برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    طعن قضائي جديد ب المحكمة الإدارية العليا يطالب بإلغاء انتخابات مجلس النواب    تبدأ 10 يناير، ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول للنقل ببني سويف    الحكومة: تشغيل 6 فنادق جديدة بالإسكندرية خلال 2025 توفر 750 غرفة سياحية    إعلام سوري: قسد تستهدف نقاطا أمنية شمالي حلب    مدبولي لسفير الإمارات: العلاقات بين القاهرة وأبوظبي نموذج للتعاون العربي    الدنمارك تستدعي السفير الأمريكي على خلفية تعيين مبعوث لجرينلاند    أمم أفريقيا 2025.. تعادل سلبي بين مالي وزامبيا في الشوط الأول    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    «نصب باسم التصليح».. ورشة تستولي على أموال صاحب دراجة نارية وترفض الإصلاح بالقليوبية    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    مفتي الجمهورية يبحث مع نظيره الماليزي سبل تعزيز التعاون المشترك    محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي ويؤكد: هذا الصرح «مرآة تاريخية» تعكس حضارات مصر.. ويضم 950 قطعة أثرية    قبل بدء التصوير ..أيتن عامر تعتذرعن ظروف خاصة «حق ضايع»    باحث بالأزهر يوضح فضل شهر رجب (فيديو)    مجلس الوزراء يؤكد: أدوية البرد والأمراض المزمنة متوفرة بشكل طبيعي في الأسواق    الاثنين 22 ديسمبر 2025.. البورصة تعاود الهبوط    وزير الثقافة يلتقي الفنان أمير صلاح الدين لبحث إطلاق مهرجان «المسرح والموسيقى للجميع»    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    وزير الخارجية يؤكد على الأهمية المحورية للإعلام الوطني في دعم الأمن القومي المصري    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    أبو بكر رئيسا لمجلس إدارة غرفة البترول والتعدين.. ضاحي وزاهر وكيلين    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    فابريزو رومانو: مطالب الأهلي تعطل انتقال جمزة عبد الكريم إلى برشلونة    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    شهد أمين : جوائز قرطاج ل "هجرة" هي إنجاز جديد للسينما السعودية    الخطيب يبحث مع وزير التجارة الكوري تعزيز العلاقات الاستثمارية    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    حكم المسح على الشراب الخفيف أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    رئيس جامعة سوهاج يلتقي الفريق الطبي المُنقذ للطفل «يوسف» ويشيد بجهودهم    المصري يواجه دكرنس اليوم في بطولة كأس مصر    مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    تأجيل اعادة إجراءات محاكمة متهم بخلية اللجان النوعية بالمرج    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الصناعة والنقل يصل العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد رجال أعمال للمشاركة في منتدى الأعمال المصري العماني    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    روائح رمضان تقترب    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    الداخلية تفتتح قسمًا جديدًا للجوازات داخل مول بالإسكندرية    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إقصاء الإخوان من مجلس الشعب كان قرار دولة أوصت به مؤسسات مهمة‮.. وهذه هي الأسباب
