وزير التعليم العالي: تجهيز الجامعات الأهلية بأحدث الوسائط التعليمية والمعامل    «المحامين» تعلن بدء الإضراب العام الأربعاء المقبل بعد تصويت الجمعية العمومية    رسميًا بعد انخفاضه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23-6-2025 في البنوك    غلق وتشميع 8 محلات مخالفة في حملة مكبرة ب العاشر من رمضان    احتفالية " Egypt Car of the Year Award" في دورتها الخامسة عشرة تؤكد ريادتها إقليميًا ودوليًا    "محلية النواب" توافق على منحة بقيمة 7.5 مليون دولار لإنشاء مركز محاكاة للتدريب    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    محافظ المنوفية يلتقى يتيمتين من ذوى الهمم ويوجه بإيداعهما دار كبار بلا مأوى    أبو الغيط يدين الهجمات الإيرانية على قاعدة أمريكية في قطر    قبل مباراة إنتر ميامي وبالميراس.. ميسي يمطر شباك الفرق البرازيلية بالأهداف    تحذيرات من حالة الطقس في مباراة تشيلسي والترجى التونسي    7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم    محلل أداء الأهلي السابق: ريبيرو يختلف تمامًا عن كولر    حريق بمخلفات في المنطقة الصناعية بطريق المطار بالغردقة    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب تروسيكل بالمنيا    ضبط مركز علاج طبيعي غير مرخص يديره أخصائي علاج طبيعي وينتحل صفة طبيب جلدية وتجميل بسوهاج    الهلال في كأس العالم للأندية.. محمد حسن علوان فاز بالبوكر عن "موت صغير"    خبير: إيران فى مأزق الرد.. ونتنياهو يجرّ الشرق الأوسط إلى مواجهات خطيرة    أسامة عباس: دخلت التمثيل بالصدفة.. وكنت أمارس المحاماة في البداية (فيديو)    جريدة مسرحنا تفتح ملف آمال المسرحيين وتتابع أبرز عروض الموسم في عددها الجديد    جامعة القاهرة: إدراج 3 مجلات علمية فى تصنيف كلاريفيت يعكس قوة البحث العلمى    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب    الرعاية الصحية تطلق الفيديو الخامس من حملة «دكتور شامل» لتسليط الضوء على خدماتها لغير المصريين    الدكتور خالد عبدالغفار: مصر حريصة على ترسيخ شراكات أفريقية مستدامة في المجال الصحي    الكنيسة تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي زفتى وريف المحلة الكبرى    تركيا تبرم اتفاقية مع الأونروا لاستضافة مكتب تمثيلي للوكالة بأنقرة    أزمة في ليفربول بسبب محمد صلاح    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    طائرتان تابعتان لسلاح الجو الألماني تقلان 190 مواطنًا من إسرائيل    وزير الخارجية الفرنسي يطالب بضرورة وقف الهجمات على إيران منعًا للتصعيد    "حقوق إنسان النواب" تطالب بتعزيز استقلالية المجلس القومي وتنفيذ توصيات المراجعة الدولية    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد    صندوق النقد: مخاطر أوسع على النمو العالمي بعد الضربات الأمريكية لإيران    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    فيلم "المشروع X" يواصل التألق 117 مليون جنيه في 5 أسابيع    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    فى ذكرى ميلاده ال 85، أمل دنقل رائد شعر الرفض وهذه أبرز قصائده عن فلسطين    مصرع عامل وإصابة اثنين آخرين في انفجار غلاية مصنع منظفات بأسيوط    انتهاء رفع أنقاض "عقار شبرا المنهار".. ولا ضحايا حتى الآن | فيديو وصور    ما هي سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم؟.. المفتي السابق يجيب    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    حوار - جوزيه يتحدث عن غضبه من مدير الكرة بالأهلي وعروض الزمالك.. ورأيه في كأس العالم للأندية    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الوادي الجديد فرص الاستثمار في المخلفات    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    أمريكا تُحذر من مظاهرات مناهضة للولايات المتحدة في الخارج    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    احتفاء رياضى باليوم الأوليمبى فى حضور وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب : ترامب مثل بوتين والأسد لا يرى شعباً في سورية
نشر في الوفد يوم 24 - 11 - 2016

يتم حالياً اغتيال حلب، بإبادة بطيئة، برعاية على أعلى مستوى: فلاديمير بوتين وباراك أوباما ودونالد ترامب وعلي خامنئي وبنيامين نتانياهو... وبالبثّ المباشر. العرب والأوروبيّون والعالم يقرّون بالعجز والهوان، روسيا ونظام بشار الأسد والإيرانيون في طريقهم الى إنجاز انتصار. عندما باشر الروس حملة التدمير المنهجي قبل شهرَين، لم يتوقّعوا ردود الفعل التي أدانت «جريمة حرب» موصوفة، فحاولوا أولاً التنكّر ب «شرعية» محاربة الإرهاب، ثم أوحوا بتقاسم المسؤولية مع الأميركيين أو إلقاء اللوم عليهم لأنهم «لم ينجحوا في فصل المعتدلين عن المتشدّدين» في صفوف مقاتلي المعارضة. عندئذ فضّلوا تغيير كامل تكتيكهم، لا لسبب أخلاقي أو إنساني، بل لأن الهجوم البرّي لاقتحام دفاعات المعارضة لم ينجح. وخلال الهدنة التي أعلنوها، ومدّدوها مراراً، لم يكونوا يتوقّعون من المحاصَرين داخل حلب سوى الاستسلام والمغادرة الفورية. لا الروس ولا حلفاؤهم يقبلون بأن يبقى مدنيّ واحد في المدينة، ولا هم فتحوا ممرات آمنة بمعايير الأمم المتحدة لإقناع المدنيين بالخروج، ولا سمحوا بإدخال مساعدات إنسانية. إنهم يبحثون عن مجزرة كبرى، عن إبادة فعلية.
