يبدو أن «بدل العدوى» سيكون معركة الأطباء المقبلة مع الحكومة، وذلك لعدم تنفيذ حكم قضائى نهائى صادر لصالحهم من المحكمة الإدارية العليا بزيادة بدل العدوى للأطباء، وهو ما امتنع عن تنفيذه رئيس الوزراء، وهدد الأطباء باللجوء إلى الاعتصام حال عدم تنفيذ الحكم. ويترقب 140 ألف طبيب بشري وأسنان وصيادلة أن تحسم محكمة جنح القاهرة اليوم الثلاثاء 25 أكتوبر مصير الحكم الأول الذى لم ينفذه رئيس الوزراء، مطالبين بحبسه، فرغم صدور حكم قضائي بزيادة بدل العدوى للأطباء من 19 جنيهًا إلى 1000 جنيه، ورفض الاستشكال الذى قدمته وزارة الصحة لوقف الزيادة، إلا أن الأخيرة تتعنت فى تنفيذ ذلك الحكم، بزعم أن ميزانية وزارة الصحة لا تسمح. قال الدكتور محمود كبيش عميد كلية حقوق القاهرة الأسبق: إنه وفقاً للمادة 123 فى الدستور المصرى، والتى تنص على أن كل من يمتنع عن تنفيذ حكم قضائى واجب النفاذ يحبس لمدة عام ويعزل من وظيفته، إذا كان تنفيذ الحكم القضائى داخل اختصاصاته. «الوفد» ذهبت إلى نقابة الأطباء واستمعت إلى الأعضاء. قال أحد الأطباء حديثى التخرج، الذى طلب عدم نشر اسمه: إن الأطباء لديهم الكثير من المعاناة، أولها أن الطبيب يستمر والده فى إنفاق «دم قلبه» عليه حتى يصبح طبيباً ليحمل عنه متاعب الحياة، ثم يتخرج الطبيب ليتفاجأ الأب أن ابنه ما زال عبئاً عليه، مؤكداً أن طبيباً حديث التخرج يبدأ حياته بسنة تدريبية فى مستشفي الجامعة، ويسمى حينها «طبيب امتياز»، ويتراوح أجره شهرياً بين 1000 و1500 جنيه الذى «لا يغنى ولا يسمن من جوع»، على حد قوله، وبذلك فإن الطبيب فى فترة الامتياز يتحصل على متوسط راتب 1200 جنيه عندما تكون سنه 26 سنة، ثم يتم توزيع الأطباء بعد ذلك إلى وحدات صحية لمدة لا تقل عن 6 شهور وقد تزيد، مؤكداً أن طبيب الامتياز يستطيع العمل فى المستشفيات الخاصة بأجر يتراوح بين 50 و150 جنيهاً فى الليلة.. لكنه لا يستطيع العمل لأكثر من يومين أسبوعياً. وأوضح أن طبيب الامتياز تنتهى غالباً فترة تكليفه فى الوحدات الصحية فى عمر 28 سنة، وقد تنتهى فى عمر 31 سنة، إذا تم طلب الطبيب للخدمة العسكرية، إذ إن غالبية الأطباء يلتحقون بالجيش كضباط إذا لم يكن لدى الطبيب سبب للإعفاء أو التأجيل، ثم ينتقل بعد ذلك الطبيب إلى مستشفى حكومى، وفى تلك الفترة يستطيع الطبيب التقدم إلى الدراسات العليا التى تتكون من مرحلتين وكل مرحلة تتطلب عدة آلاف «حوالى 4 أو 5 آلاف جنيه»، ثم يحصل الطبيب على درجة الماجستير بعد حوالى 3 سنوات على الأقل ويستطيع بعدها افتتاح عيادته الخاصة.. ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن يزيد ثمن الكشف فى البداية على 20 جنيهاً.. كما لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يزيد عدد المرضى فى عيادته على 5 مرضى يومياً، مشيراً إلى أنه إذا ما اعتبرنا أنه طبيب متميز فى بداية حياته وأجره هو الأعلى وعيادته تعمل يومياً، فإن دخله الشهري من العيادة سيكون في حدود 3000 جنيه، «وهو في عمر 35 سنة على الأقل و40 سنة على الأكثر». وقال طبيب آخر -رفض نشر اسمه- إن أى طبيب يسعى إلى درجة الدكتوراه التى تحتاج الى مصاريف مثل الماجستير، وتحتاج إلى حوالى 4 إلى 5 سنوات للحصول عليها يكون الطبيب حينها بين عمر 40-45 سنة، ويمكنه رفع أجره في العيادة كيفما شاء حسب تميزه