مستقبل وطن: «المصريون ينزلوا ويختاروا اللي على مزاجهم في الانتخابات»    رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي محافظ البحيرة    نمو الاقتصاد الكويتي 1% خلال الربع الأول من العام الجاري    برنامج الغذاء العالمي: نطالب بفتح المعابر وتأمين طرق التنقل داخل قطاع غزة    الأهلي يفوز على الملعب التونسي وديا    محاضرة تحكيمية للاعبي منتخب مصر استعدادًا لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    للطلاب وأولياء الأمور.. نصائح لاستقبال نتيجة الثانوية العامة    أمين خطاب ليس الأول.. فنانون واجهوا اتهامات تناول المخدرات    راغب علامة بعد قرار إيقافه: مصر بلدي ونقابة الموسيقيين بيتي    مجدد التراث البصرى المصرى    رئيس هيئة الدواء المصرية يوقّع مذكرة تفاهم مع وكالة تنظيم الأدوية السنغالية    خبر في الجول - تواصل بين نادي سعودي ومحمد صبحي لإمكانية ضمه    نفس صيغة نيكو باز.. سكاي: كومو يتفق مع ريال مدريد على ضم رامون    فعالية ثقافية لذوى الهمم بمتحف طنطا    الرئيس عبد الفتاح السيسي يستقبل الفريق أول مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي    الحكم على متهم في إعادة محاكمته ب«خلية الوراق الإرهابية» 15 نوفمبر    مصادر طبية فلسطينية: 61 شهيدا بنيران الاحتلال منذ فجر اليوم    صور| اتفاقية بين الجامعة الألمانية بالقاهرة وغرفة الصناعة العربية الألمانية لدعم التعليم    سياسي فلسطيني: لا نعوّل إلا على مصر.. وتجويع غزة جريمة تفوق الوصف    حكاية سلوى محمد على مع المفتقة فى كواليس مسلسل فات الميعاد    أنشطة صيفية للأمهات لتعزيز مهارات الأطفال خلال الإجازة الصيفية    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    على طريقة المطاعم.. خطوات تحضير المكرونة بصلصة البولونيز    رئيس جامعة بنها يشهد حفل ختام ملتقى إبداع لكليات التربية النوعية    لابيد: مستعد للتوافق مع نتنياهو لإبرام صفقة تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل ثم عقد انتخابات مبكرة    الزمالك يرفض الاستسلام ويجدد مفاوضاته لضم حامد حمدان لاعب بتروجت (خاص)    مي سليم تنشر صورة مع تامر حسني وتوجه له رسالة.. ماذا قالت؟    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أرباح السوشيال ميديا حلال أم حرام؟.. الدكتور أسامة قابيل يجيب    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    قرار عاجل من محكمة الاستئناف في قضية طفل البحيرة    حريق داخل مخزن قطع غيار سيارات بالمرج    المنيري يكشف تفاصيل إصابة زلاكة في ودية باندرما سبور ومعسكر بيراميدز بتركيا    افتتاح كنيسة جديدة ورسامة شمامسة في بوخوم بألمانيا    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    تقارير.. تكشف موقف تشيلسي من التعاقد مع جارناتشو    تغطية مصرف عزبة أبو الجدايل بكفر الشيخ تمهيدًا لرصف الطريق    جامعة بنها تستعد لاعتماد عدد من الكليات والبرامج خلال يوليو وسبتمبر    بابا الفاتيكان يحذر من التهجير القسري لسكان غزة: «نناشد وقف الحرب»    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    10 انفصالات هزت الوسط الفني في 2025 (تقرير)    أذاع حفل زفافه.. باحث في التراث: التلفزيون المصري كان «نحس» على الملك فاروق    سعر الدولار اليوم الإثنين 