تنسيق الجامعات 2025.. شروط التحويل إلى كلية غير مناظرة    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض الدواجن والحديد والذهب    ترامب ينهي عزلة بوتين دون التوصل إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا    راحة يومين وطلب من المدرب.. برنامج الأهلي بعد الفوز على فاركو    ضبط شخصين بالقاهرة لتورطهما في تزوير المحررات الرسمية مقابل مبالغ مالية    صور.. مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية نادرة من هولندا    جريئة أمام البحر.. أحدث ظهور ل ياسمين صبري والجمهور يعلق (صور)    منال عوض: تطوير محمية وادي دجلة ضرورة لحماية مواردها    السيسي يوافق على ربط موازنة الجهاز المصرى للملكية الفكرية لعام 2025-2026    بعد تناول وجبات.. إصابة 9 أشخاص ب«اشتباه نزلة معوية» في الشرقية    الأمن الاقتصادي يضبط آلاف القضايا خلال 24 ساعة    ماذا حدث في أوكرانيا خلال قمة ألاسكا بين بوتين وترامب؟    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية سنغافورة    بالتعاون بين الشركة المتحدة والأوقاف.. انطلاق أضخم مسابقة قرآنية تلفزيونية    فيلم درويش ل عمرو يوسف يحقق 8 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض بالسينمات    «السياحة» تبدأ مبكرًا في إجراءات الحج بتوقع عقد الضيافة وخدمة الحجاج بالمشاعر المقدسة    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    الري: حصاد 315 ألف متر مكعب من مياه الأمطار بجنوب سيناء    تشييع جثمان شاب لقي مصرعه غرقا داخل حمام سباحة ببني سويف    بعد تأجيل الدراسة| الموعد الجديد لبدء العام الدراسي بمدارس الجزائر    معايير عمل لجان حصر وتقييم وحدات الإيجار القديم.. تفاصيل القانون الجديد    عودة الكهرباء بكامل طاقتها إلى إدفو بعد إعادة تشغيل محطة الحصايا (صور)    سيمينو ينفجر غضبا بسبب العنصرية.. والشرطة تحقق في الحادث    أحمد عاطف قطة: الظروف الصعبة سبب "كارثة" الأولمبياد.. وحزنت لضياع الدوري أكثر من كأس مصر    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    إجراء 20 عملية مياه بيضاء في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي بقنا    علماء يلتقطون أول صور ثلاثية الأبعاد لزرع جنين داخل الرحم    خلال العطلات الرسمية....صحة الشرقية تنفذ أكثر من 37 ألف زيارة منزلية لتقديم الرعاية الصحية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية: تصريحات نتنياهو تمثل استفزازًا صارخًا لمشاعر الشعوب العربية والإسلامية    وزير الخارجية ونظيره الألماني يؤكدان ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة    آداب أسيوط تطرح برنامج الترجمة باللغة الفرنسية بنظام الساعات المعتمدة    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    حلول عاجلة لتوصيل مياه الشرب لعدد من المناطق بجنوب بورسعيد    ذهبيتان وبرونزية لمصر بنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    موعد تقليل الاغتراب لطلاب تنسيق المرحلة الثالثة 2025    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    إنقاذ سائق وتباع بعد انقلاب سيارتهما أسفل كوبري أكتوبر| صور    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    فوز 4 من أبناء بني سويف في برلمان الطلائع على مستوى الجمهورية    18 قتيلا و24 مصابا فى حادث سقوط حافلة وسط العاصمة الجزائرية    خالد سليم يلتقي جمهور القلعة اليوم ضمن فعاليات الدورة 33 في هذا الموعد    وفاة والدة صبحي خليل وتشييع جثمانها بعد صلاة الظهر    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتفقد 5 مستشفيات بالمحافظة لمتابعة الخدمات    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    ترامب يغادر ألاسكا بعد قمته مع بوتين    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    حاكم ألاسكا: لقاء بوتين وترامب يمثل يوما تاريخيا لولايتنا    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمال وفلاحون وفئات.. أصل الخرافة
نشر في الوفد يوم 11 - 12 - 2011

بسيادة المنطق الصوري على عقول البشر في الحكم وخارجه، ومن أجل تحقيق ما نتصوره الديمقراطية، لا بد من وجود مجلس شعب أو مجلس أمة أو برلمان، سمه ما شئت، يجلس فيه ممثلون عن هذا الشعب يعبرون عن متاعبه وطموحاته، ويسنون له قوانينه، عندك عمال، لا بد إذن من أن يمثل عامل هؤلاء العمال.
