شهدت العملية الانتخابية للجان النوعية حشدا ممنهجًا حتى وصل لأن يرأس لجنة حقوق الإنسان، ضباط شرطة سابق، فيما وصل الأمر أيضا للتشكيك فى العملية نفسها، وهو ما حدث فى لجنة الإسكان، فيما شهدت أيضا تدخل رئيس المجلس لحسم انتخابات لجنة الدفاع والأمن القومى لصالح كمال عامر، فى الوقت الذى يرغب أعضاء اللجنة فى تغييره من الرئاسة. وذلك بحسب عضو باللجنة ل«الوفد»، رفض الكشف عن هويته، ومن ثم كان الحشد الممنهج والانتقالات المشبوهة لصالح مرشح ضد مرشح، وهو السمة الغالبة للعملية الانتخابية، وهو ما حدث باعترافات الجميع فى لجان حقوق الإنسان، والإسكان ولجنة الإدارة المحلية. وبمناسبة الحديث عن الحشد الممنهج، والانتقالات المشبوهة، شهدت لجنة حقوق الإنسان لأول مرة فى تاريخها وصل عدد أعضائها ل60 نائبًا، وهو أمر يخالف اللائحة فى المقام الأول، حيث كان رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، ورئيسها الحالى، دخل فى صراع رئاستها ضد النائب أكمل قرطام، وهو الأمر الذى تكرر فى لجنة الإسكان، وما شهدته من حشد ممنهج أيضا بين كل من النائب معتز محمود، وعلاء والى، من قيادات ائتلاف دعم مصر، بالاضافة إلى لجنة الإدارة المحلية وحشد النائب صلاح أبوهميلة، فيما تحدث نواب عن تصرفات غير ايجابية فى هذا الحشد، حيث وصل الأمر لشراء نواب ودفع أموال.. وهو ما لم ترصده «الوفد» على أرض الواقع، لكن تردد بكثرة بين النواب بعضهم البعض. وبالبحث فى هذه المقدمات رأينا أن سؤالين فى حاجة إلى اجابة محددة، ومطالبات لابد من تفعيلها من جانب مجلس النواب فى لائحته الداخلية للقضاء على هذه الظاهرة السلبية التى تشوه جزءًا منه، ويتم تصديرها للرأى العام، وهو الأمر الذى لا يمنع من وجود ايجابيات كثيرة فى العملية الانتخابية، ووجود لجان من ال25 تمت فيها العملية الانتخابية على صحيح القانون واحترام الأعراف الديمقراطية، وعلى رأسها لجنة الشئون التشريعية، والاقتصادية والخطة والموازنة، وهى أمور تبعث بالايجابية أيضا. تمثل السؤالان في: لماذا يحرص عدد كبير من النواب على رئاسة اللجان النوعية، ولماذا كل هذا التحدى فى العملية الانتخابية؟ والسؤال الثانى تمثل فى لماذا تتيح لائحة المجلس حرية الانتقال بين اللجان بعضها البعض فى ظل العلم بالحشد الممنهج الذى يحدث إبان العملية الانتخابية، ومن ثم الانسحاب منها مرة أخرى؟ قبل السعى نحو الاجابة عن هذين السؤالين لابد من أن نطلع على لائحة المجلس فى موادها «38 و39 و40»، حيث تنص على أن كل لجنة من اللجان النوعية للمجلس، تضم عددًا من الأعضاء، يحدده المجلس فى بداية كل دور انعقاد عادى، بناء على اقتراح مكتب المجلس، بما يكفل حسن قيام هذه اللجان بأعمالها، ولا يجوز فى جميع الأحوال أن يزيد عدد أعضاء اللجنة من محافظة واحدة على ربع مجموع أعضائها، ومادة 39 يتلقى رئيس المجلس فى بداية كل دور انعقاد عادى فى الموعد الذى يحدده، ترشيحات الأعضاء لعضوية اللجان. ويتولى مكتب المجلس التنسيق بين هذه التشريحات بمراعاة إعطاء أولوية الاختيار لأقدم الأعضاء فى عضوية اللجنة التى يطلب الترشح لها، ثم لذوى الخبرة والتخصص فى مجال نشاط اللجنة، ومادة 40 يجب أن يشترك العضو فى إحدى لجان المجلس، ويجوز له، بموافقة مكتب المجلس، أن يشترك فى لجنة ثانية للإفادة من خبرته وتخصصه فى مجال نشاط اللجنة، وفى هذه الحالة لا يكون له حق التصويت فى اللجنة الثانية، أو صرف أى مزايا مالية عن حضور اجتماعاتها ولا يجوز لرئيس أو أى عضو بمكتب إحدى اللجان أن يكون عضواً فى أية لجنة أخرى إلا بموافقة مكتب المجلس. هذه المواد الثلاث تنظم العملية الانتخابية باللجان النوعية وإتاحة الفرصة للالتحاق باللجان فى بداية كل دور انعقاد بأن يختار العضو لجنة تكون أساسية له وفرعية بحث تكون الأساسية له صوت فيها فيما تكون الفرعية مشاركة بالخبرة ليس أكثر دون تصويت، حيث يحرص النواب على رئاسة اللجان لكونها تكون خطًا مباشرًا بينهم وبين السلطة التنفيذية ومن حقه أن يتواصل مع الوزير المختص بشكل مباشر بخلاف النواب العاديين، ويضاف إلى ذلك حضورهم اجتماعات اللجنة العامة والتواصل بشكل مباشر مع رئيس المجلس، وأيضاً التواصل مع رئاسة الجمهورية فى اختصاصاتهم أيضاً بشكل مباشر، وحضور الاحتفالات