فى تخصصه، ولكن أقصي الأجور غالباً 50 جنيهاً، أى فى حدود 7 آلاف جنيه شهرياً. واختتم حديثه بقوله: إنه ليس من حق الطبيب التداوي مجاناً على نفقة الدولة بعد أن خدم آلاف المرضي في الوحدة وفي المستشفي، وأن تعطينا الدولة بدل 1000 جنيه، بدلاً من 19 جنيهاً بدل عدوى.. متسائلاً: هل هذا جزاء مداواتى مرضى الكبد «فيرس سى» إذا أصبت بما لديهم لا أجد ما يداوينى؟.. هل جزائي بعد كل ذلك أن أهيم بين زملائى ل«أتسول» من مرتباتهم الضئيلة أيضاً، أو أذهب إلى والدى وأنا فى الثلاثين من عمرى وأطلب منه مالاً، لأنى لا أستطيع التكفل بمصاريفى الشخصية. وقال الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء: إن بدل العدوى حق أصيل للأطباء، مؤكداً أنهم يتعرضون لكثير من المخاطر والعدوى، مثل أمراض الدم والإيذر وكثير من الأمراض التى تهدد حياتهم وتؤدى إلى الموت.. وأضاف أن النقابة مستمرة فى اتخاذ الإجراءات القانونية والاحتجاجية المشروعة للحصول على حقوق أعضائها في بدل العدوى، لافتاً إلى صدور حكم واجب النفاذ بحصولهم على بدل العدوى.. لكن الحكومة ترفض التنفيذ، رغم أن النقابة أوضحت من خلال دراستها على ميزانية الصحة العام الماضى والحالى نجد أنه فى الباب السادس «قسم الإنشاءات» بلغت ميزانيته 7.58 مليار جنيه، لافتة إلى أن هذا القسم يحقق فائضاً يتم توريده إلى وزارة المالية، لذلك فمن الممكن اقتطاع ال1.6 مليار جنيه تكلفة تنفيذ الحكم واجب النفاذ من هذا الباب، ورغم ذلك الحكومة ترفض تنفيذ الحكم. وأوضح أن جميع الأطباء يستحقون صرف بدل عدوى.. ولكن هناك ثلاث فئات فقط رفعت الدعوى، وهم الأطباء البشريون وأطباء الأسنان والأطباء الصيادلة، والذين تصل أعدادهم ل140 ألف طبيب وصيدلى، وهم من سيصرف لهم البدل فى حال موافقة الحكومة، وأكد أن راتب طبيب حديث التخرج يتراوح بين 1300 إلى 2000 جنيه، بما لا يتماشى مع الغلاء، فى حين أن الجهات القضائية يصرف لها 3 آلاف جنيه كبدل علاج، وهم ليسوا بحاجة إليها. وأوضح أمين عام نقابة الأطباء أنه لا يمكن الاستمرار فى عقد اجتماعات دون نتيجة وكأنها مفاوضات دون هدف، مؤكداً أن نقابة الأطباء ستلجأ للوقفات الاحتجاجية، بالاتفاق مع النقابات الفرعية، إذا لم تستجب الحكومة للأحكام القضائية الواجبة النفاذ. وقدمت نقابة الأطباء دراسة بأعداد الأطباء البشريين وأطباء الأسنان والصيادلة الحكوميين، وتكلفة تنفيذ حكم بدل العدوى لهم جميعًا، والتى أفادت بأن التكلفة الإجمالية تتراوح بين 1.6 إلى 1.7 مليار جنيه فى العام. واقترحت نقابة الأطباء 3 مصادر كبدائل للمساهمة فى تمويل تكلفة البدل، أولها بند تنفيذ الأحكام القضائية «موجود بالفعل فى الميزانية»، والبند الثانى هو احتياطى الأجور «موجود بالفعل فى الميزانية»، والثالث هو تحويل جزء من الباب السادس من موازنة الصحة «بند الاستثمارات»، وهذا البند نحو 7.6 مليار جنيه، حيث يكون هناك دائماً فائض سنوى عالٍ من هذا البند، ويعود هذا الفائض سنوياً لوزارة المالية، وبالتالى من الممكن تخصيص 1.6 مليار جنيه من هذا البند لتنفيذ بدل العدوى. وقوبلت الحلول التى تقدمت بها نقابة الأطباء بالرفض، وأن بند احتياطى الأجور موجود لتنفيذ العلاوات التى ستقر لاحقاً، وفائض بند الاستثمارات الذى يعود لوزارة الصحة يتم استخدامه لاستثمارات فى وزارات أخرى.