عندك فلاحون، لا بد إذن من أن يمثل فلاح هؤلاء الفلاحين. غير أن المجتمع فيه آخرون غير العمال والفلاحين، حسنا، لنطلق عليهم اسم الفئات، ولأننا عادلون لا بد أن نعطي الفلاحين والعمال نصف مقاعد البرلمان والنصف الآخر للفئات، وماذا عن المرأة.. آه نسيناها، لا بد من نصيب لها (كوتة)، أي نحدد لها عددا من المقاعد الإجبارية في كل الانتخابات. نتحرك الآن صوب التنفيذ، أي في اتجاه التفاصيل، والشيطان كما تعرف يكمن في التفاصيل، هنا ينشغل المجتمع كله بمفكريه ومنظريه والجالسين على مقاهيه في البحث عن تعريف للعامل والفلاح، وينتهي الأمر بالوصول إلى أن العامل هو من ينتخبه الناس لعضوية مجلس الشعب عن العمال، نفس الأمر ينطبق على الفلاح. ولذلك ستقرأ في اللافتات: «انتخبوا اللواء شرطة فلان الفلاني عن العمال».
عمليا لا يوجد فلاح قادر على دخول مجلس الشعب أو حتى يفكر في ذلك، والأمر صحيح أيضا بالنسبة للعمال. من أين يأتي إذن هؤلاء العمال والفلاحون الذين يدخلون مجلس الشعب ويخرجون منه؟ هؤلاء العمال والفلاحون الذين من الممكن أن يخسر البلد عدة مليارات من الجنيهات لإجراء إعادة في الانتخابات لأن حضرتك أخطأت عند الإدلاء بصوتك ولم تختر عاملا أو فلاحا، أو لأنك لم تختر شخصا من الفئات أو لأنك لم تراعِ «الكوتة» الممنوحة للمرأة. وأصل الحكاية، بمعنى أدق، أصل الخرافة، أنه عند القضاء على الإقطاع والرأسمالية بشقيها الوطني والمستغل، كان لا بد أن تستند ثورة يوليو (تموز) إلى طبقة جديدة تنشئها في أيام، طبقة عريضة تتكون من ملايين الأشخاص، تنافقها القيادة بكلمات التدليل الجميلة، فترد عليها بنفاق وتدليل أجمل، ثم تعبر عن إحساسها بالجميل بأن تحتشد في كل المناسبات هاتفة هادرة تلعن الإقطاع ورأس المال المستغل والرجعية والاستعمار وأذنابه، وعند نهاية موجة الشرعية الثورية والدخول في مرحلة الشرعية الدستورية كان من المستحيل أن تترك الفئتان في الشارع لخطورة ذلك على النظام نفسه، لذلك كان لا بد بقوة القانون أن يدخلا مجلس الشعب، ليس لتمثيل العمل والعمال والفلاحة والفلاحين، ولكن لخدمة النظام، من هنا لم تكن هناك ضرورة لأن يكون العامل عاملا، ولا الفلاح فلاحا. هكذا بدأت الخرافة في العمل النيابي في مصر، تعطيل المنطق العقلي البسيط وتغليب المنطق الصوري الذي ينتهي بك بانتخاب لواء شرطة عن العمال والفلاحين ولواء شرطة آخر عن بقية طبقات المجتمع، بعد خصم نصيب المرأة. المنطق الصوري فقط هو ما يحتم كل ذلك الإخلاص لظاهر الكلمات وليس معناها. ميدان العمل يفهم فيه ويدافع عنه العامل، شؤون الفلاحة يفهم فيها الفلاح، مشكلات المرأة تفهم فيها المرأة، ولكن لا أحد مد أفكاره على استقامتها لتتناول مشكلة الطفولة والأطفال في مصر، لأن ذلك سيحتم عليه أن يمثلهم «عيل» يتم انتخابه في البرلمان.
