الرئيس السيسى ناعيا الدكتور عمر هاشم: سيظل علمه الغزير باقيا وراسخا على مر الزمان    رسميا.. تسليم خطابات الترشح لمرشحى مستقبل وطن    الرئيس السيسي يتابع انتظام العام الدراسي ويوجه بصرف 1000جنيه حافز تدريس" شهرياً للمعلمين    وزير الخارجية: مصر ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية أمنها المائى    بقيمة 180 مليون جنية..ضبط 2,5 طن مواد مخدره بحوزة عصابة جلب المخدرات بالسويس    هكذا ارتفعت قيمة الصادرات المصرية خلال يوليو 2025 لتبلغ 3.7 مليار دولار    محافظ الجيزة: توزيع 2 طن من لحوم صكوك الأضاحي على الأسر الأولى بالرعاية    انتهاء صلاة الجنازة على الدكتور أحمد عمر هاشم بحضور شيخ الأزهر وكبار العلماء    جوتيريش يدعو لوقف الهجمات الإسرائيلية فى غزة واغتنام خطة ترامب لإنهاء الصراع    حلم الصعود.. منتخب مصر يقترب من التأهل إلى المونديال    ارتفاع سعر الجنيه الإسترليني أمام الجنيه المصري في تعاملات الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    الداخلية تكشف ملابسات فيديو لقائد سيارة سمح بتحميل أطفال بصندوقها الخلفي بالمنيا    الأرصاد تحذر من اضطراب بالملاحة وارتفاع الأمواج ل3.5 متر فى بعض الشواطئ    وزير السياحة الأوزبكى يهنئ مصر بفوز خالد عنانى بمنصب مدير عام اليونسكو    نائب وزير الصحة يُحيل مقصرين بوحدة طب الأسرة بالكرادوة للتحقيق    رودريجو: كنت قريبا من برشلونة.. وحققت حلمي بالتواجد في ريال مدريد    الزمالك ينتظر عودة فيريرا لعقد جلسة الحسم    بطل المصارعة الأولمبي محمد كيشو يعلن تمثيل منتخب أمريكا (صور)    وزير الاستثمار يبحث مع الرئيس التنفيذي لجهاز مستقبل مصر التعاون في دعم سلاسل الإمداد والسلع الاستراتيجية    روسيا تعلن اعتراض طائرات مسيرة استهدفت منطقة تيومين الغنية بالنفط في غرب سيبيريا    عامان من الإبادة.. إسرائيل تقتل 67 ألف فلسطيني نحو ثلثهم أطفال    السيطرة على حريق مخزن زيوت بمسطرد وإصابة ثلاثة أشخاص في القليوبية    وزير الزراعة: إنتاجية الأرز في مصر تصل ل5 أطنان للفدان وهو الأعلى عالميا    اليوم.. انطلاق أولى فعاليات النسخة 13 من أسبوع السينما الإيبيرو أمريكية في معهد ثربانتس بالقاهرة    بالموسيقى والفنون الشعبية.. قصور الثقافة بقنا تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    وكيل الشباب بالجيزة: تنفيذ 6 مشروعات استثمارية خلال 3 أشهر بقيمة تصل ل15.5 مليون جنيه    الصحة تنظم مؤتمر اليوم العالمي لمرض السحايا للقضاء على وبائيات المرض بحلول 2030    حالة الطقس بكفر الشيخ الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    استوديو تسجيل غير قانونى فى الجيزة.. القبض على مدير شركة مخالفة    إسرائيل دخلت «العزل»    الرئيس الفنزويلى: مجموعة إرهابية خططت لوضع شحنة ناسفة داخل السفارة الأمريكية    "الأونروا": إسرائيل تقتل الأطفال فى غزة وهم نائمون    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    وزير الخارجية يؤكد ضرورة إطلاق مسار سياسى يفضى إلى تنفيذ حل الدولتين    طلاب الثانوى العام والبكالوريا يسجلون الدخول على منصة كيريو لدراسة البرمجة.. صور    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالى المؤهلين تخصصيًا لوظائف إشرافية    انطلاق مبادرة الكشف عن الأنيميا والتقزم بين أطفال المدارس بسوهاج.. صور    أسعار الحديد في المنيا اليوم الثلاثاء7 