1- بطرس باشا غالى رئيس محكمة الإعدام .. سجل طويل من النقاط السوداء كتبت:جيهان خليفة ولد بطرس غالى ناروز فى بلدة الميمون بمحافظة بنى سويف سنة 1846م وأبوه ناروز غالى ناظر الدائرة السنية لشقيق الخديو إسماعيل فى الصعيد. التحق بطرس فى صغره بأحد الكتاتيب كغيره من المصريين حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة. ثم التحق بالمدرسة القبطية بالقاهرة، ثم انتقل إلى مدرسة البرنس مصطفى فاضل ثم عُين مدرسا بالمدرسة القبطية بالقاهرة، لكنه سافر بعد ذلك فى بعثة إلى أوربا للحصول على الشهادة العليا ولما عاد عمل فى الترجمة بالإسكندرية، فى شعبة الضرائب، وكان بطرس غالى هو أول من حصل على رتبة الباشوية من الأقباط، وكان الزعيم الوطنى أحمد عرابى هو من توسط له للحصول على هذه الرتبة. وعندما قامت الثورة العرابية فى مصر كان بطرس من أنصار التفاوض مع الخديو، ولذا اختير ضمن مجلس المفاوضة بعد هزيمة العرابيين للتفاوض مع الخديو باسم العرابيين. صعد نجم بطرس غالى سريعا؛ ففى عام 1893م تولى وزارة المالية إبان بداية عهد الخديو «عباس حلمى الثانى» ثم لم يلبث أن أصبح وزيرا للخارجية فى الوزارة الثالثة التى شكلها «مصطفى فهمى باشا» واستمر فى وزارة الخارجية 13 من 12 نوفمبر 1885م حتى 11 نوفمبر 1908م. وعندما سقطت وزارة «مصطفى فهمى باشا» أسند الخديو «عباس حلمى الثانى» رئاسة الوزارة إلى بطرس غالى، واستمرت هذه الوزارة منذ تشكيلها فى 13 نوفمبر 1908م حتى اغتيال بطرس فى 20 فبراير 1910م. ويرى بعض مؤرخى تلك الفترة أن تعيين الإنجليز بطرس غالى فى هذا الوقت فى رئاسة الوزراء كان مقصودا به ضرب الحركة الوطنية المصرية. لعب بطرس عدة أدوار فى السياسة المصرية، واتسمت كلها بالتعاون مع الإنجليز وما زال الشعب المصرى يذكر له عدة مواقف اعتبرها المصريون غير وطنية ومنها اتفاق السودان على إثر الاحتلال البريطانى لمصر بعد فشل الثورة العرابية. حيث إنه بعد قيام الثورة المهدية التى سيطرت على السودان، قرر الإنجليز إعادة السودان إلى سيطرتهم فى إطار حملة مشتركة تتحمل تكاليفها الخزانة المصرية، وأن يكون حكم السودان مشتركا بين مصر وبريطانيا، وقد وقع اللورد «كرومر» المعتمد البريطانى فى مصر على تلك الوثيقة عن الجانب البريطانى. ووقع عن الجانب المصرى «بطرس غالى»، فى 19 يناير 1899م وقضى الاتفاق بفصل السودان عن مصر لكن تظل النقطة الأكثر سوادا فى تاريخ بطرس باشا هو رئاسته محكمة دنشواى فضلا عن عودة العمل بقانون المطبوعات الذى ظهر لأول مرة فى 26 نوفمبر 1881م فى عهد الخديو توفيق. لكن هذا القانون لم يتم العمل به على إثر مذبحة دنشواى حينما طلب الإنجليز من حكومة بطرس غالى ضرورة عودة قانون المطبوعات مرة أخرى، فأصدر مجلس الوزراء فى 25 مارس 1909م قرارا بإعادة العمل بقانون المطبوعات الصادر فى عهد الخديو توفيق، وكان الهدف منه مصادرة الحريات ومصادرة الصحف وإغلاقها. وقد زاد هذا القانون من سخط الوطنيين على حكومة بطرس غالى، ولذا اعتبر البعض أن بطرس مسؤول مسؤولية تاريخية عما حل بالصحافة من كبت لحرياتها وبلغ من غضب الوطنيين على هذا القرار أن قام «محمد فريد» زعيم الحزب الوطنى بالذهاب إلى الخديو عباس حلمى فى نفس اليوم الذى صدر فيه ذلك القانون بعريضة احتجاج على ما قامت به وزارة بطرس غالى وقامت المظاهرات الرافضة لهذا التضييق والكبت، فضلا عن دور بطرس غالى فى تمديد امتياز قناة السويس الذى كان يهدف لمدها 40 عاما أخرى وكان بطرس يجتهد لإخفاء مشروع القانون عن الصحافة والحركة الوطنية حتى يقوم