«وطني، مُبدع، مرهف الحس وعاشق للفن والموسيقى».. هكذا كان بليغ حمدي، الذي تحل اليوم الذكرى ال 85 على ميلاده، فهو من مواليد 7 أكتوبر1932 في حي شبرا بالقاهرة، الذى انجرف نحو الموسيقي منذ طفولته فأتقن العزف علي العود وهو في التاسعة من عمره. وهو في العاشرة من عمره أهداه والده عودًا، الذي كان يعمل أستاذا للفيزياء في جامعة فؤاد الأول -جامعة القاهرة حاليا-، وحاول بليغ عندما بلغ الثانية عشر الالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقي إلا أن لم يفلح في ذلك بسبب صغر سنه، ومن وقتها أخذ على عاتقه تعلم الموسيقى إلى جانب دراسته العادية. والتحق بليغ بكلية الحقوق، وفي الوقت نفسه أقدم على الدراسة بمعهد فؤاد الأول للموسيقي -معهد الموسيقى العربية حاليًا، وبدأ مشواره في عالم الفن كمطرب حينما اقنعه محمد حسن الشجاعي، مستشار الإذاعة المصرية آنذاك باحتراف الغناء والتركيز فيه. ووقتها سجل بليغ للإذاعة أربع أغنيات وأعتمدته لجنة الاستماع فى إذاعة القاهرة مطربًا معتمدًا لديها، إلا لم يكمل في مشوار الغناء طويلًا واتجه للتلحين، واعترف حينها بأنه «لا يملك المقومات الكفيلة لنجاحه وتفوقه في الغناء كما هو حاله مع طاقاته الكامنة في التلحين والتأليف الموسيقي». وبدأ مشواره التلحيني من خلال أغنيتين للفنانة فايدة كامل بعنوان «ليه لأ ، وليه فاتني ليه» وحققا نجاحًا كبيرًا، وطلبته بعدها في 1955 الإذاعة السورية، ليسجل في أربعة أشهر 22 لحنًا لكل مطربي سوريا ومطرباتها، وعلى رأسهم الفنانة فايزة أحمد. وفي 1957 م توطدت علاقته بالفنان محمد فوزي، الذي أعطاه فرصة التلحين لكبار المطربين والمطربات من من خلال شركته «مصر فون»، ومن هنا كانت الانطلاقة الحقيقية لالحان بليغ حمدي، التي اتسمت بالسهولة والبساطة وهو ما ميز موسيقاه عن أي موسيقي أخرى. وبات بليغ هو ملحن كبار المطربين وقتها، فتعامل مع كوكب الشرق أم كلثوم، وقدم لها أول أول ألحانه لأغنية «حب إيه» 1960، ولحن أيضًا لعبد الحليم حافظ، ومن أشهر ألحانه بصوت االعندليب هي:« سواح، التوبة، جانا الهوى، زي الهوا وموعود». كان للمطربة نجاة الصغيرة نصيب الأسد بالنسبة لألحان بليغ، حيث قدم لها نحو 30 أغنية منهم:« الطير المسافر، ليلة من اليالي، كل شىء راح، حبك حياتي وفي وسط الطريق»، ولحن بليغ لمحمد رشدي وعدوية، ولحن أيضًا لشادية عددًا من الأغاني الفلكورية مثل «آه يا اسمراني اللون، الحنة الحنة يا قطر الندى وزفة البرتقال». ولحن بليغ للفنانة الراحلة وردة الذي نشأت بينهم قصة حب وتزوجها 1973، ووقتها كرّس إبداعاته لزوجته وكونا معًا ثنائيًا فنيًا رائعًا، إلا زواجهم أنه لم يستمر وانتهى بالطلاق بعد 6 سنوات، وعُرف عن بليغ كثرة علاقاته النسائية وانجذابه الدائم للجنس اللطيف. وتعامل بليغ أيضًا مع عدد من المطربين الكبار أمثال «سميرة سعيد و ميادة الحناوي»، كما ساهم في اكتشاف الكثير من المواهب الجديدة منهم الفنانة عفاف راضى , على الحجار وغيرهم. ومن مواقفه الوطنية التي لا تُنسي أنه عندما اشتعلت حرب أكتوبر 1973، لم تكن هناك خطة فى الإذاعة المصرية لعمل أغاني وطنية جديدة، والاكتفاء على الأغانى الموجودة بالفعل فى مكتبة الإذاعة، وهو ما رفضه بليغ وأصر على عمل أغاني جديدة. ووصف بليغ نفسه وموسيقاه بقوله:«أنا ملحن مصري بسيط في جملي الموسيقية ، أحرص على استغلال الايقاع المنتظم في ألحاني. استمعت الى الكثير من الحان عبد الوهاب في بداية حياتي الفنية .. ولم تكن موسيقاه تهزني في بداية تكويني الشخصي والفني ، بقدر تأثرى بمدرسة القصبجي. ومن بعده محمود الشريف». وفي المقابل قال عنه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب:«بليغ حالة فنية نادرة جداً لن تتكرر حتى بعد 500 عام، وليس 50 فقط.. أنا لما بنسى نفسى وأدندن ألا قينى بدندن ألحان بليغ حمدى.. بليغ موهبة جبارة»، وظل بليغ حمدي في عطاء مستمر من النغمات والألحان حتى وافته المنية في 12 سبتمبر 1993، عن عمر يناهز 61عامًا بعد صراع طويل مع مرض الكبد.