اكتوبر 2025    التضامن تشارك في فعاليات معرض "إكسبو أصحاب الهمم الدولي" بدبي    جامعة قناة السويس تطلق الصالون الثقافي "رحلة العائلة المقدسة.. كنزا تاريخيا واقتصاديا وسياحيا"    كثافات مرورية بمحاور القاهرة.. وانتشار أمني مكثف أعلى الطرق السريعة    وزير التعليم العالي: فوز خالد العناني باليونسكو «هدية من مصر للعالم»    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة الشرقية    "فيها إيه يعني" بالمركز الأول بالسينمات.. وماجد الكدواني يتصدر الإيرادات ويقترب من "20 مليون" جنيه في 6 أيام فقط    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة قنا    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الدقهلية    رسائل تهنئة 6 أكتوبر 2025 مكتوبة للاحتفال بعيد القوات المسلحة    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    تسليم التابلت لطلاب أولى ثانوي 2025-2026.. تعرف على رسوم التأمين وخطوات الاستلام    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب : ترامب مثل بوتين والأسد لا يرى شعباً في سورية
نشر في الوفد يوم 24 - 11 - 2016

يتم حالياً اغتيال حلب، بإبادة بطيئة، برعاية على أعلى مستوى: فلاديمير بوتين وباراك أوباما ودونالد ترامب وعلي خامنئي وبنيامين نتانياهو... وبالبثّ المباشر. العرب والأوروبيّون والعالم يقرّون بالعجز والهوان، روسيا ونظام بشار الأسد والإيرانيون في طريقهم الى إنجاز انتصار. عندما باشر الروس حملة التدمير المنهجي قبل شهرَين، لم يتوقّعوا ردود الفعل التي أدانت «جريمة حرب» موصوفة، فحاولوا أولاً التنكّر ب «شرعية» محاربة الإرهاب، ثم أوحوا بتقاسم المسؤولية مع الأميركيين أو إلقاء اللوم عليهم لأنهم «لم ينجحوا في فصل المعتدلين عن المتشدّدين» في صفوف مقاتلي المعارضة. عندئذ فضّلوا تغيير كامل تكتيكهم، لا لسبب أخلاقي أو إنساني، بل لأن الهجوم البرّي لاقتحام دفاعات المعارضة لم ينجح. وخلال الهدنة التي أعلنوها، ومدّدوها مراراً، لم يكونوا يتوقّعون من المحاصَرين داخل حلب سوى الاستسلام والمغادرة الفورية. لا الروس ولا حلفاؤهم يقبلون بأن يبقى مدنيّ واحد في المدينة، ولا هم فتحوا ممرات آمنة بمعايير الأمم المتحدة لإقناع المدنيين بالخروج، ولا سمحوا بإدخال مساعدات إنسانية. إنهم يبحثون عن مجزرة كبرى، عن إبادة فعلية.
خلال الهدنات الروسية، طرأ تغيير مهمّ. انتُخب ترامب رئيساً للولايات المتحدة. ابتهجت موسكو ودمشق، ولم تبتئس طهران، فما يناسب حليفَيها في سورية يناسبها أيضاً، ثم إنها منهمكة بتجذير وجودها في سوريا عبر شراء العقارات واستكمال حصارات التجويع في المناطق المحيطة بدمشق، أما مشاكلها مع واشنطن في شأن الاتفاق النووي وغيره فهي قادرة على إدارتها. كان ترامب قال خلال حملته، أنه لا يعرف بوتين الذي كان الوحيد في قول «أشياء جيدة» عنه وفي دعمه باختراقات إلكترونية، لذلك فهو مستعد للعمل مع الرئيس الروسي لبناء تعاون بين الدولتين. لكن ما ظهر بعدئذ لفت الى أن بين الرجلين قنوات اتصال وليس مجرد كلمات طيبة، وإذ شمل الابتهاج بفوز ترامب إسرائيل أيضاً، فلا بد أن تقارب بوتين ونتانياهو فعل فعله في كواليس الرئيس المنتخب وبعض عائلته فضلاً عن «اللوبي اليهودي». ثمة اتصال وتواصل منطقيان بين هذه العناصر، وقد أنتجا هذه المهادنة الترامبية المبكرة لروسيا – بوتين، على رغم أنها لا تتماشى كلّياً مع التوجّهات الأساسية للحزب الجمهوري.
في الرابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر)، تهاتف بوتين وترامب. كان هذا الاتصال الثاني المعروف بينهما. أفاد الكرملين رسمياً بأنهما تحادثا عن «ضرورة توحيد الجهود في محاربة الإرهاب»، وبحثا في «سبل تسوية الأزمة السورية». أما الترجمة الفورية لهذه اللغة الخشبية فتقول أن بوتين أبلغ الآخر بأن معركة حلب ستُستأنف. لم يستأذنه، طبعاً، لكنه شرح التكتيك الجديد: روسيا تخوضها جوّاً كالعادة، لكنها تتوارى إعلامياً وراء نظام الأسد، طالما أن الأخير غارقٌ في سمعته الدموية. في اليوم التالي، أي 15/11 بدأت الحملة الجديدة على حلب، وفي ذلك اليوم قال الأسد في لقائه مع التلفزيون البرتغالي: «إذا كان ترامب يريد محاربة الإرهابيين فسنكون حلفاء طبيعيين له مع الروس والإيرانيين». هذا يعكس تناغماً مع تصريحات عديدة لترامب قال فيها أن الأسد ليس مشكلته وإنما تنظيم «داعش»، وأنه لن يدعم تسليح المعارضة، وهو كان وصف حلب في إحدى المناظرات مع منافسته هيلاري كلينتون، بأنها «كارثة إنسانية لكن المدينة في الأساس سقطت».
ما يتوقّعه ترامب وما وُعِد به أن بوتين و «حليفه الطبيعي» الأسد إضافة الى الإيرانيين، سينهون عملية حلب قبل مباشرته عمله في البيت الأبيض في 20/01/2017. هذا يعني رمزياً وفعلياً، أنه أعطى الضوء الأخضر للإجهاز على المدينة، وأصبح مع أوباما شريكين لبوتين في أبشع مرحلة مرّت بها حلب في تاريخها الطويل. ولم يعد هناك معنى لكل الانتقادات والإدانات التي توجّهها الإدارة الحالية للقصف الحاصل. فلا الأمم المتحدة ولا قناة الاتصال الأميركية - الروسية التي يقال أنها لا تزال فاعلة، ولا اتصالات كيري - لافروف، ولا أي جهة على الإطلاق، لمّحت الى بحث في هدنة «حقيقية» أو وقفٍ لإطلاق النار. أما الحصيلة خلال الأيام الأولى، فتجاوزت بضع مئات من الضحايا قضى العديد منهم في القصف المركّز على المستشفيات التي لم يعد أي منها في الخدمة، لذا فإن أكثر من ألف جريح لا يجدون من يهتم بهم، وبعض كثير منهم أصيب بأسلحة محظورة دولياً كالقنابل الفوسفورية أو العنقودية أو قذائف الكلور المعبّأة في البراميل المتفجّرة، وقد لا يختلف مصيرهم عن مئات دمّرت الأبنية فوقهم فقُتل مَن قُتل وظل الآخرون عالقين تحت الأنقاض فيما فقد الدفاع المدني (ذوو الخوذ البيضاء) القدرة على الإنقاذ بعد استهداف مراكزه وأفراده. وبعدما وزّعت آخر المؤن الغذائية انعدمت سبل العيش، والآن ينتظر الأسد دعم «حليفه الطبيعي» الآخر: حصار التجويع.
