«شد وجذب».. هكذا كان الحال تحت قبة البرلمان بالأمس، بعد أن تعالت أصوات النواب المطالبة بسحب الثقة من الحكومة، لفشلها في مواجهة الأزمات المتعاقبة، بينما رفض آخرون هذه المطالب، مؤكدين على مساندتهم لها في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. وكان المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء قد حضر إلى مقر جلسة البرلمان بالأمس للرد على استجوابات النواب، واعتبر أن الأوضاع في مصر مستقرة وأفضل من دولة أخرى كثيرة مثل سوريا والعراق وليبيا. وأكد في كلمته، أن الأزمات الحالية التي تشهدها مصر، نتيجة إلى تراكمات الماضي، وبسبب الحكومات السابقة التي كانت تخشى المخاطرة والمجازفة، قائلًا:«لو فعلت ذلك لما وصل الحال إلى هذا الوضع الآن.» وفي المقابل قال الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، إن المجلس يتضامن مع الحكومة في جميع القرارات الصعبة التي تتخذها للخروج من الوضع الاقتصادي الراهن، مضيفًا:« لسنا أقل من أي دولة مرت بظروف اقتصادية صعبة». وفي هذا الصدد، رأى الخبراء في الشأن السياسي، أن تراجع البرلمان عن سحب الثقة من الحكومة مؤشر خطير، يؤكد غيابه عن القيام بالدور المنوط به من مراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها. قال جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، إن حديث المهندس شريف إسماعيل في جلسة الأمس بالبرلمان لم يكن كافيًا لتراجع مجلس النواب عن سحب الثقة من حكومته، كما أنه لم يكن دقيقًا من الناحية الإقتصادية. وذكر أنه كان يتوجب على البرلمان سحب الثقة من 5 وزراء على الأقل من حكومة المهندس شريف إسماعيل، حتى يشعر الناس بأن هناك تغييرا واتجاها لتصحيح الأوضاع ومواجهة الأزمات، معددًا الوزراء التي كانت تستحق سحب الثقة هم وزراء التربية والتعليم والتموين والتعليم العالي والاستثمار. وأكد عودة على أن البرلمان لا يسير في الطريق الصحيح ولا يقوم بالمهام المطلوبة من التشريع ومراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها، مشددًا على ضرورة أن يكون له رد فعل الأوضاع الحالية لاحتواء الغضب الشعبي. وذكر مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه لا يشعر بأن هناك برلمان يستطيع أن يسحب الثقة من الحكومة، أو على الأقل تقديم استجواب يهز الوزارة الحالية. وتابع، أن البرلمان الحالي غير قادر على استخدام أدواته الرقابية، بل نجده مرودًا من قبل الحكومة والعكس صحيح. وقال ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، إن جلسة مجلس النواب وحماس النواب الشديد بالأمس إلى سحب الثقة من الحكومة كانت فرصة البرلمان فى استعادة ثقة الشعب به والتى ضاعت فى ممارسة الأعضاء فى دور الانعقاد السنوى الأول، لكنهم أضاعوها. وأكد أن جلسة الأمس وتراجع النواب عن سحب الثقة من الحكومة، بمثابة علامة فارقة فى تاريخ البرلمان المصرى، ومؤشر خطير يؤكد أن العصمة ليست فى يد المجلس وأعضائه، بدليل هدوء حماسهم الشديد وكلماتهم النارية ضد أداء الحكومة ورئيسها بدون أى وعود من رئيس الحكومة على رفع معاناة الشعب. ورأى الشهابي، أن البرلمان سوف يستمر كأداة تابعة للدولة وخاضع لتوجهاتها ولن يمارس مهام الرقابية أو التشريعية، وذلك لأسباب تتعلق بطريقة اختيار الأعضاء، إضافة إلى غياب عامل الخبرة عن النواب والأمانة العامة للبرلمان ورئيس المجلس النواب. وأشار إلى أنه حتى الأعضاء القدامى لا يملكون أى خبرات برلمانية فى فترة نيابتهم السابقة عن الحزب الوطنى، لأنهم لم يمارسوا مهام العضوية فى تلك الفترة.