وزير الزراعة يتابع أعمال لجان المرور على شوادر وأماكن بيع الأضاحي    الأسهم الأمريكية ترتفع بدعم من بيانات الوظائف وصعود «تسلا»    بعد الارتفاع الأخير.. سعر الذهب اليوم السبت 7 يونيو 2025 وعيار 21 بالمصنعية    أسعار الأرز والسلع الغذائية اليوم السبت 7 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    هل ترتفع اسعار اللحوم بعد العيد ..؟    5 مشروعات تنموية جديدة فى الأقصر بالتعاون مع هيئة تنمية الصعيد.. صور    صحة غزة: توقف مجمع ناصر الطبي ينذر بكارثة إنسانية    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب بابوا غينيا الجديدة    تطورات انضمام أوسيمين إلى الهلال السعودي    «أكثر من 10 لاعبين».. خالد الغندور يكشف تدخل رجل أعمال خليجي لحسم صفقات الزمالك    محمد هاني: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية في نسختها الجديدة    ضبط 65.8 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    شاهد .. ضيوف الرحمن يؤدون طواف الإفاضة في المسجد الحرام    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في بنى سويف.. تفاصيل    حديقة حيوان الإسكندرية تستقبل 3245 زائرًا في أول أيام عيد الأضحى المبارك    إصابة 7 أشخاص في انقلاب ميكروباص أمام كوبري جبر ببني سويف    ماذا قال محمد عبده عن المايسترو هاني فرحات قبل انطلاق حفلهما في دبي؟    أواخر يونيو الجاري.. شيرين تحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان موازين بالمغرب    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحى .. اعرف التفاصيل    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    الصحة تنظم المؤتمر الدولي «Cairo Valves 2025» بأكاديمية قلب مبرة مصر القديمة    في عيد الأضحى.. 6 مشروبات طبيعية تساعدك على إنقاص الوزن دون حرمان    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 7-6-2025 في مصر بعد آخر ارتفاع    ذات يوم 7 يونيو 1969.. عميد الأدب العربى طه حسين يكشف عن رحلته مع الفقر والعلم ودراسته فى الأزهر وأول لقاءاته مع أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب    وزير العمل يهنئ فلسطين بمنحها "عضو مراقب" بمنظمة العمل الدولية    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    بعد تصريحات زيزو.. عضو مجلس الزمالك يوجه رسالة غامضة    أسعار الحديد اليوم في مصر السبت 7-6-2025    طريقة عمل كباب الحلة، ألذ وأسرع غداء على سفرتك في العيد    بأمر المحكمة.. سفاح المعمورة في مستشفى العباسية للكشف على قواه العقلية    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    بعد خلافه مع «ماسك».. «ترامب» يُفكر ببيع سيارته «تيسلا S»    صدام ترامب ونتنياهو بسبب إيران.. فرصة تاريخية لدى رئيس أمريكا لتحقيق فوز سياسي    «كذاب وبيشتغل الناس».. خالد الغندور يفتح النار على زيزو    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    بطعنة في القلب.. مقتل شاب خلال مشاجرة بين عائلتين بحلوان    ريابكوف: ميرتس يحاول إقناع ترامب بإعادة واشنطن إلى مسار التصعيد في أوكرانيا    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    الشناوي: المشاركة فى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وحزين لرحيل معلول    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخليج الإماراتية:هل تأتي ثورات "الربيع العربي" بالدولة الدينية؟
نشر في الوفد يوم 29 - 12 - 2011

في البدء لننظر في “خريطة الطريق” التي يمكن أن تتمخض عن التطورات الجارية في ما يُسمّى بثورات “الربيع العربي” ففي ضوء هذه التطورات الجارية في عدد من الدول العربية يمكن “رؤية” ثلاثة احتمالات من المواجهة:
* أولاً: مواجهة التوافق بين الدينيين والعلمانيين .
* ثانيا: الصراعات “دون الوطنية” بين المذاهب والقبائل والطوائف بما يهدد مستقبل “الوطن” و”الدولة” .
* ثالثا: محاولة الأنظمة القائمة زرع الإصلاح المتدرج والحفاظ على الدولة المدنية واستقطاب مختلف أطياف الصف الوطني، وهو المشروع الجدير بالدعم والمشاركة، إذا سار حسب “الرؤية الإصلاحية” .
