ننشر أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية فى الإسماعيلية    الوزراء: افتتاح المتحف المصري الكبير 3 يوليو بمشاركة دولية واسعة وفعاليات تمتد 3 أيام    حزب المؤتمر: بيان الخارجية بشأن تنظيم زيارات الوفود الأجنبية يعكس التزام مصر الثابت تجاه فلسطين وحماية أمنها القومي    زلزال بقوة 6.4 درجات يضرب تايوان    وزير التجارة الأمريكي يستبعد التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي قريبا    طاهر: هذا هو الفارق بين كولر وريبييرو    خاص| الكشف عن أسباب خلاف أحمد حمدي مع الزمالك    النيابة العامة تُنهي التحقيقات في واقعة سرقة أموال الدكتورة نوال الدجوي    انتظام حركة قطارات الخط الثالث لمترو الأنفاق بعد إصلاح العطل الفني    النيابة تستدعي العروسين ووالديهما في واقعة زواج قاصر من مصاب بمتلازمة داون بالشرقية    بعد التحذير منها سابقا.. طبيب شهير يوضح فوائد تناول الزبدة يوميا    طاقات الشباب أمن قومى    الزمالك يستقر على تدعيم الهجوم بثلاث صفقات أجنبية في الصيف المقبل (خاص)    رئيس الأركان الإسرائيلي: سنواصل قتال حماس.. وغزة الساحة المركزية    بعد انتهاء إجازة العيد.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    منافس الأهلي.. ميسي وسواريز يتصدران قائمة إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    أمسيات وعروض فنية في ختام احتفالات الثقافة بعيد الأضحى في الأقصر    ليلة قمرية تدخل في هذه الأبراج الفلكية وتنقلب حياتهم العاطفية    المتحف المصري الكبير نقلة حضارية وثقافية لمصر.. تقرير لإكسترا نيوز    الأوطان ليست حفنة من تراب.. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة المقبلة    أحمد مرعي: معسكر الصين فرصة جيدة لإعداد المنتخب الأولمبي لكرة السلة    الفيتامين وحده لا يكفي.. تعرفي على طرق أخري لتقوية ذاكرة طفلك    3 مشروبات طبيعية ترفع معدلات الحرق وتمنحك الشبع    «الريادة»: معركتنا الحقيقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون على المقاعد الفردية    موعد صرف معاش تكافل وكرامة شهر يونيو 2025.. الزيادة الجديدة وطرق الاستعلام    شوبير: أزمة كثرة النجوم في الأهلي مصطنعة    ماجد الكدواني: «أنا وكريم عبدالعزيز بنخاف من الكوميديا.. ودا اللي اتفقنا عليه» (تفاصيل)    "مياه الفيوم": تحليل 36 ألف عينة لمتابعة جودة مياه الشرب والصرف خلال مايو 2025    "كل شيء مُدمر".. تفاصيل مجزرة إسرائيلية مروعة في دير البلح بغزة.. فيديو    اتحاد ألعاب القوى يتفق على تدريب المنتخب في ملاعب جامعة قناة السويس    تفاصيل مجزرة إسرائيلية مروعة في دير البلح بغزة    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر لها ثقل تاريخي ودور إقليمي محوري    ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر على الطريق الصحراوى|فيديو    تأجيل استئناف المتهم الرئيسي في "تظاهرات الألف مسكن" ل14 يوليو    أحمد عبدالحميد ينضم ل أبطال مسلسل «ابن النادي»    هل يستمر أوسيمين؟.. جالاتا سراي: الفرص تتزايد يوميًا    محافظ الدقهلية: تكثيف الترويج للفرص الاستثمارية وتيسير الإجراءات لخلق مشروعات جديدة    الأردن يدين القصف الإسرائيلي لمحيط المستشفى الميداني الأردني بغزة وإصابة ممرض    الضويني ناعيا مدرس الأزهر المقتول: لقي مصرعه في المكان الَّذي رجع إليه ليكون آمنًا مع أهله    وزير الري: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود في دول منابع النيل تُهدد استقرار الإقليم    بعد الهجوم الأوكراني بالمسيرات على أسطول القاذفات الروسي.. "سي إن إن": الولايات المتحدة معرضة لنفس الهجمات    رغم تحذيرات الصحة العالمية..