والاجتماعات ذات الاختصاص. وبالتالى حرص النواب على رئاسة اللجان له مبررات عينية ومادية كبيرة ولكن السؤال الثانى والأهم هو حرية الانتقال من لجنة إلى لجنة فى بداية كل دور انعقاد وهو ما يتم استثماره بطريقة سيئة من أجل حشد ممنهج لصالح نواب بأعينهم وهو ما يتطلب تدخلا حاسما من أعضاء المجلس لمنع هذه المهزلة التى تشوه صورة المجلس وتصوير الأمر بكونه صفقات لصالح أشخاص بأعينهم، ومن ثم الأفضل هو تعديل اللائحة بأن يكون الالتحاق فى اللجان النوعية فى بداية كل فصل تشريعى وليس كل دور انعقاد، بحيث يكون لكل نائب لجنة أساسية له فيها صوت أساسى ولجنة فرعية يتنقل فيها حيثما يشاء دون أن يكون له صوت أساسى له فى الانتخابات أو القرارات التى تتخذها اللجنة، وهو الأمر الذى يكون من شأنه القضاء على ظاهرة الحشد الممنهج وعقد الصفقات ويتيح الفرصة للنواب للعمل دون الالتفات للمصالح الشخصية. فى هذا الصدد يقول: د. صلاح فوزي، عضو لجنة إعداد الدستور، ان انتخابات اللجان النوعية أمر تنظمه اللائحة الداخلية للمجلس، خاصة بعد أن حسم الدستور آليات انتخاب رئيس المجلس ووكيليه فى بداية كل فصل تشريعي. وأضاف «فوزي» فى تصريحات ل«الوفد» أن النصوص القانونية لا يتم الحكم عليها بشكل نهائى إلا بعد التجربة على أرض الواقع ومعرفة إيجابيانها وسلبياتها ومن ثم إذا رأى نواب المجلس ان حرية الانتقال بين اللجان بعضها البعض له سلبيات فمن حقهم أن يقوموا بتعديل هذه النصوص من أجل المصلحة العليا والحفاظ على هيبة المجلس، مشيراً إلى أن العملية الانتخابية دائماً ما يشوبها بعض السلبيات، التي تتطلب التغلب عليها من واقع اللوائح المنظمة لها ومن ثم إذا اثبتت التجربة سلبية الانتقال من لجنة إلي لجنة من أجل ما يسميه البعض: الصفقات الانتخابية فهذا الأمر يتطلب تعديلا علي الفور ووضع ضوابط إيجابية من شأنها التغلب علي هذه السلبيات. من جانبه اعترض بدوي دسوقي عضو مجلس النواب عن دائرة الجيزة، بشكل رسمي علي انتخابات اللجان النوعية بالبرلمان، والطريقة التي تمت بها خاصة في ظل الانتقالات من لجنة إلي لجنة في إطار الحشد الممنهج لمرشح علي حساب الآخر، والتي تمت في لجان الإسكان وحقوق الإنسان والإدارة المحلية. جاء ذلك في تصريحات ل«الوفد»، مؤكدا أنه يتم استغلال اللائحة الداخلية للمجلس بصورة خاطئة، من اجل عقد صفقات لإنجاح مرشح وخسارة الآخر، مشيرا إلي أنه بالفعل تقدم بطلب تعديل نصوص اللائحة الداخلية للبرلمان فيما يخص انتقال الأعضاء من لجنة إلي أخري وعدم جواز انتقال النائب خلال دور الانعقاد، مطالبا الدكتور علي عبدالعال رئيس المجلس وأمانة المجلس، بعد الموافقة علي طلبات التحويل للأعضاء خلال دور الانعقاد، بحيث يقتصر التحويل في بداية كل دور انعقاد علي أن يستكمل العضو دور الانعقاد في لجنته. ويؤكد النائب الوفدي أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن هذه الظاهرة تسيء للمجلس أكثر مما تفيده واللجان النوعية تكون للعمل فيها وفق المتخصصين وليس من أجل الانتخابات، مشيرا إلي أنه كل نائب يري أهليته للعمل في لجنة ما عليه الانضمام لها، وليس الانضمام لإنجاح مرشح علي حساب الآخر في رئاسة اللجنة. وأشار السجيني إلي أن اللائحة الداخلية للمجلس تتيح حرية الانتقال ولكن لابد من ضوابط حاكمة لهذا الأمر، حيث ينتقل النائب لمدة 24 ساعة، ومن ثم يقوم بالانتقال منها لإنجاح مرشح علي حاب الآخر، وهذا أمر لابد من مواجهته من النواب في اللائحة الداخلية، لأن سلبياته كثيرة، وقد ينجح نائب علي حساب الآخر دون وجه حق، سوي أن منافسه حشد الكثير من الأعضاء المؤيدين. وقال النائب محمد أنور السادات إن هذه الظاهرة مثيرة للدهشة، وفي حاجة إلي ضوابط في اللائحة الداخلية للمجلس لمنعها، مشيرا إلي أنه حدثت في لجنة حقوق الإنسان بدور الانعقاد الثاني، ووصل الأمر لأن ترأس هذه اللجنة ضابط شرطة، والجميع تابع ردود الأفعال علي هذا الأمر. أكد السادات أننا في حاجة إلي ضوابط لهذا الأمر لمنع الانتقال من أجل الحشد الممنهج، مشيرا إلي أن أي نائب له حرية الوجود في أي لجنة والحضور فيها والمشاركة، ومن ثم وجب في اللائحة أن تضبط الأمر فيما يتعلق بالعملية الانتخابية لرئاسة اللجان، خاصة أنه يتم استخدامها بطريقة سلبية للغاية.