بات واضحاً لماذا كان متاحاً دائماً ل «الحليف الطبيعي» لترامب (و»الحليف الموضوعي» لأوباما) أن يلقي البراميل المتفجّرة على شعبه، ولم يكن ممكناً أبداً إلقاء أي مساعدة إنسانية الى المحاصرين في حلب وغيرها. إنه أكبر تحالف جهنمي اجتمع فيه الأعداء والمتضادّون ليمنعوا شعب سورية من نيل حريته وحقوقه، وجعلوا ثمن بقائه على أرضه أن يرضى بالحاكم المستبد المجرم الذي كان الترخيص الدولي والإقليمي لبقائه يقوم على ضمانه أن شعبه غير موجود. لذلك فهو لا يريد حلب، وحلفاؤه جميعاً لا يريدونها، سوى أكوامٍ من الركام.
يتصرّف ترامب وبوتين كما لو أن بينهما تفاهماً سابقاً ويتعجّلان تفعيله، بل إن بوتين لم يعد راغباً في العمل مع الإدارة الحالية، لأن هناك استحقاقات، أو تحديداً لأن مجزرة حلب لا تستطيع الانتظار لشهرين إضافيين. وعلى نحوٍ مجاني ومتهافت، يبدو ترامب مسلّماً سورية الى روسيا، حتى قبل أن يتسلّم مهماته. فعل ما تفادى سلفه أن يفعله على رغم أنه ارتكب أفدح الأخطاء في سورية. لا أحد في المنطقة العربية سيحنّ الى أيام أوباما أو سياساته، لكن ما سيُفتقد على الأرجح هو ذلك الحد الأدنى - ولو الوهمي - من القيم والأهداف. هذا على الأقل ما يبدو أن أنغيلا مركل قصدته عندما انتهزت وقوفها الى جانب أوباما لتقول مخاطبةً ترامب: «الأسد لا يمكن أن يكون حليفاً لنا»، ولتشرح أيضاً أن الأسد مسؤول عن الإرهاب وعن معاناة اللاجئين الذين اجتاحوا ألمانيا، ف «معظمهم هرب من الأسد وليس من تنظيم داعش». لا شك أن الأوروبيين يفضّلون شكواهم المريرة من بلادة سياسات أوباما على الشكوك العميقة التي تنتابهم حالياً إزاء استخفاف ترامب ونياته «الانقلابية».
السؤال ماذا بعد حلب، كالسؤال ماذا بعد الموصل وماذا بعد «داعش»، لا يُطرحان بحثاً عن حلول سلمية استقرارية تأخذ في الاعتبار مجتمعات البلدَين ومكوّناتهما، بل للانكباب على رسم حدود وخرائط للصراعات والتوتّرات، وبالتالي للوصايات الخارجية المستدامة. كان أوباما يبرّر تلكؤه في مساعدة المعارضة السياسية والعسكرية بأنه لا يعرفها وبالخشية من جماعات الإرهاب، لكن تردّده جاء ب «داعش»، وعندما أراد ضربه جاءت روسيا لمشاركته وللسير بالأزمة السورية نحو حل سياسي لكنها لم تحارب الإرهاب بل أجّجت نار الصراعات المذهبية، وتخوض الحسم العسكري لمصلحة الأسد. لذا لم يعد مستغرباً أن يبدأ ترامب «من الآخِر»، فهو أعفى نفسه من محاربة الأسد (لم يتوقعها أحد منه) خشية أن تؤدّي الى «مواجهة مع روسيا»، لكنه مصمّم على محاربة «داعش». الفارق أن ترامب، خلافاً لأوباما، لا يرى مشكلةً ولا عاراً أخلاقياً في إبقاء الأسد وحتى التحالف معه، بل إنه مثل بوتين والأسد وخامنئي لا يعترف بأن هناك شعباً في سورية.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.