حكومة الانقلاب تتجاهل متحور "نيمبوس" شديد العدوى سريع الانتشار    وزير الزراعة يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات بفرنسا    الحج السياحي 2025.. جهود الجميع نجحت في حل أي مشاكل طارئة بسرعة واحترافية    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    وزير المالية: اقتصاد مصر يتحسن.. و«اللي جاي أفضل»    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    حكم البسملة لمن بدأ القراءة من وسط السورة؟.. المفتي يجيب    كيا مصر تحذر المقبلين على الشراء من هذه السيارات.. التفاصيل    مانشستر سيتي يعلن ضم الهولندي رايندرز لمدة 5 سنوات    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جورج سمعان يكتب : الشرق الأوسط في فوضاه مع كلينتون أو ترامب
نشر في الوفد يوم 07 - 11 - 2016

غداً يتبوأ قيادة أميركا والعالم رئيس جديد. وكان من عادة أهل الشرق الأوسط أن يترقبوا قيادة تنصفهم في قضيتهم المركزية. ظلوا عقوداً على هذه الحال. واليوم يترقبون وقد تبدلت أحوالهم وتعاظمت قضاياهم. وأياً كان الرئيس الجديد سيظلون إلى أجل مجهول نهباً لهذه الفوضى العارمة. فالإدارة الأميركية الآتية ستكون أمام امتحان صعب. فالصراع على الإقليم بلغ ذروة لم يشهدها في تاريخه الحديث. وهذا التزاحم على اقتسام جغرافيته، أو بالأحرى ديموغرافيته، صورة عما سيؤول إليه المشهد الاستراتيجي عاجلاً أم آجلاً. وقد يطول حلول اللحظة المناسبة أمام الساكن الجديد للبيت الأبيض للبدء برسم النظام الإقليمي على أشلاء ما خلفته وتخلفه الحروب الأهلية والمواجهة المفتوحة مع الإرهاب. وقد لا تصح القاعدة أن ثمة ثوابت في السياسة الأميركية، أياً كان الحاكم ديموقراطياً أم جمهورياً. وأن المواقف في حمأة السباق الرئاسي ليست معياراً دقيقاً أو ثابتاً أو تصلح لما بعد الانتخابات. بالتالي، ليس كل ما ألقاه المرشحان هيلاري كلينتون ودونالد ترامب في السباق إلى البيت الأبيض قابلاً للتحقيق. أو أن أحدهما سيكون قادراً على التزام وعوده وشعاراته. نال الرئيس باراك أوباما جائزة نوبل للسلام... وأي سلام!
تبدلت الثوابت في السياسة الأميركية عموماً وحيال الشرق الأوسط خصوصاً لأسباب عدة. أبرزها ما طرأ على الاقتصاد العالمي وخلف آثاراً واسعة على مفهوم العولمة والتجارة الحرة. وما أصاب قطاع النفط دولياً وأدوات إنتاجه خلف متاعب واتجاهاً إلى تقليص الاعتماد على الزيت العربي تدريجاً. وبين الأسباب أن روسيا تنهض مجدداً لتقديم نفسها قطباً دولياً منافساً. فضلاً عن صعود الصين الذي أرغم إدارة الرئيس أوباما على نقل ثقل الاهتمام الاستراتيجي من الشرق القريب إلى البعيد، إلى المحيط الهادي وبحر الصين. وهناك تنامي الإرهاب وانتشاره ظاهرة تتجاوز كل الحدود. وكذلك نشوء قوى إقليمية ومحلية عصية على الانصياع لمفاهيم ومواثيق دولية ترعى العلاقات بين الأمم. ولعل أبرز هذه الأسباب انهيار المنظومة العربية على نحو لم يشهده التاريخ الحديث لدول المنطقة. والاتفاق النووي مع إيران وما جر من تبدل في خريطة العلاقات الغربية عموماً مع الشرق. فضلاً عن طموحات الجمهورية الإسلامية باستعادة عصر إمبراطوري غابر. تماماً كما تركيا الأردوغانية الطامحة هي الأخرى إلى بعث العثمانية مجدداً. تحولات استراتيجية جذرية بدلت في الثوابت التي درج الرؤساء الأميركيون لعقود الحفاظ عليها ورعايتها. وبدلت في صورة الإقليم وشبكة علاقاته ومصالحه، بعدما كسرت حدوداً محرمة وأحيت شياطين حروب لا أفق للخروج منها قريباً.