نشر في الوفد يوم 26 - 01 - 2011

سؤال‮: هل يمتلك رجل الأعمال المهندس أحمد عز كل هذا التأثير في الحياة السياسية،‮ والذي يبدو معه كأنه الآمر الناهي فيما يجري من أحداث؟‮. .‬ثلاثة أسباب مجتمعة هي التي دفعتني لتوجيه السؤال السابق وهي‮:
1‮-‬صورة أحمد عز التي رسمها له الإعلام الخاص وتحديدا بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي بدا فيها أنه كل شيء في العملية الانتخابية‮.‬
2‮-‬زيارة واحدة إلي أحد محركات البحث علي شبكة الإنترنت‮ (‬جوجل علي سبيل المثال‮) وكتابة اسم أحمد عز‮.. سوف تخرج إليك آلاف الصفحات وتحديدا‮ 588ألف صفحة تحمل اسم أمين تنظيم الحزب الوطني‮.. وهذا الرقم يعكس دلالة مهمة تؤكد مدي مايتمتع به الرجل من تأثير في حياتنا السياسية‮.. لكن الاختلاف علي نوعية وحجم هذا التأثير‮ .‬
3‮-‬حديث السياسيين والمعارضين عن أحمد عز وسيطرته علي مقاليد العملية الانتخابية الأخيرة لمجلس الشعب‮.. ووصفهم مجلس الشعب الحالي بأنه برلمان عز‮.‬
عندما تنتهي من قراءة الأسباب الثلاثة السابقة،‮ فإنك سوف تخرج بانطباع عن الرجل مفاده‮: أنك أمام شخصية أسطورية باتت تحرك كافة فعاليات الحياة في مصر بأصابعه‮.. لكن عودة إلي سؤالي في بداية السطور‮.. هل هذا هو الحجم الحقيقي لأحمد عز كما يتم تصديره لنا أم أنه يحمل قدرا كبيرا من المبالغة؟
‮(‬1‮)‬
تقديري أن‮ غالبية ماقد قيل أو نشر أو بثته الفضائيات عن عز يحمل قدرا كبيرا من المبالغة وجانباً‮ أكبر من الاستسهال في التحليل‮.. عندما جري تصوير ماحدث في الانتخابات البرلمانية كما لو أن الدولة المصرية‮ -‬بدءا من مؤسسة الرئاسة مرورا بقيادة الحزب الوطني وانتهاء بالمؤسسات السيادية‮- كانت‮ غائبة أو أنها تركت إدارة حياتنا السياسية لشخص أحمد عز‮.. والدليل وفق اسلوب الاستسهال‮- الطريقة التي أدار بها الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخراً‮.‬
أظهر الإعلام تحديداً‮ الخاص أمين تنظيم الحزب الوطني في صورة المُخطط الذي قرر ودبر كل ماجري‮.. وإذا افترضنا جدلاً‮ صحة ما سبق‮.. فربما كان هذا مقبولا لأن عز هو الذي أدار‮ (‬فقط‮) العملية الانتخابية‮.. لكن من‮ غير المقبول التسليم بدور له أكبر من ذلك‮.. خاصة ونحن نعرف جميعاً‮ أننا نعيش في ظل نظام دولة يظل فيها الرئيس أو الحاكم هو صاحب السلطة الوحيدة والمطلقة في اتخاذ القرار لا ينازعه في ذلك شخص أو سلطة‮.
لذا فإن جميع المسئولين بالدولة يعرفون عدم جواز صدور قرار مهم وذي تأثير دون إخطار مؤسسة الرئاسة به قبل أن يصدوره‮.. بل عليهم بعد ذلك انتظار صدور التعليمات ثم تنفيذها‮.. بعبارة أخري فقد استقر في ذهن ووعي جميع المسئولين أنه ليس بإمكانهم اتخاذ قرار كبير ومؤثر‮.. وأن دورهم في تلك الحالة هو تقديم الرؤي أو الاقتراحات‮.‬
