في عرض البحر الأسود بين تركياوسوريا، كانت طلّتها الأولى على عالم الأحياء، وفي منتصف مياه الرياح التوفيقي، كانت نظرتها الأخيرة على الدنيا، وما بين الولادة في البحر، والغرق بالماء، لُقبت بالكروان الحزين، وسمع شدوها العالم بأكلمه، بعدما وهبها الله حنجرة قوية ذات شجن خاص. "آسمهان"، سليلة عائلة "الأطرش" السورية الثورية ضد الاحتلال الفرنسي، التي عاشت نحو 32 عامًا، قسمتهم بين طفولة مترحلة بسبب الحرب التي عانى ويلاتها الوطن سوريا، وبين شباب قضته في عوالم الغناء والتمثيل، وشيب لم تصل إليه بسبب وفاتها في سن صغير. - ولدت "أسمهان" على متن باخرة تشق البحر الأسود بين تركياوسوريا، لتستقر مع عائلتها بعد الرحلة الطويلة في جبل الدروز. - استمرت هناك حتى قيام الثورة السورية الكبرى على الاحتلال الفرنسي، بقيادة سلطان "آل الأطرش" زعيم الدروز. - توفى والدها "فهد الأطرش" في ذلك الوقت العصيب، ما اضطر والدتها إلى السفر بصحبة أبنائها، ومنهم "فريد الأطرش" شقيق "أسمهان"، ليستقروا بحي الفجالة بالقاهرة. - ذاقت العائلة الملكية مرارة الفقر والجوع طيلة سبعة سنوات، وحتى يبدأ "فريد" الغناء وتليه شقيقته. - ظهرت المواهب الفنية والغنائية ل"آمال" -وهو اسمها الحقيقي- مبكرًا، فقد كانت تغني في البيت والمدرسة مرددة أغاني "أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب" وشقيقها. - وفي أحد الأيام استقبل "فريد" في المنزل الملحن "داود حسني" أحد كبار الموسيقيين في مصر، فسمعها وهي تغني في غرفتها فطلب إحضارها وسألها أن تغني من جديد، فغنت "آمال" فأعجب بصوتها. - سماها المحلن ب"آسمهان" حيث كان يتعهد بتدريب فتاة تشبهها جمالًا وصوتًا وتوفيت قبل أن تشتهر لذلك أحب أن يدعوها بذلك الاسم. - انطلاقتها الفنية الحقيقية بدأت عام 1931، حيث أخذت تشارك أخاها في الغناء داخل صالة "ماري منصور"، إلى جانب الأفراح والإذاعة المحلية. - وراح نجمها يسطع في سماء الأغنية العربية، بعدما آثر صوتها الكبير "محمد عبدالوهاب"، الذي قال عنها: "إن أسمهان فتاة صغيرة لكن صوتها صوت امرأة ناضجة". - في عام 1934، تزوجت "آسمهان" من الأمير "حسن الأطرش" وانتقلت معه إلى جبل الدروز في سوريا، ثم رزقت بابنتها الوحيدة "كاميليا"، لكن حياتها في الجبل انتهت على خلاف مع زوجها. - فتحت الشهرة التي نالتها كمطربة باب الدخول إلى عالم السينما، فمثلت عام 1941 أول أفلامها "انتصار الشباب" إلى جانب شقيقها "فريد الأطرش"، فشاركته أغاني الفيلم. -وقيل أنها أثناء التصوير، تعرفت على المخرج "أحمد بدرخان" ثم تزوجته عرفيًا، ولكن زواجهما إنهار سريعًا وانتهى بالطلاق. - وفي عام 1944 مثلت فيلمها الثاني والأخير "غرام وانتقام"، وسجلت فيه مجموعة من أحلى أغانيها، إلى جانب ظهورها الصوتي في بعض الأفلام الأخرى. - أثيرت الكثير من القصص والأقاويل حول تعاونها مع الاستخبارات البريطانية، بشأن مساعدتهم على تحرير سوريا وفلسطين ولبنان من القوات الفرنسية، وإقناع أهالي جبل الدروز بعدم التعرض للقوات البريطانية. - واعترف بذلك الجنرال "إدوارد سبيرز" ممثل بريطانيا في لبنان، بأنه كان يتعامل معها مقابل أموال وفيرة دفعت نظرًا لخدماتها. - ماتت غريقة خلال عام 1944 في الرياح التوفيقى أمام مدينة أجا بمحافظة الدقهلية، بعد سقوط سيارتها في الماء.