بعد أشهر من الالتفاف القوي حولها بدأت السلطات الليبية تواجه اليوم ضغوطا من الشارع وحملة انتقادات غير مسبوقة منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي. فقد نزل المئات الاثنين والثلاثاء إلى شوارع بنغازي مهد الثورة على النظام السابق، للتنديد للمرة الاولى بأداء المجلس الوطني الانتقالي. وذهب بعضهم إلى حد إحراق صور لمصطفى عبد الجليل رئيس المجلس وهو وزير سابق للقذافي وضعته الثورة على رأس البلاد ويحظى بشعبية كبيرة. ويحتج المتظاهرون على "عدم شفافية" المجلس الوطني الانتقالي الذي تشكل في نهاية فبراير الماضي لتمثيل المعارضة والذي لم تعلن أسماء أعضائه البالغ عددهم نحو الخمسين حتى الآن. ويطالب المتظاهرون بإعلان أسماء أعضاء المجلس ووضعهم المالي وبأن تكون اجتماعاته المهمة علنية وأن تنشر القرارات التي يتخذها في الجريدة الرسمية. وقد سارع عبد الجليل الى التدخل الاثنين لتهدئة غضب المتظاهرين، ووعد في مؤتمر صحفي بأن المجلس "سيفعل دوره وسيتواصل مع المجتمع من خلال نشر السيرة الذاتية لأعضائه على موقعه على الانترنت ومن خلال تلقى الشكاوى ومن خلال بيان ما يقوم به من دور فاعل خلال هذه الفترة والذي أكد بأنه سيتم تفعيله الأسبوع القادم على أكثر تقدير"، على ما نقلت وكالة الانباء الليبية. وأضافت الوكالة ان "المستشار عبد الجليل طمأن جميع الليبيين على وضع بلادهم مؤكدا انهم سيتمتعون بالخير والامن" كما دعا الى "ضبط النفس والحفاظ على المقدرات العامة". من جهة أخرى تعهد المجلس الوطني الانتقالي بجعل بنغازي "العاصمة الاقتصادية" لليبيا. وقال عبد الرزاق العرادي عضو المجلس في مؤتمر صحفي ان "بنغازي ستكون العاصمة الاقتصادية لليبيا"، مضيفا أنه سيتم نقل الوزارات المرتبطة بالنشاط الاقتصادي الى هذه المدينة الواقعة على بعد الف كلم شرق طرابلس. وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أعربت الاحد عن قلقها من "غياب الشفافية" لدى السلطات الليبية الجديدة ولا سيما بشأن القوانين المتبعة في الفترة الانتقالية. وقال فريد ابراهامز الباحث في المنظمة ومقرها نيويورك، في مؤتمر حول حقوق الانسان عقد في طرابلس: ان "احد مصادر القلق اليوم يتعلق بالمجلس الوطني الانتقالي وقلة شفافيته". وأضاف "لا نعرف متى ينعقد وما يناقش خلال الاجتماعات وبعض القوانين الجديدة غير معروفة من الجمهور" وأعطى القانون الانتقالي حول القضاء مثالا على ذلك. اليوم بدأت هذه الانتقادات تأتي من داخل المجلس نفسه. فقد أكد فتحي باجا المكلف الشؤون السياسية ان "المجلس نفسه هو الذي دفع الشارع الى هذا الوضع" معتبرا ان العديد من القادة الجدد منعزلون عن الشعب ومنتقدا عدم وجود شباب ونساء في الهيئات القيادية. وقال "لا نريد اليوم فراغا سياسيا لكن بكل صراحة على المجلس ان يحدد لنفسه مهلة لاتخاذ قرار: اما ان ينفذ مطالب الشارع او ان يفكر جديا في تقديم استقالته". وقبل هذه التظاهرات كان المجلس قد واجه بالفعل سلسلة من المطالب الاجتماعية والسياسية. فقد تظاهرت الجمعة مجموعة صغيرة من النساء في ساحة الشهداء في طرابلس للمطالبة بتمثيل اكبر للمراة في الحياة السياسية. وقالت فريدة الزوني: ان "مجتمعنا مجتمع محافظ وابوي وعلى السلطات الجديدة ضمان حقوقنا في الدستور"، معتبرة ان المرأة غير ممثلة بشكل كاف في الحكومة التي لا تضم سوى امراتين. وقبل بضعة أسابيع تعالت أيضا أصوات الأمازيج المنددة ب"تهميشهم" في الحكومة الانتقالية الجديدة. كذلك واجهت السلطات الجديدة انتقادات بسبب البطء في عملية إعادة بناء قوات الشرطة والجيش التي من دونها لا يمكن نزع سلاح الميليشيات المسلحة التي هزمت قوات القذافي وتولت بشكل كبير مهام الأمن في البلاد.