رغم الإعفاءات التى منحها المشروع للمستثمرين إلا أن هناك أمورًا أخرى أكثر جذبًا للاستثمار من الحوافز والإعفاءات كالمناخ العام للاستثمار والاستقرار السياسى والوئام الاجتماعى واحترام حقوق الإنسان مع الحرص على وجود محاكم اقتصادية متخصصة فى شئون الاستثمار والقرارات وسهولة التنبؤ وسرعة الإجراءات، هذا ما أكده خبراء معهد التخطيط القومى حول مشروع قانون الاستثمار الجديد وهناك مقترحات وتعديلات ضرورية ومهمة لمسودة قانون الاستثمار الجديد، طالب الخبراء بتنفيذها من الحكومة قبل إحالة المشروع إلى مجلس النواب خاصة أن قانون الاستثمار الحالى قد واجه الكثير من الانتقادات والجدل كما واجهته مشروعات القوانين التى تم اقتراحها فيما يخص الاستثمار خلال السنوات الأخيرة وقد أعد الخبراء مقترحات مكتوبة لوزارة الاستثمار ومجلس الوزراء مع توصية بعدم التسرع فى الإصدار قبل الحوار المستفيض حوله. وأكد الخبراء أن مشروع القانون يميز تمييزاً مخالفاً للدستور بين المستثمر الأجنبى ضد المستثمر المحلى عند إنشاء مشروعات بالنقد الأجنبى والتوسع فى الإعفاءات الضريبية. يشير الدكتور إبراهيم العيسوى، الأستاذ بمعهد التخطيط القومى، إلى أن وضع تمييز للمستثمر المحلى عند إنشاء مشروعات بالنقد الأجنبى ضد مبدأ المساواة ويعد مساساً بسيادة العملة الوطنية. إن المادة الأولى من المسودة المطروحة توحى بإخراج شبه جزيرة سيناء والمناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة من هذه المسودة بينما يشير الجدول رقم 1 المرافق للمسودة إلى أن شبه جزيرة سيناء ضمن المناطق الأولى بالرعاية، ونصت المادة 7 من الفصل الثالث للمشروع على أنه يجوز تحديد رأسمال الشركات بأى عملة أجنبية قابلة للتحويل وبشرط أن يكون الاكتتاب فى رأسمالها بذات العملة. ورأى أهمية أن يكون رأس المال للشركات والاكتتابات فيها بالجنيه المصرى حفاظاً على سيادة العملة الوطنية مع أهمية النص على أنه إذا كان الأصل فى ذلك تحويلات من عملات أخرى يقدم ضماناً بتحويل الأرباح وفقاً لما ينظمه القانون بذات العملات ووفقاً لأسعارها السائدة وقت التحويل مع مراعاة عدم حجب العملات الأجنبية عن جانب العرض حتى لا ترتفع أسعارها بأكثر مما يؤدى إليه التفاعل بين جانبى الطلب والعرض. وتساءل عن الحكمة من وجود إعفاءات من بعض القيود مثلاً فى المادة 9 أعفت الشركات من قيد حظر تداول حصص التأسيس والأسهم وخلال السنتين الماليتين الأوليين بموافقة الوزير المختص أو من يفوضه، مؤكدين أن هذا القيد كان له ما يبرره وكذلك المادة 22 المتعلقة بالحق فى الاستيراد والتصدير وتعفى المشروعات الاستثمارية من القيد بسجل المادة 28 المتعلقة باشتراط إبداء رأى الهيئة قبل تحريك الدعوى الجنائية فى بعض الجرائم الجمركية والضريبية تعتبر مادة جدلية منذ صدور القانون رقم 43 لسنة 1974، لأن ذلك يتناقض مع النص الدستورى بالمساواة بين المواطنين لذا كان لابد من طمأنة المستثمر لعدالة الفصل فى الدعاوى فيكون محل التدقيق فى تشكيل المحاكم الاقتصادية والقوانين التى تطبقها والإسراع فى استصدار القانون الخاص بالإفلاس وتخارج المستثمر لتيسير تصفية الشركات. وقالت الدكتورة فادية عبدالسلام، المدير السابق لمعهد التخطيط القومى، إنه فى ظل وجود عجز فى ميزان المدفوعات كان يجب عدم السماح للمستثمر الأجنبى بتحويل أرباحه دون