الجميع يعلم أن هناك مؤامرة خارجية تحاك ضد مصر منذ ثورة 30 يونيو بعد أن فشل المخطط الأمريكى فى تنصيب الإخوان على حكم مصر. وأطراف هذه المؤامرة واضحون أمام الجميع، الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض الدول الأوروبية فى الخارج والإخوان فى الداخل، إلا أن ما تمر به مصر منذ أشهر عدة يؤكد أنها تعيش مؤامرة داخلية أيضًا أطرافها لوبى من بعض رجال الأعمال والمحتكرين المنتفعين الذين يريدون تطويع النظام وفقًا لمصالحهم فقط وربما ينفذون الأجندة الأجنبية بتقويض الاقتصاد المصرى لتدميره ذاتيًا، والغريب أن الحكومة الحالية طرف فى هذه المؤامرة وإن لم تكن شريكًا واضحًا إلا أن أداءها الفاشل والضعيف جعلها جزءًا من مؤامرة تدمير مصر، فالأحوال والأزمات الداخلية التى تعيشها مصر طوال الفترة الماضية تؤكد وجود أصابع تلعب فى الخفاء لتدمير مصر اقتصاديا وتضييق الخناق على المصريين ليثوروا على هذه الأوضاع خاصة أن دعوات الخروج فى 11 /11 تجد لها أرضًا خصبة فى ظل هذه الأزمات التى يعيشها المصريون كل يوم، ورغم أن هناك الكثير من المصريين ضد نظرية المؤامرة إلا أن ما يحدث طوال الفترة الماضية يؤكد أن ما يحدث فى مصر ليس مجرد صدفة ولكنه أمر مدبر لغرض فى نفس بعض المنتفعين من هدم مصر وزعزعة استقرارها. وبعيدًا عن المؤامرة.. الخارجية، فإن ما يحدث فى مصر من أزمات متتالية ومتزايدة طوال الفترة الماضية يؤكد أن هناك أيادى خفية تسعى لتدمير مصر، هذه الأيادى ليست خارجية ولكنها داخلية تستطيع السيطرة على مجريات الأمور فى الداخل لخلق أزمات متتالية، فها هو الشعب المصرى يخرج من أزمة زيت الطعام، ليدخل فى أزمة الأرز الذى ارتفعت أسعاره لمعدلات قياسية رغم منع التصدير ورغم أن الانتاج المحلى يكفى الاستهلاك ويفيض، وما أن انتهت أزمة الأرز حتى ظهرت أزمة السكر الذى وصل سعره ل 9 جنيهات، رغم أن الحكومة كانت قد صرحت من قبل بأن المخزون يكفى حتى شهر فبراير المقبل. وفى الوقت الذى يقوم فيه البنك المركزى بضخ مليارات الدولارات فى الأسواق أسبوعيا ما زالت أزمة الدولار مستمرة رغم الهجمة الشرسة على شركات الصرافة ومحاولات الحكومة الفاشلة السيطرة على سوق الصرف، ونتيجة ارتفاع أسعار الدولار واختفائه الغريب من الأسواق ظهرت أزمة أخرى فى سوق الدواء نتيجة اختفاء أنواع كثيرة من الأدوية منها أدوية تستخدم لعلاج الأمراض المزمنة والتى لا غنى للمريض عنها، بالاضافة إلى أزمة اختفاء المحاليل الطبية من الأسواق رغم أنها لا تستورد من الخارج، كذلك هناك ازمة ارتفاع الأسعار التى لا تنتهى، والتى لم تقتصر على السلع المستوردة بل وصلت لأسعار الخضراوات والفاكهة التى تنتج فى السوق المحلى، بالاضافة إلى أزمة أنابيب البوتجاز شبه الدائمة، كل هذه الأزمات جعلت البعض يتحدث عن الخروج يوم 11 /11 اعتراضًا على ما آلت إليه الأمور، ولم يعد هناك حديث للشارع سوى هذه الأزمات وكيفية الخروج منها. الخبراء أيضا أكدوا أن ما يحدث فى مصر مؤامرة لها أطراف واضحة وأخرى خفية وعجز الحكومة عن المواجهة زاد من خطورة المؤامرة وآثارها على الشارع المصرى. ويرى الدكتور جمال زهران أن هناك مشاركة بين أطراف المؤامرة الداخلية والخارجية، فمصر تتعرض لمؤامرة من أطراف إقليمية ودولية ومحلية، فلوبى نظام مبارك بتحالفاته الداخلية وعلاقاته الخارجية يلعب فى