اذا وضعنا هذه الاشارة المهمة في الاعتبار ونحن نقرأ ونحلل ماجري في العملية الانتخابية فإننا ووفق الإشارة السابقة لن يمكننا التسليم بأن أمين التنظيم بالحزب الوطني قد أغلق الباب علي نفسه وقام بالتخطيط لما يريده‮.. ثم قام بتنفيذ هواه‮.‬
الرأي الصائب هنا إضافة إلي المنطق في التحليل يري أن أحمد عز في مسألة انتخابات مجلس الشعب كان مجرد أداة تنفيذ وليس تخطيط لسياسات قدمتها أجهزة مهمة بالدولة لصانع وصاحب القرار الأول بالبلد‮.. ثم جري اعتماد تلك السياسات والخطط واقرارها ثم جري بعد ذلك تكليف أشخاص بعينها بتنفيذ مهام محددة وكان من بين هؤلاء أحمد عز بصفته الحزبية‮.. قام عز بالتنفيذ وهو يحمل قناعة من يقدم عملا سياسيا جليلا لخدمة الحكم‮.. اتفقنا أو اختلفنا مع تلك القناعة لكن هذا هو جوهر ماجري‮.‬
‮(‬2‮)‬
اذا اتفقنا علي ماسبق فإنه يجدر بنا أن نتوقف أمام ملاحظتين رئيسيتين تتعلق بالانتخابات السابقة تكشف لنا طبيعة دور أحمد عز وتسحب من الهالة‮ غير الحقيقية التي صنعها له الإعلام الخاص وبعض السياسيين والمعارضين‮.. وما كان الرجل أو أي شخص مكان عز أن يمنع نفسه من استلام تلك الهدية التي وصلته وصوّرته بأنه‮ (‬الكل في الكل‮) في حياتنا السياسية‮.. خاصة إذا عرفنا أنه سوف يحصد جائزة التنفيذ‮ (‬وليس التخطيط‮).‬
وقد سرت رواية بعد الانتخابات مباشرة رددها البعض مفادها أن الحرس القديم ممثلا في شخص الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف قام بتقديم رؤيته للانتخابات قبل اجرائها وتصوره حول كيفية تشكيل مجلس الشعب الجديد‮.. والتي تبلورت حول تأكيده علي ضرورة حصول الحزب الوطني علي الأغلبية المريحة أي مايقرب من أربعمائة مقعد في مجلس الشعب وباقي المقاعد‮ 108‮ مقاعد‮ (‬إضافة إلي عشرة مقاعد بالتعيين‮) يجري تقسيمها علي بقية الأحزاب والتيارات السياسية‮.. ووفق الرواية‮ (‬المزعومة‮) فإنه فور انتهاء صفوت الشريف من تقديم تصوره ورؤيته للانتخابات إلي هيئة المكتب بالوطني فإن أمين التنظيم بالحزب أحمد عز قد أبدي اعتراضه الشديد عليها وأيده في ذلك أمين السياسات جمال مبارك وانتهي هذا الاجتماع إلي تكليف جمال لأحمد عز بتقديم تصوره‮.. وقد نفت لي بعض المصادر تلك الرواية تماماً‮.‬
نعود إلي الملاحظتين الرئيسيتين حول إدارة تلك الانتخابات‮.. الملاحظة الأولي حول عملية الإقصاء التام التي جرت لجماعة الإخوان المسلمين داخل البرلمان‮.. حيث بدت الصورة بأن أحمد عز هو صاحب هذا القرار‮.. لكن يمكن القول هنا أن عملية إقصاء الاخوان من البرلمان كان يقف وراءها عدد من أجهزة الدولة المهمة والتي أوصت بهذا القرار‮.. وجري تقديمه لمتخذ القرار والذي تم اعتماده وأصبح قرار دولة‮.. ويمكن الإشارة هنا إلي الأسباب التي دفعت الدولة لاتخاذ هذا القرار وكانت كما يلي‮:
1‮-‬عندما حصل الإخوان المسلمين علي‮ 88‮ مقعدا في الدورة السابقة لمجلس الشعب عام‮ 2005‮ فإن الإخوان بتلك المقاعد الكثيرة وغير المتوقعة قد حصلوا علي شرعية قانونية هكذا كانت وجهة نظر بعض المؤسسات المهمة بالدولة-سمحت لهم بالتواجد داخل المؤسسة التشريعية‮.‬
