أكد الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق، ضرورة إصلاح تشريعات الاستثمار كلها – وليس القانون فقط – وتغيير الفلسفة التى سارت عليها خلال الخمسة والأربعين عامًا الماضية والإعفاءات وكانت بإيجاز وضع جدول للأنشطة الاقتصادية المطلوب الاستثمار فيها مقابل جدول آخر لمجموعة من الحوافز كان الإعفاء الضريبى معظم الوقت واحدا منها. وأشار إلي ضرورة استخلاص العبر من خبرة الماضى منذ قانون الاستثمار الذى تم عمله فى 1971 وكان وراء إخراجه إلى النور الراحل العظيم الدكتور إبراهيم شحاتة (نائب رئيس البنك الدولى)، وصولا الى تعديلات قانون الاستثمار فى مارس 2015 وقبيل مؤتمر شرم الشيخ وهى التعديلات التى شكلت ردة هائلة و اضرت بشدة بمناخ الاستثمار، لافتًا إلي أنه عارضها حتى من قيل وضعها. وأضاف بهاء الدين خلال ندوة "رؤية بديلة لإصلاح تشريعات الاستثمار" نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية في إطار سلسلة ندوات حول الأزمات الاقتصادية في مصر المخرج والحلول أن خبرة الماضى تؤكد أن النظرة الجزئية والمعزولة فى إصلاح قوانين الاستثمار تقود دائمًا إلى مزيد من النزوع إلى عمل مسارات خاصة أو استثناءات لهذ الجهة أو تلك هروبًا من صعوبة او تعقيدات القانون، مؤكدًا أننا يجب أن نصلح المطار كله – أى التشريعات والفلسفة الحاكمة لها – وليس صالة كبار الزوار فقط أى الاستثناءات . واضاف انه يدرك الضرورة الموضوعية التى تجعلنا نلجا الى الاستنثاءات فى ا لاجل القصير، ويجب ان يكون مبررا ومنضبطا وفى اضيق الحدود والا يعيق الاصلاح الشامل على المدى البعيد. وقال بهاء الدين ان العمل بالشباك الواحد بدا مع قانون 230 لعام 1989 لكن لم نستقر على صيغة له حتى الان منوها الى ان ذلك القانون كان قد منح ايضا هيئة الاشستثمار سلطات رقابية وكان ذلك بداية خلط للادوار امتد حتى الان مشدا الى ان اى اصلاح جاد يجب ان يفصل الرقابة. و عن الترويج اوالتاسيس، اكد زياد أن محاولات جرت منذ 2004 و 2005 لتوحيد النظام القانونى للاستثمار فى مصر وخلالها تم الغاء الاعفاءات - مع احترام المدد المتبقية للمشاريع التى اقيمت فى ظلها -، وقال ان ذلك تم وسط صعوبات بالغة وبعد ان جرت عمليات اساءة استخدام واسعة النطاق لنظام الاعفاءات، ثم جاء قانون 17 لسنة 2015 وكان من مساوئه انه انهى استقلالية هيئة الاستثمار وخلط خلطا شديدا بين الترويج والرقابة، كماجعل الهيئة وبشكل غير ممكن الجهة الوحيدة صاحبة الولاية على ا لاراضى المخصصة للاستثمار وقال زياد ان ما يقلقنى الان اننى ارى عودة الى سياسة الاستثناءات والى الاعفاءات ومزيد من التداخل فى الاختصاصات وتجاهل الاصلاح الاوسع لمناخ الاستثمار. وشدد زياد على ان الاصلاح يتطلب عمل الكثير على جبهات متعددة لكن البداية يجب ان تكون ان ناخذ القرار الذى طال انتظاره منذ عقود وهو اصلاح المسار باكلمه وليس ممرا فيه فقط، مطالبا بالاستجابة للمتطلبات الحقيقية للمستمرين واشراك المجتمع فى الحوار حول الاصلاح وعدم الرجوع الى المزايا الضريبية التى غادرها العالم منذ زمن وعمل تنظيم واحد للمناطق الاقتصادية الخاصة، وتنظيم عمليات فض المنازعات وتوحيد اسسها وتطوير مراكز التحكيم والتوفيق. وأوضح أن اول ما يجب اخراجه الى النور من تشرعات الاستثمار هو قانون موحد للشركات وقانون الصناعة الموحد وقانون جديد المنشات الصغيرة والمتناهية الصغر على ان يتم تسجيلها بالاخطار وتحديد مجالات تناسبها ، وتقنين الملكليات العقارية ، ووضع نظام قانونى موحد لتراخيص البناء وبدء النشاط ، والغاء قانون المحال التجارية والصناعية واعادة النظر فى دور المحليات فى ا لتراخيص. وأكد زياد ضرورة تطوير عدد من القوانين لاصلاح منظومة الاستثمار واهمها قانون المناقصات والمزايدات لخدمة مزيد من الشفافية والتنافسية وجعل ضمانات التنفيذ غير مرهقة ، وتعديل قانون المحاكم الاقتصادية ليسمح بتحدي افضل للنطاق مع العناية بالتدريب، وقانون لتداول المعلومات حتى تتاح للكافة بمعيار واحد ، وتفعيل المبادرة المصرية لاصلاح مناخ الاعمال ( ارادة ) وازالة التناقض بين الجهات الرقابية و تحديث قواعد الإفلاس والخروج من السوق ، وإعادة تقييم الدور الذى يقوم به الصندوق الإجتماعى. وقال زياد إن كل ما هو مطلوب من تشريعات توجد منه مسودات متطورة فى الادارج والخبرات متوفرة والدراسات ايضا وهناك من هم على استعداد عالميا لمنحنا الدعم الفنى اللازم. اكدت المناقشات اننا نتحدث فى مصر بلغة ضريبية غير التى يتحدث بها العالم وان السائد حاليا هو تقديم حوافز غير ضريبية او تخفيف العبء الضريبى على مشروعات بعينها كالمشروعات الصغيرة والمتناهية وليس الاعفاء. وذكرت ان مصر تتمتع بالفعل بمزايا واقعية منها السوق الكبير والموقع الجغرافى المتميز واهليتها لتكون مركزا لوجستيا عالميا ووفرة العمالة فى المجالات المختلفة ، ويتعين تسويق هذه المزايا بشكل صحيح. وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذى للمركز ومدير البحوث، إن ورش العمل هى بمثابة حوار وطنى يستهدف فى النهاية سرعة الوصول الى حلول عملية وواقعية ومتكاملة للتحديات التى يواجهها الاقتصاد فى مصر وتحقيق نمو قوى ومستدام يجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.