الداخل من أجل تحقيق مصالحه التى انتهت، فى حين ما زال الاخوان يلعبون بمساندة الغرب للإضرار بمصالح مصر، فهم يعملون الآن لتخويف النظام وشل إرادته وقراراته لتحقيق العدالة الاجتماعية التى ستضر بمصالح هذا اللوبى فى المقام الأول. فتحقيق العدالة الاجتماعية - التى اتخذها نظام السيسى شعارًا وهدفًا له – يتطلب وجود دور كبير للدولة، وهو ما يعنى تراجع دور القطاع الخاص الذى يمتلكه حفنة قليلة من رجال الأعمال من رموز نظام مبارك، وهو ما يرفضه هؤلاء ومن ثم بدأوا فى خلق الأزمات الواحدة تلو الأخرى، وساعدهم على ذلك انتشار الفساد فى كافة مناحى الدولة، بل إن الحكومة التى تركت رجال الأعمال يفعلون ما يشاءون ولم تحاسب الفاسدين على فسادهم، ما زالت تحاسب صغار اللصوص فى حين تترك الكبار أحرارا، وبذلك تعتبر الحكومة شريكًا فى هذه المؤامرة. وأضاف زهران أن هذا اللوبى يستخدم كل الوسائل المتاحة لتنفيذ مخططه من خلال امتلاكه لوسائل الاعلام التى تسعى ليل نهار لتشويه رموز الثورة، بالمخالفة للدستور، كذلك هناك طرف آخر للمؤامرة وهو السلفيون الذين يدعون أنهم مع النظام رغم أنهم يعملون لمصلحة أعوانهم الإخوان الذين يريدون تقويض الدولة المصرية. ويؤكد زهران أن هذه المؤامرة لا تتم بمعزل عن المؤامرة الخارجية وإنما بالتعاون معها، ففى حين يعمل هؤلاء لخلق أزمات داخلية نجد سفارات أمريكا وانجلترا وكندا تحذر رعاياها من احتمال حدوث أعمال عنف فى مصر، فى حين ما زالت روسيا تمنع سائحيها من دخول مصر، وأزمة مقتل الشاب «ريجينى» تأخذ منحى سياسيا.. كل هذا يحدث فى ظل أداء هادئ جدا للسياسة المصرية لا يرقى لمستوى المؤامرة التى نعيشها، فإذا كان النظام لا يستطيع مواجهة متآمرى الخارج فبإمكانه مواجهة متآمرى الداخل. ونفى الدكتور زهران أن تكون هذه الأزمات سببا لنزول المصريين يوم 11/11 فالشعب لا يثور بمواعيد مسبقة، فالمؤامرة أكبر من ذلك وهدفها تفكيك الدولة المصرية حتى يسهل إسقاطها، لذلك يجب أن تكون الدولة حاسمة فى محاسبة الكبار قبل الصغار وبسرعة وتقديمهم لمحاكمات ناجزة وسريعة وتغليظ العقوبات عليهم ليكونوا عبرة لغيرهم. ويطالب الدكتور زهران بضرورة تكاتف كافة القوى الوطنية الذين شاركوا فى ثورتى 25 يناير و30 يونية لإيجاد حل لمشكلات المجتمع وتوجيه النظام لكيفية مواجهة هذه المؤامرة، التى تستهدف تدمير الدولة المصرية، لذلك لابد أن يكون هناك حوار مجتمعى ينطلق من حزب الوفد باعتباره أكبر وأعرق الأحزاب الوطنية لمناقشة كيف نسند الدولة قبل وقوعها؟ ورُغم أن حسين عبدالرازق عضو المجلس الرئاسى لحزب التجمع ضد نظرية المؤامرة، فإنه أكد وجود قوى فى الداخل والخارج ضد النظام وسياساته، وهذه القوى ترى أن النظام ضد مصالحها وتقف ضده، ولذلك تفتعل أزمات معينة لخلق رأى عام مضاد للنظام، وهذا أمر منطقى ضد أى نظام، ولكن الخطير فى الأمر أن الحكومة لم تستطع التعامل مع هذه المشكلات التى تؤثر فى حياة المواطنين اليومية، وكان الواجب عليها أن تعمل على حل هذه المشكلات بدلاً عن تركها وسيلة يستغلها البعض. وأضاف عبدالرازق أن المشكلة الحقيقية تكمن فى أمرين أولهما اتباع النظام لنفس سياسات السبعينيات والثمانينيات القائمة على الاعتماد على البنك الدولى والتى ثبت فشلها، وكانت سببا فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، والتى