نبدأ بالاحتمال الأول: وهو مواجهة التوافق بين الدينيين والعلمانيين ونتمنى أن يتحقق مثل هذا “التوافق” .
ولكن، كما قال الشاعر:-
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ
والمدهش الغريب في الأمر إننا نسمع من مختلف الكتل الدينية في مختلف البلاد العربية استعدادها للخضوع لقوانين الدولة المدنية والتعايش مع العلمانيين . فهل هذا “تكتيك سياسي” أم “قناعة عقيدية”؟ وهل تنازلت هذه الكتل عن إيمانها الديني؟ ومن يملك أن يحرم حلالاً أو يحلل حراماً؟
وكيف يجوز لأغراض سياسية التنازل عن ثوابت دينية؟ إن الخشية أن يكون هذا “التنازل” مؤقتاً، ربما لمرحلة انتخابية واحدة، أو لجزء منها، ثم يظهر من وراء الأكمة ما وراءها ! ويتم خلع الأقنعة وما نراه من بوادر صدام بين “الإخوان” والمجلس العسكري في مصر من مؤشرات ذلك .
إننا ننظر إلى حدوث “توافق” نرجوه بين الجانبين في تركيا المسلمة، ولكننا نجهل التاريخ الحقيقي لهذا البلد .
فعندما قرر “أتاتورك” اللجوء إلى الخيار العلماني في بلده، لم يكن ذلك مفروشاً بالورد، ولم يكن الطريق ممهداً للقيام ب “نزهة سياسية” .
لقد قاوم الشعب التركي المسلم “الخيار العلماني” لأتاتورك وكان “أبوالأتراك” يبطش بطشاً بمعارضيه . وكان أنصاره يتندرون بالقول: “إنها ديمقراطية ضد إرادة الشعب!” . . . ولكن تخلف السلاطين الذين عزلهم أتاتورك وحكم طغيانهم الذي ذاق منه الشعب التركي والشعوب “العثمانية” الأخرى الأمرين، ثم إن قوة أوروبا “العلمانية” في ذلك الحين، كل ذلك ساعد “أتاتورك” في مسعاه . وكان ظهور طه حسين في مصر، من آثار الأتاتوركية عربياً، أما - إيرانياً فقد تأثر بأتاتورك رضا شاه حسب ظروفه الإيرانية، وكان “كشف الحجاب” الذي فرضته السلطات الإيرانية على النساء ومن ضمنهن النساء العربيات في الساحل بلنجة وغيرها - من آثار تأثر رضا شاه، والد شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي، بالتوجه العلماني في تركيا .
ولكن التاريخ الحقيقي للمنطقة يقول لنا إن الخديوي إسماعيل في مصر، كان السبًاق إلى إقامة الدولة المدنية، عندما أنشأ أول مؤسسة برلمانية عربية بمشاركة المسلمين والأقباط من أبناء مصر على قدم المساواة . وكان يطمح إلى جعل مصر “قطعة من أوروبا”، وذلك كان “طموح” النهضويين العرب جميعاً في تلك الفترة الحبلى .
ومن يتأمل في هندسة ومعمار البنايات التي أقيمت بالقاهرة في عهد الخديوي إسماعيل يستطيع أن يرى الطابع الفرنسي - الأوروبي الذي تم اقتباسه بين مؤشرات عدة . غير أن أوروبا أخذت تفقد تأثيرها المباشر في العالم الإسلامي .
كتب الدكتور محمد حسنين هيكل وزير المعارف بمصر وصاحب قصة “زينب” أول رواية عربية في مقدمة كتابه “في منزل الوحي” الصادر عام 1936: “حاولت أن أنقل لأبناء لغتي ثقافة الغرب المعنوية وحياته الروحية اتخذها جميعاً هدى ونبراساً . لكنني أدركت بعد لأي أنني أضع البذر في غير منبته، فإذا الأرض تهضمه ثم لاتتمخض عنه ولا تبعث الحياة فيه . . . فرأيت أن تاريخنا الإسلامي هو وحده البذر الذي ينبت ويثمر، ففيه حياة تحرك النفوس وتجعلها تهتز وتربو . . . ومحمد بن عبد الله هو النور الأول الذي استمدت هذه الأرواح منه ضياءها . . . لذلك جعلت سيرته موضع دراستي “في منزل الوحي” ومصدر إلهامي لما تنطوي عليه من تعاليم أوحاها الله كلها “السمو والقوة والجلال والعظمة” (محمد جابر الأنصاري - تحولات الفكر والسياسة بمصر ومحيطها العربي - مركز الأهرام للترجمة والنشر، ص 67) .