لن يكون بمقدور الرئيس الأميركي الجديد، أياً كانت هويته، أن يتعافى سريعاً من مخلفات إرث سلفه الحافل بالتعقيدات والملفات الشائكة. من تداعيات الحروب التي تنهش دولاً عربية وترهق اقتصادات دول أخرى، إلى المتاعب التي يعانيها الجناح الآخر من الحلف الأطلسي عموماً. سواء بمواجهة الصعود الروسي وهجومه من أوكرانيا إلى المشرق العرب وشمال أفريقيا، إلى مصاعب أوروبا واهتزاز اتحادها والمصاعب التي تواجهها من تداعيات «الربيع العربي»، وتحديات الإرهاب واللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين. ما ستواجهه أي إدارة جديدة ليس أزمات تستلزم حلولاً، بل تداعيات ما خلفه القعود عن معالجة هذه الأزمات، سواء في ليبيا أو سورية والعراق واليمن. وهي تداعيات ولّدها انكفاء الرئيس أوباما و «وفاؤه» بشعارات عدم التدخل وتصفية مخلفات حروب سلفه، وميله إلى إشراك قوى عالمية أخرى في قيادة شؤون العالم. فانتهى الأمر بما عليه الحال في المشرق العربي، وحتى أفريقيا الميدان المقبل للحرب على الإرهاب.
كلينتون التي خبرت السياسة الخارجية وبنت علاقات مع معظم قادة العالم، ستعمل، إذا فازت، على الخروج الصعب من سياسة الانكفاء التي مارسها أوباما. ستواصل الحرب على «داعش» في سورية والعراق، هذا إذا لم يكن التنظيم قد تلقى، قبل تسلمها السلطة، هزيمة مدوية في كل من الموصل والرقة. وكانت من الداعين إلى مزيد من الانخراط في الأزمة السورية. وطالبت بالتدخل المباشر. وأيدت إنشاء مناطق آمنة، ومناطق حظر جوي، والمساعدة على إطاحة النظام. لكنها تدرك أن الرياح الروسية تجري بخلاف ما تشتهيه. تبدل المسرح في بلاد الشام ويتبدل كل يوم. ولن تبدد روسيا الفرصة المواتية من أجل تمكين النظام من استعادة حلب وغيرها من المناطق. ليصبح عندها من المستحيل على ساكن البيت الأبيض أن يبدل في الواقع الجديد. حتى وإن أعادت تصحيح العلاقات مع تركيا، فإن هذه لن تكون في موقع القادر على مواجهة الحضور الروسي والإيراني في سورية والعراق. بالكاد ستتمكن أنقرة من الاحتفاظ بما اقتطعت لها من شريط في أراضي جارتها الجنوبية، ومن قاعدة ومواقع نفوذ في المحافظات العراقية السنّية الشمالية وكردستان. هاجسها أن تحجز لها كرسياً فلا تذهب حملاتها وجهودها هباء عند بدء رسم النظام الإقليمي. وأن تضمن مصالحها الأمنية أولاً والاقتصادية ثانياً، ودورها لاعباً في المنطقة. لكن ما تنبئ به معركة الموصل والرقة من تداعيات وصراعات بين المكونات الداخلية في كل من العراق وسورية وبين القوى الإقليمية لن يتيح لأي إدارة ترف الانتظار.