خلال الهدنات الروسية، طرأ تغيير مهمّ. انتُخب ترامب رئيساً للولايات المتحدة. ابتهجت موسكو ودمشق، ولم تبتئس طهران، فما يناسب حليفَيها في سورية يناسبها أيضاً، ثم إنها منهمكة بتجذير وجودها في سوريا عبر شراء العقارات واستكمال حصارات التجويع في المناطق المحيطة بدمشق، أما مشاكلها مع واشنطن في شأن الاتفاق النووي وغيره فهي قادرة على إدارتها. كان ترامب قال خلال حملته، أنه لا يعرف بوتين الذي كان الوحيد في قول «أشياء جيدة» عنه وفي دعمه باختراقات إلكترونية، لذلك فهو مستعد للعمل مع الرئيس الروسي لبناء تعاون بين الدولتين. لكن ما ظهر بعدئذ لفت الى أن بين الرجلين قنوات اتصال وليس مجرد كلمات طيبة، وإذ شمل الابتهاج بفوز ترامب إسرائيل أيضاً، فلا بد أن تقارب بوتين ونتانياهو فعل فعله في كواليس الرئيس المنتخب وبعض عائلته فضلاً عن «اللوبي اليهودي». ثمة اتصال وتواصل منطقيان بين هذه العناصر، وقد أنتجا هذه المهادنة الترامبية المبكرة لروسيا – بوتين، على رغم أنها لا تتماشى كلّياً مع التوجّهات الأساسية للحزب الجمهوري.
في الرابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر)، تهاتف بوتين وترامب. كان هذا الاتصال الثاني المعروف بينهما. أفاد الكرملين رسمياً بأنهما تحادثا عن «ضرورة توحيد الجهود في محاربة الإرهاب»، وبحثا في «سبل تسوية الأزمة السورية». أما الترجمة الفورية لهذه اللغة الخشبية فتقول أن بوتين أبلغ الآخر بأن معركة حلب ستُستأنف. لم يستأذنه، طبعاً، لكنه شرح التكتيك الجديد: روسيا تخوضها جوّاً كالعادة، لكنها تتوارى إعلامياً وراء نظام الأسد، طالما أن الأخير غارقٌ في سمعته الدموية. في اليوم التالي، أي 15/11 بدأت الحملة الجديدة على حلب، وفي ذلك اليوم قال الأسد في لقائه مع التلفزيون البرتغالي: «إذا كان ترامب يريد محاربة الإرهابيين فسنكون حلفاء طبيعيين له مع الروس والإيرانيين». هذا يعكس تناغماً مع تصريحات عديدة لترامب قال فيها أن الأسد ليس مشكلته وإنما تنظيم «داعش»، وأنه لن يدعم تسليح المعارضة، وهو كان وصف حلب في إحدى المناظرات مع منافسته هيلاري كلينتون، بأنها «كارثة إنسانية لكن المدينة في الأساس سقطت».