قامت بسبب انسحاب الدولة من قضية التنمية والاستثمار والرهان على القطاع الخاص المحلى والأجنبى، فى ظل رأسمالية يغلب عليها الطفيلية غير المنتجة، و بالتالى فهذه السياسات ستؤدى إلى تفاقم المشكلات التى يعانيها المصريون، أما الأمر الثانى فهو تراجع الديمقراطية. فرغم ان أحد إنجازات الثورة هو صدور دستور 2014 الذى يرسخ مبادئ الدولة المدنية الحديثة، إلا أنه لم يفعّل حتى الآن من خلال القوانين والإجراءات، فرغم أن هناك 54 قانونًا كانت لابد أن تصدر وفقًا للدستور الجديد إلا أنه لم يصدر منها سوى قانون واحد وهو الخاص بإنشاء دور العبادة. وأشار إلى أن القوى المعادية فى الداخل تلعب دورًا كبيرًا فى خلق الأزمات التى يعيشها المواطنون إلا أن جوهر المشكلة ان الحكومة لا تمتلك أدوات لمواجهتها، فهى لا تستطيع فرض تسعيرة على أى شيء، ولا تستطيع مواجهة الاحتكارات رُغم أن جوهر النظام الرأسمالى هو المنافسة ومنع الاحتكار، ولكن فى مصر هناك احتكارات معلومة للجميع والحكومة تعلم ذلك ولكنها لا تستطيع مواجهتها. أما الدكتورة كريمة الحفناوى أمين عام الحزب الاشتراكى المصرى فقد أكدت أن مصر تعيش مؤامرة لا تستهدفها وحدها إنما تستهدف المنطقة العربية كلها بهدف تقسيمها وتفتيتها، هذه المؤامرة تتزعمها الرأسمالية الأمريكية المتوحشة والدول الكبرى، بالإضافة للأطراف الداخلية التى تتمثل فى فئة احتكارية نشأت وترعرعت طوال السنوات الماضية فى ظل سياسات الاقتراض المشروط ببيع المؤسسات القومية المنتجة لتحويل مصر إلى دولة مستوردة لكل شيء، ومن هنا زاد نفوذ هذه الفئة الاحتكارية وارتبطت مصالحها بالخارج، هذه الفئة هى صانعة الأزمات الآن لتحقيق أرباح طائلة تصل فى كثير من الأحيان إلى 100% و200% رغم أن الأرباح فى أعتى الدول الرأسمالية لا تزيد على 25 % ومع ذلك فالحكومة تخشى إصدار قانون منع الاحتكار ومواجهة هؤلاء المحتكرين. وتتساءل الدكتورة كريمة: «كيف لبلد فى حالة حرب ضد الإرهاب والتطرف، وتعيش أزمات متتالية لا يكون لديها اقتصاد حرب وإدارة للأزمات؟ لماذا لا يتم تغليظ العقوبات على المحتكرين والمتاجرين بأقوات الشعب حتى لو وصلت العقوبة للإعدام. وأضافت أن الأزمات التى يعيشها المصريون سترفع من حالة الاحتقان، ولابد أن يستوعب النظام الدرس، وعليه مواجهة هؤلاء الذين يخلقون فجوة بينه وبين الشعب المصرى بخلق مزيد من الأزمات، خاصة أنهم معروفون للجميع، فلوبى رجال الأعمال الذى ينتمى لعصر مبارك يريد العودة من جديد، ويعملون على لى ذراع النظام لإعادة سلطتهم وامتيازاتهم، ولكن الأمر الغريب أن الدولة تركتهم يفعلون ما يشاءون ولم تتحرك للقضاء عليهم، وبذلك تصبح الحكومة نفسها طرفًا فى المؤامرة بسلبيتها وعدم تحركها وانبطاحها أمام هذه الفئة من رجال نهب المال العام والجشع والاتجار فى أقوات الشعب المصرى. مجرد أزمات وفى حين يتحدث الكثيرون عن مؤامرة ولها أطراف وأهداف إلا أن النائب البرلمانى الدكتور محمد فؤاد المتحدث الرسمى باسم حزب الوفد يرى ان ما يحدث فى مصر مجرد أزمات عادية ترتبت على أزمة الدولار، وصحبها بعض التصرفات غير الوطنية من بعض التجار الذين لجأوا لتخزين السلع لتحقيق أرباح كبيرة، وأشار إلى أن رجال الأعمال من مصلحتهم استقرار البلاد، فرأس المال جبان يريد الاستقرار حتى يستطيع أن ينتج، وليس من مصلحتهم التآمر ضد مصر.