ما الذى تغير فى مصر.. لماذا اختفت الجماليات وتراجع مستوى الإبداع وبات الارتباك سيد الموقف، فى زمن الطرب الجميل كان المستمع يقع فى حيرة يومية، لأن الأصوات جميلة والأغانى رائعة من حيث الألحان والكلمات والتوزيع.. عبد الحليم حافظ، أم كلثوم، شادية، نجاة، عبد الوهاب.. لماذا لا يتناسب الفن الموجود الآن مع الرصيد المصرى.. لماذا تراجعنا للخلف واختفت الكلمة الجميلة واللحن العذب.. حملنا كل هذه الأسئلة وطرحناها على الموسيقار الكبير حلمى بكر.. فالرجل لديه مشوار فنى حافل بالعطاء ولديه قدرة كبيرة على المصارحة والمكاشفة دون أن يخشى الصدام، يضم أرشيف الرجل أكثر من 40 مسرحية غنائية وعددًا كبيرًا من الأغانى التى صنعها لعمالقة الغناء.. حول حال الموسيقى ومستوى نجوم الغناء والمقارنة بين الخليجيين والمصريين دار هذا الحوار.. لماذا يعتقد الجمهور أن حلمى بكر اعتزل الفن وقرر التوقف عن العطاء؟ - طبيعى أن يظن بعض الجمهور بأننى فكرت فى الاعتزال لأننى لم أقدم أعمالًا جديدة لأنني ساخط على المشهد الحالى.. أنا فى هذه المرحلة أراقب المشهد الفنى ولا يوجد بداخلى شهية للعمل لأن الواقع الفنى ليس مبهرًا أو مشجعاً. بصراحة شديدة كيف ترى الجيل الحالى؟ - الجيل الحالى من أكبر واحد حتى أصغر واحد أشبه بزرع شيطانى.. جيل بلا خطوات أو تأثير والرؤوس كلها تساوت بين أبناء هذا الجيل ولا تجد أحدًا فى المقدمة.. أرى أن المختلف هو الملحن عمرو مصطفى لأنه يحاول تقديم تجارب جديدة رغم أنه لم يدرس الموسيقى لكن باقى الموجودين على الساحة شبه بعض ولا يوجد فنان مختلف. تقول إن الرؤوس تساوت فكيف ترى عمرو دياب الذى دخل أمس موسوعة جينس باعتباره النجم العربى الذى حصل على أكبر عدد من الجوائز؟ - أحترم آراء كل الناس التى ترى فى عمرو دياب فنانا حقيقيا ولكن ماذا قدم عمرو فى السنوات الأخيرة.. عمرو دياب محلك سر ويعتمد فى شهرته على شكل الحلاقة واللوك الجديد وطريقة اللبس لكنه لا يقدم إبداعًا حقيقيًا. الجوائز التى يزعم عمرو أنه حصل عليها معروف جداً أنها فقدت قيمتها وأهمها الميوزك أوورد.. هذه جوائز للبيع وبالمناسبة هذه الجوائز عرضت على نجوم كثيرين ورفضوا شراءها لأن لديهم أفكارا ومبادئ لا تتغير.. أرى أن الجوائز التى يحصل عليها هذه الجيل جوائز بالفلوس وليست نتيجة إبداع وفن حقيقى. أريد معرفة رأيك فى تامر حسنى والفنان محمد منير فى تلك المرحلة؟ - كما قلت فى موضع سابق كله شبه بعضه.. تامر حسنى مطرب كويس لكنه تراجع.. أين هو الآن.. يحتاج إلى شخص يقول له استيقظ من النوم.. نفس الأمر ينطبق على محمد منير يحتاج إلى من يحركه فقد استسلم للواقع الصعب حتى أغنية القاهرة التى قدمه مع عمرو دياب لم تحقق النجاح المنتظر وأعتبرها خدعة كبيرة. البعض يرى أن المطربين الخليجيين سحبوا البساط من المصريين.. ما تعليقك؟ - أتفق إلى حد كبير مع هذا الرأى فقد تراجع مستوى المصريين كثيرا ويجب ان يدرك نجوم الغناء فى مصر أن المطربين الخليجيين احتلوا أرض الواقع وباتوا الأكثر طلباً فى عالمنا العربى.. ومن يبحث عن المصريين لا يجدهم على الساحة. ولو تأملت الحفلات الكبيرة والمهرجانات ستجد الخليجيين يتصدرون والمصريون فى حضرة الغياب.. المصريون يدورن فى دوائر مفرغة مثل الهنود الحمر. لكن هناك حفلات حضرها قطاع كبير من الجمهور فى مصر؟ - إذا كنت تريد الحديث عن حفلات الشواطئ فهى حفلات جنسية وليست غنائية يحضرها البنات بالمايوه البكينى وهذا ليس جمهور طرب وغناء.. هذا الجيل يستهلك نفسه ولا يقدم أى إبداع. وماذا عن رأيك فى نجوم الغناء الذين يتجهون للتمثيل هناك من اتجه للتمثيل ومن اتجه للإعلام وتقديم البرامج وكلها محاولات من أجل البقاء وتؤكد ان هناك عطلًا فنيًا وإبداعيًا. وماذا عن رأيك فى أداء نقيب الممثلين هانى شاكر؟ - هانى شاكر يحاول عمل شىء إيجابى ولكن المناخ الحالى سيئ ولكن نواياه طيبة.. وأظن أن منصب النقيب قد التهم مساحة كبيرة من رصيد هانى شاكر الفنان.. الرجل يريد أن يقدم خدمات للموسيقيين فى حدود إمكانياته ويشكر على هذا المجهود. ما هو افضل صوت نسائى موجود على الساحة الآن؟ - كارمن سليمان، آمال ماهر، شيرين ولكن الأزمة أنك لا تجد هذه الأصوات تتبنى مشروعًا غنائيًا وإبداعيًا، القواعد تغيرت والإعلان طغى على كل شىء والمادة أيضاً شوهت جماليات كثيرة.. فى الماضى كان الفن يسعى لتقديم إبداع ولا يشغل باله بالمقابل، الآن الوضع تغير وأصبح الغناء أشبه بواجبات تيك اواى لا يوجد معنى للكلمات ولا توجد ألحان تحرك الوجدان.. لدرجة أننى وأنا رجل موسيقى فى أحيان كثيرة أرتبك فى تحديد الأغانى الحديثة ولا أنجح فى بعض الأحيان فى تمييز الأصوات.. فقد انتهى عصر التميز والاختلاف والذوق الفنى. متى شعر الموسيقار حلمى بكر بالندم؟ - الحمد لله لم أشعر بالندم لأنى مؤمن بأن الحياة مجموعة اختيارات وقد اخترت حياتى وطريقى وأتمنى دائماً أن تكون خطواتى جيدة وصحتى أفضل، بالمناسبة لم أندم على أى صدام مع زميل لأنى عندما أدخل معركة أدخلها فقط من أجل الدفاع عن الغناء والطرب الأصيل وحتى آخر يوم فى عمرى سأظل أحارب من أجل أن تظهر مرة أخرى الأعمال الجيدة وتختفى الأعمال السيئة التى لا تليق باسم مصر وبمكانة عمالقة الغناء.