئيس جامعة حلوان: الاستثمار في التكنولوجيا استثمار بالمستقبل    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    تعديل موعد مباراة برشلونة وأتلتيكو في الدوري الإسباني    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    بعد تداول فيديو.. القبض على متهم بسرقة هاتف فتاة في الإسماعيلية    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    دون إبداء أسباب.. السودان يطرد مسؤولين من برنامج الأغذية العالمي    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    النقل تعلن مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي الخفيف بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    الكشف عن حكام مباريات الجولة ال 11 بدوري المحترفين المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الثورة
نشر في الوفد يوم 29 - 12 - 2011

بدايةً، ينبغي ألا نخلط بين " الثورة الشعبية " و " الانقلاب العسكري" ، فالانقلابات العسكرية غالبًا ما تُسقط طاغيةً لتأتي بطاغية جديد . فهو انقلاب الطغيان على الطغيان، فهو ينقل الشعوب إلى من حُكم العسكر إلى حُكم العسكر رقم 2، وهؤلاء لا يعرفون الشورى ولا العدل الاجتماعي ولا حقوق الشعوب إلا قليلاً،
ولو تأملت تاريخ الانقلابات العسكرية في المنطقة العربية لتبين لك أنها لم تأت إلا بطواغيت، ولكي تكسب هذه الانقلاباتُ شرعيتها كانت دومًا تتجه إلى حث الناس على الخروج في الشوارع كما لو كانت ثورة، بحيث يتقمص الانقلاب قميص الثورة، رغم أن الجماهير خرجت في الشارع بعد حدوث الانقلاب، وصدور بيان الثورة من وزارة الإعلام، وخروج الحاكم السابق من سدة الحكم .. فخرج الناس بعد كل هذا في الشوراع والميادين وهم يظنون أنهم يقومون بثورة، وهم فقط وسيلة إعلامية يستخدمها الانقلابيون، وهذا ما حدث في انقلاب يوليو 1952 بمصر، وانقلاب الفاتح من سبتمبر 1969 بليبيا. وكلاهما أنتجا لنا نظامين سام الشعبين المصري والليبي سوء العذاب، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم .
فكانت صناعة الثورات الشعبية حلاً مهمًا للشعوب التي تَرْزَحُ تحت حكم الفاسدين.
والثورة قادمة لا محالة في كل مجتمع ظالم .
إن لم نصنعها، فسوف يأتي اللهُ بمن يصنعها، من رجال لا يخافون في الحق لومة لائم .
إنْ لم تصنعها الشعوب التي غلبها الطواغيت، فلا أقل من أن تمهّد لها، وتربي الأجيال على تحقيقها، وتغرس بذرة الإيجابية وإباء الضيم.
إن السبب في انتفاضة الشعوب إنما هو في الظلم، سواء كان هذا الظلم، ظلمًا عقائديًا أنْ تُجبر أمةً على اعتناق دين لا ترضاه، أو ظلمًا سياسيًا ؛ كأن تحكم شعبًا بمذهب سياسي لا يوافقه، أو ظلمًا اجتماعيًا كأن تعمل على تنعيم طبقة وإفقار أخرى، وغير ذلك من صور الظلم التي تدفع الشعوب دفعًا نحو بوابات القصور ثائرةً ثم المقصلة التي تقطع الرؤوس .
وأحيانًا ترى حاكمًا من حكام الجور، يعمل على بث الفتن بين طوائف شعبه، ونشر الشائعات بين الفرقاء، بحيث تنشغل الجماعات السياسية بعضها ببعض، بل قد يصل الأمر إلى أن يستعين الحاكم بإزكاء نار الفتنة الطائفية بين المسلمين والنصارى أو بين السنة والشيعة من أجل أن ينسى الشعبُ فساد الحاكم ..
والحاكم ههنا يستخدم مبدأً غاية في الفساد، هو " فرّق تسد"، وقد كانت هذه صنعة فرعون . قال الله تعالى : " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً "، أي جعل من شعبه فرقًا وجماعات ومذاهب متناحرة، فالحاكم هو المستفيد الوحيد – بزعمه – في تفكيك شعبه، بحيث لا يتحدون على رؤية، ولا تجتمع لهم كلمة .. وفي ذلك تأجيلٌ لإسقاط حكمه ..