21-7-2025 أمام الجنيه المصرى فى ختام التعاملات    297 لجنة بمحافظة الفيوم في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    رئيس الوزراء يستعرض موقف توافر الأسمدة الزراعية ومنظومة حوكمة تداولها    فريق طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي ينجح في إنقاذ مريضة تعاني من ورم    قيادي بحزب مستقبل وطن: محاولات الإخوان لضرب الاستحقاق الانتخابي مصيرها الفشل    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    شواطئ مرسى علم تحتفل مع السائح البلجيكي بيوم بلاده الوطني    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    الشركة الوطنية للطباعة تعلن بدء إجراءات الطرح فى البورصة المصرية    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    الشناوي يتحدث عن صعوبة المنافسة على الدوري.. وتأثير السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصادمات مجلس الوزراء .. عزل وتهميش وشرب حشيش
نشر في الوفد يوم 20 - 12 - 2011

لا يستطيع أى عاقل إغفال ان عددا من أحداث الصدامات وغيرها أثرت بشكل أو بآخر على هيبة وسُمعة الجيش والمجلس العسكرى ، وان مُعظم عناصر جهاز امن الدولة المنحل – الذى تم استبدال اسمه بالأمن الوطنى – من قيادات لا تزال باقية فى أماكنها ، وعودة قانون الطوارئ المكروه ، الذى استمر طوال فترة حكم الرئيس المخلوع مبارك ، وبقاء أعداد كبيرة من النظام السابق فى مناصب قيادية ، فى المحليات والوظائف الحكومية الرسمية بقطاعات الخدمات الجماهيرية المُختلفة ، كل ذلك يهدد بعودة وتزايد الاحتقان الإجتماعي بين جموع الشعب المصرى ، الذى يتساءل ويندهش وهو غاضب : " أين الخطأ ؟ ولماذا بعد قرابة العام تبقى حالة عدم الاستقرار على هذا النحو ؟ " . . .
كما ان بقاء الوضع هكذا أفرز تساؤلاً غاية فى الخطورة ، خاصة بين مختلف الشرائح الاجتماعية الفقيرة ، وهو ماذا جلبت الثورة من فوائد لرجل الشارع العادى ، فى ظل تفشى البطالة وارتفاع اسعار السلع الأساسية ، ويبدو ان هناك أصحاب مصالح فى دفع الشعب لطرح مثل هذا السؤال ، لتشويه وجه الثورة ، ومن البديهى ان يكون هؤلاء هم من تضرروا من ثورة مصر ، واتباعهم المأجورون الذين يتحركون من خلف الستار .
هؤلاء الذين اطلق عليهم ( الطرف الثالث – اللهو الخفى ) سواء من الفلول أو ممن ذكرتهم بعض وسائل الاعلام المصرية ، مشيرة لكثير من العناصر الخارجية ، وبوضوح ان دولة قطر متورطة فى استغلال الأوضاع فى مصر ، وانها – قطر – تدفع أموالاً لمُخربين ، لهز الأمن والاستقرار الإجتماعى فى مصر ، فى ذات الوقت الذى تكشفت فيه حقائق إستغلال نفوذ وأموال أعداء الثورة – الفلول – فى تمويل أطفال الشوارع بالمال والغذاء ، هؤلاء الضحايا من كل الجوانب ، وهم القنبلة الوقوته التى كثيراً ما نبه الشرفاء لهذه الكارثة ، وهو ما رأيناه علناً فى مصادمات مجلس الوزراء ، خليط من عزل وتهميش الثوار ، انفجر للمرة الرابعة على التوالى ، فكانت كوارث مصادمات ( مسرح البالون – ماسبيرو – محمد محمود – مجلس الوزراء ) وهو خليط جمع الثوار وأولاد الشوارع فى سلة واحدة ، فكانت النتيجة هى : مصادمات عنيفة بين الجيش والشعب أدت الى سقوط 13قتيل واكثر من 500 جريح ، تشويه صورتى الثورة والجيش ، توجيه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى اللوم لمصر .