بتمريره دون أى ضجة. ظل هذا المشروع محل تكتم مدة عام كامل، وقد اقترب بطرس من تحقيق غرضه لولا أن الزعيم الوطنى محمد فريد استطاع الحصول على نسخة من مشروع القانون وقام بنشرها فى جريدة اللواء فى أكتوبر 1909م وبدأت حملة من الحركة الوطنية فى تعبئة المصريين ضد هذا القانون، خاصة أن مد الامتياز كان يعنى أن تترك الشركة القناة للمصريين سنة 2008 وكان من ذكاء الحركة الوطنية أنها طالبت بعرض مشروع هذا القانون الخطير على الجمعية العمومية لأخذ رأيها فيه، وكان معنى ذلك حشد الأمة المصرية ضد هذا القانون. وقد وافق الخديو عباس حلمى على ذلك، وتم تحديد يوم 10 فبراير 1910 لانعقاد الجمعية العمومية لمناقشة المشروع غير أنه كان مقدرا لبطرس أن يُغْتَالَ على يد إبراهيم الوردانى أمام وزارة الحقانية فى الساعة الواحدة ظهرا يوم 20 فبراير 1910 فيما يمكن تسميته أول جريمة اغتيال سياسى فى مصر. 2- شقيق الزعيم سعد زغلول .. كتب حيثيات الشنق كتب:إبراهيم الخضرى فى الكراستين السادسة والسابعة تحدث الزعيم سعد زغلول عن علاقته بشقيقه أحمد فتحى زغلول بأنه كانت لديه غيرة شديدة منه، إذ كان يرى أن وجود سعد يمنع عنه الترقى إلى الوزارة ويمنعه من الاسترسال فى شهواته وكان يرى أنه دائما أحق من سعد بمنصب الوزارة، وأنه أكفأ منه. ويسجل سعد فى مذكراته أيضا أنه قال لشقيقه فتحى "إن كثيرا من الناس يقولون عليك، إنك دساس تسىء إلى إخواتك إذا تمكنت ولا تبالى إلا بفائدتك فإن كنت تعمل من ذلك شيئا فأقلع عنه".. ورغم أن الزعيم محمد فريد كان يكره سعد زغلول ويكره سيرته إلا أنه - أى محمد فريد- لم ينكر زعامة سعد. ويذكر محمد فريد ما لايعرفه كثيرون عن حياة فتحى زغلول فاسمه الأصلى فتح الله صبرى وكان تلميذا بالمدارس التجهيزية وإبان الثورة العرابية كان خطيبا من الخطباء الذين يحضون على الثورة مع النديم ولما جاء أحمد خيرى باشا ناظرا للمعارف رفض فتح الله صبرى بسبب اشتراكه فى الثورة لكن خيرى كان يحبه لنباهته وفصاحته وأراد مساعدته فنصحه بتغيير اسمه لإعادة قيده كطالب جديد فسمى باسم أحمد فتحى ودخل الألسن. وفى عام 1883م سافر إلى أوروبا وعين فى قلم القضايا ثم المحاكم الأهلية عام 1889م وظل يترقى حتى أصبح رئيسا لمحكمة مصر وتوثقت علاقته باللورد حتى وقعت حادثة دنشواى فى 13 يونيو 1906م فشكل الإنجليز المحكمة التى كان على رأسها بطرس باشا غالى بصفته قائما بعمل ناظر الحقانية "رئيسا" ثم عضوية عدد من الإنجليز وفتحى زغلول رئيس محكمة القاهرة الابتدائية أما سكرتير المحكمة فكان عثمان بك مرتضى. وتولى الادعاء إبراهيم بك الهلباوى.. أما الذى قام بالدفاع عن المتهمين فكان أحمد لطفى السيد وإسماعيل عاصم ومحمد بك يوسف واستمرت المحاكمة من 24 إلى 27 يونيو وصدرت أحكام غير قابلة للطعن بإعدام 4 وأشغال شاقة مؤبدة لاثنين والسجن 15 سنة لواحد وسبع سنوات لستة آخرين غير أحكام أخرى بالحبس والجلد. أحمد لطفى السيد طالب بالرأفة والهلباوى صال وجال وطالب بتوقيع أقصى العقوبات وفتحى زغلول صاغ حيثيات الحكم التى لم تكن فى صالح أبناء البلدة. وتركت مشاركة فتحى زغلول فى المحاكمة ظلالا قاتمة على سيرته فقد كان اسمه يذكر مقرونا بالمذبحة وقليلون عرضوا على جانب مضىء ومشرق للرجل وهو الجانب المتعلق بمشاركته فى تأسيس "الجريدة" لسان حزب الأمة كما قدم للمكتبة العربية عددا من الكتب المهمة التى نقلها عن الفرنسية والإنجليزية ومنها "سر تطور الأمم" و"أصول الشرائع"، وفوق هذا فقد كان يملك ناصية اللغة العربية ويؤكد على الاهتمام بها ويحذر من إفسادها.