هناك مجموعة من الرجال اشتهروا في عصر الشيخ محمد عبده بجهودهم الاصلاحية والمساهمة في النهضة الأدبية وترجمة العديد من أمهات الكتب الأدبية إلي العربية ومن هؤلاء القانوني والعالم المصري فتح الله صبري الذي غير اسمه عندما كان طالبا بالمدرسة التجهيزية إلي أحمد فتحي زغلول، وقصة تغيير اسمه ترجع إلي أنه نتيجة لنشاطه الثوري خلال أحداث الثورة العرابية، ومشاركته بخطبته الحماسية في اثارة الطلاب ضد الانجليز، تم فصله من المدرسة، وحتي يمكن إعادة قيده نصحه »أحمد خيري باشا« ناظر المعارف العمومية وقتذاك بتغيير اسمه علي أنه طالب جديد، ومن هنا أصبح اسمه »أحمد فتحي« بدلا من »فتح الله صبري« وقد أوفدته وزارة المعارف في بعثة إلي فرنسا في عام 1885 لدراسة الحقوق، وبعد أن حصل علي درجة الليسانس في القانون من باريس License en Droit وعاد إلي مصر أخذ يرتقي في المناصب حتي أصبح رئيساً في المحاكم الأهلية فوكيلا لنظارة الحقانية، وكان فتحي زغلول يري أن انتقال مصر إلي مرحلة النهضة الحديثة يقتضي ترجمة امهات الكتب الغربية حتي تتم الاستفادة من خبرات الأوروبيين فترجم كتاب »أصول الشرائح« للفيلسوف الانجليزي بنتام وكتاب »الاسلام« لهنري دي كاستري وكتاب »سر تقدم الانجليز السكسونيين« لديمولين الفرنسي، و»سر الاجتماع« و»سر تطور الأمم« لجوستاف لوبون، وإلي جانب ذلك فقد قام بتأليف كتاب »رسائل في القانون« وكتاب »المحاماة« هذا إلي جانب مجموعة من المقالات طبعت بعنوان »الآثار الفتحية« مقالات في الادب والاجتماع. وهذا التراث الثقافي والاثار الفكرية التي تركها أحمد فتحي زغلول تمثل الجانب المضئ، في حياته أما عن مواقفه السياسية، فقد كانت علاقاته مع الخديو والانجليز طيبة لدرجة ان تم اختياره قاضيا في محكمة دنشواي وربما كان ذلك سببا في خلاف شقيقه »سعد زغلول« معه، يضاف إلي ذلك أنه كان لفتحي زغلول آراء مناصرة للمذهب الليبرالي، كما كان مؤمنا بفكر النخبة المتميزة وبأهمية ربط الدين بالعلم يضاف إلي ذلك أنه أسهم بآراء مفيدة في تطوير اللغة العربية، واصلاح أمور التعليم، كما أن قضية تحديث مصر كانت محور اهتماماته وان تطوير وتمدين المجتمع المصري كان شغله الشاغل، ومما يذكر له اعجابه الشديد بكتابات »قاسم أمين« عن تحرير المرأة فذكر في مقدمته لكتاب أدمون ديمولان »سر تقدم الانجليز السكسونيين« أن قاسم امين جمع في كتابه تحرير المرأة »من شوادر الافكار، ورفيع الاقوال، ما يعجب به كل محب لخير الأمة، طالب لنفعها«. وهكذا كان فتحي زغلول يري أن تحديث مصر يتمثل في ضرورة الاخذ من تراث الحضارة الغربية، والعمل علي تشخيص مشاكل المجتمع المصري ثم البحث عن سر تطور الأمم الاوروبية والاستفادة من تجاربها، وظل فتحي زغلول بأفكاره المختلف عليها بين مؤىد ومعارض يؤدي دوره في خدمة الثقافة والفكر في مصر حتي توفي في 27 مارس 1914 عن عمر يناهز الواحد والخمسين عاما، بعد أن اعطي مهنته في النيابة والقضاء الكثير من جهده، كما كان لمؤلفاته أثر قوي وبخاصة لكتبه العديدة التي نقلها عن اللغات الادبية والتي تمثل اضافة للفكر المصري المعاصر.