لذا كان على الجماعات السياسية أن تعلم خطورة تلك اللعبة ..وأن تعمل على توحيد رؤيتها الإصلاحية، واتحاد كلمتها في إسقاط الحاكم الفاسد .
***
يجب على الأحزاب والقوى المعارضة أن تنكر ذاتها إذا ما أرادت إسقاط النظام الفاسد، فإذا ما تصدر حزبٌ ما الواجهة فسوف يفشل مشروع الثورة في أغلب الأحيان، فالناس لن تجتمع حول حزب واحد، ولن تعتنق مذهبًا سياسيًا واحدًا، ولا يزالون مختلفين، ولو شاء الله لجعلهم أمةً واحدة، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ، فلا تكونن من الجاهلين . فهذا الاختلاف سنةٌ كونية جعلها الله في كل شيء خلقه، فهو جعلهم مختلفين ليبلوهم بذلك، وجعل بعضهم لبعض فتنة، ليختبرهم؛ إذا فهل تصبر ؟
وفي مقابل تلك السنة الكونية - سنة الاختلاف – جعل اللهُ سنةً أخرى لإحداث التوازن، وهي سنة التعايش، ففرض التعايش على عباده رغم اختلافهم، وإلا لو تقاتل المختلفون لزالت البشرية، وانزوت الحياة، لذا كان الإقصاء لمجرد الاختلاف في الرأي أمرًا ينافي صبغة الله التي فطر الناس عليها .
من الضروري الحذر من صناعة رموز ثورية، أو تلميع شخصية بعينها، فذلك يفضي إلى عدة مفاسد، فذلك الرمز سيكون مستهدفًا من قبل النظام، وإن أفلت ونجحت الثورة جعلتَ من هذا الرمز الثوري طاغيةً أكبر من حجمه، وأنت من شاركت في تلميعه، فحينما تقوم الثورات الشعبية تأتي بعض القوى السياسية لاحقًا لتصعد على أكتاف الثائرين البسطاء، دافعةً رموزها تحت الأضواء، بحيث لا يضيع نصيبهم في "الكعكة "، ورأينا بعضَ الفضائيات المشبوهة تلقي الضوء على شخص معين، وأطلقوا ليه لقب " مفجر شرارة الثورة "..
وهذا التلميع يُستخدم لما بعد الثورة .
هذه اللعبة ترمي إلى هدف بعيد .
فمثلاً إذا جاء بعد ذلك أحدٌ يطالب بحظ أوفر للمعارضة الإسلامية، ظهر هؤلاء ويقولون إنها لم تكن ثورة إسلامية، إن "مفجّرها "، وصاحب " الشرارة الأولى في الثورة" شاب علماني، أمريكي الهوى، أنتم تسرقون الثورة !!
من أسرار نجاح ثورة 25 يناير أنها كانت في أغلب المدن والميادين المصرية . ورغم أن الأضواء كانت مسلطةً على ميدان التحرير؛ إلا أن التظاهرات التي كانت في كبرى المدن والميادين المصرية هي التي أنجحت الثورة فعليًا. والشرعية الثورية لا تكون إلا إذا كانت ثورةً بحق في جميع أصقاع البلاد، وقد كانت دعوات الخروج في يوم الخامس والعشرين، تنادي بخروج الناس في الشوارع والأزقة والحواري والميادين في كل مكان.
الإعلام له أثر كبير في نجاح الثورات الشعبية، والترويج لها، والدفاع عنها، وحشد الجماهير نحوها، ونجاح التعتيم الإعلامي على الثورة معناه أن ينجح النظام في قمعها، فينبغي نشر نداءات الثورة وبياناتها التي لا تعبر عن شخص محدد أو حزب بعينه .. ينبغي نشرها ونشر أحداثها عبر كل وسيلة إعلامية، ولو كانت تلك الوسيلة ترسل الخبر لشخص أو شخصين، ولعلك ترى مجموعةً إلكترونية على موقع فيس بوك تحشد الناس لتأييد الثورة وهي مجموعة لا يتجاوز أعضاؤها الخمسين أو المائة، لكن في مجموعة هذه الوسائل تأتي القوة الإعلامية للثورة، بحيث يظهر الإعلام المضلل مزريًا ضعيفًا وأحيانًا مضحكًا .. كما رأينا إعلام مبارك أيام الثورة .
فلا تحقرّن من المعروف شيئًا، وإنما تشتعل النيران العظيمة بالعود الهين .
_____________
** كاتب وباحث مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.