وكانت الطامة الكبرى للعزل والتهميش هى شرب الحشيش ، فى خبايا وأركان هرب اليها الجوعى والخارجين عن القانون " أطفال الشوارع " وهذا أيضا نتيجة لتأجيل مطالب الثوار المشروعة ، هى إستعداء صبية الشوارع لحرق وتدمير تاريخ مصر ، والأخطر أيضا هو تكريث مشاعر كراهيتهم لمُجتمعهم .
وهناك حقيقة لا يمكن تجاهلها . . تتمثل فى وجود مرارة شديدة تسللت الى حلوق شباب ثورة 25 يناير ، إزاء شعورهم ان الثورة بدأت تفلت من بين أصابعهم ، وهى حقيقة مشاعر إنسانية لا يجب تجاهلها ، تلك المرارة التى تجاهلها الساسة والنخبة وعُلماء النفس والإجتماع فى مصر ، وربما تنبهوا ولم يتحركوا كما ينبغى ، " خاصة بعد الثورة " ، والتى كان من المُفترض ان يستفيد هؤلاء من أخطاء الأنظمة السابقة فى عهود ( عبد الناصر – السادات – مبارك ) ، تمثلت فى القهر والظلم ، وتهميش عقول وفكر وطاقات الشباب ، والنظر اليهم برؤية تدنى لا توفيهم حق قدرهم ، هؤلاء الشباب الذين يعتبرون أنفسهم المُحرك الفاعل لثورة يناير .
فعلى الرغم من كثرة حديث النخبة والساسة " كبار السن " عن الشباب بعد ثورة 25 يناير ، ومحاولة الإطراء عليهم ووصفهم بسمات الشجاعة ، الا ان عبارات الثناء " فى نظر الشباب " بقيت ظاهرة كلامية ، لم تتطابق مع واقع تصرفات من تسلم مقاليد السلطة فى مصر بعد الثورة ، بدءا من حكومة احمد شفيق مروراً بعصام شرف وانتهاء بحكومة الجنزورى الحالية ، ومن الصواب ذكر رؤية الشباب وتقيمهم لتلك الحكومات الثلاثة على مدار 11 شهراً ، ( شفيق من بقايا نظام مبارك وهو ينتمى للعسكر – عصام شرف ضعيف وصف بانه سكرتير المجلس العسكرى – الجنزورى لعق الوعود التى قطعها على نفسه حينما كلفه المجلس العسكرى برئاسة الوزارة ، وسقط فى امتحان الدرس الأول ) .
لقد كانت لحظات تاريخية ذات اثر نفسى عظيم فى قلوب وعقول الشباب ، وكانت النشوة الثورية الكُبرى حينما اجبر رئيس مصر المخلوع " حسنى مبارك " على التخلى عن حُكم البلاد ، والقى الشباب بثقتهم كاملة فى الجيش ، وعلى رأسه المجلس العسكرى ، وعبروا عن ذلك بهتافات ملأت الحناجر " الجيش والشعب يد واحدة " ، وسجلت الحوائط وأرصفة الشوارع كتابات شعارات تحمل معانى تلك الثقة ، التى بدأت تهتز بفعل عدد من تصرفات الجيش فى المواجهات مع المُتظاهرين .
كان المتظاهرون قد عقدوا الأمل على ان يتخذ الجيش خطوة جريئة فى إسقاط فعلى للنظام القديم ، واستبداله بحكومة مدنية بخطوات سريعة تلبى المطالب الثورية ، وتحقق حلم الشعب المصرى نحو الديمقراطية ، لكن الذى حدث هو العكس حيث ان الجيش فرض وجوده فى تسيير أمور البلاد ، بصلاحيات كبيرة أثارت ولا تزال تثير الخوف فى نفوس شباب الثورة ، وهى مخاوف بدأت تتسلل ايضاً الى نفوس عامة الشعب ، وان كانوا لا يعبروا عن ذلك صراحة حتى الآن .
