على الرغم من أنهم ضباط حاربوا أخطر عدو لمصر، إلا أنهم فشلوا فى محاربة الفساد الذى اغتال أحلامهم بالحصول على شقة مصيفية، فعقب انتهاء حرب أكتوبر 1973 قرر بعض الضباط تأسيس جمعية يمكن من خلالها تحقيق حلمهم البسيط، جمعية العاشر من رمضان للإسكان التعاونى لتحقيق الحلم، وبالفعل نجحوا فى الحصول على تخصيص قطعة أرض بمنطقة أبو تلات بالقرب من الإسكندرية، ولكن لوبى الفساد كان وراء عدم اكتمال الحلم، ووقع الضباط وورثتهم من بعدهم وعدد كبير من المواطنين الحاجزين فى المشروع ضحايا واحدة من كبرى عمليات النصب وتبين لهم أن أراضى الدولة فى هذه المنطقة كانت كالمال السايب اغتصبه البعض وتاجروا به وتربحوا من ورائه، ورغم أن الدولة كانت طرفا فى هذه القضية وسهلت الاغتصاب، إلا أن أحدا لم يحرك ساكنا سواء فى الاتحاد التعاونى الإسكانى أو فى هيئة الاصلاح الزراعى التى تتبعها أرض الضباط. فى عام 1975 قامت جمعية العاشر من رمضان للإسكان التعاونى بحجز مساحة من الأرض بمدينة الاسكندرية تقدر ب50 فدانًا بالكيلو 19.5 طريق العجمى و246 فدانًا بطريق أبوتلات الإسكندرية، وتم شراء الأرض بعقود مسجلة من محافظة مرسى مطروح التى كانت تتبعها الأرض إداريا، ولكن إدارة الجمعية لم تضع يدها على الأرض وقتها، ونظرًا لكون الأرض ومساحتها 5 آلاف فدان تابعة لوقف شخص يدعى حميدة خلاف تم تقسيمها بين ورثته ال31 فى الأربعينات، الذين خضعوا لقوانين الإصلاح الزراعى فى الستينات لتضع هيئة الاصلاح الزراعى يدها على 3000 فدان من مساحة الأرض، ومنها الأرض التى تم تخصيصها للجمعية، ولكنها تقاعست عن وضع يدها عليها، فتم التعدى عليها من قبل شخصيات كبرى، ومنهم من أقام منشآت وباعها حتى تقلصت مساحة الأرض الباقية للجمعية لتصل إلى 80 فدانًا فقط، وهو ما أكده مجلس الادارة المؤقت فى اجتماعه عام 1997، الذى أكد أن مشروعات الجمعية شابها الكثير من الفساد. وتسبب إهمال مجالس الإدارات المتلاحقة للجمعية فى ضياع أموال الأعضاء فى مشروعات الجمعية، وكشف تقرير رقابى عن مخالفات جسيمة فى مشروع العجمى، والتى قدرت نفقاتها ب6 ملايين و534 ألف جنيه، حيث تبين أن ثمن شراء الأرض من المحافظة يقدر ب437040 جنيهًا، فى حين دفعت الجمعية مليونًا و220 ألف جنيه تعويض وضع اليد بطرق غير قانونية، وهو ما أثبت الفحص المحاسبى أن معظم هذه المبالغ صرفت بأسماء موظفين فى الجمعية، وبمراجعة أعمال المرافق وجد فرق أعمال مطلوبًا استبعادها من الحسابات تقدر ب1.3 مليون جنيه أخرى، كما أثبت التقرير أنه تم بيع 10 أفدنة لجمعية أسيوط عام 1994 بمبلغ نصف مليون جنيه بسعر 11 جنيهًا للمتر، رغم أن سعر المتر وقتها كان يصل إلى 100 جنيه، ورغم أن المبلغ الذى تم دفعه كان زهيدًا إلا أنه لم تتم اضافته لحساب مشروع العجمى، وتم صرفه فى أغراض أخرى، كما تم إسناد أعمال المرافق إلى المقاولين بغير الاجراءات القانونية، ورغم أن هذه الجرائم تمثل اهدارًا لأكثر من 3.5 مليون جنيه أى نحو 50% من مدخرات الأعضاء فى هذا المشروع، وعلى الرغم من أن هذه الجرائم ثابتة فى حق مجالس إدارات الجمعية السابقة إلا أنه لم يتحرك ساكنًا لإنقاذ أرض الأعضاء أو أموالهم. وعلى الرغم من كل هذه التقارير إلا أن المشكلة لم تحل خاصة بعد أن تبين ان مجالس إدارات الجمعية تقاعست عن وضع يدها على الأرض المسجلة فى العقود، وتركتها تتآكل فى حين قامت بوضع يدها على قطعة أرض أخرى ملك للإصلاح الزراعى، وبعد أن اكتشف الأعضاء وورثتهم ما آلت إليه الأمور قرروا عام 1997 إسقاط المجلس القديم، وتم فى عام 1998 إشهار اتحاد ملاك للمدينة الجديدة التى تم الاتفاق على تسميتها بالإسكندرية الجديدة، وتم اعتماد التقسيم الجديد للأرض من محافظة