2‮-‬العدد الكبير لممثلي الجماعة في مجلس الشعب ساعدهم علي أن يكونوا ملء السمع والبصر‮.. كما سلط أضواء الإعلام المحلي والعربي والعالمي عليهم طوال خمس سنوات كاملة‮.. وأطلوا علي المصريين من خلال الفضائيات بصفتهم ممثلي جماعة الإخوان المسلمين‮.. مما حقق للجماعة تواجدا وانتشارا اعلاميا كثيفا ساعدهم علي كسب مزيد من تأييد وتعاطف المواطنين‮.. مما يتنافي مع الخطاب الرسمي للدولة بوصفهم‮ (‬بالمحظورة‮).‬
3‮-‬كان العدد الكبير لممثلي الإخوان بالبرلمان داعما لتواجدها في النجوع والقري والأقاليم مع مايقدمه أعضاؤها من خدمات للمواطنين‮.‬
وإذا كانت تلك هي الأسباب التي دفعت الدولة إلي اتخاذ قرارها بإقصاء الإخوان من البرلمان فإن التحليل الهاديء لهذا القرار يري أنه لم تتم دراسة أبعاده بشكل كامل حيث أن عملية إقصاء فصيل سياسي كبير مثل الإخوان حتي اذا كان الاختلاف مع توجهاته كبير‮- من البرلمان يتنافي مع قواعد اللعبة السياسية التي تحرص علي أن يضم البرلمان كافة التيارات السياسية في المجتمع‮.. لأن البديل في عدم وجود هذا الفصيل أو ذاك تحت القبة هو اللجوء إلي العمل السري‮.‬
لذا فإن ماظنه البعض داخل الدولة عيباً‮ في مسألة تسليط الأضواء علي نواب الإخوان مما يستدعي معه إقصاء الدولة للإخوان من البرلمان‮.. فإنه في حقيقة الأمر كان يحمل جانباً‮ إيجابياً‮ في صورته الأخري والذي تمثل في أن الإخوان بنوابهم وجماعتهم قد أصبحوا بتصرفاتهم وأقوالهم محلا للتقييم والنقد الدائم‮.. بل نذكر هنا بأن أصواتا وآراء كثيرة مستقلة قد انتقدت أداء نواب الإخوان في مواقف عديدة مما أعطي انطباعا سلبيا عنهم‮.. المؤكد انه قد انتقص من صورتهم‮.‬
وإذا كان التمثيل الكثيف للجماعة في البرلمان السابق أصبح مؤرقا لأجهزة بعينها في الدولة‮.. فإن التعامل مع هذا التمثيل لايكون بالإقصاء التام‮.. لكن بديل ذلك كان يجب أن يكون في تقليل نسبة تمثيلهم داخل مجلس الشعب وليس إقصاءهم بالكامل‮.. بأن يمثلوا بعشرة أو عشرين نائبا علي سبيل المثال أما إقصاءهم بتلك القوة فإنه يحتاج إلي إعادة تقييم مرة أخري للقرار لدي من أوصوا به‮.‬
وتجدر الإشارة هنا إلي أن الحزب الوطني قد قرر بعد انتخابات مجلس الشعب‮ 2005‮ إقامة مكتب لأعضائه داخل قري ونجوع الجمهورية لتقديم نفس الخدمات التي يقدمها أعضاء الجماعة للمواطنين،‮ مثل دفع الرسوم المدرسية لأبناء الفقراء وتوزيع الأغذية والبطاطين عليهم‮.. لكن كان سلوك بعض نواب الوطني يقف حجر عثرة أمام تنفيذ تلك الفكرة التي كانت تسعي إلي إقصاء أو مزاحمة الإخوان داخل القري‮.. وقد فات هنا علي قادة الحزب الوطني أن أعضاء الجماعة عندما يقدمون تلك الخدمات فإنهم يفعلون ذلك عن قناعة واقتناع بمباديء جماعتهم بينما أعضاء الوطني سوف يوظفون تلك الخدمات لمصالحهم الذاتية‮.‬
اذن كان إقصاء الجماعة من المجلس هو قرار الدولة وأجهزتها ولأن أحمد عز هو أداة التنفيذ لتلك الخطط فقد بدت صورة أمين التنظيم كأنه صاحب القرار‮.. وحملت تلك الصورة درجة من المبالغة لدور عز لاتتناسب مع وزنه السياسي الفعلي داخل الحزب والذي نعترف أنه كبير وفاعل ومؤثر لكن ليس بهذا الحجم الذي صورته بعض الأقلام‮.‬