أسوأ أنواع التفكير هي تلك التي تستند إلى المنطق الصوري، وهي أيضا أكثرها انتشارا ونجاحا، عند بداية موجات التطرف الديني في مصر، وكانت أعداد ضحاياه بالمئات، استخدمت حكومة النظام السابق في محاربته كل ما يتيحه المنطق الصوري، هؤلاء الأولاد لا يعرفون دينهم، تعالوا نعلمهم الدين الصحيح، ومن ذلك، على سبيل المثال، إنشاء مجلة «عقيدتي»، وهو ما تلخصه المقولة القديمة.. وداوني بالتي كانت هي الداء، بالطبع كان لا بد أن ينتهي الأمر بعد أربعين عاما من اعتماد المنطق الصوري في مكافحة التطرف الديني، إلى استيلاء الجماعات الإسلامية في مصر على البرلمان بنسبة غالبة، بما يتيح لها أن تحكم المصريين جميعا.
أنتقل في قفزة سريعة إلى الحاضر؛ لماذا اختارت الجماهير المصرية في المدن والقرى والنجوع حزب جماعة الإخوان وجماعة السلفيين؟
الإجابة: اختار معظم المصريين هذه الأحزاب، ليس لأنهم «يريدونهم»، بل لأنهم لا يريدون الآخرين. إنها فرصة العمر أتيحت لهم أخيرا للانتقام من كل من كان موجودا على الساحة السياسية قبل ثورة يناير (كانون الثاني). هذه هي طريقة اللاوعي الجمعي في الانتقام ممن يتصورون أنه سبب لهم آلاما طويلة.
لست أطلب منك تصديق تحليلي لأسباب ما حدث، أنا فقط أطلب منك أن تلاحظ أننا جميعا كشعوب وجماعات، بل وكمفكرين ورجال سياسة، نجيد فقط الانشغال؛ ليس بما نريده، بل بما لا نريده. نحن فصحاء للغاية عندما نعبر فقط عما نكرهه، الناس لا تريد كل الوجوه القديمة حكومة ومعارضة بدافع من الكراهية. وحتى من نجح أو سينجح في الجولة الثالثة في الانتخابات من الوجوه القديمة، سيكون ذلك لأسباب أسرية وعصبية، العصبية في هذه الحالة قادرة على أن تلجم رغباته الدفينة الحقيقية.
إذا كان تحليلي صحيحا - بصراحة لست على يقين من ذلك - فإن الرئيس القادم لمصر سيكون الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لأنه يحقق أهم شروط المنطق الصوري، وهو أن الشيء يمكن أن يكون وألا يكون في الوقت نفسه، هذا هو النموذج الجاذب للجماهير في مثل حالتنا، هو عضو جماعة الإخوان، وهو أيضا ليس عضوا في جماعة الإخوان بعد أن فصل منها. كعضو في الجماعة، سيحقق رغبتهم في استبعاد الآخرين، وكعضو مفصول من الجماعة سيحقق رغبتهم في الانتقام من هؤلاء الذين فصلوه.
الدكتور البرادعي على الرغم من كل مواهبه، وما يتمتع به من احترام داخل مصر وخارجها، وعلى الرغم من معارضته الواضحة للنظام السابق، فإنه في تقديري يظل غريبا في نظر اللاوعي الجمعي، هو قريب، هو من الأهل، هو عظيم، ولكنه لم يكن شريكا دائما لنا في الألم والمعاناة، لم يكن في حاجة إلينا، ولسنا في حاجة إليه الآن.
أما المرشحون للرئاسة من المثقفين، فهم محسوبون على النجوم، نجوم الثقافة والفكر والكاميرات والميكروفونات، كل كلماتهم محملة بأفكار ثقيلة جدا، لا أحد قادر على فهمها، كما لا يوجد في تاريخهم جميعا ما يشير إلى قدرتهم على شغل هذا المنصب. ليس في تاريخهم ما يشير إلى أنهم كانوا في حاجة إلينا يوما ما.. ونحن أيضا لسنا في حاجة إليهم.
يتبقى عمرو موسي، مارس العمل الإداري والقيادي طول عمره في مصر وخارجها، وكان آخر مناصبه هو رئيس الجامعة العربية. ولكني أعتقد أن الناس ستفكر في أنه لم يكن ضد النظام السابق بنفس الوضوح الذي كان عليه الدكتور البرادعي، وعلى أي حال، أتصور أن الجولات النهائية في الصراع على منصب الرئيس في مصر ستكون بينه وبين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح. أو بين الثلاثة إذا أضفنا الدكتور البرادعي.
نقلا عن موقع الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.