الإسكندرية بتقسيم مساحة ال80 فدانًا إلى 14 حيًا، تضم 456 قطعة كل منها 360 مترًا، وتم الاتفاق مع بعض الشركات لانشاء المشروع، وعادت الروح للمنطقة وبدأ العمل فى انشاء العمارات، وبما أن الجمعية لم تكن تملك تكاليف الإنشاء، تم الاتفاق مع بعض الشركات على أن يتم البناء وتحصل هذه الشركات على 60% من الشقق السكنية و40% للأعضاء، وبدأت الاعلانات تملأ الصحف عن الاسكندرية الجديدة «.. بنوعدك بشقة تسعدك»، واستبشر الأعضاء خيرا، معتقدين أن حلمهم أخيرًا سيتحقق، ليفاجأ الجميع بعد ذلك بتوقف أعمال البناء عام 2002 بقرار من هيئة الإصلاح الزراعى التى أعلنت أن هذه الأرض التى يتم البناء عليها ملك لها. ويقول اللواء مختار الهجرسى، رئيس اتحاد ملاك مدينة الاسكندرية الجديدة، أننا تقدمنا بطلب لهيئة الإصلاح الزراعى لتقنين أوضاعنا، وتم الاتفاق على تخصيص شقتين بالدور الأرضى للإصلاح الزراعى مقابل الموافقة على تخصيص الأرض، وبعد أن تم انشاء 34 عمارة وبيع وحداتها توقف العمل فى المشروع حتى الآن، ومازالت العمارات عبارة عن هياكل تسكنها الغربان. وأضاف: منذ السبعينات ونحن نحلم بهذه الوحدات، إلا أن الحلم لم يتحقق بسبب إهمال وفساد مجالس إدارات الجمعية وعدم محاسبة أى منهم ومازلنا نحن الضحايا نحاول وضع حل لمشكلتنا إلا أن أحدا لم يساعدنا فى ذلك. ويضيف اللواء الهجرسى: حتى أننا تنازلنا عن جزء من الوحدات المخصصة لنا للإصلاح الزراعى لنوفق وضعنا القانونى، ومع ذلك فالمشروع مازال متوقفًا حتى الآن، ولفت أن لديهم مستندات تؤكد أن أرض الجمعية الحقيقية تم تركها للاستيلاء عليها رغم أن قيمتها تقدر ب2 مليار جنيه، ومع ذلك رضينا بما بقى من أرض الاصلاح وتوفيق أوضاعنا، ومع ذلك فشلنا فى ذلك، وكشف اللواء الهجرسى عن وجود عدد من المخالفات الواضحة فى مشروعات الجمعية طوال الأعوام الماضية ما أدى إلى اقالة مجلس الادارة عام 1997، ومع ذلك لم يتم التحقيق فى هذه الوقائع التى تشكل اهدارًا لأموال أعضاء الجمعية ومخالفات جسيمة تمثل جرائم قانونية. وبالإضافة إلى مشكلة أرض الاسكندرية الجديدة هناك مخالفات بمشروع الجمعية بأبراج أغاخان التى بدأ انشاؤها عام 1977، وحدثت مشاكل بين الجمعية والأعضاء ما أدى إلى فرض الحراسة عليها، بالإضافة إلى تحميل المشروع فوائد ومصاريف بنكية تقدر ب4.4 مليون جنيه، كما قامت الجمعية بإقراض مقاول المشروع 1.67 مليون جنيه، أى أنها كانت تقوم بإقراض المقاول مبالغ أكثر من حقوقه، وبالتالى تحمل الأعضاء فوائد هذه المبالغ، هذا بالإضافة إلى عدد من المشاكل المماثلة فى برج جليم بالاسكندرية، وكشف تقرير مراقب الحسابات وجود عجز يقدر بأكثر من 707 آلاف جنيه فى حساباته. كما شهد مشروع الجمعية بمصر الجديدة مخالفات جسيمة حيث تم انشاء برج بترخيص 7 أدوار ومع ذلك قامت الجمعية بإنشاء برج 24 دورًا، وتم بيعها للمستفيدين، حتى قامت المحافظة بهدم الأدوار المخالفة عام 2007، وتم هدم 102 وحدة سكنية قام أصحابها بدفع اقساطها للجمعية، ومع ذلك لم يتحرك الاتحاد التعاونى للاسكان بمساءلة أى من المسئولين عن الجمعية. وأكد اللواء الهجرسى أنه رغم كل هذه المخالفات والمثبتة فى محاضر الجمعية التى توجه نسخة منها للاتحاد، لم يُسأل أحد، ومازلنا نحن الأعضاء ندفع ثمن هذه المخالفات، فحتى مشروع الاسكندرية الذى لم ينته بعد به الكثير من المخالفات بداية من اغتصاب أراضى الإصلاح الزراعى، والسماح بضياع أراضى الجمعية، وحى حينما حاولنا التحرك لإنقاذ الموقف وتخصيص عدد من الوحدات للإصلاح الزراعى لسداد قيمة الأرض لم يساعدنا أحد، فإلى متى ستظل المشكلة قائمة دون حل؟ ولماذا تترك مليارات الجنيهات فى هياكل خرسانية دون الاستفادة منها؟