نعم أحمد عز هو أحد اكبر الداعمين مالياً‮ للحزب وتلك ميزة كبيرة قد ميزته عن كثير من رجال الأعمال المنتمين للحزب الوطني‮.. لكن علي الجانب الآخر فإن عز ليس هو المتبرع الوحيد للوطني حيث يلزم الحزب الوطني كبار رجال الأعمال به بالتبرع بمليوني جنيه في بداية كل عام‮.. ويبلغ‮ عدد رجال الأعمال الملزمين والملتزمين بدفع هذا التبرع الإجباري عشرين عضوا ويمكنك أن تعرف أسماءهم بسهولة من الصحف‮.‬
‮(3)‬
بعد أن ننتهي من تسجيل الملاحظة الأولي حول عملية إقصاء الإخوان من مجلس الشعب‮.. فإن الملاحظة الثانية الجديرة بالتسجيل والاشارة إليها هنا هو تلك العملية الأخري التي جري فيها إقصاء عدد كبير جدا من رموز المعارضة تحت قبة البرلمان من‮ غير أعضاء جماعة الإخوان المسلمين‮.. فقد خلا المجلس الحالي بتركيبته الجديدة من معارضين أمثال مصطفي شردي وجمال زهران وحمدين صباحي ومصطفي بكري وعشرات‮ غيرهم‮.. وبدت الصورة في خسارة كل من انتقد أحمد عز تحت القبة‮.. وظهر عز كأنه الحاكم الآمر فعلا وأنه وراء إقصاء كل هؤلاء‮ .‬
ظني أن أمين التنظيم بالحزب قد بدا سعيداً‮ ومنتشياً‮ أمام نفسه ثم أمام قادته وهو يري السهام توجه إليه وتتهمه بإقصاء كل من عارضه‮.. وظني أننا جميعا قد ارتكبنا خطأ في هذا التوجه‮..‬لأنه إذا كان هذا الإقصاء قد جري لبعض النواب المعارضين الذين أزعجوا الحكومة والنظام تحت القبة علي يد عز‮.. فإنه وفي المقابل قد جرت عملية إقصاء أخري لآخرين ليسوا أعضاء بمجلس الشعب مثل إقصاء عمرو أديب وبرنامجه القاهرة اليوم‮.. ومثلما جري مع الزميل ابراهيم عيسي بإقصائه من برنامجه‮ (‬بلدنا بالمصري‮) علي قناة أون تي في‮.. لو أننا أجهدنا أنفسنا قليلا سنري أن تلك العملية من الإقصاء قد جري مثلها أيضاً‮ في ميادين اخري مثلما جري في المجالين الاعلامي والسياسي فهل قام أحمد عز بذلك أيضاً؟
إذا سلمنا بذلك فنحن هنا نرسم صورة أخطبوطية للرجل لاتتفق والواقع السياسي الذي نعيشه‮.. وظني أن المنطق يدفعنا هنا إلي إعمال العقل والتفكير قليلاً‮.. وسوف يقودنا ذلك أو يقودني شخصيا علي الأقل بأن أقتنع بأن ماجري من إقصاء اعلامي او‮ غيره كان قرارا أكبر من أحمد عز نفسه‮.. وأن اجهزة ومؤسسات بعينها في الدولة قد رأت ضرورة إجراء‮ (‬عملية صمت‮) لبعض الأصوات‮ (‬الزاعقة‮) من وجهة نظر تلك المؤسسات‮.. ما ينبغي معه خروج هؤلاء كلا من ساحته لفترة من الوقت وتحديدا قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة‮.‬
وقد ذكرت لي بعض المصادر القريبة من هذا الملف بأن هؤلاء المستبعدين سوف يعودون تدريجيا كلاً‮ إلي ساحته لكن بعد فترة من الوقت‮.. وكانت وجهة نظرهم التي قالوها مفادها أن النظام ليس لديه لدد في الخصومة مع هؤلاء‮.. لكن بعض من جري اقصاؤهم تصور أنه يمتلك جماهيرية كبيرة اعتقد معها أنه يمكنه تحريك الشارع فكان لابد من أن يثبت النظام لهؤلاء خطأ مايعتقدونه‮.. وأنهم إذا ارتاحوا قليلا في بيوتهم فلن يخرج خمسة أشخاص في الشارع كي ينادوا بعودتهم‮.‬