ما يتوقّعه ترامب وما وُعِد به أن بوتين و «حليفه الطبيعي» الأسد إضافة الى الإيرانيين، سينهون عملية حلب قبل مباشرته عمله في البيت الأبيض في 20/01/2017. هذا يعني رمزياً وفعلياً، أنه أعطى الضوء الأخضر للإجهاز على المدينة، وأصبح مع أوباما شريكين لبوتين في أبشع مرحلة مرّت بها حلب في تاريخها الطويل. ولم يعد هناك معنى لكل الانتقادات والإدانات التي توجّهها الإدارة الحالية للقصف الحاصل. فلا الأمم المتحدة ولا قناة الاتصال الأميركية - الروسية التي يقال أنها لا تزال فاعلة، ولا اتصالات كيري - لافروف، ولا أي جهة على الإطلاق، لمّحت الى بحث في هدنة «حقيقية» أو وقفٍ لإطلاق النار. أما الحصيلة خلال الأيام الأولى، فتجاوزت بضع مئات من الضحايا قضى العديد منهم في القصف المركّز على المستشفيات التي لم يعد أي منها في الخدمة، لذا فإن أكثر من ألف جريح لا يجدون من يهتم بهم، وبعض كثير منهم أصيب بأسلحة محظورة دولياً كالقنابل الفوسفورية أو العنقودية أو قذائف الكلور المعبّأة في البراميل المتفجّرة، وقد لا يختلف مصيرهم عن مئات دمّرت الأبنية فوقهم فقُتل مَن قُتل وظل الآخرون عالقين تحت الأنقاض فيما فقد الدفاع المدني (ذوو الخوذ البيضاء) القدرة على الإنقاذ بعد استهداف مراكزه وأفراده. وبعدما وزّعت آخر المؤن الغذائية انعدمت سبل العيش، والآن ينتظر الأسد دعم «حليفه الطبيعي» الآخر: حصار التجويع.
بات واضحاً لماذا كان متاحاً دائماً ل «الحليف الطبيعي» لترامب (و»الحليف الموضوعي» لأوباما) أن يلقي البراميل المتفجّرة على شعبه، ولم يكن ممكناً أبداً إلقاء أي مساعدة إنسانية الى المحاصرين في حلب وغيرها. إنه أكبر تحالف جهنمي اجتمع فيه الأعداء والمتضادّون ليمنعوا شعب سورية من نيل حريته وحقوقه، وجعلوا ثمن بقائه على أرضه أن يرضى بالحاكم المستبد المجرم الذي كان الترخيص الدولي والإقليمي لبقائه يقوم على ضمانه أن شعبه غير موجود. لذلك فهو لا يريد حلب، وحلفاؤه جميعاً لا يريدونها، سوى أكوامٍ من الركام.
يتصرّف ترامب وبوتين كما لو أن بينهما تفاهماً سابقاً ويتعجّلان تفعيله، بل إن بوتين لم يعد راغباً في العمل مع الإدارة الحالية، لأن هناك استحقاقات، أو تحديداً لأن مجزرة حلب لا تستطيع الانتظار لشهرين إضافيين. وعلى نحوٍ مجاني ومتهافت، يبدو ترامب مسلّماً سورية الى روسيا، حتى قبل أن يتسلّم مهماته. فعل ما تفادى سلفه أن يفعله على رغم أنه ارتكب أفدح الأخطاء في سورية. لا أحد في المنطقة العربية سيحنّ الى أيام أوباما أو سياساته، لكن ما سيُفتقد على الأرجح هو ذلك الحد الأدنى - ولو الوهمي - من القيم والأهداف. هذا على الأقل ما يبدو أن أنغيلا مركل قصدته عندما انتهزت وقوفها الى جانب أوباما لتقول مخاطبةً ترامب: «الأسد لا يمكن أن يكون حليفاً لنا»، ولتشرح أيضاً أن الأسد مسؤول عن الإرهاب وعن معاناة اللاجئين الذين اجتاحوا ألمانيا، ف «معظمهم هرب من الأسد وليس من تنظيم داعش». لا شك أن الأوروبيين يفضّلون شكواهم المريرة من بلادة سياسات أوباما على الشكوك العميقة التي تنتابهم حالياً إزاء استخفاف ترامب ونياته «الانقلابية».
السؤال ماذا بعد حلب، كالسؤال ماذا بعد الموصل وماذا بعد «داعش»، لا يُطرحان بحثاً عن حلول سلمية استقرارية تأخذ في الاعتبار مجتمعات البلدَين ومكوّناتهما، بل للانكباب على رسم حدود وخرائط للصراعات والتوتّرات، وبالتالي للوصايات الخارجية المستدامة. كان أوباما يبرّر تلكؤه في مساعدة المعارضة السياسية والعسكرية بأنه لا يعرفها وبالخشية من جماعات الإرهاب، لكن تردّده جاء ب «داعش»، وعندما أراد ضربه جاءت روسيا لمشاركته وللسير بالأزمة السورية نحو حل سياسي لكنها لم تحارب الإرهاب بل أجّجت نار الصراعات المذهبية، وتخوض الحسم العسكري لمصلحة الأسد. لذا لم يعد مستغرباً أن يبدأ ترامب «من الآخِر»، فهو أعفى نفسه من محاربة الأسد (لم يتوقعها أحد منه) خشية أن تؤدّي الى «مواجهة مع روسيا»، لكنه مصمّم على محاربة «داعش». الفارق أن ترامب، خلافاً لأوباما، لا يرى مشكلةً ولا عاراً أخلاقياً في إبقاء الأسد وحتى التحالف معه، بل إنه مثل بوتين والأسد وخامنئي لا يعترف بأن هناك شعباً في سورية.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.