وعلى الرغم من قدرة الجيش على حسم كثير من الأمور بأساليب سلمية ، الا ان عدد من الوقائع تؤكد تركه للأمور تسير فى اتجاهات سيئة ، أدت للصدامات والعُنف فى حالات بعينها ، وهو الأمر الذى يطرح تساؤلات فى الشارع المصرى ، فى الوقت الذى يشعر الناس بحالة من عدم الاستقرار الأمنى ، وتردى الأحوال الإقتصادية .
كما يشعر الشباب " خاصة الذين أصيبوا فى الأيام الأولى للثورة " بالندم انهم تركوا الشارع ، وسلموا مقاليد الأمور كاملة للجيش ، وانه تم عزلهم وتهميشهم ، وسواء كانت تلك المشاعر كلها حقيقية أو بعضها فقط ، الا انها قائمة بالفعل ، فإن كانت خاطئة يستوجب الأمر تصحيحها ، وان كانت صائبة فعلى اولى الأمر ، سرعة التحرك وعلاج الأخطاء حتى لا تتراكم أكثر من ذلك ، أيضاً أسر الشهداء والمُصابين تنتابهم حالات من الغضب بسبب إهمالهم ، وعدم تعويضهم ، وحتى التأخر الذى حدث فى علاج البعض منهم .
لقد تراكمت وتزايدت حدة الغضب على مدار أحد عشر شهراً إزاء تباطؤ الجيش فى اتخاذ الخطوات المطلوبة والمُلحة ، الأمر الذى يُحدث تفجرا من وقت لآخر ، وتتزايد أعداد المُصابين والقتلى ، فى ميدان التحرير والشوارع المجاورة ، وثمة حقيقة مُهمة يجب ذكرها ، وهى ان المتظاهرين ومن ورائهم الكثيرون ضاقوا ذرعا بالتباطؤ فى اتخاذ القرارات المصيرية ، ومطالبتهم بحدوث سُرعة وجرأة فى تنصيب حكومة مدنية .
وعلى الجانب الآخر تؤكد الأحداث ان الثوار افتقروا لمعرفة نقاط الضعف والقوة الحقيقية ، فى الوقت الذى حدث فيه التحول التاريخى بسقوط مبارك ورحيله ، ويعود ذلك لعنصر المفاجأة ، حيث ان الشهر الأول للثورة شهد أحداث سريعة ومتلاحقة ، فى غياب كوادر ثورية قادرة على إدارة الثورة وتوجيهها فى المسارات الصحيحه ، على قدر وقيمة الحدث ، وهو الأمر الذى ادى ضمنياً لعملية " إحلال " قامت بها حركات سياسية وأحزاب قديمة وجديدة ، لم تستطع هى الأخرى مواكبة المتطلبات الثورية ، ولم تكن بالقوة المطلوبة لطبيعة المرحلة .
توجد ايضاً ثمة مخاوف لعبت دوراً مهما ، وهى مخاوف لم تنهى بعد فى صفوف كبار جنرالات الجيش ، حيث انها المرة الأولى منذ عام 1952 التى تبشر باقتراب قدوم رئيس مدني للبلاد ، وذلك بعد ان تقلد رئاسة مصر اربعة من الضباط هم : ( محمد نجيب – جمال عبد الناصر – انور السادات – حسنى مبارك ) كلهم من قيادات عسكرية ، ويشكل الجيش المصرى حتى اليوم وبعد مرور اكثر من نصف قرن جانباً مهما فى الحياة المصرية على الصعيدين الاجتماعى والاقتصادى ، حيث يتقلد كثير من الضباط مناصب المحافظين ورئاسة المجالس المحلية ، ولازالت القيادات العسكرية تلعب دور المنقذ لثورة 25 يناير ، إلا ان مشاعر الشعب بدأت ترتبك كثيراً حول هذا الدور ومصداقيته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.