ووفق هذا السياق فإنه من المتوقع أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة بدايات عودة هؤلاء الممنوعين مؤقتا وربما كانت عودة عمرو أديب إلي فضائية ام بي سي‮ -‬حتي لو جاء هذا في‮ غير برنامجه‮- تأكيدا لما ذكرته تلك المصادر‮.‬
مرة أخري فإن عملية الإقصاء رغم حجية بعض الأسباب التي ذكرتها مصادر قريبة من هذا القرار والتي أدت إلي عملية الإقصاء الا أن العملية في حد ذاتها والطريقة التي تمت بها أعطت انطباعاً‮ سلبياً‮ عكس ماكان يريده صاحب قرار الإقصاء حيث بدت الدولة بهذا القرار ضيقة الصدر وأعطي النظام انطباعا أنه في سبيله للارتداد عن حرية الإعلام التي تعد أحد الانجازات الحقيقية للرئيس مبارك‮.. كما أن توقيت تنفيذ قرار الإبعاد وتزامنه مع عام صعب سوف يشهد انتخابات مجلس الشعب والرئاسة أكد الشعور بردة النظام عن الحريات‮.‬
لا أجد هنا تفسيراً‮ في عدم تعامل النظام بذكاء في هذا القرار حيث كان ولايزال يمتلك من الوسائل مايجعله قادرا علي ابلاغ‮ رسالته بهدوء للبعض ممن يراهم قد تجاوزوا أو خرجوا كثيراً‮ عن السياق‮ (‬من وجهة نظر النظام بالطبع‮).. لذا فإن قناعتي أن قرار الإقصاء الثاني لم يكن مدروسا أيضا من كافة جوانبه وحمل نتائج سلبية مقارنة بالهدف من ورائه‮.. مثلما كان قرار إقصاء الإخوان من البرلمان‮ غير مكتمل الدراسة‮.‬
‮(4)‬
رغم اختلافنا الشديد مع المهندس أحمد عز وانتقادنا كثيراً‮ لسياساته وأسلوبه في ادارة ملفاته وتحديدا ممارساته الاحتكارية في صناعة الحديد لكن لم أود أن يواصل الرجل انتشاءه وأن يبدو في صورة الحاكم بأمره في البلاد‮.. فلايزال الرجل يعرف حدود دوره‮ ..‬ربما يسمح له طبيعة الدور التنفيذي الذي يلعبه بقليل من المرونة في الحركة بأن يسمح بمرور بعض الأعضاء لمجلس الشعب أو منع البعض‮.. لكن كل هذا يدور في اطار خطة تم تقديمها إليه لتنفيذها مع هامش محدود للحركة‮.. لكن الصورة بدت للجميع كأن الرجل هو المخطط‮.‬
واذا تابعت المشهد الاعلامي قبل وأثناء وبعد الانتخابات التشريعية للمجلس ستجد أن احمد عز قد بدا في صورة المتحدث الرسمي للحزب‮.. وستكتشف اختفاء قيادات كثيرة‮.. ذكاء منها حتي تخلو ساحة الهجوم علي شخص أمين التنظيم فيجري صب اللعنات والهجوم علي أحمد عز الذي يبدو أن إدارته‮ (‬التنفيذية‮) للعملية الانتخابية قد أعجبته فوجدناه كاتبا لثلاث مقالات كبيرة بصحيفة الأهرام‮.. بينما اختفي عن الساحة الصحفية والإعلامية أحد دهاة السياسة الماكرين ونقصد به صفوت الشريف الذي بدا رقماً‮ صعباً‮ في كل تلك المعادلة وأظنه صفوت قد قرأ كل ماكتب وشاهد مابثته الفضائيات وهو يبتسم،‮ رغم ماتردد عن أنه قد تم رفض اقتراحاته ورؤيته للمجلس الجديد‮.‬
ربما ينجح عز قليلا في أن يزهو بنفسه كثيراً‮ لكن السياسي يجب أن يعرف وزنه الحقيقي في اللعبة السياسية داخل نظام قديم بيروقراطي كالنظام المصري‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.