وقد ظل طه حسين متمسكاً بفكره الليبرالي إلى ما بعد صدور كتابه “مستقبل الثقافة في مصر” (1938) حيث رسم خطة تربوية شاملة لغرس هذا التوجه التحديثي في العقل المصري ذي الجذور المتوسطية (حسب قوله): إن العقل المصري منذ عصوره الأولى عقل إن تأثر بشئ فإنما يتأثر بالبحر الأبيض المتوسط (الذي يربط مصر بأوروبا) . ويقول: “لا ينبغي أن يفهم المصري أن الكلمة التي قالها إسماعيل وجعل بها مصر جزءاً من أوروبا قد كانت فناً من فنون التمدح، وإنما كانت مصر دائماً جزءاً من أوروبا، فلنشعر كما يشعر الأوروبي ولنحكم كما يحكم الأوروبي . . . إلخ
وإذا كان هذا الكتاب أقوى تعبير عن الليبرالية المصرية فإنه آخر تعبير على الأرجح عنها قبيل اضمحلالها .
فكما لاحظ الباحث في سيرة طه حسين كاشيا Cachia فإن الكاتب فقد إيمانه بالقيم الليبرالية وحتمية انتصارها (في الفترة بين 1945 - 1947) وأنه تعاطف مع اليسار والبروليتاريا في كتابه “المعذبون في الأرض” ملتقياً بذلك مع جمال عبد الناصر وممهداً لفكره “الاشتراكي” . وإذا كان سيد قطب قد رد على كتابه (مستقبل الثقافة في مصر)، فإن ذلك مؤشر على نوعية الاعتراض الديني على الدعوة الليبرالية المصرية (محمد جابر الأنصاري الفكر العربي وصراع الأضداد، المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت، ص 472 - 474) .
ظلت “الليبرالية” حية إلى وقتنا هذا، لكن التوجه الديني، نظراً لدعم الغرب المتواصل ل”إسرائيل” وسقوط الدعوة القومية بعد هزيمة 1967م واضطهاد الدينيين من قبل الأنظمة العربية العاجزة، كل ذلك أصبح قوة سياسية لا يستهان بها . وعندما نحتكم إلى صناديق الاقتراع، فإن “العاطفة الدينية” لدى الجماهير تأتي لمصلحة هذا التوجه الذي رأينا انتصاره في تونس والمغرب ومصر . . . والحبل على الغارب . . .
ويبدو أن الدوائر الغربية المعروفة بعدائها للتوجه الديني الإسلامي وجدت أنه حان الوقت لظهور هذا التيار والتظاهر بتأييده، كما دعمت في وقت سابق الانقلابات العسكرية على أساس أنها معادية للشيوعية . ونلاحظ أن تلك الانقلابات تظاهرت بتأييد الديمقراطية الشائعة في حينه إلى أن انقلبت عليها . كما يفعل الدينيون الآن . وإذا ما اضطر أصحاب التوجه الديني إلى “الاعتراف” ب”إسرائيل”، في ظل الدعم الغربي لها، فمن يجرؤ على الاعتراض؟ ثم إن التيارات الدينية الحاكمة لن تتوحد ويظل الاصطراع قائماً بينها، مثلما تصارعت الناصرية مع البعث ومع نظام عبد الكريم قاسم في العراق! . . وأولى ملامح الصراع الجديد مانراه في انتخابات مصر بين الإخوان و”السلفيين” . . وعلينا الانتظار لرؤية القادم .
والمحصلة: أن “الشباب” تظاهروا في الشوارع والميادين كي تحصد الأحزاب الدينية أغلبية المقاعد في البرلمانات، ولايبقى أمامها إلا المؤسسة العسكرية برؤيتها التحديثية، فالتجاذب بين هاتين القوتين هو الذي يقرر المصير .
والحكام الفاسدون الظّلَمَة الذين أطيح بهم، كانوا يهددون قبيل سقوطهم بأن البديل عنهم “الدينيون” الذين كانوا يحاربونهم فقووهم . كانت “كلمة حق أريد بها باطل” ! . .
ولله في خلقه شؤون. وشجون!
* أكاديمي وكاتب من البحرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.