ضوابط ويفضل النص على فترة زمنية معينة لا يسمح خلالها التحويل بما يسمى التعليق المؤقت للتحويل وتحديد نسبة عينة من الأموال والأرباح للتحويل خلال فترة زمنية محددة، وبالتالى من الضرورى مراقبة عمليات الاقتراض التى يقوم بها المستثمرون الأجانب وهو ما حدث فى دول أمريكا اللاتينية عندما جعلت الاستفادة من تسهيلات الاقتراض المحلى محددة فيما يتعلق بالمبالغ والمدة أما الاقتراض الخارجى فلابد أن يخضع لترخيص مسبق ولا يجب أن يتم السماح للمستثمر غير المصرى بالحصول على قروض من البنوك الوطنية فى مرحلتى التأسيس والإنشاء وعليه أن يحول كامل رأسمال الشركة أو حصته التى يكتتب بها على أن يكتسب أهلية التعامل الحر مع البنوك الوطنية بعد دخول مشروعاته مرحلة الإنتاج الفعلى. وانتقد الدكتور خالد عبدالعزيز عطية، مدير مركز دراسات وإدارة الموارد الطبيعية بالمعهد القومى للتخطيط، منح مستثمرين أجانب مميزات أكثر من المستثمرين المحليين فى الوقت الذى يطالب مشروع القانون بالمساواة بين المستثمرين قائلا: «منح مميزات للأجانب سيخل بمبدأ العدالة والمساواة بين جميع المستثمرين، لافتاً إلى أن أكبر مشاكل واجهت خصخصة شركات القطاع العام خلال الفترة الماضية هو أن غالبية المستثمرين كان هدفهم الحصول على أصولها فقط. وقال الدكتور عبدالحميد القصاص إن قانون المعهد الجديد يتضمن قيام المعهد بمناقشة القوانين قبل إرسالها إلى مجلس الوزراء مشيراً إلى أن المقترحات على مسودة القانون يتم رفعها إلى مجلس الوزراء. وطالب الدكتور محمود عبدالحى، المدير السابق للمعهد والأستاذ بالمعهد بضرورة توسيع الحوار حول القانون من رجال الأعمال والمستثمرين وعدم الإسراع فى إصداره حتى لا يولد مشوهاً وأشاروا إلى أن المادة الخاصة بتقدير أثمان بيع وإيجار الأراضى تختص بها أربع جهات ورأى الخبراء أن هذا قد يخلق نوعاً من التفاوت والتباين فى التقرير واقترح الخبراء تشكيل لجنة مشتركة من الجهات الأربع بحيث تصل فى النهاية إلى تقدير موحد. وفيما يتعلق بالمجلس الأعلى للاستثمار رأى الخبراء أنه كان ينبغى أن يكون وزير التخطيط ووزير قطاع الأعمال العام أعضاء فى هذا المجلس وفيما يخص تسهيل الحصول على العقارات اللازمة للمستثمر يرى الخبراء أن هذا يضر بالمواطن المصرى العادى خاصة بعد ارتفاع أسعار العقارات وتعويم الجنيه. وطالبوا بعدم التسرع فى إرسال مسودة القانون إلى مجلس النواب إلا بعد الانتهاء من وضع لائحة تنفيذية له حتى لا يحدث تضارب بين آليات التنفيذ وبين نصوص قانونية أخرى مثلما حدث مع قانون الخدمة المدنية وقانون الاستثمار الحالى وأن تكون الخريطة الاستثمارية خريطة تنموية لتحقيق التنمية المتوازنة وعدالة الأقاليم فى الدولة وطلبوا بمدونة سلوك للمستثمر وتتم مراقبة مدى التزامه بها وبكفالة حقوق العمال وعدم إنتاج منتجات ضارة وعدم تلويث البيئة. واقترحوا فصل الدور الرقابى للهيئة العامة على الاستثمار عن الدور الترويجى أو التأسيس وجعل الهيئة صاحبة الولاية على الأراضى الاستثمارية وضمان وضع حد أدنى من الخدمات الطبية والإسكان تحت تصرف المستثمر بما يتناسب مع حجم العمالة على أن يسدد عنها اشتراكاً فى حدود 2٪ من إجمالى الأجور كما هو متبع فى الدول المتقدمة كما اقترحوا خصم الأرباح المعاد استثمارها فى الداخل من الوعاء الضريبى على الدخل لمدة سنتين أو ثلاث سنوات.