لكل دولة قصص وروايات، كتب التاريخ معظمها وحفظت الذاكرة بعضها، هذا هو حال قضية الحرب والسلام بين العرب واسرائيل، حيث يشهد الصراع العربى الاسرائيلى شد وجذب من آن لآخر لتحرير البلدان العربية. يومين فقط حددوا تاريخ الماضي ومواقف الحاضر ومجهول المستقبل، 19و20 نوفمبر 1977 تاريخ لا يمكن نسيانه، حتى بعد مرور 39عاماً، على ذهاب الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات للكنيست الإسرائيلي. فجر "السادات" بعد حرب أكتوبر مفاجأته الكبرى عندما قال: "ستُدهش إسرائيل حينما تسمعني الآن أقول أمامكم إني مستعد إلى الذهاب لبيتهم نفسه، إلى الكنيست الإسرائيلي ذاته". ليرحّب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن بإعلان السادات، وبالفعل تم تحديد يوم السبت الموافق 19 نوفمبر 1977 موعدًا للزيارة، معلناً أنه لن يعترف بالدولة الفلسطينية، ولن يقبل بإجراء اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن لم يثنِ هذا الإعلان السادات عن القيام برحلته. ووصفه الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر بعد سماع الخطاب بأن السادات "يشبه أول رجل صعد إلى سطح القمر". واستعد الموساد الإسرائيلي بجميع أجهزته ورجاله للزيارة المرتقبة في قلق بالغ، واعتبروا أن خطاب السادات ما هو إلا خدعة جديدة مثل خدعة حرب 1973. فما أشبه الليلة بالبارحه، فاليوم يوافق السبت 19نوفمبر 2016، فكيف يرى العالم تلك الزيارة بعد مرور أكثر من ربع قرن عليها، ويؤكد سياسيون ل "بوابة الوفد"، أن السلام الذي عقد مع اسرائيل معلق وناقص، ولن يكون فعلياً إلا إذا اقامت دولة فلسطينية وانسحب الاسرائيليون من هضبة الجولان. في هذا السياق أفاد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية السابق، أن السلام الذي بحث عنه الرئيس السادات أثناء زيارته ل" اسرائيل" هو سلام معلق، ولن يكون فعلياً إلا بتحقيق الطرح المصري، وهو أن تحكم فلسطين ذاتياً لمدة 5 سنوات ثم تقام دولة فلسطينية. وأضاف هريدي، أن هذا السلام لن يكون كاملاً إلا إذا تحقق شرطين أساسيين :"إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى انسحاب اسرائيل من هضبة الجولان"، مشيراً إلى أن إذا لم تحقق هذة الشروط سيبقى السلام ناقصاً. وتابع هريدي :"الموقف اليميني الاسرائيلي لا يريد التخلي عن الارض، لكنه طرح فكرة الحكم الذاتي الاداري، أي يمارس السيادة على اراضي محتله، ويقنن سيادته على الأراضي الفلسطينية"، موضحاً أن تلك السياسة مخالفة للقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة ومعاهدة السلام التي عقدت مع اسرائيل. فى السياق ذاته، قال ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، "تحل علينا الذكرى ال 39 للزيارة التاريخية للرئيس السادات إلى إسرائيل ولم يتحقق السلام الفعلى بين الفلسطينين والعرب وإسرائيل بل تراجعت القضية الفلسطينية من بين أولويات الدول العربية". وأضاف الشهابي، أنه مازالت أرض الجولان السورية محتلة، ومازال حلم انشاء دولة فلسطينية حلم بعيد المنال، موضحاً أنه فى ظل تردى الاوضاع العربية والأزمة الاقتصادية المصرية، وتفكيك دولة العراق وتدمير سوريا وليبيا تباعد إلى حد كبير احتمالات أن يكون هناك استكمال لعملية السلام بين العرب وإسرائيل. وتابع الشهابي، "يأتي ذلك فى ظل الاختلال الكبير فى موازين القوى وانحيارها الكبير لصالح إسرائيل، وأيضا نتيجة لغياب الروح القومية التى كانت تغذي العرب بقوة وحدتهم فى صراعهم مع العدو الاسرائيلى الصهيونى بل مكنت تلك الزيارة من أن تكون الحقبة إسرائيلية". وأكد رئيس حزب الجيل، أن بعد مرور 39 عام على الزيارة أصبح لإسرائيل اليد الأطول فى المنطقة العربية وتحول الصراع من عربى إسرائيلى إلى صراع عربى سنى شيعى وصراع عربى اخوانى، مشيراً إلى أن أصبح الدم العربى يراق بأيدي عربية ولا يوجد فى المنظور القريب ما يغير الأوضاع العربية السيئة والسيادة الإسرائيلية على المنطقة.