وقد لا تستطيع كلينتون رأب الصدع الذي أصاب العلاقة التاريخية مع أهل الخليج أو عرب الاعتدال عموماً. مصر يممت شطر روسيا، ومثلها دول أخرى تسعى إلى بدائل من غياب الأميركي. لن تكون مهمتها سهلة في إعادة العلاقات إلى ما كانت. هناك عوامل تحكم هذا الملف المعقد. صحيح أنها تؤيد الاتفاق النووي وتبدي في المقابل اهتماماً بترميم العلاقات مع أهل الخليج لمواصلة الحرب على الإرهاب. وأنها تبدي رغبة في الحد من تمدد إيران والتخفيف من وطأة نفوذها. لكن الصحيح أيضاً أن ما خلفته الحروب من تغييرات ديموغرافية في سورية والعراق وما أحدثه الانقلاب الحوثي في اليمن، لا يشيان بأن مواجهة هذا التمدد ستكون سهلة. فالصراع المذهبي في المنطقة يهدد بحروب متناسلة وبتفكيك كيانات. وقد سعت طهران لبناء توسعها إلى بناء جيوش محلية رديفة للجيوش النظامية في أكثر من بلد. ولم يعد بمقدور اللاعبين الكبار، مهما عظم شأنهم أن يملوا إرادتهم، كما كانت الحال أيام انقسام العالم بين قطبين. ثمة قوى محلية وإقليمية يصعب إخضاعها لركوب قطار تسويات لا تروق لها ولا تراعي مصالحها. لذا، لن يكون الأمر سهلاً. فالحروب دمرت العلاقات بين المكونات الطائفية والمذهبية والعرقية في أكثر من بلد عربي وفتحت جروحاً لن يأتيها الترياق من العراق. والصراع المذهبي والإقليمي المتصاعد على حلب والموصل يوحي بأن القوتين الكبريين ليستا قادرتين على فرض رؤيتهما، إذا قدر لهما التفاهم. ولا شيء يشي أيضاً بأن اللاعبين الأصغر تعبوا أو أنهكهم الاستنزاف. يعني ذلك أن المشرق العربي سيظل في محطة انتظار قد تطول قبل أن يشهد حركة دولية لوقف الحروب والصراعات.
بالطبع لن تكون الصورة أفضل إذا فاز ترامب. فالرجل ساهم في تعزيز ظاهرة الإسلاموفوبيا. ولا حاجة إلى التذكير بمواقفه وتصريحاته العنصرية. سيؤدي وصوله إلى مفاقمة الفتور الذي يعتري علاقات كثير من البلدان العربية مع الولايات المتحدة. وإلى تعزيز ظاهرة الإرهاب تالياً. ولن تكون علاقاته بأوروبا، وحتى ببعض جيرانه في أميركا اللاتينية أفضل حالاً. سيوتر العلاقات مع إيران لمعارضته الاتفاق النووي معها، وقد لا يستطيع إلغاءه. لكن وعده ب «وقف بناء الديموقراطيات في الدول الأجنبية، وإطاحة الأنظمة والتدخل في قضايا الآخرين» سيطلق يد طهران نحو الإقليم... ويتواصل الصراع المذهبي. مثلما سيطلق يد الرئيس بويتن في سورية وغيرها من المواقع.
وحدها إسرائيل لا يقلقها من سيسكن البيت الأبيض، سواء كان ترامب الذي فاق الصقور في تأكيد العلاقة الاستراتيجية معها، أو كلينتون التي تضع تفوق الدولة العبرية فوق أي اعتبار آخر. فهذه العلاقة ثابتة لا تتبدل أياً كان الحزب الحاكم في الولايات المتحدة. ولا شيء يمكن أن يرجوه الفلسطينيون أو العرب الذين لم تعد قضية فلسطين مركزية أو أولوية. فالرئيس أياً كان لا يمكنه تجاوز علاقات تاريخية راسخة يحرسها الحزبان المتنافسان ويحرصان عليها.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.