بدأ الحديث مبكراً عن الرئيس القادم لمجلس الشعب الجديد، وهو من وجهة نظري حديث مقبول، لأنه يؤكد رغبة المواطنين في الاطمئنان علي مواصفات الشخص الذي يجلس علي منصة أول برلمان بعد ثورة 25 يناير، لإدراكهم بأهمية الدور الذي يلعبه خاصة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية . ورغم عدم معرفتنا بأسماء جميع النواب الذين يتكون منهم البرلمان والبالغ عددهم 498 نائبا لعدم الانتهاء من إجراء انتخابات الجولتين الثانية والثالثة مما يجعل الحديث عن منصب رئيس مجلس الشعب سابقاً لأوانه لأنه ربما يخرج نائب من هاتين الجولتين يكون جديراً بهذه المسئولية، إلا أن تصريحات الدكتور محمد سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لحزب الإخوان المسلمين والمستشار محمود الخضيري الفائز بعضوية مجلس الشعب في الجولة الأولي حول منصب رئيس مجلس الشعب القادم، أثارت مخاوف الناخبين الذين هم أعضاء الجمعية العمومية في اختيار نواب البرلمان أن من يذهب منصب رئيس البرلمان إلي شخص لا يستحقه. كان«الخضيري» قد رد علي سؤال صحفي انه يؤجل الكلام عن رغبته في رئاسة مجلس الشعب إلي ما بعد انتخابات الجولة الثالثة. وكان «الكتاتني» قد رد علي سؤال يطالبه بالتعقيب علي كلام «الخضيري» فقال: إن «الخضيري» غير مطروح لرئاسة مجلس الشعب الجديد، وهو كان مرشحنا في الانتخابات، ولكن لن نساعده علي رئاسة مجلس الشعب، ونريد رئيساً توافقياً. وجل اهتمام الناخبين بمعرفة طريقة اختيار رئيس مجلس الشعب الجديد، والتي لم تكن تداعب خيال أحد في الماضي، يرجع الي مناخ الحرية الذي أشاعته ثورة 25 يناير في المجتمع مما شجع الناخبين علي طرح مواصفات لرئيس مجلس الشعب الجديد، وهي أن يجوز توافق جميع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وأن يكون متمتعاً بالنزاهة، والقدرة علي إعادة البرلمان ممثلا للسلطة التشريعية كإحدي سلطات الدولة، وأين يكون قادراً علي إدارة الجلسات في إطار احترام الرأي والرأي الآخر، ومنفذاً لسلطاته للصالح العام، دون أن يجور علي طرف تمليه مصلحته الشخصية أو الحزبية. وتناولت في مقالي أمس الطريقة التي كان يطبقها النظام السابق في اختيار رئيس مجلس الشعب اعتمادا علي فوز حزبه الوطني المنحل بالأغلبية البرلمانية المزورة طوال الستين عاماً الماضية، وهي اختيارالشخص المطيع السميع للنظام والحكومة والحزب الحاكم، وعثر عليه الحزب الوطني عدة مرات، وآخرهم استمر أكثر من 20 عاماً ودفعه عشقه للسلطة إلي تحويل مجلس الشعب لشقة مفروشة، لممارسة علاقات الزواج غير الشرعي بين السلطة والمال، كما حوله الي «ختامة» لإضفاء الشرعية علي قرارات الحكومة، وحوله الي كافيتريا يقضي فيها نواب الأغلبية أوقات فراغهم وعقد الصفقات مع الوزراء، وفسدت الحياة السياسية من وراء سيطرة الأغلبية المزورة علي البرلمان وعدم احترام آراء الأقلية. إن التوافق علي اختيار رئيس مجلس الشعب القادم لابد أن يسبقه حوار بين جميع الهيئات البرلمانية للأحزاب الممثلة في البرلمان، لاختيار رئيس البرلمان الأنسب لهذه المرحلة حتي ولو جاء من أصغر هيئة برلمانية، لا تريد التوافق علي طريقة الأغلبية التي يريدها «الكتاتني». إن الحوار حول رئيس البرلمان هو الذي يأتي برئيس يصلح للمرحلة القادمة، وفي حالة اختيار رئيس برلمان من هيئة يتم اختيار الوكيلين من هيئات أخري وكذلك ال76 قيادة برلمانية للجان، إن الإدارة الجماعية تؤدي إلي نجاح أول برلمان للثورة، ولكن انتزاع السلطة البرلمانية مثل انتزاع المقاعد سيعود بنا إلي تحويل برلمان الثورة إلي مؤسسة تديرها الأغلبية لمصلحتها.