أصبح خالد عبدالجليل، مستشار وزير الثقافة للسينما، لاعبًا أساسيًا فيما يخص ملف السينما حكوميًا، بعد أن شغل العديد من المناصب خلال العقد الأخير، مثيرًا عواصف من الجدل حول شخصه لا منجزاته، سواء فى المركز القومى للسينما، أو قطاع الإنتاج الثقافى، أو حتى فى جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، مع تبنيه ملفات مهمة للنهوض بالصناعة بداية من صراعه لاستعادة أصول السينما من وزارة الاستثمار على مدى السنوات الماضية، وانتهاء بمشروع أرشيف ومتحف السينما المصرية وبينهما العديد من الملفات سواء إنشاء مدينة للسينما، أو مشروعات إعادة هيكلة المركز القومى للسينما وجهاز الرقابة على المصنفات الفنية، ولكن هذا لا ينفى تطرفه فى التعامل مع ملف الرقابة، وإبعاده للصحفيين ووسائل الإعلام عن مواقع اتخاذ القرار، وبعد أن كانت الرقابة مكانًا للحصول على أخبار الأعمال الفنية، أصبح موظفوها يرفعون شعار "لا أرى لا أسمع لا أتكلم"، وكلها قضايا تستحق النقاش خاصة مع أهمية جهاز الرقابة للسينما وللإعلام فى الوقت نفسه. ● أنت متهم بإغلاق أبواب الرقابة فى وجوه الصحفيين بما يتعارض مع مبادئ الشفافية؟ - أحترم الصحافة وهذه المهنة تاج فوق رؤوسنا جميعًا، ولكنى توليت الرقابة فى لحظة حساسة جدًا، انفرط فيها العقد فيما يخص إفساد الذوق العام والتردى، لهذا أعتبر نفسى فى مهمة لإعادة التوازن ودعم الأفلام الجادة للارتقاء بالذوق العام، وكلها من مهام وظيفتى كرئيس للرقابة ولكنى لا أرى أن من مهام وظيفتى مساعدة الصحفيين على افتعال أزمات لتحقيق ما يريدونه من «ترافيك» على المواقع أو ملء الصفحات الفارغة فى الصحف، فأنا توليت الرقابة كمهمة ثقيلة للمشاركة فى الحفاظ على الإبداع الحقيقى، وهو ما يتطلب أن يكون تداولى مع رقبائى وحوارى مع المبدعين سرًا، وإذا ما بلغت هذه الحوارات الصحافة سيحدث نوع من التوتر، وتفسد المفاوضات بشأن الملحوظات الرقابية، وهو ما كان يؤدى للجوء المبدعين للصحافة فتتوتر العلاقة ويصبح دورى هو الرد على الاتهامات المختلفة فى وسائل الغعلام، بدلاً عن الالتفات لمهام عملى. ● كيف ترى الأصوات التى تنادى بإلغاء الرقابة واستبدالها بالتصنيف العمرى للأفلام؟ - التصنيف العمرى فى العالم كله هو رقابة أشد، والرقابة الحالية فى مصر رقابة مهترئة، لأنها تعتمد على الحذف من الأفلام، للحصول على ترخيص بالعرض العام، وبالتالى تنتهك حرمة الإبداع ولا تحقق المطلوب من الحذف خاصة أن مضمون الفيلم يبقى كما هو ويشاهده من هم أقل سنًا فتصل الرسالة السلبية للنشء، وفى الخارج التصنيف العمرى يحاصر الجمهور لا المنتج، وصناع الأعمال فى مصر يقاتلون للحصول على تصريح بالعرض العام، لتشاهد أعمالهم كل الفئات العمرية بما ينعكس على الإيرادات، ومع تطبيق قانون الرقابة الجديد سيزيد التضييق على دور العرض. ● وما موقف الرقابة من الفضائيات التى لم تلتزم بتطبيق التصنيف العمرى للأعمال على شاشتها؟ - الرقابة قوانينها صارمة وتتيح الكثير من قواعد الحزم والربط، ولكنها لم تتطور هيكليًا ولا إداريًا، مع التطور التقنى والتكنولوجى للفضاء المفتوح، ولكننا الآن بصدد إعادة هيكلة الرقابة، وتطوير القوانين لسد الثغرات التى تمنع الرقابة من ممارسة دورها بكفاءة. ● هل توقف مشروع مدينة السينما الذى تقدمت به لوزير الثقافة؟ - لم تتوقف أى من مشروعات وزارة الثقافة، ولا يخفى على أحد أننا نعمل على إنشاء شركة قابضة للصناعات الثقافية، والتى تضم شركتين إحداهما للتراث، والأخرى للسينما، وتقدمت بمشروع مدينة السينما لوزير الثقافة، معتمدًا على استثمار أصول السينما، إضافة إلى أستوديوهات التصوير، و24 دار عرض سينمائى تتبع الثقافة الآن، واستغلال أرض مدينة الفنون وما تملكه من إمكانات لإنشاء الأرشيف القومى للفيلم، وإنشاء سينماتيك ومتحف ومزار سينمائى بحيث يتم التعامل مع التراث بالحفظ وباستغلاله اقتصاديًا، وفى هذا الإطار سيتم التعاون مع مؤسسة «باتيه» الفرنسية، التى تمتلك خبرات سابقة فى التعامل مع اقتصاديات التراث وتجديد أستوديوهات مدينة الفنون، ورفع كفاءة معامل الصوت والمونتاج والترميم لتدخل الشركة بعدها كشريك لوجيستى فى كل المشروعات السينمائية الجادة، وترعى التجارب الأولية لشباب السينمائيين، وهو ما يحقق هدفين: الأول هو حفظ التراث، والثانى يتمثل فى توافر الرؤية الاقتصادية التى تتحقق من خلال استغلال أصول السينما بشكل منهجى. ● ولكن ما تردد في الفترة الأخيرة أن مشروع مدينة السينما لا يزيد على إنشاء «مول» تجارى يضم سينمات وأماكن ترفيه؟ - أرى أن هناك تجاوزًا فى وصف مشروع بهذا الحجم، باعتبار أنه «مول» تجارى خاصة بعد دعوتى لثلاثة من أهم المتخصصين فى هذا المجال، وحضور ريكى روا، رئيس الاتحاد الدولى للأرشيفات، وجان لوك فرينيلى رئيس أرشيف وسينماتيك بولونيا وتايتليس سوباستر، الرئيس التنفيذى للمركز الفرنسى، ولقائهم بوزير الثقافة وتقديم توصيات بخصوص مشروع الأرشيف، رُفعت للاتحاد الدولى للأرشيفات وتمت دعوتى فى شهر يونيو الماضى لعرض المشروع الذى حصل على دعم المؤتمر، وكافة هيئات الحفاظ على التراث بفرنسا وإيطاليا، والصين، والهند، وأكد ممثلو هذه الدول استعدادهم لمساعدتنا فى إنجاز هذا المشروع، وفى مصر هناك دعم من نقابة السينمائيين، وغرفة صناعة السينما ولجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، كما وُضع المشروع على جدول أعمال اللجنة الوزارية العليا للسينما بحضور رئيس الوزراء، وصدر قرار فى الاجتماع الأخير للجنة، بتكليفى بوضع دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، والتعاون مع مؤسسة «آى كابيتال» فى هذا الملف، فإذا كانت كل هذه الجهات الدولية والمصرية وافقت على بناء «مول» فعلينا بناءه بلا تردد لأنه سيكون «مول عظيم» بالتأكيد. ● بعد الإعلان عن تأسيس شركة للسينما تابعة للشركة ألقابضة لا نرى أكثر من تصريحات دون إنجاز حقيقى رغم استعادة الأصول من شركة مصر للصوت والضوء والسينما فمتى تستغل هذه الأصول؟ - حتى الآن لا يمكن القول إننا تسلمنا أصول السينما المصرية، لأننا لانزال فى مرحلة التسليم والتسلم، وهو أمر يحتاج لوقت خاصة مع ضرورة مطابقة الموجود دفتريًا، مع الموجود على أرض الواقع، وكل هذا يتم تحت إشراف الجهاز المركزى للمحاسبات، والجهات الرقابية بالدولة. ● وما مصير الجهاز الإدارى لشركة مصر للصوت والضوء والعاملين بالمعامل والأستوديوهات بعد انتقال الأصول إلى وزارة الثقافة فعلwwيًا؟ - الهيكل الإدارى والتنظيمى سيطرأ عليه تحديث بالتأكيد، نظرًا لاختلاف منظومة الإدارة، خاصة مع إضافة أكثر من مشروع بفكر مغاير، يرتبط بإنشاء مدينة السينما والتعامل مع المنتجين، أما بالنسبة للعاملين فى الشركة فلا مساس بهم أو بأى من حقوقهم الوظيفية إطلاقًا، خاصة أنهم خبراء فى مجالاتهم الفنية المختلفة، وسنكون فى أشد الاحتياج إليهم فى المرحلة المقبلة، لهذا كان انتقال العاملين لتبعية وزارة الثقافة شرطًا أساسيًا فى عملية نقل الأصول. ● ولكن جهات الإنتاج ترى فى هذا المشروع تهديدًا لبقائها لأن الدولة تمتلك ما يمكنها من احتكار السوق؟ - الدولة من وجهة نظرى لا يجب أن تنتج أعمالاً منفردة، لأن إعادة تجربة المؤسسة المصرية العامة للسينما، لا تناسب طبيعة هذا العصر، وأرى من الأفضل أن تدخل الدولة كداعم وشريك بما تملكه من أصول فى عملية الإنتاج، حتى لا تتحول الدولة إلى محتكر للصناعة. ● مع كل هذه التحركات هل نتوقع منتجًا سينمائيًا قادرًا على المنافسة فى المحافل الدولية فى المرحلة المقبلة؟ - رؤيتى الخاصة كمستشار وزير الثقافة للسينما، تجعلنى أؤكد أن تطبيق كل هذه الأفكار بالتوازى، يمكننا من تقديم أفلام تستطيع المنافسة دوليًا، خاصة أن هناك صندوقًا جديدًا لدعم الإبداع، أعلن عنه وزير التخطيط أشرف العربى، ومن هنا يستطيع صانع الفيلم الحصول على 2 مليون دعمًا غير مسترد من الثقافة ثم يحصل على 2 مليون من صندوق دعم الإبداع بقرض ميسر، إضافة إلى إمكانية لجوء المبدع لشركة السينما، التى تقدم له دعمًا لوجيستيًا لاستكمال الفيلم، بالبلاتوهات والكاميرات وأجهزة المونتاج والصوت، ومن الممكن الاتفاق مع المستثمرين الذين يتولون إدارة السينمات للتأكيد على أن الأفضلية فى العرض يجب أن تكون للأفلام التى نشارك فى إنتاجها، وهذه الدائرة إذا اكتملت ستنتج أفلامًا قادرة على المنافسة محليًا وعالميًا، ولدى خطة لإنتاج 20 فيلمًا سنويًا بهذه الطريقة. ● ولكن دعم ال 20 مليون لم يصرف إلا مرتين خلال 8 سنوات لاشتراط المالية إنفاق كامل المبلغ قبل الحصول على دعم جديد؟ - الأسباب التى ذكرتها فى سؤالك، توصلنا إلى فكرة إيداع مبلغ الدعم فى صندوق وبذلك يسمح بتراكم الأرصدة على عكس الإجراءات السابقة التى كانت تشترط تسوية المبلغ سنويًا لأنه يدخل ضمن ميزانية المركز القومى للسينما، ومن قبله صندوق التنمية الثقافية، وهو ما كان يتعارض مع طبيعة السينما التى لا تنتج سنويًا، فقد يستغرق فيلم وقتًا أطول.