في فيلم «سوق المتعة» عاش البطل محمود عبدالعزيز في السجن 25 عاما، خرج بعدها لا يستطيع أن يتكيف مع الحرية فأنشأ سجنا «قطاع خاص» جاء فيه بسجانه ليعذبه ويستمتع هو بهذا التعذيب. ما حدث خلال أحداث مجلس الوزراء ذكرني بهذا الفيلم فها نحن جميعا قد أصبحنا مثل البطل، نعشق سجانينا نتوسل اليهم لكي يعذبوننا، نستمتع بتعذيبهم لنا، حتي الثورة التي جاءت لتحريرنا أصبحنا نكرهها، واكتفينا بالقدر القليل من الحرية، والديمقراطية علي اعتبار أننا شعب «يرضي بقليله» ولأننا مثل النيل الهادئ الذي أصبح لا يثور فقد رفضنا الثورة ضد من سلب ثورتنا أما من تجرأ وثار ضدهم اتهمناهم بالبلطجة والعمالة لم نثر لمشهد الفتاة التي نزع عنها عساكر الجيش المصري - وليس الإسرائيلي - ملابسها، بل وجدنا من خرج ليبرر لهم فعلتهم ويتهم الصحف والفضائيات بالفبركة لم نثر لمشهد أمهاتنا اللائي ضربهن الضباط والجنود والجالسات في رعب يستجدين جلاديهم للعفو عنهن، لم نثر لقتل أمين الفتوي بالأزهر وطالب الطب الذي كان قرة عين لأمه المكلومة، تخلينا عن كل صفات النخوة والشهامة واكتفينا بالتساؤل: لماذا يذهب هؤلاء للاعتصام؟ وماذا يريدون؟ يا سادة لقد أصبحنا في سجن كبير اسمه مصر، يتغير علينا السجان يعذبنا ويقهرنا ويقتلنا ويفقأ عيوننا وننتظر منه المزيد، بل إننا نبرر له مايفعل بزعم عودة الاستقرار. أي استقرار هذا الذي يسلبنا آدميتنا وإنسانيتنا، يسلبنا شهامتنا ومروءتنا ونخوتنا، لعن الله هذا الاستقرار المهين. خلاصة القول: الثورة خسارة فينا فقد كان علينا أن نحتمل مبارك 30 عاما أخري بعده يأتي جمال ليحكمنا 40 عاما ثم عمر علاء مبارك وهكذا الي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وكله من أجل الاستقرار!!